الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

حرب ثم هدنة ثم حرب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ضاقت واستحكمت حلقاتها ولكنها لم تشهد أي انفراجة، هل كذب الشاعر؟ أم أن الواقع الأسطوري الذي نعيشه في حرب غزة أكبر من الخيال، القنبلة الغبية - هذا اسمها فعلًا وليس انفعالًا من الكاتب- تلك القنبلة التي تهوى من أعلى بدون تمييز فتقتل الحياة على الأرض تماما، لم نعد في حاجة لضرب المثل بالقنبلة الذرية باعتبارها أعلى مراحل الفتك في الحروب.

ما نشاهده في غزة وعلى الهواء مباشرة تجاوز أهوال النووي، ما نشاهده هو الجحيم بعينه ولا يضارعه من هول سوى أهوال يوم القيامة، موت الضمير العالمي يسمح بأكثر من ذلك، يسمح أن ينسى الطفل لعبته ويحدق في السماء وبخبرته يعرف أين كانت اتجاهات الصواريخ وأين سوف تسقط، موت الضمير العالمي يسمح للنائم في بيته أن لا يغلق بابه تحسبا للهرب فور طرقعة السقف فوق رأسه وتحسبا أيضا لانفجار مجاور له وحاجة الضحايا هناك لمن يرفع الركام عنهم، لذلك ينام الفلسطيني حذرا يغمض عين ويفتح الثانية على اتساعها، بينما صوان أذنه يعمل طوال الوقت مثل رادار يلتقط به الإشارات القادمة من بعيد.

ضاقت واستحكمت حلقاتها ولكنها لم تفرج بعد، البيانات المتضامنة مع الضحايا لا تصلح بديلا عن الشاش والقطن الطبي، البيانات المتضامنة لا تضمد جرحا ولا تصلح سدادة لفوهة بندقية آلية في يد إسرائيلي.

لا تفاؤل مع هدنة يعقبها حرب ولا رجاء في حرب مفتوحة ضبابية الأهداف، إن لم يكن هناك حل من خارج الصندوق سوف تنتهي غزة وتنتهي القضية الفلسطينية، إن لم يكن هناك حل مبدع يعيد الحقوق لأصحابها ويفرض حل الدولتين فرضا سوف تتضرر دول الجوار الفلسطيني وفي مقدمتهم مصر والأردن ولبنان، من يمسك بهذا الحل هو القابض على الجمر في فلسطين، صمود الشعب ركيزة أساسية وتحرك الساسة ضرورة، أوراق الضغط العربية لم تنزل على الطاولة بعد، لا أقول حربا عربية إسرائيلية ولكنني أشير إلى عض الأصابع من سوف يصرخ أولا.

حرب وحدة الساحات التي قالت عنها حماس في بداية الأزمة لم تكن أبدا مخرجا من هذه الدوامة، اليمن البعيد والحوثي لا يحقق تضامنا مع القضية وليس مفتاحا من مفاتيح الحل، بل لا أبالغ إذا قلت أن دخول اليمن على الخط سوف يزيد الأمر تعقيدا، وذلك لأن اللعب في منطقة باب المندب بالبحر الأحمر هو لعب في عداد عمر الحوثي، اللعب عند باب المندب ليس نزهة يعود منها اللاعب منتشيا، بل مصيبة وأول ضحاياها العرب وليست إسرائيل.

التضامن مع الشعب الفلسطيني لا يجب أن يكون مثل تضامن الدبة التي أحبت صاحبها وبينما هو نائم حامت ذبابة على وجهه وعالجتها الدبة بحجر غشيم قتل الذبابة وقتل صاحبها.

حرب وحدة الساحات من ناحية حزب الله يحتاج إلى حسابات أكثر من دقيقة، لتبقى حرب الفلسطيني داخل غزة هي الحاسمة، أيام صعبة لم نشهد مثيلا لها في أي من الحروب السابقة، وحتى هذه اللحظة مازال العقل العربي عاجزًا عن الإبداع في المواجهة، يأتي ذلك على عكس المتاح لدينا من توفر خبراء فنون إدارة الأزمات والعقول السياسية رفيعة المستوى التي تعمل منفردة دون تنسيق، لذلك أخشى أن تكون كلمة السر في الهزيمة هي غياب الإرادة عن الإنتصار.

خالد حريب: كاتب صحفى