وصف الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو جوتيريش"، شركات النفط والغاز بأنها "العملاق الذي يقف وراء أزمة المناخ"، مشيرا إلى أن التعهدات المعلنة في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في دبي أقل بكثير مما يلزم لمعالجة أزمة المناخ بشكل حقيقي، ولم يقدم توضيحا بشأن سبيل الوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري بحلول عام 2050، وهو أمر ضروري للغاية لضمان النزاهة.
وأكد الأمين العام ـ بحسب مركز إعلام الأمم المتحدة ـ أن العالم بحاجة إلى التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري ضمن إطار زمني يتوافق مع الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض بـ 1.5 درجة مئوية، في إشارة إلى أحد الأهداف الأساسية التي حددها اتفاق باريس التاريخي لعام 2015، وعلى عدم وجود مجال للتمويه والادعاء بالتحول الأخضر، أو التمويه الأخضر الذي يشير إلى الترويج للتسويق الخادع والادعاءات الكاذبة حول الاستدامة البيئية.
وشدد على أن التعهد الذي أعلنته العديد من شركات النفط والغاز الكبرى للحد من انبعاث غاز الميثان من خطوط الأنابيب الخاصة بها بحلول عام 2030، يعد خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن هذا التعهد فشل في معالجة قضية أساسية وهي القضاء على الانبعاثات الناجمة عن استهلاك الوقود الأحفوري، وأنه بدون اتخاذ إجراءات جادة، من المتوقع أن ترتفع انبعاثات غاز الميثان العالمية الناجمة عن النشاط البشري بنسبة تصل إلى 13%حتى عام 2030.
وكان جوتيريش قد أطلق العام الماضي مبادرة الإنذار المبكر للجميع وتهدف إلى حماية جميع البشر من المخاطر المرتبطة بالطقس أو الماء أو المناخ من خلال أنظمة الإنذار المبكر المنقذة للحياة بحلول نهاية عام 2027. وقال إن الهدف طموح - وقابل للتحقيق، ولجعله حقيقة واقعة، نحتاج إلى التعاون العملي الشامل والتنسيق بطريقة لم يتم القيام بها من قبل.
وقال إن التكلفة التقديرية لشمول الجميع بحماية أنظمة الإنذار المبكر تبلغ نحو 3 مليارات دولار، "وهو جزء ضئيل من مئات المليارات التي حققتها صناعة الوقود الأحفوري العام الماضي"، داعيا إلى فرض ضريبة على هذه الأرباح، واستخدام الأموال لحماية من يعانون من أسوأ الآثار، وشجع البلدان على أن تكون "جريئة وطموحة وأن تضاعف سرعة وحجم الدعم في عام 2024".
كما أطلق "جوتيريش" أيضا تقريرا جديدا، أعده مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، يظهر أنه تتم حماية مزيد من الأرواح من الطقس المتطرف والتأثيرات الخطيرة لتغير المناخ، لكن وتيرة التقدم ما زالت غير كافية، وبحسب التقرير فإن نصف بلدان العالم ما زالت لا تملك أنظمة كافية للإنذار المبكر بالمخاطر المتعددة.
وفي السياق ذاته، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أهمية دور الشركات والمؤسسات المالية والمجتمع المدني والمدن والولايات والمناطق كلها في السباق نحو صافي الانبعاثات الصفري الذي يعني خفض انبعاثات الغازات الدفيئة إلى أقرب مستوى ممكن من الصفر.
وقال جوتيريش - خلال اجتماعه مع فريق الخبراء رفيع المستوى المعني بصافي الانبعاثات الصفري - إن مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) يهدف إلى تغيير الأمور، لكن الحكومات الوطنية لا تستطيع أن تفعل ذلك بمفردها.
يُشار إلى أنه في مارس 2022، أنشأ الأمين العام للأمم المتحدة فريق الخبراء لوضع معايير أقوى وأكثر وضوحا لتعهدات الكيانات غير الحكومية وتسريع تنفيذها. وحدد الفريق عشر توصيات في تقريره، كدليل إرشادي لتحقيق الهدف بشكل موثوق به وخاضع للمساءلة.
بدورها، قالت رئيسة مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث مامي ميزوتوري "إن التقدم مشجع ولكن يجب ألا نكون راضين عن ذلك، ومع زيادة عدد المتضررين من الكوارث بنسبة 80% منذ عام 2015، واستمرار افتقار نصف سكان العالم إلى إمكانية الوصول إلى الإنذارات المبكرة، فمن الضروري العمل الآن لإنقاذ الأرواح وسبل العيش والأصول".
ومن جانبه، أكد الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية بيتيري تالاس، أن الإنذار المبكر ليس ترفا بل ضرورة، قائلا "أنه على الرغم من التقدم الحقيقي الذي أحرزته بلدان أفريقيا والمحيط الهادئ وأمريكا الجنوبية، لا تزال تعاني من فجوات كبيرة في تحقيق الحد الأدنى من عمليات رصد الأرصاد الجوية اللازمة لتعزيز عملية التنبؤ".
وأشار بيتيري تالاس إلى أن مخاطر التأثر بتغيرات المناخ تتصاعد في عالم يسير على مسار سريع نحو زيادة الحرارة بمقدار 3 درجات مئوية، لذلك تشتد أهمية خفض التلوث الكربوني بوتيرة متسارعة والاستثمار في حماية المجتمعات الضعيفة من تأثير الأحداث المناخية الأكثر تواترا وشدة.