قد يتفاجئ الكثير من الناس أن خيوط العنكبوت متينة أكثر من مواد أخرى تعرف بالمتانة حيث تشتهر خيوط العنكبوت ببعض الخصائص المذهلة، فهي أقوى من الفولاذ، وأكثر متانة من ألياف الـ"Kevlar" المستخدمة في صنع البذات الواقية من الرصاص ومركبات الفضاء، لكن بالرغم من هذه المتانة فهى ممزوجة بمرونة تجعلها قابلة للنسج بأشكال متنوعة.
واقام مجموعة من الباحثين دراسة على خيوط العنكبوت في جامعتي “فورتسبورغ وماينز” الألمانيتين، قالوا إنهم تمكنوا من العثور على إجابة لهذا السؤال، فقد أثبتوا أن حمضًا أمينيًا طبيعيًا يسمى “الميثيونين”، ويوفر مرونة للبروتينات المكونة لخيوط العنكبوت مما يزيد في متانتها، ونشر العلماء نتائجهم في دورية “نيتشر كومينكيشن” العلمية، وذكرت الدراسة أن حرير العنكبوت هو واحد من أمتن المواد الموجودة في الطبيعة، وهو أقوى من الألياف العالية التقنية مثل كيفلر أو الكربون، وهذا المزيج الفريد من المتانة والمرونة يجعله جذابا للغاية في الصناعة، سواء في مجال الطيران أو صناعة النسيج أو الطب، فإن التطبيقات المحتملة لهذه المواد البارزة عديدة.
ويذكر أن الحمض الأميني المسمى بالميثيونين، هو المسؤول عن ربط البروتينات الحريرية بإحكام بطريقة غير معروفة من قبل، وعلى الرغم من أن حرير العنكبوت الصناعي يتم إنتاجه بالفعل على نطاق صناعي، ويستخدم في العديد من المنتجات، فإنه غير قادر حتى الآن على محاكاة الخصائص الميكانيكية الممتازة للخيط الطبيعي، وحتى وقت قريب، لم يول علماء البيولوجيا الجزيئية وعلماء البروتين سوى القليل من الاهتمام لهذا الحمض الأميني، إذ كانوا يعتقدون أن السلسلة الجانبية من الميثيونين داخل البروتينات ليست لها أهمية وظيفية تذكر.
ووجد الباحثون أن العناكب تسخر هذه الخاصية (المرونة) من خلال وضع كميات كبيرة من الميثيونين داخل النطاقات الأمينية الطرفية للبروتينات المكونة للخيوط، حيث ينقل الحمض الأميني مرونته إلى البنية الكاملة للمجال، مما يجعله لينًا وقابلًا للشد، وقد تساهم نتائج هذه الدراسة الجديدة في تحسين جودة الحرير الصناعي، مما سيكون له آثار مهمة في مجال علوم المواد، كما يمكن التحكم في الخواص الميكانيكية للمواد الاصطناعية عن طريق تعديل كمية الميثيونين داخل بروتين الحرير بشكل صناعي.