في مثل هذا اليوم ٣٠ نوفمبر عام ١٩٠٦م، ولد العبقري الموسيقار الكبير رياض السنباطي، حيث أطلقت أم كلثوم عليه هذا اللقب؛ لتفرده في تلحين القصيدة العربية، فتوج ملكًا على عرش تلحين القصيدة العربية .
ولد “السنباطي” بمدينة فارسكور بدمياط لأب مقرئ اعتاد الغناء في الموالد والأفراح وكان يصطحب ابنه معه فظهرت عليه علامات الموهبة والصوت الجميل، نزح بعدها مع أبيه للمنصورة ليتعلم بالكتاب إلا أنه أصيب وهو في التاسعة من عمره بمرض في عينه، أحال بينه وبين الاستمرار في الدراسة، وهو ما دفع بوالده إلى التركيز على تعليمه قواعد الموسيقى وإيقاعاتها.
أظهر رياض استجابة سريعة وبراعة ملحوظة، واستطاع أن يؤدي بنفسه وصلات غنائية كاملة، وأصبح هو نجم الفرقة ومطربها الأول وعرف باسم «بلبل المنصورة».
انتقل مع والده إلى القاهرة فكانت بداية الانطلاق والإحتراف على الرغم من أن الطريق لم يكن ممهداً إلا أنه حفر بموهبته لنفسه مكان وسط العمالقة في ذلك الوقت.
غلب حبه للفن على حبه للدراسة وتفوقت موهبته على كل منطق، كيف لا وهو الذي ذهب متقدم إلى معهد الموسيقى العربية ليحصل على مقعد طالب يدرس ويتعلم وينهل من العلم الموسيقي الذي احبه، فإذا باللجنة تصاب بحالة من الذهول أمام موهبته الكبيرة وعبقريته المذهله، فيحصل على مقعد مدرس وعن جدارة لآلة العود، واستمر يعمل هناك كمدرس لمدة ٣ سنوات ترك المعهد بعدها متجها إلى التلحين عشقه الأول والأخير.
لحن لأم كلثوم ما يقارب الـ٩٠ لحنًا أهمها "رباعيات الخيام، على بلد المحبوب، يا ليلة العيد، هلت ليالي القمر، الأطلال، جددت حبك ليه، حيرت قلبي معاك، وغيرها الكثير من أجمل الألحان وأروع الكلمات التي تغنت بها كوكب الشرق.
كما لحن لكبار المطربين والمطربات بخلاف أم كلثوم فلحن لمحمد عبد المطلب شفت حبيبي، وردة لعبة الأيام، هدى سلطان أن كنت ناسيا، ليلى مراد يا حبيب الروح، صالح عبد الحي ليه يا بنفسج، عبد الحليم حافظ لحن الوفاء، وغيرهم من المطربين والمطربات.
لقائه وتعاونه مع أم كلثوم قال:
يقول السنباطي: "بعد سبعة عشر عاما من لقائنا الأول في قرية «درينش إحدى قرى الدقهلية، التقيت بالفتاة أم كلثوم مرة أخرى، بعد أن كان صيتها قد ملأ الآفاق في القاهرة، وقتها كنت أحسد الذين يلحنون لها وكانت تتحرك في أعماقي ملكة التلحين، تعبيرًا عن عواطف جياشة يعيشها الشاب في مثل سني» كنت أقيم في شقة لوحدي وطلبت تليفونًا كي يسهل علي أعمالي واتصالاتي، وفي اليوم الأول الذي دخل فيه التليفون إلى الشقة، سمعت أغنية لأم كلثوم من الراديو، فتذكرت تعارفنا في محطة الدلتا، وكنت قد عرفت رقم تليفونها من الإذاعة فاتصلت بها، وعندما ذكرت لها اسمي تذكرت بأن والدها الشيخ إبراهيم كان يغني مع والذي في الأفراح، ودار بيننا حديث قصير قالت لي في نهايته «ابقي خلينا نشوفك يا أستاذ رياض، ما دام أنت في مصر وأنا في مصر».
توفي السنباطي بعد عمر أمضاه في العطاء ونال عنه الكثير من الجوائز والتكريمات في ١٠ سبتمبر عام ١٩٨١م.