الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

مصريات

«حريحور» مؤسس «دولة الكهنة» في مصر القديمة

«حريحور» الملك الكاهن
«حريحور» الملك الكاهن
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

مع نهاية عهد الأسرة العشرين، وبعد اختفاء «أمنحتب» بن «رمسيس نخت» من رئاسة معبد «آمون» ظهر بعده على هذا الكرسي «حريحور»، والذي لا يُعرف نسبه ، وليس هناك ما يثبت أنه كان ابن الكاهن الأكبر «أمنحتب»، الذي لم يثبت أنه قد تزوَّج من الأمير الملكية «إزيس»، وأنه رزق منها «حريحور»، ليكون الأخير من نسل «رمسيس السادس».
هكذا، ظهر أن «حريحور» لم يكن له حق في عرش البلاد، لا بنسبه وحسبه، ولا بزواجه من أميرة ملكية تخول له هذا الحق، بل إن ذلك يرجع إلى مطامحه الشخصية والأحداث الخارجة عن حد المألوف، التي حدثت في البلاد في تلك الفترة. وكان توليه الكهانة شيئًا عارضًا مكملًا لمطامحه، وكان اعتلاءه العرش هزيمة لرجال الدين في معبد الكرنك، وبخاصة أسرة «رمسيس نخت»، كما تشير موسوعة «مصر القديمة».


ويذكر الجزء الثامن من الموسوعة، الذي يتناول «نهاية عصر الرعامسة وقيام دولة الكهنة بطيبة في عهد الأسرة الواحدة والعشرين» أن ألقاب «حريحور» تدل على أنه كان من كبار رجال الجيش، وأنه كان يحمل لقب القائد الأعلى ورئيس طوائف الأجانب -كما كان يحمل لقب الكاهن الأكبر «لآمون»- مثل المؤسسين الآخرين لأسر جديدة، كالقائد «آي» الذي كان يحمل لقب كاهن، ولكنه كان في الأصل من كبار رجال الجيش.
وتدل الوثائق التي عثر عليها الأثريون أن «حريحور» كان وليد الثورة التي قامت في مصر في تلك الفترة المضطربة من تاريخ البلاد، فأعاد إليها النظام وانتهى الأمر بتوليه هو مقاليد الأمور في البلاد، وأصبح ملكا لها ومؤسسًا لأسرة جديدة.
وقد تناول المؤرخ البريطاني «كيث كيساك» موضوع اعتلاء «حريحور» عرش الملك في مقال يدور حول بعض أوراق البردي التي أُرِّخت بعهد يسمى «عصر النهضة»، وكانت منها ورقة «ونآمون» التي جاء فيها أن مصر كان من المفروض أنها مقسمة قسمين، بين «حريحور»، الذي كان مقره «طيبة»؛ و«سمندس»، الذي كان مقره «تانيس». 
يُعلّق سليم حسن صاحب موسوعة «مصر القديمة»: يمكننا أن نستعمل ما جاء من حقائق في أوراق البردي التي أبقتها لنا الأيام محفوظة في مقابر «طيبة»، فنحن نعلم إلى أي حد كانت السلطة الرئيسية قد تضعضعت في «طيبة». فقد قامت اضطرابات هناك مكثت تسعة أشهر وكانت قد حدثت في عهد «أمنحتب» الكاهن الأكبر «لآمون»، وقد رأينا تدخل الأجانب في هذه الفترة، وهذا العهد قد امتاز بما حدث فيه من تخريب للمعابد وإشعال الحرائق والقبض على موظفين من رجال الدين، وقد تعدَّى ذلك إلى تخريب حصون مدينة «هابو».

الكاهن الأعظم

وقد عاد النظام إلى نصابه عندما تولى «حريحور» مقاليد الأمور بدلًا من «أمنحتب» بعد السنة السابعة عشرة من حكم «رمسيس الحادي عشر». كان «حريحور» أخذ يتابع تنفيذ الأعمال، فتقلد أعمال ابن الملك صاحب «كوش»، وتقلد وظيفة القائد الأعلى في «طيبة»، كما تقلد الوزارة وغير هيئة كبار الموظفين الإِداريين العليا.
وكان «حريحور» على جانب كبير من الدهاء وبعد النظر، فإنه بتوليه رئاسة كهنة «آمون» قد حافظ على سلطانه وقوته في «طيبة» أمام كهنة «منف» و«تانيس»، إلى درجة أن الحكومة الدينية لـ «آمون» التي أسسها «حريحور» قد بقيت تلعب دورها. وقد أصبح «آمون» بهذا الانقلاب السياسي الذي دبره «حريحور» رئيس الآلهة وسيد عرش الأرضين في الكرنك، كما أصبح إلهًا له امتيازات بعيدة عن تقلبات الإمبراطورية ومدينة «طيبة»، وبذلك «فإنه لن يفقد كلية أبدًا وظيفته بسبب حروب تقوم بينه وبين الآلهة المحليين القدامى»، كما ذكر المؤرخ البريطاني كيساك.

في معبد «خنسو»

لم يكن معبد «خنسو» قد تم بناؤه بعد، منذ موت الملك «رمسيس الثالث». ولم يكن قد أُنجز منه إلا المحراب والحجرات المجاورة له، أما قاعة العمد التي تحمل ذكريات عظيمة باسم «حريحور»، فإنها تعد عملًا مشتركًا قام به كل من «حريحور» والملك «رمسيس الحادي عشر».
ويوجد اسم «حريحور»في كل مكان على عقود جدران القاعة الأربعة وعلى الجدران نفسها، وعلى العمد وعلى الأسس «وقد كان اسمه فيها كذلك بارزًا بدرجة عظيمة مضارعًا اسم الملك إن لم يكن يفوقه»، وفق صاحب موسوعة مصر القديمة.
يضيف: المناظر التي تزين الجدران تمثل -كالعادة- صور عبادة وتقديم قربان. غير أن القائم بتقديمها لم يكن الملك في كل الأحوال. إذ نجد أن «حريحور» -في ست حالات- كان يحل محل الملك، وأهم هذه المناظر تلك التي مثلت على الجدار الشمالي، فعلى يمين الباب المؤدي إلى المحراب نشاهد القارب العظيم للإله «آمون» في الأمام ويتبعه قاربان صغيران، ويلاحظ أن الكاهن العظيم «حريحور» هو الذي يطلق عليها البخور، كما يدل على ذلك المتن المنقوش فوق المنظر.
وعلى يسار هذا الباب تقف القوارب الثلاثة وتوضع فوق قواعدها الخاصة بها. حيث كان «حريحور» يقوم بأداء الشعائر اللازمة: تقديم البخور والقربان «لآمون رع» رب تيجان الأرضين، ورئيس الكرنك، ورب السماء، وملك كل الآلهة لأجل أن يمنح حياة طويلة تنقضي في رؤية صلية، وشيخوخة سعيدة في مدينة «طيبة» بوساطة الأمير الذي على رأس القطرين، والسمير، والشريف العظيم وكل الأرض قاطبة، والكاهن الأول «لآمون» ملك الآلهة، وقائد جنود الجنوب والشمال، ورئيس طوائف الأجانب «حريحور». 
وعلى الرغم من كل ذلك فإِن الشكر الرسمي كان يوجهه الإله للملك «رمسيس الحادي عشر».