بات ملف الأسرى كلمة السر في تمديد الهدنة الإنسانية في قطاع غزة الفلسطيني، لتدخل الهدنة، أمس الثلاثاء، يومها الخامس، وتتوقف جميع العمليات العسكرية بين حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" وقوات الاحتلال الإسرائيلي، بعدما اتفق الطرفان بوساطة مصرية قطرية على تمديد الهدنة ليومين إضافيين، من أجل تبادل المزيد من الدفعات من الأسرى.
ووافق طرفي الصراع على تمديد الهدنة، مساء الاثنين، على أن تشمل الإفراج كل يوم عن 10 رهائن جدد محتجزين لدى حركة حماس، مقابل إطلاق إسرائيل سراح 30 أسيرا، حيث كشف موقع "أكسيوس" الإخباري الأمريكي، أن تمديد الهدنة بين إسرائيل وحركة حماس سيسمح بإطلاق سراح ما لا يقل عن 20 من الرهائن الإسرائيليين، بمعدل 10 في كل يوم، بالإضافة إلى الـ50 الذين تم الاتفاق عليهم في الهدنة نفسها، في حين ستطلق قوات الاحتلال سراح 3 أسرى فلسطينيين مقابل كل رهينة إضافي يتم إطلاق سراحه، كما فعلت بموجب الاتفاق الأساسي، كما سيسمح تمديد الهدنة أيضا بدخول المزيد من شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة.
وقالت حركة حماس في بيان لها، إنها "تعلن الاتفاق مع الأشقاء في قطر ومصر على تمديد الهدنة الإنسانية المؤقتة لمد يومين إضافيين، بنفس شروط الهدنة السابقة"، كما أكدت الحركة أنها تعد قائمة جديدة برهائن محتجزين لديها بهدف تمديد الهدنة.
وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلية قد أفرجت عن 33 أسيرا فلسطينيا من الأطفال والنساء، ضمن الدفعة الرابعة بموجب صفقة التبادل مع حركة المقاومة الفلسطينية حماس، وغادرت حافلة تابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر، سجن عوفر العسكري الإسرائيلي، غربي مدينة رام الله.
وكانت حركة حماس قد أعلنت قائمة بأسماء الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم ضمن صفقة التبادل تضمنت 30 طفلا و3 نساء (2 من الضفة وواحدة من القدس)، بينما أعلنت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية أن الدفعة الرابعة التي أطلق سراحهم من غزة تشمل 11 إسرائيليا.
ومن بين المفرج عنهم: 9 من مدينة القدس بينهم أصغر أسيرة وهي نفوذ حماد (16 عاما) من حي الشيخ جراح والمحكوم عليها بالسجن 12 عاما، أما الـ 24 الباقون فمن محافظات الضفة الغربية.
وتعدّ هذه القائمة الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين الذين يُفرج عنهم من السجون الإسرائيلية، بموجب الهدنة الإنسانية التي توصلت إليها حركة حماس وإسرائيل في قطاع غزة، عبر وساطة قطرية مصرية أميركية، بدأ سريانها الجمعة الماضية وكان مقررا لها 4 أيام.
وباستكمال عملية تبادل الأسرى الفلسطينيين والرهائن الإسرائيليين في الدفعة الرابعة، تكون إسرائيل أطلقت سراح 150 أسيرا فلسطينيا من سجونها، مقابل إطلاق حماس 50 إسرائيليا، في حين سيزيد هذا العدد بعد تمديد الهدنة الإنسانية ليصبح العدد 210 أسرى فلسطينيين من سجون الاحتلال، مقابل إطلاق حماس 70 إسرائيليا.
وفي 7 أكتوبر الماضي، أطلقت المقاومة الفلسطينية هجوما على مستوطنات غلاف غزة، قتل خلاله أكثر من 1200 إسرائيلي، وأصيب أكثر من 5 آلاف، وأسرت نحو 239، في المقابل شنت قوات الاحتلال حربا مدمرة على قطاع غزة خلّفت دمارا هائلا في البنية التحتية وعشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم من الأطفال والنساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لمصادر رسمية فلسطينية وأممية.
أبرز صفقات تبادل الأسرى بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال خلال العقود الماضية:
ولعل صفقات تبادل الاسرى الأخيرة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال، تعد أحد المشاهد المتكررة مع نشوب أي صراع بين الطرفين على مدار العقود الماضية، حيث شهدة هذه العقود العديد من صفقات التبادل والتي من أبرزها:
1968: اختطاف طائرة إسرائيلية في الجزائر
ولعل واحدة من أبرز صفقات تبادل الأسرى جاءت في يوليو من عام 1968، عندما أقدمت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" على اختطاف طائرة ركاب إسرائيلية، وكان على متنها نحو 100 راكب، بينهم عدد من الإسرائيليين، بينما كانت في طريقها من مطار هيثرو في لندن إلى مطار ليوناردو دا فينشي في روما، ثم إلى مطار اللد بإسرائيل (مطار بن غوريون حاليًا).
ونجحت الجبهة الفلسطينية في اختطاف الطائرة التي كانت من طراز "بوينغ 707" وتابعة لشركة "العال"، أثناء رحلتها التي حملت رقم 426، وقاموا بتحويل مسارها إلى الجزائر، وانتهت الأزمة بعدما أطلقت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" سراح الرهائن وحررت قوات الاحتلال 37 فلسطينية من ذوات الأحكام العالية، وذلك بوساطة من الصليب الأحمر الدولي.
أغسطس 1969: ليلى خالد تختطف طائرة تل أبيب
وبعد نحو عام واحد من العملية الأولى "الجبهة الشعبية"، نجحت مجموعة من الجبهة بقيادة الفلسطينية ليلى خالد، في اختطاف طائرة ركاب أميركية تابعة لشركة "تي دبليو إيه" في الرحلة رقم 840 المتجهة من مدينة لوس أنجليس الأميركية إلى تل أبيب، وبينما كانت الطائرة تحلق فوق البحر المتوسط قرب اليونان، اقتحمت الفلسطينية ليلى خالد، عضو "الجبهة الشعبية"، قمرة القيادة والتقطت سماعة ربان الطائرة وخاطبت برج المراقبة قائلة: "هنا رحلة الجبهة الشعبية... فلسطين حرة عربية"، وأمرت القائد بالتوجه إلى فلسطين.
وكادت المحاولة أن تبوء بالفشل بعدما دخلت الطائرة المجال الجوي الإسرائيلي، حيث تحركت مقاتلات إسرائيلية وأحاطت بالطائرة، فقرر خاطفو الطائرة توجيهها إلى العاصمة السورية، دمشق، وفي المرة الثانية أيضا نجحت "الجبهة الشعبية" في إطلاق عدد من المعتقلين في السجون الإسرائيلية ومن ضمنهم طياران سوريان اضطرا للهبوط اضطراريًا في إسرائيل في العام السابق نتيجة خطأ ملاحي.
سبتمبر 1970: ليلي خالد تعيد خطف طائرة "العال"
وبعد أن انتهت صفقة الطائرة الأخيرة بنجاح، إلا أن السلطات السورية اعتقلت ليلى خالد، ثم أفرجت عنها بعد أشهر عدة، فتوجهت إلى الأردن ومنها إلى ألمانيا، حيث أجرت جراحة تجميلية في الوجه تجنبًا للتعرف عليها، وهناك خطفت طائرة أخرى تابعة لشركة "العال" في رحلة بين أمستردام ونيويورك في سبتمبر 1970، وانتهت العملية باعتقالها مجددًا.
إلا أن "الجبهة الشعبية" رفضت الانكسار واعتزمت تحرير ليلى خالد، فخططت لتنفيذ عملية اختطاف طائرة أخرى، لكن هذه المرة بريطانية الجنسية، ونجحت في ذلك واقتادت الطائرة إلى لبنان، وهو ما أدى في النهاية لإطلاق سراح ليلى خالد.
يناير 1971: “فتح” تحرر حجازي مقابل شموئيل فايز
وكانت حركة فتح قد بدأت هي الأخرى في عمليات المقاومة، ونجحت في 1969، في اختطاف الجندي الإسرائيلي شموئيل فايز، وبعد مفاوضات استمرت نحو عامين، توصلت الحركة إلى صفقة تبادل مع إسرائيل تم تنفيذها في يناير 1971، أفرجت إسرائيل بمقتضاها عن الفلسطيني محمود حجازي، وأطلقت حركة "فتح" سراح الجندي الإسرائيلي.
أبريل 1978: صفقة "النورس"
وفي أبريل 1978، نجحت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة" في أسر الجندي الإسرائيلي أبراهام عمرام في عملية أسمتها "عملية الليطاني"، وخاضت "منظمة التحرير الفلسطينية"، التي كان يرأسها حينها ياسر عرفات، مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي؛ لإجراء عملية تبادل، وأدت في النهاية إلى إطلاق صفقة سُميت "صفقة النورس" في يناير 1979 أفرجت "الجبهة الشعبية – القيادة العامة" بموجبها عن الجندي الإسرائيلي وأطلقت إسرائيل سراح 76 أسيرًا فلسطينيًا.
فبراير 1980: إطلاق سراح مهدي بسيسو مقابل جاسوسة الموساد
بعد قرابة عام واحد، وفي فبراير 1980، نفذت حركة "فتح" صفقة لتبادل الأسرى بوساطة من الصليب الأحمر، حيث تم إطلاق سراح الفلسطيني مهدي بسيسو، مقابل إطلاق سراح فتاة أردنية تُدعى أمينة المفتي، وكانت تعمل جاسوسة لجهاز "الموساد" الإسرائيلي.
نوفمبر 1983: الصفقة الكبرى.. إطلاق سراح أكثر من 4700 فلسطيني ولبناني
ولعل الصفقة الأكبر في تاريخ تبادل الأسرى بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال تمت في نوفمبر 1983، عندما نجحت "فتح" في إتمام صفقة التبادل الأضخم، حيث أجبرت سلطات الاحتلال على إطلاق سراح 4700 فلسطيني ولبناني كانوا في سجن "أنصار"، الذي شيدته إسرائيل في جنوب لبنان إبان الاحتلال هناك، وكذلك تم إطلاق سراح العشرات من السجون الإسرائيلية الأخرى. وفي المقابل أطلقت "فتح" سراح 6 جنود إسرائيليين كانوا قد وقعوا في الأسر في سبتمبر 1982.
مايو 1985: عملية الصيد الثمين
وفي مايو 1985، كان هناك صفقة تبادل عرفت حينها بـ "الصيد الثمين"، بعدما نجحت في خطف 3 جنود إسرائيليين، وأبرمت بموجب صفقة للتبادل اتفاقًا لإطلاق سراح 1155 أسيرًا عربيًا في سجون الاحتلال.
1997: الموساد يفشل في اغتيال خالد مشعل
في عام 1997، اكتشف الأمن الأردني أن خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" حينذاك، تعرّض لمحاولة تسميم على الأراضي الأردنية. ونجح الأمن الأردني في اعتقال أفراد "الموساد" الإسرائيلي المشاركين في العملية، وثارت ضجة إعلامية، ورفض الأردن إطلاق سراح عناصر "الموساد" لحين إرسال سلطات الاحتلال الترياق الخاص بإنقاذ حياة مشعل، وكذلك تم الإفراج عن الزعيم الروحي لـ"حماس" أحمد ياسين من السجون الإسرائيلية.
يونيو 2006: اختطاف شاليط صفقة "وفاء الأحرار"
وفي يونيو 2006، جاء الدور على حركة "حماس"، والتي نجحت في خطف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عند حدود قطاع غزة، وعلى الرغم من الحرب المدمرة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في ذلك الوقت، إلا أنها واجهت فشلًا ذريعًا في الوصول إلى مكان احتجاز شاليط، وخضعت في النهاية للمقاومة، لتدخل في مفاوضات تبادل مع حركة "حماس" استمرت 5 سنوات، وفي النهاية أفرجت الحركة عن شاليط مقابل 1027 أسيرًا فلسطينيًا، وأطلقت "حماس" على الصفقة اسم "وفاء الأحرار".