يدور التساؤل بمناسبة الهدنة بين إسرائيل وحركة المقاومة الفلسطينية حماس عن القواعد الحاكمة لتنظيم الهدنة دولياً، وهى الهدنة التى تم خلالها إطلاق سراح العشرات من الأشخاص الذين تم احتجازهم كرهائن خلال الحرب بينهما مما يمثل أول فترة راحة للفلسطينيين الذين أنهكتهم الحرب في قطاع غزة وبصيص أمل لبعض عائلات الأسرى، تلك الهدنة التى بذلت فيها مصر دولة المبادئ جهداً كبيراً يعبر عن مكانتها الإقليمية فى صنع القرار الدولى وشاركتها قطر والولايات المتحدة الأمريكية التى تحركها اعتبارات المصالح.
ويواصل المفكر والمؤرخ القضائى القاضى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة إحدى دراساته المهمة فى هذا الشأن بعنوان " قواعد تنظيم الهدنة بين المتحاربين وحقوق أسرى الحرب فى لائحة لاهاى -- والأخلاق العظيمة للنبي محمد –صلى الله عليه وسلم- فى رعاية أسرى الحرب
وسبق الإسلام المدنية الحديثة بأخلاقيات زمن الحرب " حيث نعرض فى ثلاثة أجزاء , ويتناول الجزء الأول عدة نقاط مهمة هى أن الهدنة توقف مؤقتاً الأعمال العدائية بين المتحارين ولا تعادل السلام والمساعدة الإنسانية خلالها غير مشروطة.
وأيضاً (6) قواعد لتنظيم الهدنة بين المتحاربين بلائحة لاهاى قبل نشأة إسرائيل ,ويعرض لتساؤل مهم , هل من يخترقون منطقة عمليات جيش العدو من أفراد القوات المسلحة يعدون جواسيساً أم أسرى حرب ؟ وذلك فيما يلى :
أولاً : الهدنة توقف مؤقتاً الأعمال العدائية بين المتحارين ولا تعادل السلام والمساعدة الإنسانية خلالها غير مشروطة
يقول الدكتور محمد خفاجى أنه من المعلوم دولياً أن وقف إطلاق النار هو اتفاق ينظم وقف جميع الأنشطة العسكرية لفترة زمنية معينة في منطقة معينة. وقد يتم إعلانه من جانب واحد، أو قد يتم التفاوض عليه بين أطراف النزاع.
بينما الهدنة هي اتفاقية عسكرية يتمثل الغرض الأساسي منها فى تعليق الأعمال العدائية على مسرح الحرب الفعلية على امتداد شمولها , ولا تمثل الهدنة نهاية للأعمال العدائية، بل مجرد هنيهة عسكرية , فهى تعليق مؤقت للأعمال العدائية , و بهذا المعنى هي لا تعكس نهاية قانونية لحالة الحرب بين المتحاربين .
ويضيف أن الهدنة على هذا النحو هي حالة مؤقتة بحكم الواقع، ويترتب عليها وقف الأعمال العدائية الفعلية بين المتحارين , لذا فإن أي نوع من الانتهاك الخطير الذي يقوم به أحد الطرفين خلال مدته يمنح الطرف الآخر الحق في مواجهته وإمكانية استئناف الأعمال العدائية فوراً في الحالات البالغة الخطورة , والهدنة بهذا المعنى لا تعادل معاهدة السلام . لكن يجب ألا تكون المساعدات الإنسانية مشروطة خلالها.
ثانياً : (6) قواعد لتنظيم الهدنة بين المتحاربين بلائحة لاهاى قبل نشأة إسرائيل
ويذكر الدكتور محمد خفاجى تعرضت اللائحة المتعلقة بقوانين وأعراف اﻟﺣرب البرية لاهاى للهدنة بين المتحاربين فى الفصل الخامس من القسم الثانى المعنون "العمليات العدائية " تحت عنوان "اتفاقيات الهدنة "فى ست مواد من (36-41) والتى صدرت في 18 أكتوبر 1907 أى قبل نشأة دولة إسرائيل ذاتها في 14 مايو 1948 وهذه القواعد هى :
1-تعلق اتفاقيات الهدنة عمليات الحرب باتفاق متبادل بين الأطراف المتحاربة , ويجوز لأطراف النزاع في حالة عدم تحديد مدة الهدنة, استئناف العمليات في أي وقت, شريطة أن يتم إنذار العدو في الأجل المتفق عليه, وفقاً لشروط الهدنة. (م36)
2- يمكن أن تكون الهدنة شاملة أو محلية. وبموجب الهدنة الشاملة تعلق عمليات الحرب في كل مكان بين الدول المتحاربة, بينما تقتصر الهدنة المحلية على بعض أجزاء الجيوش المتحاربة وضمن نطاق معين.(م 37)
3- ينبغي إخطار السلطات المختصة والجيوش رسمياً وفي الوقت المناسب باتفاقية الهدنة. وتتوقف العمليات العدائية بعد استلام الإخطار فوراً, أو في الأجل المحدد.(م 38)
4- أن الأطراف المتعاقدة هي التي تبت, وفقاً لشروط الهدنة, في تحديد العلاقات التي قد تنشأ في مسرح الحرب والعلاقات مع السكان والعلاقات فيما بينها.(م39)
5- كل انتهاك جسيم لاتفاقية الهدنة من قبل أحد الأطراف يعطي للطرف الآخر الحق في اعتبارها منتهية بل واستئناف العمليات العدائية في الحالة الطارئة.(م40)
6- إن خرق شروط الهدنة من طرف أشخاص بحكم إرادتهم, يعطي الحق في المطالبة بمعاقبة المخالفين فقط ودفع تعويض عن الأضرار الحاصلة إن وجدت.(م41)
ثالثاً : مفهوم الجاسوس بين المتحاربين ؟ وهل من يخترقون منطقة عمليات جيش العدو من أفراد القوات المسلحة يعدون جواسيساً أم أسرى حرب ؟
ويذكر الدكتور محمد خفاجى تعرضت اللائحة المتعلقة بقوانين وأعراف اﻟﺣرب البرية لاهاى لمفهوم الجاسوس بين المتحاربين فى الفصل الثاني من القسم الثانى المعنون "العمليات العدائية " تحت عنوان "الجواسيس" وهل من يخترقون منطقة عمليات جيش العدو من أفراد القوات المسلحة يعدون جواسيساً أم أسرى حرب ؟
1-لا يعد الشخص جاسوساً إلا إذا قام بجمع معلومات أو حاول ذلك في منطقة العمليات التابعة لطرف في النزاع, عن طريق عمل من أعمال الزيف أو تعمد التخفي, بنية تبليغها للعدو.
ومن ثم لا يعد جواسيساً أفراد القوات المسلحة الذين يخترقون منطقة عمليات جيش العدو, بنية جمع المعلومات, ما لم يرتكب ذلك عن طريق التخفي عنوة. كذلك لا يعد جواسيس: العسكريون وغير العسكريين الذين يعملون بصورة علنية, والذين يكلفون بنقل المراسلات الموجهة إما إلى جيشهم أو إلى جيش العدو. ويندرج في هذه الفئة أيضاً الأشخاص الذين يرسلون في المنطاد لنقل المراسلات وربط الاتصالات بين مختلف أجزاء الجيش أو إقليم.(م29)
2- لا يعاقب الجاسوس الذي يقبض عليه متلبساً بالتجسس دون محاكمة مسبقة.(م30)
3- يتمتع الجاسوس الذي يلتحق بالقوات المسلحة التي ينتمي إليها بوضع أسير حرب إذا قبض عليه العدو في وقت لاحق, ولا يتحمل مسئولية أي عمل من أعمال التجسس السابقة.(م31)