الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

خالد علي يكتب: المصريون والاختيار التاريخي.. الانتخابات الرئاسية استحقاق تعددى ديمقراطى يؤكد استقرار الدولة المصرية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
صورة أرشيفية

خلال الأيام القليلة المقبلة ستمر مصر باستحقاق تعددي ديمقراطي جديد، ففي الأول من ديسمبر المقبل سينطلق سباق الانتخابات الرئاسية للمصريين بالخارج ويليه في العاشر من الشهر نفسه تصويت المصريين داخل البلاد.. هذه الانتخابات التي طالب البعض بتأجيلها أو إلغائها، نظرًا لما يمر به الإقليم والعالم من توترات وحروب مثل الحرب الأوكرانية - الروسية التي اندلعت منذ أكثر من عام ونصف العام، إلى أزمة بحر الصين الجنوبي وتجدد الخلاف الصيني – الأمريكي حول تايوان، فضلًا عن تصاعد التوتر في المنطقة بين واشنطن وطهران الذي امتد إلى المنطقة العربية في العراق وسوريا ولبنان واليمن ثم انفجار الوضع في قطاع غزة.

بطبيعة الحال كانت الدولة المصرية ومنذ (فجر التاريخ) يحاك ضدها الكثير من المؤامرات وما زالت حتى الآن مطمعًا لكثير من الدول وأحداث التاريخ شاهدة على ذلك، وعلي الرغم من اقتراب الخطر من الدولة المصرية أكثر من مرة في السنوات الأخيرة وتمركزه على كل حدودها شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا (وبذلك أصبح الخطر يحيط بالدولة المصرية)، فقد بقيت مصر الدولة الوحيدة ذات الاستقرار السياسي والأمني في نطاقها الجغرافي رغم الانهيارات التي شهدتها دول الإقليم.

رغم مخاوف الداعين وجاهة أسبابهم إلا أن إصرار القيادة السياسية المصرية على إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها احترامًا للشرعية والدستور- رغم كل ذلك- فإن بعضا من الذين انتقدوا انتخابات عام ٢٠١٨ ونعتوها بأنها انتخابات غير ديمقراطية متكئين على كونها انتخابات شارك فيها مرشحان اثنان فقط، متناسين أن في الولايات المتحدة الأمريكية (بلاد الديمقراطية) -كما يؤمن بذلك الكثيرون- كان وما زال السباق الرئاسي بها يتم بين مرشحين اثنين وحزبهما فقط، ديمقراطيًا كان أم جمهوريًا.

ومع هذا يدعي نفس الفريق أن الانتخابات الرئاسية المقبلة ما هي إلا تمثيلية، وللوهلة الأولى يسقط هذا الادعاء فلو كان هذا الادعاء صحيحًا لما تنافس عليها ثلاثة رجال من رؤساء الأحزاب ولكل اسم وشخصية منهم باع طويل وخبرة سياسية وتاريخ مشرف في العمل السياسي ولو أحس هؤلاء المرشحون أن هذه الانتخابات - كما يدعي البعض - أنها تمثيلية لما خاضوا تلك التجربة ولم يشاركوا فيها.

فلا يمكن أن يضحي رجل في ثقل المرشح الرئاسي محمد فريد زهران بتاريخه وهو صاحب التاريخ النضالي الحريص على الديمقراطية والعدل الاجتماعي ورئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وكان أحد قيادات (انتفاضة الخبز) عام ١٩٧٧ والمتهم الرابع في (القضية رقم ١٠٠) الخاصة بانتفاضة الخبز، ثم لا يمكن أن ننسى شراسة زهران في ردوده على وسائل الإعلام وجرأته في عرض رأيه عن خوضه للانتخابات الرئاسية.

والشخصية الثانية المرشحة في سباق رئاسة الجمهورية هو عبد السند يمامة فقد بدأ نشاطه السياسي منذ عام ١٩٧٤، وهو رئيس حزب الوفد الجديد والذي بدوره ظهر امتدادًا لحزب الوفد المصري القديم ذلك الحزب العريق الذي أسسه سعد زغلول عام ١٩١٩، فإن عبد السند يمامة أيضا له باع طويل في العمل السياسي والأكاديمي فهو أستاذ ورئيس قسم القانون الدولي الخاص بكلية الحقوق وحاصل على الدكتوراة في مجال الاستثمار الأجنبي بمصر من فرنسا.

والأخير هو حازم سليمان عمر رئيس حزب الشعب الجمهوري وينتمي إلى التيار الليبرالي وأيضا رئيس لجنة الشئون  الخارجية والعربية الأفريقية في البرلمان المصري.

وهنا يتضح للجميع أننا أمام مرشحين سياسيين مخضرمين مصريين على المشاركة في العملية الانتخابية وإثرائها وهذا يدل على إيمانهم بأنها تجربة ديمقراطية خالصة تستحق المشاركة، وتأكد ذلك التوجه بانعقاد جلسات (الحوار الوطني) الذي تم بدعوة من القيادة السياسية والذي خلق حالة فكرية وحزبية غير مسبوقة في العمل الديمقراطي في بلادنا.

لقد أظهرت الدولة المصرية بمؤسساتها صدق نواياها نحو إجراء انتخابات حرة ونزيهة، ولعل الدور الكبير التي قامت به الهيئة العليا للانتخابات الرئاسية كمؤسسة مستقلة بكل حياد ونزاهة والمساواة بين المرشحين على المقعد الرئاسي يؤكد صدق توجه الدولة المصرية، ويأتي ما أعلنته كبرى المؤسسات الإعلامية داخل بلادنا بإتاحة (مائة دقيقة إعلانية) مجانية لكل المرشحين على قنواتها الإعلامية واستضافة المرشحين ومديري الحملات الرئاسية.. كل هذا يؤكد وقوف مؤسسات  الدولة على مسافة واحدة من كل مرشحي سباق الرئاسة في خطوة أكدت احترام هذه المؤسسات للدستور والقانون والإصرار على إخراج تجربة ديمقراطية حقيقية في البلاد.

وإذا كان البعض يدعو إلى عدم إجراء الانتخابات خوفًا أو حبًا فإن بعض المتنطعين يشككون في جدوى خوض المرشح الرئاسي الرئيس عبدالفتاح السيسي للانتخابات وينسون أن الدولة المصرية سارت نحو الطريق الصحيح بعدما نفذت الحكومة برنامج (الإصلاح الاقتصادي) عام ٢٠١٦، وبالفعل أتى البرنامج  بنتائج فاقت توقعات المؤسسات الاقتصادية الدولية عام ٢٠١٩، حيث حقق الاقتصاد المصري معدل نمو يُعد من أعلى المعدلات بين الأسواق الناشئة في تلك السنة وذلك وفقًا لتقرير صدر عن (الإيكونوميست) فقد أتت مصر في المرتبة الثالثة عالميًا في قائمتها الدورية للنمو الاقتصادي، بعد الصين والهند بمعدل نمو ٥.٦٪، كما أن الهيكل الاقتصادي المصري أصبح أكثر تنوعًا وتوازنًا ومرونة وتمثل ذلك في قطاعات عديدة مثل السياحة والصناعات والبناء والتجارة والطاقة، وفقًا لوكالة (بلومبرج) جاء الجنيه المصري في المركز الثاني كأفضل عملات العالم أداءً في نفس العام كما أنها صرحت في تقرير آخر لها أن مصر ثاني أكثر الدول تحملًا للصدمات، إلى أن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن.

ففي الأول من يناير من عام ٢٠٢٠ ضرب العالم أجمع جائحة (فيروس كورونا) وسارع العالم في الانغلاق على نفسه خلال جائحة وتوقفت كل سلاسل التوريد والإمداد العالمية وكبدت قطاع السياحة خسائر كبيرة، حتى إن كثيرا من الدول عانت من ركود اقتصادي شديد، واضطر الكثير منها إلى اتباع سياسات مالية توسعية لمجابهة حالة الركود.

وعندما كاد العالم يتعافى جزئيًا من جائحة فيروس كورونا، ضربت الاقتصاد العالمي أزمة جديدة وهي الحرب الروسية – الأوكرانية عام ٢٠٢٢، مما تسبب في خسائر كبيرة على صعيد الاقتصادي العالمي، وكانت آثار تلك الأزمة الجديدة على العديد من القطاعات الاقتصادية وكان أهمها الأمن الغذائي والسياحة في مصر.

وقد صح التعبير الشهير (المصائب لا تأتي فرادى) حيث جاءت أزمة (تصدير التضخم) التي تسببت بها الولايات المتحدة الأمريكية، ففي منتصف عام ٢٠٢٢ عانت واشنطن من ارتفاع معدل التضخم بشكل غير مسبوق، فاتبع (البنك الفيدرالي الأمريكي) سياسات نقدية عدائية لم ترق كل البنوك المركزية في العالم أجمع، مثل رفع سعر الفائدة على الدولار الأمريكي مما تسبب في سحب جزء كبير من (المال الساخن) في العالم، وقد أجمع خبراء في مجال الاقتصاد أنه لو لم تكن الدولة المصرية قد قامت بالفعل ببرنامجها الإصلاحي عام ٢٠١٦ لكانت تلك الضربات المتتالية قد أودت بالاقتصاد المصري.

وبرغم من حجم التأييد الذي يتمتع به (الرئيس المرشح) عبدالفتاح السيسي، إلا أنه طلب عدم تأجيل الانتخابات وجاء هذا الطلب تأكيدًا لصدق توجهات الرجل الذي قرر أن يستمر في خدمة الوطن بتأييد شعبي وشرعية انتخابية عبر الصناديق، لاستكمال ما بدأه من إصلاح اقتصادي ومشاريع وطنية، وهي مشروعات استراتيجية لابد من استكمالها والعمل عليها وعدم إهمالها، وأيضا بحكم البيئة والمناخ الموجود حاليا بالمنطقة وبخبرة الرجل العسكرية، فقد حاول الكثيرون أن يقحموا الدولة المصرية في مغامرات لا يحمد عقباها، ولكن بحكمة الرجل وخبرته استطاع العبور بأمان بسفينة الوطن، بينما غرقت سفن الآخرين من حولنا، فقد استطاعت القيادة السياسية قراءة المشهد في المنطقة من سيناريوهات وصراعات مستقبلية تهدد الأمن القومي المصري، فاتضح لنا جميعًا أنها كانت ذات رؤية بعيدة وصحيحة، حيث سارعت بالارتقاء بالجيش المصري وتسليحه على أعلى المستويات والكفاءة القتالية، وإبرام عدد كبير من الصفقات العسكرية لمجابهة تلك السيناريوهات.

وأعتقد وبلا شك أن المصريين باتوا الآن يدركون بشكل كبير مدى أهمية المشاركة في هذا الاستحقاق الانتخابي المقبل والإدلاء بأصواتهم وسط مناخ ديمقراطي حر ونزيه بعد أن أدركوا حجم التحديات الكبير التي يعيشها الوطن وسط إقليم مضطرب مما يدعو المصريين ليس فقط إلى المشاركة، بل واختيار مرشح يستطيع الحفاظ على وضع مستقر للبلاد بالإضافة إلى العمل على التنمية والإصلاح والعبور بسفينة الوطن إلى بر الأمان في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة من أحداث ملتهبة.

خالد على: كاتب مصرى مهتم بقضايا المنطقة، يكتب عن الاستحقاق الانتخابى المتعلق بانتخابات الرئاسة المصرية والتى تنطلق فى الأول من ديسمبر المقبل.