الخميس 19 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

جان برنارد بيناتيل يكتب: إستراتيجية جديدة لأوكرانيا.. «فورين أفيرز» تؤكد أن الهجوم المضاد فشل.. ويجب أن توقف أوكرانيا أي عمل هجومي وتختار إستراتيجية دفاعية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المستشار الألماني أولاف شولتس

بعد أقل من شهر من صدور مجلة "الإيكونوميست"، وهى مجلة إخبارية بريطانية تعتبر من أكثر الصحف الأسبوعية تأثيرًا فى العالم الأنجلوسكسوني، أشارت مجلة "فورين أفيرز"، وهى مجلة رائدة فى مجال الجغرافيا السياسية والعلاقات الدولية، إلى أن الهجوم المضاد فشل وتوصى أوكرانيا بتغيير استراتيجيتها.

يتناول هذا المقال الحجج التى طرحها رئيس أركان الجيوش الأوكرانية، الجنرال فاليرى زالوزني، الذى كسر فى مقابلة مع صحيفة "الإيكونوميست" فى الأول من نوفمبر الخط الرسمى باعترافه بأن: "الحرب فى طريق مسدود"، مما سلط الضوء فى الساحة العامة على الخلاف بينه وبين رئيس الدولة زيلينسكي.

فى الواقع، تقترح مجلة "فورين أفيرز"، فى تقريرها الصادر فى ١٧ نوفمبر ٢٠٢٣، استراتيجية دبلوماسية عسكرية جديدة لأوكرانيا بعنوان دبلوماسى للغاية: "إعادة تعريف النجاح فى أوكرانيا"، "يجب تحقيق التوازن بين الوسائل والأهداف".

مع الإشارة إلى أن هدف استعادة الأراضى المفقودة أصبح بعيد المنال بالوسائل المتاحة لأوكرانيا، وهو ما واصلت التأكيد عليه منذ أبريل ٢٠٢٣، يعترف كاتبا تقرير "فورين أفيرز": "لقد اكتسبت روسيا بالفعل المزيد من الأراضى فى عام ٢٠٢٣ مقارنة بأوكرانيا".

ويخلص تقرير مجلة "فورين أفيرز" إلى أن أوكرانيا يجب أن توقف أى عمل هجومى وتختار استراتيجية دفاعية لأن: "نهج كييف الحالى يعتمد على تكاليف عالية وآفاق منخفضة، مما يضع الأوكرانيين فى موقف حساس لطلب مساعدات غربية غير محدودة مع تضاؤل فرص النجاح". ويطرحون أن تقترح كييف وقف إطلاق النار لبدء المفاوضات، فى حين يأملون أن يرفض بوتين ذلك.

ويرى كاتبا التقرير أن الاهتمام بتغيير الاستراتيجية من شأنه أن: "ينقذ حياة أوكرانيا وأموالها ويقلل احتياجاتها فى مجال الدفاع الغربي، وهو ما قد يكون ضروريًا إذا انخفض الدعم الأمريكى وتحملت أوروبا العبء. وسيكون من الحكمة لأوكرانيا أن تكرس مواردها لأمنها وازدهارها على المدى الطويل بدلًا من إنفاقها فى ساحة المعركة لتحقيق مكاسب قليلة.

علاوة على ذلك فإن "ظهور أوكرانيا كدولة ديمقراطية مزدهرة ومرنة وقادرة على الدفاع عن نفسها من شأنه أن يشكل هزيمة مدوية للطموح الروسي".

ويبدو لى أن هذا "المستقبل المشرق" أبعد كثيرًا فى الواقع من محاولة استعادة الأرض من خلال العمل العسكري، حيث إن الأوليجارشية التى تحكم أوكرانيا فاسدة للغاية. الشيء الأكثر إثارة للاهتمام فى هذه الفترة هو الموسيقى الصغيرة التى نسمعها منذ شهرين فى الصحف البريطانية والأمريكية: يعتقد الأنجلوسكسونيون أنهم فعلوا ما يكفى من أجل أوكرانيا ويعتقدون أن الأمر متروك الآن للاتحاد الأوروبى لتحمل العبء وحدهم فى هذا الصراع.

إن قراءة ما بين السطور قد تعنى أن لندن وواشنطن تفكران فى تحقيق هدفهما: تجميد أو حتى حظر أى تحالف اقتصادى واستراتيجى من المحيط الأطلسى إلى جبال الأورال، بالتواطؤ مع الزعماء التابعين الأوروبيين الذين يخونون مصالح مواطنيهم.

فى الواقع، يعتقد الكاتبان أن زيلينسكى لن يوافق على تغيير الاستراتيجية إلا إذا كان الاحتمال المعروض عليه كبديل جذابًا بما فيه الكفاية. ويقترحان أيضًا "تلطيف ما يمكن أن يكون بمثابة حبة مريرة للأوكرانيين. ويتعين على الولايات المتحدة وبعض أعضاء منظمة حلف شمال الأطلسى (تحالف أصدقاء أوكرانيا) أن يلتزموا ليس فقط بتقديم المساعدات الاقتصادية والعسكرية الطويلة الأجل، بل وأيضًا بضمان استقلال أوكرانيا.

وسيكون هذا الالتزام مستوحى من المادة الرابعة من معاهدة الناتو، التى تنص على إجراء مشاورات فورية عندما تتعرض "سلامة الأراضى أو الاستقلال السياسى أو الأمن" لأى عضو للتهديد.

ومن المتوقع أن يعمل الاتحاد الأوروبي، الذى أعلن مؤخرًا عن اعتزامه البدء فى مفاوضات انضمام كييف، على تسريع الجدول الزمنى لانضمام أوكرانيا وأن يعرض عليها صفقة خاصة مخففة مع الاتحاد الأوروبى فى هذه الأثناء.

وينبغى للحلفاء الغربيين أيضًا أن يوضحوا أن معظم العقوبات المفروضة على روسيا ستظل سارية إلى أن تغادر القوات الروسية أوكرانيا، وأنهم سيساعدون أوكرانيا على استعادة سلامة أراضيها على طاولة المفاوضات.

وتتجنب مجلة "فورين أفيرز"  تناول مسألة حكم أوكرانيا فقط من خلال تسليط الضوء على الخلاف الاستراتيجى والسياسى بين زيلينسكى ورئيس أركان جيشه، فضلًا عن قراره تأجيل الانتخابات الرئاسية الأوكرانية المقرر إجراؤها عام ٢٠٢٤، بحجة أنها صعبة فى بعض الأحيان.. ولكن ربما لمنع زالوزني، الأكثر شعبية منه، من الترشح.

بينما على العكس من ذلك، فى روسيا، يحافظ فلاديمير بوتين، الذى تم تقديمه للغرب على أنه دكتاتور ضعيف، على الانتخابات الرئاسية المقررة دستوريًا فى مارس ٢٠٢٤، والتى ينوى الترشح فيها مرة أخرى.

ولا يبدو أن هذا الوضع السياسى المعكوس يزعج الديمقراطية العظيمة التى ترأس المفوضية الأوروبية والتى أعلنت فى ١٤ سبتمبر ٢٠٢٢ فى ستراسبورج أن الحرب الأوكرانية كانت "حرب الاستبداد ضد الديمقراطية".. الآن يمكننا أن نسأل أنفسنا: ما القول أمام هذه المتغيرات؟

الجنرال جان برنارد بيناتيل: قائد عسكرى سابق، حاصل على الدكتوراه فى العلوم السياسية، وكانت أطروحته للماجستير فى مجال الفيزياء النووية.. ومؤلف ستة كتب جيوسياسية منها: «تاريخ الإسلام الراديكالى ومن يستخدمه».. يستعرض بخبرته العسكرية وبما لديه من معلومات مستقبل الحرب الروسية الأوكرانية، فى ضوء ما كتبته مجلة "فورين أفريز".