كانت نسبة الولادات القيصرية في مصر ضمن المعدل العالمي، حتى بداية القرن الحالي، لكنها تضاعفت بحسب المسح الصحي السكاني من 6.6 في المئة عام 1995، إلى 20 في المئة عام 2005، وقفزت إلى 52 في المئة عام 2014، وفق تصريحات صحفية لنائب وزير الصحة الأسبق لشؤون السكان طارق توفيق.
وبعد أن كانت البرازيل تحتل المركز الأول في الولادات القيصرية، أخذت مصر تلك المرتبة في السنوات الأخيرة بعد وصول النسبة إلى 63%، وفق تقرير لصحيفة "غارديان" البريطانية.
وكررت منظمة الصحة العالمية في أكثر من مناسبة، توصياتها بعدم اللجوء إلى الولادة القيصرية إلا في حالة وجود ضرورة طبية.
ضرورة خفض معدلات الولادات القيصرية
وأكد أسامة عبد الحي، نقيب الأطباء، على ضرورة العمل علي خفض معدلات الولادات القيصرية غير المبررة طبيًا، واللجوء للولادة القيصرية في حالات الضرورة فقط لمصلحة الأم أو الجنين.
وأشار عبد الحي خلال كلمته بورشة العمل، إلى دور الإعلام الكبير في التوعية بأهمية الولادة والرضاعة الطبيعيتين وتصحيح المفاهيم المغلوطة، لافتا إلى أن دور القابلات المدربات في الولاده هام جدًا ويمثل إضافة قيمة للنظام الصحي ولكن يجب ان يكون دائمًا تحت إشراف طبيب متخصص.
ولفت إلى أن الولادات المنزلية قد تؤدي إلي كارثة مفاجئة تهدد حياة الأم أو الجنين، ولا يمكن إنقاذهم وتمثل تراجعًا للوراء في تقديم خدمة طبيه آمنة، مضيفا: لذلك يجب أن تتم في منشآت صحية مرخصه وتحت إشراف طبيب متخصص.
جاء هذا خلال ورشة عمل بدار الحكمة، أمس، تحت عنوان "دور القابلات والأطباء في تعظيم الولادة الطبيعية، تناولت أسباب تراجع الولادة الطبيعية في مصر، والدور المنوط للقابلة والطبيب في عملية الولادة الطبيعية.
الولادة المنزلية ومخاطرها
وقال نقيب الأطباء، إن ما يثار حاليا حول تقنين الولادة المنزلية، هو عودة للوراء وكارثة ستهدد حياة الأم والجنين، موضحا أن الدولة حرصًا على مصلحة الأم والجنين منعت أخصائي النساء والتوليد من إجراء عمليات الولادة في العيادة أو أي مكان آخر غير المستشفي، فبأي منطق يسمح للقابلات إجراء الولادة في المنازل؟.
وأضاف أن أي ولادة طبيعية إذا تحولت فجأة لولادة متعثرة أو حدث نزيف للأم، لن يكون هناك وقت كافي لنقلها للمستشفى، ولذلك ألغت معظم دول العالم الولادة المنزلية، متسائلا:"أي نظام صحي هذا الذى لا يسمح للطبيب بإجراء عملية الولادة في العيادة ويسمح للقابلة بالتوليد في المنزل؟.
وشدد على أن عمل القابلات مهم جد، ومفيد؛ لدورهم في متابعة الحمل، ومتاعبة المرحلة الأولى من الولادة، ولكن كل ذلك لابد أن يكون تحت إشراف طبيب متخصص.
الوحدات الصحية والولادة الطبيعية
من جهته، قال الدكتور جمال أبو السرور الرئيس السابق للاتحاد العالمي لطب النساء والتوليد ورئيس الجمعية المصرية للخصوبة والعقم، إن من أسباب تراجع الولادة الطبيعية هو ضعف ثقافة الصحة الإنجابية، وغياب التوعية بفوائد الولادة الطبيعية، مؤكدًا أن الولادة القيصرية تصبح ضرورة عند الدواعي الطبية فقط والذي يقررها الطبيب وليس لرغبة الأم.
وأكد أبو السرور، أهمية تدريب الممارس العام وأطباء الوحدات الصحيةعلى الولادة الطبيعية، والسماح لهم بإجراء الولادة الطبيعية، وإحالة الولادات المتعثرة للمستشفى المركزي أو المستشفي العام عند الضرورة.
وحذر الدكتور ياسر أبو طالب ممثل الكلية الملكية للنساء والتوليد في مصر، من نقص أطباء النساء والتوليد في القرى والمناطق البعيدة، المحرومة من الخدمات الصحية.
واقترح الدكتور حسام فاهم رئيس قسم النساء والتوليد بجامعة الأزهر، أن يتم تجهيز مركز للولادة الطبيعية، بكل الوحدات الصحية في مصر.
مضاعفات الحمل والولادة
من جهته، أوضح عمرو حسن أستاذ أمراض النساء والتوليد بكلية الطب جامعة القاهرة، ومستشار وزير الصحة والسكان لشئون السكان وتنمية الأسرة، أن معظم الوفيات المرتبطة بالحمل والولادة تحدث لأسباب يمكن منعها أو علاجها، مشيرًا إلى أن هذه الأسباب تتمثل في مضاعفات الحمل والولادة مثل النزيف الحاد، وارتفاع ضغط الدم والعدوى والظروف المرضية المسبقة.
وأضاف حسن، أن المتابعة الدورية للأمهات، وإجراء عملية الولادة في مكان مرخص ومجهز ويتبع أسس منع العدوي، يساعد في خفض معدل وفيات الأمهات.
أسباب حددتها الصحة للقيصرية
واستعرض تقرير قطاع الصحة الإنجابية بوزارة الصحة الحالات التى تستدعى اللجوء إلى الولادة القيصرية وفق رأى الطبيب المشرف المحكوم بحالة الأم ووضع الجنين، ومنها أن تكون فترة المخاض طويلة، مع عدم حدوث انقباضات كافية فى الرحم، وهذا يعنى أن عنق الرحم للسيدة لا يتسع بما فيه الكفاية لمرور الطفل، لذلك أفضل حل هو الولادة القيصرية.
وأضاف أن كبر حجم رأس الجنين قد يضطر الطبيب إلى اللجوء للولادة القيصرية، وكذلك معظم حالات التوائم، ووجود الجنين فى وضعية خاطئة لا تسمح بنزوله إلى حوض الأم وبدء المخاض بشكل طبيعى.
وأكد التقرير أن هناك حالات تتعرض فيها السيدة الحامل إلى وجود عدوى فى القناة المهبلية ويخشى الطبيب انتقالها إلى الجنين حال تمت الولادة الطبيعية، كالإصابة بعدوى الهربس التناسلى، لذلك يتم اللجوء إلى الولادة القيصرية، حرصًا على سلامة الأم والجنين.
واستكمل قطاع الصحة الإنجابية فى تقريره بأن هناك حالات تتسم بضيق مساحة الحوض وعدم وجود تجانس بين قياسات حوض الأم ورأس الجنين يجعل الطفل يخرج بسهولة تامة إلى الحوض، لذلك يتم اللجوء إلى الولادة القيصرية، كما أن وضعية المشيمة عندما تكون ساقطة فى الجزء السفلى من الرحم تعوق نزول رأس الجنين.
وهناك حالة أخرى، حسب التقرير، يتم اللجوء حتميًا فيها للولادة القيصرية وهى إصابة الأم بالسكر أو سكر الحمل، كما أن الرضاعة الطبيعية هى الغذاء الأفضل لحديثى الولادة، ويجب البدء فى الرضاعة الطبيعية خلال الساعة الأولى من الولادة، ليستفيد الطفل من لبن السرسوب الذى يمنحه المناعة.
وعن مواصفات الرضاعة الطبيعية الناجحة، أفاد التقرير أنها تتلخص فى النوم الهادئ بعد الرضاعة وزيادة وزن الطفل بشكل طبيعى، وهى مهمة للأم أيضًا، وتساعد على انقباض الرحم وتقليل النزيف بعد الولادة، وتوفير المال والجهد، كما تعمل على تقليل خطر الإصابة بسرطان الثدى أو الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة.