الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

اقتصاد

في ورقة مقدمة لمجلس الوزراء| أبوبكر الديب يكتب: رؤية لتنمية تحويلات المصريين بالخارج

الديب
الديب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في ورقة مقدمة لمجلس الوزراء

أبوبكر الديب: رؤية لتنمية تحويلات المصريين بالخارج

- نحتاج لمدخلات تتعدى 190 مليار دولار لسد الفجوة الدولارية بالبلاد

- لدينا حوالي 14 مليون مصري بالخارج بينهم نسبة غير قليلة من رجال الأعمال

- مصر تحتل المركز الخامس عالميًا من حيث حجم التحويلات من الخارج.. بعد الهند والمكسيك والصين والفلبين

- تحويلات العاملين في الخارج تمثل 7% من إجمالي الناتج المحلي مما يعكس دورهم في دعم الاقتصاد الوطنى

- عدة أسباب وراء انخفاض تحويلات المصريين في الخارج.. أهمها: زيادة الفجوة بين سعر الصرف الرسمي والسوق الموازية

- افتتاح فروع لبنوك مصرية يسهم في زيادة حجم التحويلات المصرفية للمصريين العاملين بالخارج 10 مليارات دولار سنويًا

- يمكن لمصر أن تجني نحو 5 % من عائدات التجارة الخارجية التي تذهب حاليًا لبنوك أجنبية كرسوم للمعاملات البنكية

 

قبل حوالي 4 أسابيع تشرفت بتلقي دعوة كريمة من منتدي السياسات العامة التابع لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، بشأن المشاركة في أفكار وأطروحات تعزيز تحويلات العاملين المصريين بالخارج، وأن أشارك في ورش عمل بمقر المركز بالعاصمة الإدارية الجديدة، وتقديم ورقة بحثية حول رؤيتي.

رحبت طبعا بالفكرة، لشوقي لخدمة بلدي الحبيبة مصر، والمساعدة في تنمية واحد من أهم مصادر العملات الصعبة بالبلاد، وقدمت رؤيتي مكتوبة للمنتدي، ونظرا للإفادة العامة أحببت أن أشارككم فيها، بنشرها بشكل مختصر وهي كالأتي: 

تعاني الدولة المصرية من فجوة دولارية كبيرة، تؤثر في خططها التنموية، وهذه الفجوة لن تختفي إلا بوصول المدخلات الدولارية  لمصر الي مستوي يفوق الـ 190 مليار دولار، بمعدل 70 مليار دولار سنويا حتي عام 2026، من خلال زيادة الصادرات عن 20%، والاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 10% ومتحصلات قناة السويس 10% وخدمات التعهيد والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات 10% سنويا.

وذلك بواقع 88 مليار دولار صادرات سلعية، و20 مليار دولار من قطاع السياحة، 45 مليار دولار تحويلات المصريين بالخارج، و13 مليار دولار استثمار أجنبي مباشر، و17 مليار دولار إيرادات قناة السويس و9 مليارات دولار لخدمات التعهيد.

وفي هذه السطور سنركز علي تحويلات المصريين في الخارج، والذين يصل عددهم حسب تقديرات رسمية إلى 14 مليون مصري، منهم نسبة كبيرة من رجال الأعمال في مجالات الطاقة والتصدير والاستيراد، والصيدلة.

وتحتل مصر المركز الخامس عالميا من حيث حجم التحويلات المالية المرسلة لها من الخارج، بعد الهند والمكسيك والصين والفلبين، وقبل باكستان، وتمثل تحويلات المصريين في الخارج 7% من إجمالي الناتج المحلي، ما يعني الدور الكبير الذى يقوم به المصريون بالخارج ودعمهم للاقتصاد الوطنى ومساندة الدولة فهم مورد مهم للنقد الأجنبى فى مصر ويقومون ويمكن الاستعانة بهم في الترويج لجذب الاستثمارات الأجنبية وللسياحة والآثار المصرية إقليميا وعربيا وأفريقيا وعالميا.

وعلى مدار السنوات الماضية، مرت تدفقات تحويلات المصريين بالخارج بفترات مختلفة عاكسة التطورات الجيوسياسية والاقتصادية والعالمية حيث بلغت قيمة التحويلات خلال العام المالي 2010 - 2011 أقل معدلاتها بقيمة 12.6 مليار دولار، وتحسنت خلال فترة 2011 - 2012 لتسجل 18 مليار دولار.

وفي عام 2014 - 2015 وبالتحديد مع إعلان برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري بلغت هذه التحويلات 19.3 مليار دولار، فيما بلغت التحويلات في 2016 – 2017، نحو 21.8 مليار دولار، وذلك عقب قرار الحكومة المصرية تعويم الجنيه أمام الدولار في نهاية عام 2016، والذي أدى لانخفاض قيمة الجنيه بنسبة 78%

وواصلت تحويلات العاملين بالخارج الارتفاع عقب قرار التعويم وتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي لتصل إلى مستويات 25.2 مليار دولار في 2018 - 2019، وسجلت أعلى مستوى تاريخي لها في عام 2021 - 2022 بنحو 31.9 مليار دولار ثم تراجعت تحويلات العاملين في الخارج بنحو 26 %  في الفترة بين يوليو 2022 إلى مارس 2023.

فحسب بيانات البنك المركزي المصري عن أداء ميزان المدفوعات، فإن تحويلات المصريين بالخارج انخفضت إلى حوالي 17.5 مليار دولار في الفترة ما بين يوليو ومارس من العام المالي الجاري، مقابل نحو 23.6 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي.

وترجع أسباب انخفاض تحويلات المصريين في الخارج الي عدة أسباب، أهمها: زيادة الفجوة بين سعر الصرف الرسمي والسوق الموازية بمصر، ونشاط تجارة العملة في السوق الموازية، وانتشار كبير لتجار العملة الذين استطاعوا تكوين شبكات واسعة في دول الخليج خارج الإطار الرسمي، ما جعل كثير من العاملين في الخارج يحجمون عن عمليات التحويل في القنوات الرسمية، فضلا عن ارتفاع التضخم في الدول التي يعمل بها المصريون، لتراجع معدلات النشاط الاقتصادي في البلدان المرسلة للتحويلات، الأمر الذي يحد من فرص العمل والتشغيل بتلك البلدان.

وفي هذه الإطار، نطالب في خلق آليات اقتصادية وتمويلية جديدة لتحفيز التحويلات وزيادتها، ومن ذلك إصدار سندات تستهدف المصريين في الخارج وإعفاء تحويلات المصريين في الخارج من أي ضرائب أو رسوم على عمليات التحويل بما يسهم في خفض كلفة التحويل وحل مشكلة ازدواجية سعر الصرف البنكي والموازي، لكننا نركز هنا علي ضرورة فتح فروع للبنوك الوطنية المصرية في الخارج وخاصة في الدول التي يتواجد فيها المصريون بكثرة مثل دول الخليج العربي وعلي رأسها المملكة العربية السعودية من أجل تشجيع المصريين بالخارج على تحويل العملات الأجنبية لمصر، والاستثمار فيها، وتقليل الطلب على العملة الأجنبية، من خلال التعامل بالجنيه في التعاملات الدولية ما أمكن.

وفي رأيي؛ فإن افتتاح فروع لبنوك مصرية يساهم في زيادة حجم التحويلات المصرفية للمصريين العاملين بالخارج 10 مليارات دولار سنويا فضلا عن تسهيل المبادلات وحركة انتقال رؤوس الأموال بين مصر والدول المستهدفة، واستقطاب أموال العاملين بالخارج وضمان تحويل الأموال بالعملة الصعبة إلى الداخل عبر القنوات الرسمية، وتسهيل حركة التجارة والتصدير والاستيراد مع دول الخليج وتطوير المبادلات التجارية.

وهذا الانفتاح على الأسواق الخارجية سيجعل البنوك المصرية تعزز قدراتها التنافسية وتقديم خدمات في مستوى جودة البنوك الأجنبية، وفقا للمعايير العالمية وكذا الاطلاع على التقارير المالية للشركات العاملة في كثير من الدول.

كما أن لهذه الخطوة فوائد أخري، حيث يمكن لمصر أن تجني نحو 5 % من عائدات التجارة الخارجية، والتي تذهب حاليا لبنوك أجنبية كرسوم للمعاملات البنكية، والتأمين وتسريع وتيرة الدفع والتحصيل المالي للمصدرين المصريين.

كما تسهل عملية تسلم العملاء السلع والبضائع التي يستوردونها من مصر فضلا عن انخفاض المنازعات المالية والتجارية مع دول العالم وجذب الاستثمارات الأجنبية.

ويتوقف نجاح البنوك على مدى قدراتها التنافسية في الأسواق الخارجية والبيئات التي ستوجد بها، ومن خلال حزمة الخدمات التي تقدمها، والأهداف التي تحددها في خطتها التشغيلية.

ويمكن طرح شهادات بالعملات الخليجية أو اليورو علي غرار شهادات الدولار الإدخارية، كذلك يمكن طرح اكتتابات عامة للمصريين بالخارج، في المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، عبر التعاون بين البورصة وفروع البنوك في الخارج.

وحتي لا تفشل التجربة، لابد أن تعلم هذه البنوك، أنها ستواجه صعوبات وتجارب جديدة في بيئة مالية جديدة وشديدة التنافس، يتطلب منها التكيف مع تحديات الأسواق التي تعمل فيها ما يجعلها في حاجة شديدة لتحسين خدماتها وتطوير أنظمتها.

ويجب تقديم امتيازات للعاملين بالخارج لجذب أموالهم للمصارف الرسمية من خلال خفض تكلفة تحويلاتهم إلى أقل من 3% لكل معاملة، وتحسين إمكانية فتح الحسابات المصرفية.

وفي هذا الصدد، نحتاج لتطوير عمل البنوك من الأساس لكي تكون مؤهلة للوجود في الخارج، لأنها اعتادت العمل ضمن عباءة الدولة، كضامن لها ولا تسعي كثيرا لتحقيق الأرباح من المخاطرة في تقديم القرض للمستثمرين والشركات والاقتراض من السوق النقدي، وإنما من العمولات الناجمة عن الخدمات البنكية والتعاملات التجارية.

هذا الأمر يحتاج إلى تشريعات قانونية لتعمل البنوك بعيدا عن الطريقة الكلاسيكية الحالية، مع ابتكار أدوات ادخارية واستثمارية جديدة، فالعمل في الخارج فيه منافسة شرسة ويتطلب التكيف مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي الجديد.

ونحن في أشد الحاجة لمواكبة التطورات المصرفية لزيادة حجم التحويلات من الخارج ضمن النمو المتوقع لها عالميا في المستقبل، حيث كشف تقرير للبنك الدولي، أنه من المتوقع أن تسجل  تدفقات التحويلات إلى 840 مليار دولار في العام الجاري، ثم إلى 858 في العام المقبل.

ليرتفع بذلك معدل النمو في هذا الصدد إلى 2 ٪ في عام 2024، مما يزيد التدفقات الداخلة للبلدان بمقدار 18 مليار دولار يجب ان يكون لمصر حصة كبيرة فيها بالنظر الي العدد الكبير من المصريين بالخارج.