الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

رئيس مؤسسة إسلام فرنسا: فلسطين تُعاني من الحديد والنار.. يجب امتصاص غضب الشباب تجاه ما يحدث في غزة..طاولة المفاوضات الطريق الوحيد لحل القضية الفلسطينية

الدكتور غالب بن الشيخ،
الدكتور غالب بن الشيخ، رئيس مؤسسة إسلام فرنسا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أجرت الكاتبة الصحفية والإعلامية داليا عبد الرحيم، رئيس تحرير «البوابة نيوز»، ومساعد رئيس قطاع الأخبار بالشركة المتحدة لملف الإسلام السياسي، ومقدمة برنامج «الضفة الأخرى» على قناة القاهرة الإخبارية، لقاءً حصريًا مع الدكتور غالب بن الشيخ، رئيس مؤسسة إسلام فرنسا، ضمن سلسلة حوارات حصرية من العاصمة الفرنسية، وتم تصويرها من قلب العاصمة الفرنسية باريس للحديث عن قضايا عديدة وشائكة من بينها القضية الفلسطينية.

إلى نص الحوار..

ما تعليقك كمواطن عربي على ما يحدث في غزة منذ السابع من أكتوبر؟

فلسطين تُعاني من الحديد والنار الذي يسقط يوميًا على المدنيين العزل، وهذا الأمر مؤسف، ومؤسسة إسلام فرنسا تأسف لسقوط كل الضحايا الأبرياء من كل الجهات، وتدعو مؤسسة إسلام فرنسا مع أصحاب النوايا الحسنة وأصحاب الإرادة الطيبة إلى احترام القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة للخروج من هذا الكابوس بسلام لصالح شعوب المنطقة، وهذا لن يتحقق إلا بالعدالة، لأن السلام غير المبني على العدل لن يستمر.

إن مؤسسة إسلام فرنسا مستقلة عن الحكومة الفرنسية، وتعمل في الصالح العالم، وهناك تمثيل للدولة الفرنسية في المؤسسة مثل باقي المؤسسات التي تعمل في الصالح العام، وتنشط مؤسسة إسلام فرنسا في الحقل التربوي والثقافي والعلمي والعمل الخيري والإنساني، ولا تهتم بالشعائر والمناسك الدينية البحتة، حيث تعمل المؤسسة في المجال الحضاري، خاصة وأن الحضارة الإسلامية كانت إمبراطورية وشهدت مباني كبرى ما زالت مستمرة حتى الآن.


ما رأيك في وجهة النظر التي ترى أن سياسة فرنسا تختلف الآن عن السابق تجاه القضية الفلسطينية؟

السياسة الفرنسية للحكومات المتتالية تُوصف بالمتزنة، حيث كانت هذه الحكومات تطالب دائمًا بحل الدولتين، والبعض يتحدث عن أن السياسة الفرنسية الآن تميل كل الميل لإسرائيل، من خلال الحديث عن أن تل أبيب تمتلك الحق في الدفاع عن نفسها، وأدت الفظائع التي ارتكبت في قطاع غزة لخروج تصريحات من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمطالبة بوقف إطلاق النار، وحل الدولتين بناءً على قرارات الشرعية الدولية، وتسعى الدبلوماسية الفرنسية لتحقيق هذا الأمر.

ويعني مصطلح الإسلاموفوبيا وجود مشاعر من الضغينة والكراهية للمسلمين، وهذا المصطلح غير معترف به في فرنسا أو الاتحاد الأوروبي، ولكن الولايات المتحدة وكندا وشمال أمريكيا والأمم المتحدة تعترف به، حيث أن هناك يوم 15 مارس مخصص من أجل مكافحة الإسلاموفوبيا، وتعاني الشريحة الإسلامية في المجتمع الفرنسي الأمرين من مظاهر الكراهية، وفي بعض الأحيان من العدوان الجسدي، ناهيك عن بعض المظاهر للنيل من كرامة أو دور العبادة أو كل ما يتعلق بالإسلام والمسلمين.


هل لديكم في مؤسسة إسلام فرنسا جهود لمكافحة الإرهاب وظاهرة الإسلاموفوبيا؟

الإجابة على هذا السؤال تتطلب محاضرة خاصة للحديث عن دور المؤسسة في مكافحة الإرهاب، وهناك قوانين عدة لمكافحة الإرهاب في فرنسا، والمواطنين المسلمين في فرنسا وجدوا أنفسهم بين فكي كماشة، حيث يعانوا من خطاب ظلامي ومن تصرفات بعض المتطرفين الذين يتذرعون بالدفاع عن الدين بمفهوم ضيق لا حضاري، ويعطون صورة لا مثالية عن الدين الإسلامي الذي قام ببناء حضارة كبيرة خلال القرون الماضية، ومن جهة أخرى هناك تنامي للفكر اليميني المتطرف. 

وقامت الحكومة الفرنسية بسن قوانين ضد الإرهاب، وشهدت باريس في العقود الأخيرة بعض الهجمات من بعض المتطرفين من خلال التطرق إلى الأبرياء العُزل، وهذا نوع من الإجرام والإرهاب، وهناك بعض المواطنين المسلمين الذي يسمعون ما يسوق لهم من أنهم في مجتمع إباحي كافر، لا يؤمن بتعاليم الدين الإسلامي الصحيح، وعليهم الانكماش والانفصال عن هذا المجتمع، في انتظار الهجرة إلى مكان آخر يطبق القوانين الإسلامية على حسب مفهومهم. 

وتعمل مؤسسة إسلام فرنسا في مجال التربية والثقافة من خلال إعطاء المنح للدراسات الإسلامية، وإعانة من يحتاج أن يستثمر شبابه في السعي وراء طلب العلم والمعرفة، وتهتم المؤسسة بصورة كبيرة بالتربية والتكوين. 

هل مؤسسة إسلام فرنسا تُطبق برامج لإدماج المواطن المسلم داخل المجتمع الأوروبي بالتعاون مع الحكومة الفرنسية؟

المواطن الفرنسي الذي ينحدر من سلالة عربية ويدين بالإسلام حتى الجيل الرابع والخامس ليس في حاجة إلى الاندماج فهو مواطن قادر على التكيف مع المجتمع، وهناك عائلات مسلمة منذ نهاية القرن التاسع عشر في فرنسا، وعلى حديثي العهد في فرنسا من السلالة العربية ويدينون بالإسلام أن يحترموا القوانين الفرنسية، لأن احترام القانون مبدأ حضاري، كما عليهم أن يحترموا الأعراف، وأن يقوموا بواجباتهم إذا كانوا حصلوا على الجنسية الفرنسية، وإذا لم يحصلوا على الجنسية فمن باب حسن المعاملة عليهم احترام القوانين والسيكولوجية العامة للمجتمع الذي يعيشون فيه، ولا تتعارض القوانين في فرنسا مع حرية التدين أو ممارسة الشعائر الدينية مهما كان المعتقد، وحدوث بعض المضايقات ناتجة عن أن السيكولوجية العامة في باريس تشهد تنامي في اليمين المتطرف. 


ما تقييمك لدور منظمات المجتمع المدني في فرنسا ازاء ما يحدث من مجازر في قطاع غزة؟

هناك مظاهرات في باريس تطالب بوقف إطلاق النار، وفتح المعابر لإدخال المساعدات لقطاع غزة، وهذا مطلب إنساني، والجمعيات الخيرية التي تعمل في المجال الإنساني تُطالب بهذا الأمر في إطار تحقيق القانون، والشرطة توافق على تنظيم المظاهرات في فرنسا الداعمة لقطاع غزة طالما لا تخل بالأمن العام، والمظاهرات الموجودة في فرنسا لا تحتوي على أي عنف أو شعارات معادية للسامية، ولذلك تنظيم المظاهرات مستمر وساري المفعول.

يجب وقف إطلاق النار في غزة في أسرع وقت، للخروج من هذا الكابوس من خلال الرجوع إلى طاولة المفاوضات وإلى حل سياسي يُطالب به منذ فترة طويلة، وتطبيق قرارات الأمم المتحدة. 

كيف تحتوي مؤسسة إسلام فرنسا الشباب المسلم لكي لا يكون فريسة للجماعات المتطرفة استغلالًا لما يحدث في غزة؟

عُشر سكان فرنسا يقال أنهم يدينون بالإسلام، وهذا الأمر له أهمية كبيرة، وعدد سكان المسلمين في باريس لا يتماشى مع الدور السياسي، ليس من أجل القيام بأي ضغط، ولكن من أجل الاعتراف بحقوق المواطنين الفرنسيين المسلمين، وتعمل مؤسسة إسلام فرنسا على توعية الشباب، وامتصاص واحتواء الشباب في فرنسا، حيث تتحدث المؤسسة بأن التضامن مع المظلومين لا يعني ظلم الآخر، وتريد المؤسسة أن تُعطي دورسًا في الأخلاق، وكيف يكون الشباب المسلم فوق العنف، وهذا لن يحدث إلا من خلال تحسين فكر الشباب المسلم، عن طريق المعرفة الوجيهة والحقيقية للتراث الإسلامي العربي، وخاصة النزعة الإنسانية، لكي يتشبع المواطن المسلم الفرنسي بعصر التنوير.

ما هو الخطاب الذي من الممكن توجيهه للمسلمين في فرنسا في ظل الإحساس بالعجز مما يحدث في فلسطين؟

الشباب المسلم قد يكون مندفعا ويريد أن يتصرف بحماس تجاه ما يحدث في قطاع غزة، ولهذا يجب أن نوجه الشباب ونمتص غضبه، من خلال التوجيه والعمل بما يسمح به القانون، وليس علينا أن نستورد النزاعات من خارج فرنسا، وهذا لا يعني أننا لا نطالب بالحق للذين يعانون الأمرين من الظلم والهوان والخذلان والموت ببشاعة في فلسطين”.


ما هو تقييمك لتجربة مصر في مواجهة التطرف والإرهاب؟.. وما أوجه الاستفادة من هذه التجربة؟ 

دائمًا ما أكون سعيدًا عندما أزور مصر لأنها أم الدينا، وأستفيد بصورة كبيرة عندما ألتقي العلماء والمفكرين في مصر، ولدي صداقة حميمة مع مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام، كما لدي الكثير من المحبة للإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وسفراء مصر المتتاليين في فرنسا أصدقاء لي ، والمؤتمرات والملتقيات التي أشارك فيها في مصر تُعطي لي العبرة والأسوة التي يجب أن أتأسى بها.

وتعتبر الخبرة المصرية في محاربة التطرف نموذجًا يستحق الدراسة في إطار القوانين  والثقافة الفرنسية لكي يتم تطبيق هذه الدراسة على الجماعات الظلامية التي تتذرع بالدفاع عن الإسلام، وهي للأسف الشديد تضر به أكثر مما تنفعه.