الخميس 19 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

سياسة

تبدأ اليوم وحتى 10 ديسمبر المقبل.. حملة أممية لمناهضة العنف ضد المرأة

نساء في داعش
نساء في داعش
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تتزايد فرص تعرض المرأة للعنف مع انخفاض نسبة الاستقرار الأمني في أي دولة حول العالم، وخاصة في الأزمات وأوقات الحروب والصراعات، وأيضا في حالات انخفاض الوعي بدور ومكانة المرأة، ومع توارث العديد من التقاليد المحلية التي تزيد من فرض القيود عليها، لذا تأتي مناسبة الأمم المتحدة بمناهضة كل أشكال العنف حول العالم لمدة ١٦ يومًا بداية اليوم السبت وحتى ١٠ ديسمبر المقبل، مع اختيار اللون البرتقالي لونًا مميزا لهذه الحملة الأممية لمواجهة العنف ضد المرأة.
يعتبر التطرف والإرهاب أحد أهم العوامل المؤدية لإيذاء المرأة وتشويه دورها وعقلها ومكانتها، فمع تصاعد عنف وسيطرة الجماعات الإرهابية والمتطرفة في عدة بلاد بالمنطقة العربية، خاصة في العقد الأخير، عانت المرأة طويلا من ويلات التطرف والإرهاب، وجرى استغلالها مع أطفالها لخدمة التنظيمات الإرهابية، كما جرى إخضاعها للمزيد من السلوكيات العدوانية التي تمارسها تلك التنظيمات.

داعش استغل النساء فى أعماله الإرهابية.. وارتكب «إبادة جماعية» بحق الإيزيديات

في سوريا مثلا، وبعد القضاء على السيطرة المكانية لتنظيم داعش الإرهابي، ووقوع قياداته إما قتلى في المعارك أو معتقلين في يد قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن، التي تتحفظ على آلاف المقاتلين الذين ينتمون إلى التنظيم الإرهابي في عدة سجون أشهرها سجن المدرسة الصناعية في منطقة غويران بالحسكة، حيث نفذ عليه التنظيم الإرهابي أكبر هجوم بهدف تهريب عناصره المعتقلة لكنه فشل أمام تصدى "قسد" لها في يناير من العام ٢٠٢٢. 
أما عوائل التنظيم الإرهابي البالغة بالآلاف، المكونة من النساء والأطفال، فقد جرى احتجازها في مخيمات شمال وشرق سوريا تحت حماية قوات الأمن الداخلي لمنطقة الإدارة الذاتية للأكراد، ويظل مخيم الهول السوري أشهر المخيمات وأكبرها، ويتم وصفه دائما بالقنبلة الموقوتة لأنه يضم العديد من النساء الذين وقعن تحت تأثير التنظيم الإرهابي وآمن بأفكاره المتطرفة ويعملن على جذب المقاتلين والأموال للتنظيم عبر شبكات الإنترنت.
واستطاع تنظيم داعش الإرهابي الاستفادة الكبرى من النساء على كافة المستويات، فالبعض منهن عمل بشكل دؤوب على تجنيد الشباب والفتيات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث لاحظ مراقبون انتشار واسع لعدد من الحسابات التي تحمل أسماء وهمية تنشط في سرد الحكايات البطولية لأعضاء التنظيم الإرهابي في كل من سوريا والعراق وخاصة في الفترة التي سيطر فيها التنظيم على مساحات ومدن كبيرة، ولعبت هذه الحسابات على تزيين الهجرة إلى ما عرفت بدولة الخلافة.
وعلى الرغم من أن التنظيم الإرهابي قد شجع النساء على الهجرة إلى دولته المزعومة، لكنه بعد سقوطه وتلقيه عدة هزائم متكررة فضل أن تبقى النساء المتعاطفة معه في مجتمعاتها ولا يسافرن إليه، ويعملن في الوقت نفسه على تجنيد الشباب وجمع التبرعات وتربية أجيال الخلافة القادمة.
أما النساء اللائي فلم يخضعن للتنظيم الإرهابي فقد جرى التنكيل بهن، وتنفيذ العديد من الجرائم بحقهن، ففي العراق مثلا ارتكب تنظيم داعش بحق النساء الإيزيديات جرائم كبرى تعد "إبادة جماعية"، ولذلك اتجهت الحكومة البريطانية إلى تصنيف الممارسات التي ارتكبها التنظيم الإرهابي بحق الإيزيديين بأنها أعمال تمثل "إبادة جماعية".
ووفقا لبيان صادر عن وزارة الخارجية البريطانية، في أغسطس الماضي، فإن موقف المملكة المتحدة كان دائما هو أن تحديد ما إن كانت قد وقعت جرائم إبادة جماعية تقرره محكمة مختصة، وليس حكومات أو أجهزة غير قضائية.
وقد تحدد ذلك في أعقاب حكم أصدرته المحكمة الفدرالية الألمانية في وقت سابق من السنة الحالية حين أدانت أحد المقاتلين السابقين في صفوف داعش بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية في العراق؛ مشيرا إلى أن الإيزيديين عانوا معاناة هائلة على أيدي داعش قبل تسع سنوات، وما زلنا نلمس تداعيات أفعاله حتى اليوم. لذا فإن تحقيق العدالة والمساءلة ضروري لمن دُمِّرت حياتهم.

الأمم المتحدة اختارت اللون البرتقالي لونا مميزا لحملة مناهضة العنف ضد المرأة

بالعودة إلى تلك الفترة الزمنية التي سيطر فيها التنظيم الإرهابي على مناطق واسعة في العراق وسوريا، ارتكب التنظيم العديد من الممارسات القاسية ضد المرأة، ولقد لفت الدكتور كمال ديب مؤلف كتاب "تاريخ سوريا المعاصر" إلى العديد منها، حيث فرض المسلحون نظامًا صارمًا على المناطق التي سيطروا عليها فمنعوا النساء من قيادة السيارات وتحرشوا باللواتي لا يرتدين الزي الإسلامي، حيث تعرضت النساء والفتيات للبيع وللزواج القسري وللبغاء المؤقت.
ونقل "ديب" عن بعض الصحف أن جمعية من بلد عربية تعمل في مجال دعم اللاجئين سهلت دخول رجال إلى المخيمات لاصطياد الفتيات، كما أنها تبنت تزويج السوريات من رجال مسلمين، خاصة أن هذه الجمعية ترفع شعارًا إسلاميًا. وهو ما يشير إلى عملية تزويج القاصرات.
ووثقت "هايدي دي باو" المديرة العامة لجمعية "تشايلد فوكوس" التي زارت مخيم الهول ثلاث مرات خلال عامين (٢٠٢٠- ٢٠٢١) ففي شهادتها التي نشرتها "فرانس ٢٤" قالت إنها لاحظت في مخيم الهول الواقع شمال شرق سوريا والواقع تحت سيطرة الأكراد، أن نساء داعش يقمن بالتواصل مع أعداد كبيرة من المتعاطفين مع "تنظيم الدولة" بهدف التجنيد أو الحض على ارتكاب عمليات متنوعة في بلادهم.
ولاحظت أيضا أن داعش تولي اهتمامًا كبيرًا لإنجاب الأطفال حيث تقوم داعش بتزويج المراهقات والفتيات في سن مبكرة بهدف إنجاب الأطفال. كما أن النساء يقتربن من رجال عراقيين وسوريين وأيضا من الحرس الأكراد وعاملين في منظمات غير حكومية لغوايتهن، في صورة أشبه بممارسة الدعارة بهدف الحصول على أطفال.
أما عن الخدمات فتقول المديرة "دي باو": لا يوجد مكان مناسب للأطفال. لا توجد مدارس ولا طعام كاف أو مياه صالحة للشرب. والجو حار جدا في الصيف وبارد جدا في الشتاء ولا تحصل كل أسرة على خيمتها الخاصة". وبالطبع، فإن هذه الأماكن غير الصالحة لتنشئة الأطفال ستكون هي الأماكن الملائمة جدا لتنشئة أجيال داعش، وذلك لضمان خروج أجيال ممتلئة بالحقد والغضب تجاه مجتمعات أخرى تعيش في حياة أفضل، ومن المقرر أن يصبحوا مجموعات تهدد حياة الآمنين وخاصة في مجتمعاتهم المحلية والقريبة منهم.
وفي كلمة قالها الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال فعاليات مؤتمر إطلاق وثيقة حقوق الإنسان (سبتمبر ٢٠٢١)، أشار إلى نوع من الممارسات بحق الفتيات الصغار المحتجزات في مخيمات تحت ظروف صعبة، وقال الرئيس السيسي: إن الشعوب في العام ٢٠١١ تحركت وفق خطط تنظر لمستقبل البلاد، لكنها كانت خطط لا تتوافق مع واقع المجتمعات، فكانت النتيجة تهدم البلاد.
والآن أتساءل إلى أين وصلت هذه الشعوب؟ وماذا كان مصيرها؟ إحدى هذه الدول أصبح لها ١٦ مليون لاجئ، منهم ٢ مليون في الأردن، ٢ مليون في لبنان، ومثلهم في تركيا، وبالداخل معسكرات لاجئين لـ١٠ ملايين إنسان. وعن الممارسات العنيفة ضد المرأة، والتي تطرق إليها الرئيس قائلا، أذكر لكم قصة عن أحد معسكرات اللاجئين، ففيه يتم تزويج الأطفال بهدف إنجاب المزيد من الأطفال لتجنيدهم فيما بعد وتحويلهم لأدوات للقتل والتدمير.
وختاما، فإن المرأة في منطقة الشرق الأوسط، وبسبب الانفلات الأمني وتصاعد وتيرة العمليات الإرهابية في بعض البلدان، وأيضا زحف الجماعات المتطرفة للسيطرة على مساحات واسع من المدن والمحافظات، أدى لتعرض المرأة للمزيد من القمع والعنف والممارسات الإجرامية.

شعار بموقع منظمة الأمم المتحدة