بلا شك أن الحرب الدائرة حالياُ في قطاع عزة ولها تداعيات خطيرة على الأمن القومي العربي، هي الحرب الإسرائيلية الأمريكية علي شعب غزة بفلسطين، وهم حوالي ٢ ونصف مليون نسمة، تم قتل ما يقارب ٢٠ ألف شهيد منهم، وإصابة أكثر من ٤٠ ألف مواطن فلسطيني من غزة، نصفهم وفق الإحصائيات الرسمية من الأطفال، فضلا عن تدمير البنية التحتية والمنازل والبيوت والعمارات والمدارس والمستشفيات والأسواق والجوامع والكنائس، والعالم يتفرج وكأنها فيلم إجنبي إنتاج هوليود، ثم يخلدون بعدها إلى النوم الهادئ وكأن شيئا لم يكن، بالرغم من انتهاكات إسرائيل وأمريكا لكل الأعراف والقوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة وحقوق الإنسان!
لكن على الوجه الآخر نرى خسائر كبيرة في الجانب الإسرائيلي الأكثر قوة وعتادًا وأسلحة وجيشًا بالطبع من جماعة حماس في المقابل، إلا أنه كم من فئة قليلة غلبت فئة كبيرة، وحتي بعد مرور ما يقارب اليوم الخمسين من بداية الحرب في ٧ أكتوبر الماضي حتي الآن، نجد أن الخسائر الإسرائيلية كثيرة، وأيضا أمريكا الشريك الاستراتيجي للكيان الصهيونى، الغائب الحاضر دوما في أي نزاع مع إسرائيل! فهي وإسرائيل وجهان لعملة واحدة وهي الغطرسة والبلطجة وعدم مراعاة حقوق الإنسان دوما!
وإذا نظرنا إلى دولة إسرائيل المحتلة الغاصبة لأراضي فلسطين فنجد أن هناك خسائر بالجملة فى الاقتصاد الإسرائيلي منذ اليوم الأول لطوفان الأقصى، حيث شهدت المؤشرات الاقتصادية على كافة المستويات تراجع كبير كان أولها هبوط حاد فى الأسهم بالبورصة الإسرائيلية، قدر بحوالى مليار دولار!
تلاها انخفص حاد وغير مسبوق في العملة المحلية الإسرائيلية وهي "الشيكل" حيث بلغ أدنى مستوى له منذ 2015 كما شهدت الأسواق انخفاضات حاده بعد عملية 6 اكتوبر!!
بالإضافة إلى الأزمة الكبرى والتي سوف تلقى بظلالها على المدى القصير والطويل على سوق العمل فى إسرائيل، ألا وهى استدعاء الاحتياط من الشباب الإسرائيلي والذى يقدر بحوالي 350 ألف جندى 99% منهم يعملون فى مهن حيوية وهامة مما يؤدي إلى إصابة النشاط الاقتصادي بالجنوب بالشلل التام، وهو ما يجعلهم يستنزفون أموالا طائلة مقابل هذا التحرك والتدريب والاستعداد، حتي بلغ الإنفاق اليومي ما يقارب الـ٢٠٠ مليون دولار، حيث وصفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في إحدى تقريرها عن تداعيات الحرب واصفة الاقتصاد الإسرائيلي بالمترنح نتيجة زيادة الإنفاق العسكري مع استمرار توجيه الضربات الجوية لقطاع غزة.
في حين كانت إسرائيل تنتظر التصنيف الائتماني تحصل فيه على تقييم إيجابي يعزز من زيادة الاستثمارات الأجنبية فى قطاع السياحة، ولكن ما حدث في 7 أكتوبر وجه ضربة قاسية له، حيث تراجعت نسبة الإقبال على الفنادق السياحية في تل أبيب بنسبة 60%.
وحذرت وكالة موديز العالمية من مخاطر استمرار التوتر العسكري عليها، وأكدت أنه سوف يكون له عواقب وخيمة على المدى الطويل على الاقتصاد الإسرائيلي.
وفى تقرير صادر عن «هبوعليم» وهو أحد اكبر بنوك إسرائيل، أن خسائر إسرائيل من هجمات حماس بلغت على أقل تقدير 15%من الناتج المحلي الإجمالي أى 27 مليار شيكل، وهو ما يعادل 6.8 مليار دولار، وأوضح البنك أن هذا سوف يؤدى إلى زيادة العجز بما لا يقل عن 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي في العام القادم لتصبح خسائر إسرائيل هى الأعلى منذ حرب أكتوبر 73.
كما أن صندوق النقد الدولى كان يأمل أن ينخفض الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي بشكل أكبر ويظل أقل من 60%، إلا أن تبعات الضربات العسكرية أطاحت بحلم إسرائيل في الوصول إلى مؤشرات اقتصادية إيجابية تساعدها في مفاوضاتها مع الصندوق، وفى ظل حشد الآلية العسكرية الإسرائيلية لاجتياح قطاع غزة بريا ترتفع معه التكلفة المادية وترى الدوائر الاقتصادية أن الخسائر المحتملة جراء التصعيد الإسرائيلي في غزة سوف يؤدى إلى شلل فى الاقتصاد، بالإضافة إلى استنزاف بورصة تل أبيب، وأوضح أن تكلفة الحرب على غزة تقدر يوميًا بمليار دولار، وأن حجم الخسائر سيعتمد على تطور ساحة الحرب وهل سوف تمتد لجهات أخرى أم لا؟
ورغم كل الدعم الغربى الذى يقدم لإسرائيل خاصةً من المنظمات الصهيونية العالمية والتى تضخ أموالا طائلة الآن لإسرائيل لمساعدتها في حربها على غزة، إلا أن كل المؤشرات تؤكد أنه سوف يظل فترة طويلة يعانى من تداعيات حربه على قطاع غزة. الاقتصاد الإسرائيلي يترنح 6.5 مليار دولار خسائر 7 أكتوبر ومليار دولار يوميا خسائر فى حالة الاجتياح البرى.
ووفقا للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة فقد ارتفع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 14128 شهيدًا بينهم أكثر من 5840 طفلًا و3920 امرأة. كما ارتفع عدد الإصابات جراء العدوان الإسرائيلي إلى 33 ألف إصابة أكثر من 75% منهم من الأطفال والنساء. كما ارتفع عدد المفقودين جراء العدوان الإسرائيلي إلى أكثر من 6800 مفقود بينهم أكثر من 4500 طفل وامرأة.كما أن هناك 205 شهداء من الكوادر الطبية و22 من الدفاع المدني و62 صحفيًا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة.
ورغم إعلان الهدنة الدولية ووقف إطلاق النار بين الطرفين لمدة أربعة أيام، إلا أن إسرائيل لم تحقق الهدف من الحرب، وكان هدفها هو القضاء على حماس بغزة وتحرير الأسري الإسرائيلين، وهو ما لم يتحقق حتي الآن، ومن ثم يمكن أن نقول إن إسرائيل ومن ورائها أمريكا هما الخاسران الأكبر وليس أهل غزة الضعفاء، ولله في خلقه شئون.