بعد ما حققته الجهود المصرية القطرية للتوصل إلى اتفاق على هدنة إنسانية لمدة ٤ أيام، وفقا لما أعلنته حركة حماس فجر الأربعاء الماضى، وهو ما بموجبه سيتم وقف إطلاق النار من الطرفين ووقف كل الأعمال العسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلى فى مناطق قطاع غزة كافة، تتجه الأنظار أيضا إلى الضغوط التى شكلها تحول الرأى العام العالمى حول غزة ونزول الملايين فى الشوارع مطالبة بوقف إطلاق النار.
رصدت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية فى طبعتها الصادرة صباح الثلاثاء الماضى، ملامح تحول الرأى العام الدولى بشأن الصراع الحالى الذى تشهده إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، حيث شهدت شوارع العديد من البلدان تظاهرات مطالبة بوقف العنف.
وأشارت الصحيفة فى تقريرها الذى نشر عبر موقعها الإلكترونى، إلى تغيرات كبيرة فى الرأى العام داخل الولايات المتحدة وأوروبا أثر بشكل كبير على السياسة الوطنية.
وذكرت الصحيفة أن الهجمات التى شنتها حركة حماس والفصائل الفلسطينية على إسرائيل ابتداء من السابع من أكتوبر الماضى "ضمن عملية "طوفان الأقصى"، وردت عليها إسرائيل بحملة عسكرية استمرت لستة أسابيع فى قطاع غزة، أدت إلى انقسام واسع فى آراء الناس، حيث انتشرت الصور المروعة من غزة على نطاق واسع فى وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى فى جميع أنحاء العالم.
مع ذلك، فإن تغير الرأى العام منذ بداية الحرب لم يكن متوقعا أو مباشرا، فمن الولايات المتحدة إلى أوروبا، هناك تحولات ملموسة تأثرت بها السياسات الوطنية، كما أكدت الصحيفة.
ورغم أن الصراع الإسرائيلى الفلسطينى كان قضية مثيرة للانقسام لعقود، إلا أن الردود فى معظم غرب أوروبا كانت مسبقا عابرة للفعل فى الأشهر القليلة التى سبقت السابع من أكتوبر.
أكد أكثر من ثلث الألمان أن الصراع لم يكن ذا أهمية كبيرة بالنسبة لهم، وفى الولايات المتحدة، صرح ٥٥٪ من المشمولين بالاستطلاع الذى أجرى فى شهر مايو بأنهم لا يولون اهتماما كبيرا لهذه القضية.
وعموما، كان الدعم الأمريكى التقليدى لإسرائيل أقوى، فى حين كانت إسبانيا واحدة من الدول الأوروبية التى أظهرت التعاطف مع الفلسطينيين.
ومع ذلك، وقبل السابع من أكتوبر، تباينت الآراء فى الولايات المتحدة بشكل ملحوظ، وكان هناك تغيير ملحوظ مع آفاق سياسية محتملة كبيرة، حيث بدأ الديمقراطيون فى التحرك بشكل ملحوظ نحو قضية الفلسطينيين.
وعلي الرغم من استمرار تفضيل المواطنين الأمريكيين لإسرائيل، فإن استطلاعات الرأى التى أجرتها مؤسسة جالوب فى مارس الماضى أظهرت تغييرا كبيرا بين الديمقراطيين الذين أعطوا تفضيلهم للفلسطينيين للمرة الأولى.
ومنذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس، أظهرت استطلاعات الرأى فى الولايات المتحدة تباينا كبيرا بين الأجيال والتوجهات السياسية فيما يتعلق بالصراع، ولا تزال الفروقات الملحوظة فى التعاطف تستمر بين الديمقراطيين، فحوالى ٢٥٪ من مؤيدى الرئيس جو بايدن يعبرون عن دعمهم لإسرائيل، بينما تصل نسبة الدعم للفلسطينيين إلى نحو ٢٠٪، وفى المقابل، حظيت إسرائيل بتأييد حوالى ٧٦٪ من ناخبى دونالد ترامب.
ووفقا لصحيفة "فاينانشيال تايمز"، يشير هذا التحول إلى تقسيم غير متوقع داخل الحزب الديمقراطى بشأن الشرق الأوسط، وهو أمر يواجهه الرئيس بايدن خلال رحلة إعادة انتخاب صعبة، مما يمكن أن يكون عائقا أمامه فى المقابلة المحتملة مع الرئيس السابق ترامب.
وأشارت الصحيفة إلى أن العامل العمرى يلعب دورا أيضا فى هذا التباين، حيث يظهر الأمر أن الشباب الأمريكيين يدعمون بشكل أكبر وأكثر وضوحا الفلسطينيين على إسرائيل، فيما بينما عبر الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم ٦٥ عاما عن تأييدهم بشكل كبير لإسرائيل بنسبة تصل إلى ٦٥٪، وهى أكثر من ١٠ أضعاف النسبة المئوية التى تدعم فيها الفلسطينيين.
وكشف الاستطلاع أيضا عن انقسام متساوٍ تقريبا حيال ما إذا كان "رد إسرائيل على هجمات حماس كان مفرطا"، حيث وافق ٥٠٪ وعارض ٥٠٪ آخرون هذا الرد، ومع ذلك، بين الديمقراطيين، وجد أن ٦٢٪ كانوا يؤيدون هذه الفكرة بينما كان ٣٠٪ من الجمهوريين يوافقون عليها.
وانتقد من الديمقراطيين التقدميين الذين هم أصغر سنا وأكثر يسارية، بشدة الطريقة التى تعامل بها الرئيس بايدن مع الحرب، معتبرين أن دعمه لرد إسرائيل لم يكن حاسما وكان يجب عليه القيام بجهود أكبر لمنع سقوط ضحايا من الفلسطينيين المدنيين.
وأكدت "فاينانشيال تايمز" أن المملكة المتحدة لديها أنماط مماثلة لتلك الموجودة فى الولايات المتحدة عبر وجهات النظر السياسية والفئات العمرية، ولكن الانقسام بين الأجيال أقل وضوحا.