منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر الماضي وبهد مضي 42 يومًا، جعلت قوات الأحتلال من المستشفيات هدفا للقصف والحصار والاقتحام، بزعم أنها تخفي مراكز قيادة وسيطرة لحركة حماس، لكنها لم تقدم دليلا على ذلك حتى بعد اقتحام مجمع الشفاء الطبي، الأكبر من نوعه في غزة، لكن الفلسطينييون يقولون إن الهدف من وراء ذلك هو القضاء على مقومات الحياة وإجبار السكان على الرحيل.
ووسط هذا المشهد القاسى تصر القوات الإسرائيلية على استهداف المؤسسات الطبية، فبعد مضى ساعات قليلة على قصف المستشفى الميدانى الأردني وإصابة 7 من طاقمه الطبي، وهى الجريمة التي قوبلت بوابل من الإدانات العربية والدولية، دمرت آليات الاحتلال الإسرائيلي 3 أبنية تابعة لمستشفى الشفاء بغزة، وفق وكالة "وفا" الفلسطينية.
كما حاصرت قوات الجيش الإسرائيلي، فجر اليوم الجمعة، مستشفى بمدينة جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة، قبل أن تستجوب عددا من المسعفين فيه، في إجراء مماثل لما يقوم به الجيش في قطاع غزة.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا" أن القوات الإسرائيلية حاصرت مستشفى ابن سينا في مدينة جنين من جميع الجهات.
كما فتشت القوات الإسرائيلية، وفقا لـ"وفا"، مركبات الإسعاف في محيطه، وطالبت عبر مكبرات الصوت بإخلائه، كما أظهر شريط فيديو تداوله رواد مواقع التواصل ونشرته وسائل إعلام فلسطينية.
وأجبرت القوات عددا من المسعفين على إخلاء المستشفى رافعين أيديهم، وقامت بتفتيشهم في ساحة المستشفى، واستجوبت عددا منهم.
بدوره، أكد مدير عام وزارة الصحة في جنين الدكتور وسام صبيحات، "أن قوات الاحتلال حاصرت مستشفى ابن سينا ومنعت مركبات الإسعاف، وحتى الحالات المرضية، من الوصول إليه"، وتقوم بتفتيش سيارات الإسعاف في محيطه، وطالبت عبر مكبرات الصوت بإخلاء المستشفى، فيما أكد الهلال الأحمر الفلسطيني "أن قوات الاحتلال احتجزت طواقمه أمام مستشفى ابن سينا".
وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت مدينة ومخيم جنين من عدة محاور، ما أدى إلى سقوط 3 شهداء ووقوع 9 إصابات واعتقال 7 أشخاص، إضافة إلى تفجير عدد من السيارات.
يأتي هذا بالتزامن مع حملة اعتقالات شنتها قوات الاحتلال بحق أكثر من 1750 فلسطينيا منذ بداية الحرب.
الوضع اليائس.. تفاقم الوضع وإغلاق المستشفيات في غزة
أصدرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الجمعة، تحذيرا جديدا بشأن الوضع اليائس الذي يعيشه الناس في غزة مع عدم كفاية المرافق الطبية العاملة بشكل واضح في "دعم الاحتياجات التي لا نهاية لها" الناجمة عن أكثر من خمسة أسابيع من الأعمال العدائية.
وقال الدكتور ريتشارد بيبركورن، ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة: "ما نعرفه هو أن النظام الصحي يلفظ أنفاسه الأخيرة". وفي حديثه من القدس للصحفيين في جنيف عبر تطبيق زووم، أوضح بيبركورن - وفقا لبيان على موقع الأمم المتحدة الإلكتروني - أن 47 من أصل 72 مركزا للرعاية الصحية الأولية لم تعد تعمل وأن هناك بعض المراكز الأخرى التي تعمل بشكل جزئي فقط، وتوقف ما يقرب من 75 في المائة من المستشفيات (35 إلى 36) عن العمل.
ويأتي هذا التطور بعد أن أبلغت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) عن انقطاع الاتصالات في غزة، يوم أمس الخميس، مع نفاد الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء لدى شركات الاتصالات، لافتة إلى أن الإغلاق يهدد بتعطيل تنسيق قوافل المساعدات الإنسانية.
وأضاف بيبيركورن أنه قبل اندلاع الصراع، كان بإمكان سكان غزة الوصول إلى حوالي 3500 سرير في المستشفيات، واليوم لا يتوفر سوى ما يقدر بنحو 1400 سرير، على الرغم من أن الاحتياجات الفعلية من المرجح أن تكون أقرب إلى 5000 سرير، وفي مدينة غزة، أدت "العمليات البرية النشطة بالإضافة إلى نقص الوقود، إلى وقف حركة فرق الإنقاذ وسيارات الإسعاف في العديد من المناطق".
ولا يزال هناك حوالي 807 آلاف فلسطيني في شمال القطاع، وهو ما يمثل حوالي ثلثي السكان هناك قبل التصعيد الأخير، وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، ومن المرجح أن الثلث الآخر من السكان، حوالي 400 ألف نسمة، قد نزحوا إلى الجنوب.
ويلجأ الآن "مئات الآلاف" ممن بقوا في الشمال إلى المرافق العامة، بما في ذلك المدارس والمستشفيات والعائلات المضيفة.
ومع تزايد الاحتياجات الصحية، قال بيبركورن إن نقص الوقود والمياه والغذاء والإمدادات الطبية جعل من الصعب على المستشفيات والمرافق الصحية التي لا تزال "تعمل جزئيا" مساعدتهم.
وقال: "تشعر منظمة الصحة العالمية بقلق بالغ إزاء انتشار الأمراض مع حلول موسم الأمطار والشتاء. وأن الاكتظاظ في الملاجئ والنقص العام في المياه والصرف الصحي في جميع أنحاء غزة يمكن أن يزيد من خطر انتقال العدوى".
وأضاف نقلا عن بيانات من وزارة الصحة في غزة والأونروا ومنظمة الصحة العالمية، أنه تم تسجيل 71،224 حالة إصابة بالتهابات الجهاز التنفسي الحادة، و44،202 حالة إسهال (22،554 حالة لدى الأطفال دون سن الخامسة)، و808 حالات جدري الماء، وأكثر من 14،195 حالة طفح جلدي و10،952 حالة جرب وقمل.
وفي تطور ذي صلة، حث خبير حقوقي مستقل عينته الأمم المتحدة يوم الجمعة إسرائيل على التوقف عن استخدام المياه كسلاح في الحرب.
وقال بيدرو أروجو أجودو، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان، عن الحصول على مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي، إنه يجب السماح بدخول المياه النظيفة والوقود إلى غزة لتفعيل شبكة إمدادات المياه ومحطات تحلية المياه في القطاع المحاصر "قبل فوات الأوان".
وأضاف: "كل ساعة تمر مع قيام إسرائيل بمنع توفير مياه الشرب الآمنة في قطاع غزة، في انتهاك صارخ للقانون الدولي، تعرض سكان غزة لخطر الموت من العطش والأمراض المرتبطة بنقص مياه الشرب الآمنة".