بذريعة اختباء عناصر من حركة حماس، تمعن قوات الاحتلال الإسرائيلي في جرائمها ضد المنشآت الصحية في قطاع غزة، حيث بدأت تلك الجرائم منذ تصاعد وتيرة الحرب في السابع من أكتوبر، بقصف مستشفى المعمداني جنوب مدينة غزة وحتى اقتحامها في الساعات الأولى من الأربعاء الماضي لمجمع الشفاء الطبي غربا، وهو ما دفع الولايات المتحدة إلى مطالبة إسرائيل بحماية المستشفيات، وذلك بعد ضغوط عربية وغربية.
وتناولت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية ذلك من خلال تقرير نشرته في عددها الصادر يوم الثلاثاء الماضي، حيث أفادت بأن الضغوط المتزايدة من العواصم العربية وبعض العواصم الغربية لإيقاف الأعمال القتالية في قطاع غزة أدت إلى تحرك الرئيس الأمريكي جو بايدن لحث إسرائيل على حماية المستشفيات هناك.
وجاءت هذه الضغوط في ظل استمرار القوات الإسرائيلية في فرض الحصار وشن هجماتها ضد سكان القطاع.
وفي التقرير الذي نشرته الصحيفة عبر موقعها الإلكتروني، نقلت عن بايدن قوله: "يجب أن نضمن حماية المستشفيات"، في إشارة إلى الحاجة المُلِحَّة إلى التصدي للضغط الذي تتعرض له المرافق الطبية في ظل القصف المتواصل الذي يجعل من الصعب على المدنيين الفرار.
وفي أحدث اعتداء للاحتلال الإسرائيلي على المنشآت الصحية، اقتحمت قوات الكيان المحتل فجر الأربعاء الماضي، مجمع الشفاء الطبي في غرب مدينة غزة عقب حضاره الذي استمر لستة أيام متتالية، فيما أفادت وسائل إعلام فلسطينية، بأن الاقتحام امتد إلى مبنيين أحدهما للجراحات والآخر للطوارئ واللذين لا يتواجد فيهما إلا المرضى والطواقم الطبية.
يأتي ذلك بعد حصار ايتمر لستة أيام متتالية ونفاد الوقود، مما شكل تهديدًا على حياة المرضى في ظل استمرار القتال الذي كان يدور في المنطقة خارج أسوار المستشفى، وفقا لمسئولين محليين ومنظمة الصحة العالمية، كما أن محاولات السيطرة من جانب الجيش الإسرائيلي على هذا الموقع أصبحت نقطة صراع دبلوماسي بين إسرائيل وحلفائها.
وكانت قد طالبت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إسرائيل بضرورة ممارسة ضبط النفس، نظرًا للمشاهد المؤثرة داخل المستشفى التي دفعت بزيادة الدعم لوقف الأعمال القتالية وحماية المدنيين الفلسطينيين في العواصم العربية وبعض العواصم الغربية.
وقال بايدن للصحفيين: "نأمل بأن يتم اتخاذ إجراءات أقل تدخلًا فيما يتعلق بالمستشفيات، وسنستمر في التواصل مع الإسرائيليين"، وأشار إلى استمرار المفاوضات لتحقيق وقف الأعمال القتالية من أجل إطلاق سراح السجناء، مُضيفًا: "ما زلت متفائلًا إلى حدٍ ما، ولكن يجب حماية المستشفيات".
وأعلن جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي جو بايدن، أن إسرائيل قدمت ضمانات بأنها تعمل على تجنب إيذاء المرضى في المستشفيات، مؤكدًا أن الهدف هو حماية المرضى والمستشفيات، وعبر قائلًا: "نحن لا نرغب في رؤية معارك مسلحة في أروقة المستشفيات، بل نسعى لحماية المرضى والمنشآت الطبية".
وأضاف سوليفان: "لقد تم التحدث مع الحكومة الإسرائيلية حول هذا الأمر، وأكدوا أنهم يشاركوننا نفس الرؤية والهدف فيما يتعلق بأمن المستشفيات".
وجاءت هذه التصريحات في ظل التصاعد الحاد للقتال حول مستشفى الشفاء في غزة، في الوقت الذي شهدت فيه منطقة الحدود الشمالية لإسرائيل تبادلًا لإطلاق النار مع حزب الله في لبنان، وهو الأمر الذي زاد من مخاوف تمدد النزاع إلى مناطق أخرى في المنطقة.
في هذا السياق؛ حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاثنين الماضي من أن "الهجمات ضد الجنود والمدنيين الإسرائيليين في الشمال تشكل استفزازًا خطيرًا، وأن الرد سيكون بقوة أكبر بكثير"، كما أكد أنه: "لا يجب أن يُحاكمونا لعدم إظهارنا سوى جزء صغير من قوتنا".
وفي مقال افتتاحي، أكدت صحيفة 'الجارديان' البريطانية على ضرورة التفات العالم إلى الدعوات المتزايدة لوقف النزاع في قطاع غزة، حيث تدهورت الحياة هناك بشكل كبير نتيجة تصاعد التوترات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وأشارت الصحيفة إلى أن المستشفيات في القطاع توقفت عن العمل تقريبًا، مما أدى إلى ارتفاع حالات الوفاة والإصابات بسبب القصف المتواصل، إلى جانب الأخطار التي يتعرض لها مئات الآلاف من السكان بسبب نقص المياه النظيفة والغذاء والأدوية.
وأوضحت الصحيفة أن الأمان في قطاع غزة أصبح شبه معدومًا، حيث لجأ الآلاف من السكان إلى المرافق الطبية بحثًا عن الحماية، لكن التصريحات الأخيرة لمدير عام منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم، أكد أن لا مأوى آمن في غزة في الوقت الراهن، وأن خطر فقدان الحياة يهدد الجميع في القطاع".
وأفادت "الجارديان" بأن مركز القدس الطبي الذي أُغلق أبوابه أمام المرضى والمصابين، توقف عن العمل بسبب القصف العنيف والغارات الإسرائيلية.
وأشارت الصحيفة إلى أن عدد الوفيات جراء القصف الإسرائيلي في غزة وصل إلى أكثر من ١١،٠٠٠ شخص، معظمهم من النساء والأطفال وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية، مع تحذيرات من مسئولين أمريكيين بأن الأعداد قد تكون أعلى بكثير.
وفي ختام التقرير، لفتت الصحيفة الانتباه إلى أن القصف الإسرائيلي تسبب في وفاة حوالي ١٠٠ موظف منظمات الأمم المتحدة وشرد نحو ٧٠٪ من سكان القطاع البالغ عددهم نحو مليوني نسمة.