تهتم الحكومة المصرية بتوسيع نطاق التعاون مع دول الجوار الأفريقي باعتباره أحد ركائز الأمن القومي المصري؛ وتقريب وجهات النظر مع قيادات وحكومات القارة السمراء بما ينعكس علي تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة ضمن استراتيجية القارة للعام 2063.
ويشهد الاقتصاد المصري حراكا كبيرا مع استمرار استضافة مصر لقمة التجارة الأفريقية والتي تستمر للسنة الثالثة علي التوالي بما ينعكس علي تحسين عمليات فتح آفاق للاستثمار وتبادل الخبرات مع البلدان السمراءفي كافة القطاعات الاقتصادية والفنية ضمن تكليفات القيادة السياسية.
وكشفت مصادر حكومية مطلعة لـ "البوابة"، عن وجود تحركات داخل الحكومة للاستغلال التكتلات الاقتصادية والجيوسياسية الجديدة التي تشهدها الساحة الحالية؛ في توسيع دائرة التعاون مع التكتلات الجديدة بما في ذلك انضمام مصر لتكتل بريكس في الشهرين الماضيين؛ ومن ثم الانطلاق لداخل القارة السمراء وفتح منافذ جديدة مع القارة الآسيوية وخصوصا الصين والهند.
وتستهدف الحكومة من التعاون مع أفريقيا زيادة معدلات نمو حركة التجارة البينية بمعدلات تصل لـ30 - 50 % عما عليه الآن لمواجهة الاختناقات التي سببتها جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وما تلاه من الصراعات في المنطقة.
وأكد الوزير مفوض علي باشا، مدير إدارة أفريقيا بجهاز التمثيل التجاري؛ إن حجم التجارة البينية بين الدول الافريقية لا يتعدى بين 16-17% من حجم التجارة الخارجية للقارة، واصفا إياها بالمعدلات الضعيفة.
وطالب "باشا" إنه ينبغي العمل على تنميتها، في ظل وجود حاجات ملحة من كافة الدول الافريقية لتعزيز التجارة البينية والتكامل فيما بينهم في ظل الازمات السياسية التي تحيط بالمنطقة وتؤثر على العالم.
واعتبر الحدث الذي تستضيفه مصر وينظمه البنك الإفريقي للاستيراد والتصدير "إفريكسيم بنك" معرض التجارة البينية الأفريقي يعد منصة في غاية الأهمية لكل الدول في القارة من أجل التعرف على الفرص المتاحة بالقارة الأمر الذي يزيد من فرص التنمية والتكامل بالقارة.
ونوه بوجود تحديات كثيرة تواجه التكامل القاري الأمر الذي يجعل من الأهمية العمل على الاسراع في دخول اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية حيز النفاذ.
وطالب الباشا ضرورة قيام حكومات الدول الأفريقية بالانتهاء من عملية المفاوضات، منوها بانه يعول على امانة الاتفاقية وفريق التفاوض لإتمام تلك العمليات وبدء التنفيذ الفعلي للاتفاقية الامر الذي سينعكس ايجابا على تحقيق التكامل القاري.
من جانبه قال ليوي أكرا، رئيس البنك الافريقي للاستيراد والتصدير افريكسم بنك السابق الاستعمار الأجنبي على بلدان افريقيا تسبب في التأثير على التنمية في القارة السمراء خصوصا فيما يتعلق بالتجارة البينية وتصدير المولد الخام في صورتها الأولية،
وأوضح أن هناك اعتمادا علي اتفاقية التجارة الحرة القارية باعتبارها محركا لقواعد اللعبة في القارة الأفريقية للتغلب علي التحديات التي تواجه الدول الأفريقية والتغييرات المناخية ومواجهة ضعف ارقام التجارة البينية الافريقية بسبب تدني خدمات البنية التحتية ونقص المعلومات وربط الأسواق، مشيرا الي هناك جهود للبنك لتحقيق التكامل مع الدول الأفريقية عبر اتفاقية التجارة الحرة القارية والتي تعد إحدي استراتيجيات التنمية المستدامة 2063 التي ينفذها الاتحاد الافريقي والبنك.
كما أضاف أن هناك اهتماما بدعم الاستثمارات الأفريقية البينية باعتبارها أحد وسائل تنمية التجارة البينية وكذلك الاعتمادات علي منصات التدريب ودعم العلاقات بين البلدان الإفريقية من خلال وضع إطار لتهيئة الاستثمارات المشتركة بما ينعكس علي تعزيز الصادرات ويفتح أسواق جديدة واستكمال مسارات التنمية.
وذكر وه كوجين المدير المسئول ببنك الصين للاستيراد والتصدير، أن البنك أتاح تمويل بقيمة وصلت 2.7 مليار يوان صيني لتمويل مشروعات البنية التحتية في البلدان النامية بأفريقيا خلال الفترات السابقة، معتبرا أن هناك تركيزا على مشروعات البنية التحتية خصوصا في مجالات تطوير الطرق ومجالات التصنيع المختلفة خصوصا وأن هناك مناطق في القارة الأفريقية من بينها مصر وكينيا تعتبر ذات طبيعة صناعية.
وأضاف أن البنك قام في فترات سابقة بتمويل دعم عمليات التصنيع في المناطق الزراعية من بينها منطقة السويس بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وبنبان بأسوان صعيد مصر حيث تم دعم 39 شركة في المنطقة الصناعية بقناة السويس، وهو ما يعني الاهتمام بالتطوير الصناعي باعتباره وسيلة لتحسين مستوي معيشة المواطنين في أفريقيا، بالإضافة للإجراءات التي قام بها البنك لتعزيز التحول الرقمي وزيادة الناتج المحلي الإجمالي لكلا من كينيا وموزمبيق، من خلال تحويل مراكز البيانات القومية علي الطرق وعمليات المسح الرقمي لبوابات الطرق وفحص السيارات لحظيا والخدمات البنكية الرقمية
وأضاف أن البنك يعمل علي بناء القدرات باعتباره خطوة هامة موضحا أن المشروعات التي يمولها البنك تحصل علي شهادات الكفاءة للمشروعات التنموية المنفذة من المؤسسات المختلفة من بينها شهادة الاعتماد والجودة التي حصل عليها مشروع جسر مابوتو بدولة موزمبيق والذي موله البنك، وقد حصل على تلك الشهادة وهو ما رفع تقييم الدولة في المشروعات التنموية ويرفع من قدرات العاملين بتلك المشروعات داخل الدولة.
وأوضح أن البنك مهتم بالاستثمار والتمويل للطاقة النظيفة وتم بالفعل تمويل 100 مشروع ضمن مبادرة الحزام والطريق ومشروعات التحول للطاقة النظيفة، موضحا ان البنك خلال عام 2019 نشر وثيقة لدعم المشروعات الصينية والمؤسسات التمويلية الصينية للعمل مع المؤسسات متعددة الاطراق للانتهاء من عمليات دعم المشروعات للدول النامية.
كما قال إن البنك سبق له تمويل مشرعات في مصر من بينها مشروع المونوريل ومحطات الطاقة الهيدروليكية ومشروعات الطاقة الكهرومائية بتنزانيا، موضحا أن البنك يعمل مع إفريكسيم بنك والمؤسسات التمويلية الافريقية إذ تم توقيع اتفاقيات لتمويل مشروعات في مجال التجارة ضمن مبادرة الحزام والطريق بـ 2 مليار دولار ورصد ما يقارب من تريليوني دولار للمشروعات المختلفة.