تسعى الحكومة المصرية للسيطرة على الأسعار في السوق من أجل الحد من تداعيات موجة التضخم التي تضرب مصر والعديد من دول العالم في الآونة الأخيرة، ومن هنا جاء انطلاق مبادرة خفض أسعار السلع، من قبل رئاسة مجلس الوزراء بالتعاون مع الوزارات المعنية والبنك المركزي، وذلك بهدف توفير السلع الأساسية بأسعار عادلة مع تخفيض مجموعة من السلع بواقع 15 - 25 %، بالإضافة إلى إعفاء السلع التي تتضمنها المبادرة من الجمارك والرسوم لمدة 6 أشهر، والتنسيق مع التجار والصناع من أجل توفير السلع بكميات كبيرة. حتى يشعر المواطن بانخفاض حقيقي في أسعار السلع الأساسية.
انطلقت المبادرة منتصف أكتوبر الماضي، حيث أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إن الحكومة تدرك أن التحديات صعبة على مستوى العالم أجمع، وخاصة في المنطقة، ولذا سيتم تنفيذ ما تم التوافق بشأنه مع الصناع والتجار؛ من أجل تفعيل مبادرة انخفاض الأسعار، وسنتابع التنفيذ أولا بأول، وهو ما ينعكس إيجابا على توافر وانخفاض السلع واستقرار الأسواق.
وأكد رئيس الوزراء أن جميع السلع التي تتضمنها المبادرة سيتم إعفاؤها من أية جمارك أو رسوم لمدة ٦ أشهر، مُضيفًا: أي قرار نحتاجه لخفض أسعار السلع سنتخذه على الفور، موجها في الوقت نفسه الشكر للقطاع الخاص الوطني، الذي تجاوب مع الحكومة من أجل تفعيل هذه المبادرة المهمة، التي ستسهم في التخفيف عن المواطنين.
التخفيضات بين ١٥ – ٢٥٪
وبحسب بيان مجلس الوزراء، فإنه تم التوافق على أن تتراوح التخفيضات بين ١٥ – ٢٥٪ للسلع المحددة، كما تم التوافق على تخفيض أسعار الدواجن والبيض في الفترة المقبلة، بالإضافة إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات التي من شأنها الإسهام في سرعة الإفراج الجمركي عن البضائع من الموانئ، وكذا تخفيف يتحمله الصناع والتجار من التزامات؛ حتى نسهم في تخفيض التكاليف على الصناع والتجار.
الفول والألبان ومنتجات الدواجن.. أبرز السلع ضمن المبادرة
وتشمل المبادرة بشكل أساسي مجموعة من السلع من أبرزها: الفول، ومنتجات الألبان، والجبن الأبيض، والزيت الخليط، والمكرونة، والسكر، والعدس، وكذا منتجات الدواجن والبيض، والأرز.
تشديد الرقابة على الأسواق
وتزامنًا مع انطلاق المبادرة، وجه اللواء هشام آمنة وزير التنمية المحلية السادة المحافظين بـالمتابعة المستمرة لتنفيذ مبادرة السيد رئيس مجلس الوزراء لتخفيض أسعار السلع الأساسية بالتعاون والتنسيق مع الاتحاد العام للغرف التجارية، واتحاد الصناعات المصرية، وذلك في نطاق محافظاتهم والتأكد من توافر جميع السلع الغذائية بالكميات والأسعار المناسبة في الأسواق والمعارض والمنافذ الثابتة والمتحركة، وأكد وزير التنمية المحلية ان المبادرة تعمل على تعزيز الحماية الاجتماعية للأفراد محدودي الدخل والفئات الأكثر احتياجًا، والحد من التداعيات السلبية لارتفاع الأسعار.
كما وجه اللواء هشام آمنة بتكثيف الحملات الرقابية في المحافظات بالتنسيق بين الأجهزة التنفيذية ومديريات التموين وكافة الجهات المعنية للتأكد من التزام التجار بالأسواق والمحال التجارية من تخفيض أسعار السلع، والإعلان بوضوح عن الاسعار على المنتجات، والتصدي لاستغلال وجشع بعض التجار، مشددا علي اتخاذ الإجراءات القانونية حيال المخالفين ومن يقومون بتخزين أو احتكار السلع بهدف رفع أسعارها.
وطالب وزير التنمية المحلية السادة المحافظين بالتوسع في إقامة معارض بيع السلع الغذائية والشوادر والمنافذ الثابتة والمتحركة بالمحافظات بأسعار مخفضة بالتعاون مع الجمعيات الأهلية ورجال الأعمال والمجتمع المدني، إضافة إلى استمرار المعارض القائمة بالفعل ومتابعتها للتأكد من وجود العروض والخصومات على أسعار السلع، وبيعها بأسعار مخفضة.
ضبط ٥٩٣٨ قضية في ٥ أيام من المبادرة
وبعد ٥ أيام فقط من المبادرة، استعرض الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، تقريرا حول جهود الوزارات والأجهزة المعنية في متابعة تنفيذ المرحلة الأولى من مبادرة خفض أسعار السلع الأساسية، خلال الفترة من ١٤ أكتوبر الجاري وهو تاريخ بدء تفعيل المبادرة وحتى ١٩ أكتوبر ٢٠٢٣.
وأشار التقرير إلى أن الأجهزة الرقابية قامت، بالتنسيق مع الوزارات والجهات الحكومية، بمتابعة تنفيذ المرحلة الأولى من المبادرة، وأسفرت عن ضبط ٥٩٣٨ قضية تخص " عدم الإعلان عن السعر"، كما تم ضبط ٢٥٧ حالة تخص " البيع بأزيد من السعر الوارد في إطار المبادرة أو المتداول"، تشمل ٣٢.٠٣٦ طن من السكر، والمكرونة، والعدس، والفول والجبن الأبيض " عيني"، كما تشمل ١١١٦٠ قطعة بيض مائدة " عيني"، كما شملت المضبوطات الأخرى ٦٤٩٣ عبوة من المسلي، والجبن الأبيض، والمشروبات الغازية "عيني".
أكثر من ٧ آلاف منفذ لبيع السلع ضمن المبادرة
وبحسب التقرير الصادر عن وزارة التنمية المحلية فإنه تم إضافة ٧٤٤ منفذًا جديدًا للمبادرة، ليكون الإجمالي ٧٠٦٥ شادرًا ومعرضًا ومنفذًا ثابتًا ومتحركًا تم إقامتها على أرض المحافظات خلال الفترة من ٩ أكتوبر الماضي وحتى ٥ نوفمبر الجاري لتوفير السلع الغذائية بأسعار مخفضة للمواطنين.
وشدد الوزير على مواصلة الحملات الرقابية المكثفة على كافة الأنشطة التموينية والتجارية بالمراكز والمدن والأحياء حيث بلغ عددها ٢٥٥١ حملة لإحكام الرقابة على الأسواق بالتنسيق مع الأجهزة التنفيذية والجهات المعنية على مستوى المحافظات، وأسفرت تلك الحملات عن تحرير ٤١٥٢ محضر مخالفة واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
انحرافات رغم المبادرة
ومن خلال جولة تفقدية أجرتها "البوابة" بأحد الأسواق الكبرى بمحافظة الجيزة، وجدنا انه لا تزال هناك مخالفات بالأسواق وانحرافات واضحة رغم تطبيق المبادرة، الأمر الذي من شأنه الإضرار بأهداف المبادرة.
وبسؤال العديد من التجار والمحال التجارية وجدنا أن أبرز السلع التي جاءت مخالفة للمبادرة الأرز والسكر، حيث وجدت أسعار تتنافى مع المبادرة حيث ارتفعت أسعار الأرز لاكثر من ٣٠ جنيها، على الرغم من إعلان المبادرة أن سعر الأرز لن يزيد عن ٢٥ جنيها، حيث وجدت بعض الأصناف تتخطى حاجز الـ ٣٠ جنيهًا، وبخاصة الأرز المعبأ حيث سجل أسعارًا تتراوح من ٣٣ إلى ٣٦ جنيهًا.
ومن الأرز إلى السكر الذي قاربت أسعاره الـ ٥٠ جنيهًا حيث تراوحت أسعاره من ٤٤ حتى ٤٧ جنيهًا، على الرغم من وجوده في معارض السلع التابعة للمبادرة بسعر يتراوح من ٢٧ حتى ٣٠ جنيهًا باختلاف الأصناف.
خبراء: الدولة تكثف جهودها.. وزيادة المعروض من السلع الأساسية
وفي هذا الشأن، يؤكد خبراء الاقتصاد أن الحكومة تبذل جهودًا كبيرة للسيطرة على الأسعار في الأسواق في ظل موجة من التضخم تضرب العديد من الدول.
وفي هذا الشأن قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، إن الحكومة بذلت العديد من الجهود من أجل السيطرة على الأسعار في الأسواق والتي من أبرزها توفير السلع بكميات كبيرة لحماية المواطنين من جشع التجار، وهو ما انعكس على انخفاض أسعار عدد كبير من السلع، إلا أن هناك العديد من السلع لا تزال خارجة عن السيطرة.
ودعا الخبير الاقتصادي فى تصريحاته لـ"البوابة" إلى ضرورة العمل على تفعيل دور الأجهزة الرقابية من اجل السيطرة على الأسعار في السوق المحلي، وتطبيق عدد من الإجراءات التي توقف جشع بعض التجار الذين لا يزالون يتلاعبون في الأسعار، وتكثيف حملات الرقابة على الأسواق، إلى جانب التعامل بكل حسم وسرعة مع شكاوى المواطنين من التلاعب في أسعار السلع.
وتابع: "الدورة قامت بدور كبير على مدار السنوات الماضية في الحفاظ على استقرار السوق عبر توفير السلع بكميات كبيرة الأمر الذي يخلق نوع من المنافسة، ويقلل من تلاعب التجار في الأسواق، إلا أن توفير السلع دون رقابة حقيقية على الأسواق يضر بالسوق ويحدث مغالاة في أسعار بعض السلع".
أما الدكتور الدكتور محمد الشوادفي، الخبير الاقتصادي، فأكد أن القيادة السياسية في مصر تحرص على ضرورة توفير السلع الأساسية للمواطنين بأسعار عادية، ومن هنا جاءت المبادرة التي انطلقت بتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث انطلقت المبادرة بمتابعة واهتمام مباشر من رئيس الوزراء، مع التأكيد على ضرورة ضبط الأسواق وتوفير السلع بأسعار عادلة، مع وجود تخفيضات على بعض السلع.
وأوضح "الخبير الاقتصادي أن المبادرة التي انطلقت منذ أسابيع تعمل على زيادة المنافسة داخل السوق، عبر توفير السلع بتخفيضات كبيرة، مع وضع استراتيجية للسيطرة على الأسعار ومنع احتكار السلع من قبل التجار، بالإضافة على تقليل الحلقات الوسيطة، وكثافة المعروض من السلع، من خلال توصيل السلع لكافة محافظات مصر.
ولفت "الشوادفي" إلى أن أجهزة ومؤسسات الدولة المعنية تعمل على دعم المبادرة بمختلف الطرق، حيث تعمل الغرف التجارية واتحاد الصناعة على زادة عدد المنافذ ومعارض السلع الأساسية من أجل مواجهة غلاء الأسعار، والقضاء تماما على جشع التجار، من خلال توفير السلع المختلفة للمواطنين بأسعار مخفضة.
من جهته، أكد الدكتور مصطفى أبو زيد، مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية، أن وفرة المعروض هو المعادلة الصعبة التي نجحت الدولة في تحقيقها من أجل خلق نوع من التنافسية في السوق والقضاء على الزيادات غير المبررة في أسعار بع السلع الأساسية، وأبرزها السلع الغذائية.
وأضاف أبو زيد أن الحكومة بمختلف مؤسساتها والوزارات المعنية عملت على زيادة المعروض من السلع عبر زيادة عدد المنافذ، وعلى مدار السنوات الأخيرة وجدنا المئات من المنافذ في شتى محافظات مصر، والتي توفر السلع الأساسية واللحوم والألبان والمواد الغذائية بأسعار تنافسية، الأمر الذي حد من المغالاة في الأسعار من قبل بعض التجار.
وأضاف "أبوزيد" فى تصريحاته لـ "البوابة" أن الرقابة الفعالة على الأسواق هي التي تضمن نجاح جهود الدولة في خفض أسعار السلع الأساسية، ومن هنا ندعو كافة الجهات الرقابية سواء وزارة التموين أو جهاز حماية المستهلك أو كافة الجهات المعنية إلى ضرورة تكثيف حملاتها الرقابية على الأسواق لضبط أية مخالفات.
وتابع: ""الدولة تراعى هذا الاتجاه إتاحة السلع والمنتجات، الأمر الذى يؤدى إلى زيادة المعروض وثبات نسبى فى الأسعار، يؤدى إلى التراجع على المدى البعيد، إلى جانب إتاحة السلع هناك مجموعة من الإجراءات التى يجب أن تنفذها الدولة للسيطرة على الأسواق، من خلال زيادة الأدوات الرقابية والمتابعة على الأسواق".
وقال "أبو زيد" إن المواطن شريك أساسي لإنجاح جهود خفض الأسعار من خلال الرقابة المجتمعية الفعالة، والإبلاغ عن المغالاة في أسعار السلع في الأسواق بلا تردد، لذلك يجب على الدولة الحرص على إعلان متوسط أسعار السلع بشكل يومي، حتى يكون المواطن على علم بالأسعار العادلة والإبلاغ عن أية مخالفات يجدها أثناء شرائه لاحتياجاته".
مبادرة خفض أسعار السلع
التخفيضات تتراوح بين 15 – 25% للسلع المحددة
7065 منفذًا لبيع السلع ضمن المبادرة
المبادرة تشمل عدد من السلع من أبرزها: الفول، ومنتجات الألبان، والجبن الأبيض، والزيت الخليط، والمكرونة، والسكر، والعدس، وكذا منتجات الدواجن والبيض، والأرز.
خلال الفترة من 14 أكتوبر وحتى 19 أكتوبر 2023، نجحت الأجهزة الرقابية في الآتي:
ضبط 5938 قضية تخص عدم الإعلان عن السعر
ضبط 257 حالة تخص "البيع بأزيد من السعر الوارد في إطار المبادرة أو المتداول"، تشمل:
32.036 طنا من السكر، والمكرونة، والعدس، والفول والجبن الأبيض.
كما تشمل 11160 قطعة بيض مائدة. كما شملت المضبوطات الأخرى 6493 عبوة من المسلي، والجبن الأبيض، والمشروبات الغازية.
تم إضافة 744 منفذًا جديدًا للمبادرة
2551 حملة لإحكام الرقابة على الأسواق منذ انطلاق المبادرة
تحرير 4152 محضر مخالفة منذ انطلاق المبادرة