جبل صهيون أحد المعالم الفلسطينية ولكن اسمه غريب بالنسبة للكثير من الناس، فيعتبرون الاسم ينتمي ليهود اسرائيل محتلين الارض، وكلمة صهيون تعني الحصن أو الجبل المحصن، وورد ذكر كلمة صهيون في التوراة والإنجيل مرتين، وتشير بعض الدراسات التاريخية أن تسمية “صهيون” وكانت في الغالب تسمية أطلقها أصحاب الحصن الأصليون عليه، وهذه التسمية لم تكن في بدايات تداولها تحمل أي أهمية بالنسبة لبني إسرائيل أو أصحاب الديانة اليهودية، وهو ما يثبته أن نبي الله داود يقال أنه أطلق على جبل صهيون اسم مدينة داود.
يقع جبل صهيون جغرافيا في جنوب غرب مدينة القدس القديمة، وتحديدا خارج أسوارها، لكنه بالرغم من ذلك يعد جزء أصيلا من المدينة، ويرتفع جبل صهيون عن مستوى سطح البحر بمسافة تبلغ 777.24 مترًا، منحدرا تجاه وادي قدرون، ومن المعلومات التي طالها التشكيك في صحتها أن العرب اليبوسيين أقاموا حصنا لهم على سفح جبل صهيون، وظل تحت أمرتهم حتى أخذ نبي الله داوود تولى شأن المنطقة برمتها، ومصدر التشكيك فيها أن سكان الأرض اليبوسيين، لم يكن لهم ملك، وإلا لدخل نبي الله داوود عليه السلام في تفاوض معهم، حيث لا يستقيم أنه عليه السلام انتزع منهم الحصن دون أي مقاومة أو حتي تفاوض، إضافة إلى أن الكشوف الأثرية لم تتمكن من إثبات مكان وجود بناء حصن صهيون على جبل صهيون في مدينة القدس، كما لم تثبت وجودا لمدينة نبي الله داوود التي بناها حول الحصن.
وبدأ تاريخ جبل صهيون منذ بداية وجود اليبوسيين الكنعانيين، ويقع علي الجبل دير مسيحي اسمه دير صهيون يعود إلى أملاك الرهبان الفرنسيسكان الذين حصلوا من سلاطين الدولة الأيوبية التي كانت تتخذ من القاهرة مقرا لعاصمتها، حق تولي رعاية الأماكن المقدسة ومن الثابت تاريخيا أن الرهبان الفرنسيسكان وتحديدا في عام 736هـ/ 1335م قاموا بتوسعة مقرهم فوق الجبل، فبنوا ديرا ضم علية وكنيسة وأطلقوا على الدير اسم دير صهيون.
وبعد سقوط مدينة عكا في عام 1291م في أيدي المسلمين، حيث قام سلطان مصر المملوكي الأشرف خليل بن قلاوون بتحريرها من الصليبيين وطردهم منها سنة 1291 في ما عرف بـ“فتح عكا”، وبعد خروج الصليبيين أضطر الرهبان الفرنسيسكان إلى الانسحاب إلى جزيرة قبرص ويؤرخ الأب سوريانو أحد رؤساء طائفة الرهبان الفرنسيسكان، ويقول أن الفرنسيسكان انتهزوا فرصة للعودة إلى الجبل، وقد تم لهم ذلك عام 1335م، حيث حصلوا على تصريح من المماليك استطاعوا من خلاله أن يؤسسوا ديرًا لهم في جبل صهيون، وقد اختار أبناء هذه الطائفة رئيسًا لهم أطلقوا عليه اسم حارس جبل صهيون.
وحرص المماليك على حماية الرهبان الفرنسيسكان، وكان يقيم معهم في الدير بجبل صهيون اثنا عشر مملوكًا، كما سمح سلاطين المماليك بترميم الدير وتوسعته، وحظي دير صهيون بأهمية كبرى خلال العصر المملوكي، فقد كانت مهمة استقبال حجاج الأماكن المقدسة بالقدس ومرافقتهم إليها بيد رئيس رهبان دير صهيون، ولا يمكن لحجاج الأماكن المقدسة بمدينة القدس أن يغادروا سفنهم التي تقلهم إلى ميناء يافا إلا بعد حضور أمير الرملة ونائب السلطان المملوكي بالقدس إضافة لرئيس دير صهيون.
وكان على هؤلاء الحجاج أن يقدموا مساعدات في صورة هبات وصدقات إلى دير الرهبان الفرنسيسكان في جبل صهيون، كما كان عليهم إظهار تبجيلهم للرهبان الفرنسيسكان الموجودين في الدير.