خلال العشر سنوات الماضية أولت الدولة المصرية اهتمامًا كبيرًا بالحضارة المصرية القديمة، ما أتاح كل الإمكانات وأزال جميع المعوقات، فى ظل المحافظة على تاريخنا القديم، لينطلق العديد من المشروعات الأثرية ما بين ترميمات وحفائر وافتتاحات لمواقع ومتاحف أثرية، ظلت مغلقة لسنوات عدة، لكن منذ 2014 عملت الدولة على توفير الإمكانات اللازمة، للمحافظة على التراث، ومن بين تلك المشاريع افتتاح متحف شرم الشيخ، أحد أبرز المشروعات، التي تنفذها الدولة فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وبالأمس القريب احتفل متحف شرم الشيخ بمرور 3 سنوات على افتتاحه، حيث نظم احتفالاً تضمن فقرة موسيقية لعدد من الأطفال الموهوبين وعرض للعرائس المتحركة «سنمو وصبا»، كما كرمت إدارة المتحف مجموعة من القامات الذين أشرفوا على تنفيذ مشروع متحف شرم الشيخ.
ويعد متحف شرم الشيخ أول متحف للآثار المصرية في محافظة جنوب سيناء، جرى تصميمه ليكون مركزًا ثقافيًا استثماريًا وملتقى للحضارات الإنسانية على مر العصور، بهدف دمج السياحة الترفيهية والسياحة الثقافية، ليستطيع الزائر والسائح الاستمتاع بالشواطئ الخلابة والأنشطة البحرية بالمدينة، وفي نفس الوقت التعرف على الحضارة المصرية العريقة. الآن وبعد مرور 3 سنوات على افتتاحه ماذا أضاف المتحف للسياحة؟ حول هذا التساؤل التقت البوابة خبراء ومهتمين بالسياحة المصرية وعددًا من السائحين.
وقال الدكتور إسلام نبيل، مدير مكتب الهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي بجنوب سيناء، لـ«البوابة»: «إن المتحف كان بمثابة جزء من استراتيجية عمل الوزارة علي دمج السياحة الشاطئية بالثقافة، وهو إضافة حقيقية لشرم الشيخ؛ لأن تنوع المنتج السياحي يساعد على تنوع السائحين من مختلف الثقافات، بالإضافة إلى أنه أمر مهم أن ننوع الأنشطة التي يستطيع السائح القيام بها أثناء تواجده بالمدينة؛ للحصول على أفضل تجربة سياحة وسفر ممكنة له وينقل هذه التجربة إلى غيره؛ ليشجعه على اتخاذ قرار السفر إلى وجهتنا السياحية الجميلة دائما شرم الشيخ. ومن جهة أخرى؛ هذه فرصة كبيرة لعرض تراثنا وحضارتنا أمام السائحين من دول العالم المختلفة، حيث يضم المتحف حوالي ٥٢٠٠ قطعة أثرية أصلية من مختلف العصور، وسيناريو العرض المتحفي يضاهي المتاحف العالمية المشهورة؛ لذلك كانت شرم الشيخ تستحق بمكانتها السياحية العالمية أن يكون بها متحف علي هذا المستوى الرائع».
وأكدت شرين الهواري، من العاملات في قطاع السياحة بشرم الشيخ، أن متحف شرم الشيخ إضافة كبيرة جدا، معللة بأنه أصبح متاحا للسياحة الأثرية، حيث سهل الرحلة على السياح بدلًا من السفر للقاهرة يوما واحدا لرؤية المتحف المصري، حيث يوجد بالمتحف عدد لا بأس به من الآثار والقطع الأثرية، بالإضافة لشرح العصور التاريخية التي مرت بها مصر بمجسمات حقيقية وصور للملوك والأمراء وصولاً للحياة البدوية في سيناء داخل هذا المتحف تعبر التاريخ رحلة ثرية بالمعلومات يقوم بشرحها المسئولون هناك وأيضا يوجد شرح التحنيط والمومياوات والقطع الأثرية المبهرة.
وأضافت: أن السياح منبهرون جدًا بكل القطع الأثرية والتفاصيل وحياة القدماء المصريين وفكرة البعث والتحنيط ومحاكاة للمقبرة والألوان والمجوهرات والأميرات والأسرة العلوية والإغريق ، كل هذا يجعلنا فخورين بحضارتنا ومصريتنا وسعداء جدًا أننا عندنا فعلًا مزار سياحي، واختتمت حديثها قائلة: «المتحف استطاع أن يوازن معادلة الربط بين السياحة الترفيهية والسياحة الثقافية والأثرية».
من جهتها قالت هالة الملاح، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد (مقيمة بشرم الشيخ) لـ«البوابة»: لا شك أن المتحف إضافة جيدة جدًا، ولكن على المستوى الداخلي حتى الآن، ويرجع ذلك لقلة عدد الشركات السياحية المدرجة المتحف ضمن برنامجها السياحي، ولذلك فالنسبة للسياح بشرم الشيخ لا تتعدى 30% من زار المتحف، ولأن الشركات تسوق لرحلة اليوم الواحد التي تسافر إلى القاهرة لأنها مربحة جدًا لهم؛ ولذلك يكتمون على وجود متحف بشرم الشيخ، ومن ثَم معظم السائحين لا يعرفون أنه يوجد متحف بشرم الشيخ يغنيه عن السفر إلى القاهرة، ومن هنا لابد من ضرورة التنويه والدعاية والترويج السياحي الكبير عبر وسائل الإعلام المختلفة والتركيز على المتحف وأنه لن يقلل من رحلة اليوم الواحد بالعكس سوف يستمتع جدًا السياح بالمتحف هنا في شرم الشيخ من خلال القطع الأثرية القيمة جدًا، مشيرة إلى أن يضم العديد من أهم القطع الأثرية في العالم ومنها: قطعة نادرة من الموزاييك من الإسكندرية ترجع إلى القرن الرابع قبل الميلاد، وتمثال للإله «إيروس» وهو يصطاد الغزلان، والتي تعرض بمدخل المتحف، وتمثال آخر نادر للإله «بس» من الطين غير المكتمل الحرق، كما يضم المتحف عددًا من القطع الخاصة بالمعبودة «حتحور» ربة الجمال والأمومة عند المصريين وغيرها من القطع القيمة.
وأضافت: أن المتحف يقوم بدور عظيم جدًا مع طلاب المدارس والجامعات وخاصة طلاب جامعة الملك سلمان بفرع شرم الشيخ، قسم الجرافيك والتصميم، الذين يزورون تقريبًا مرة أو مرتين أسبوعيًا المتحف ، مناشدة نقابة المرشدين السياحيين أن يكون هناك تنسيق بينهم وبين المتحف؛ للاستفادة من هذا الصرح المحترم الجدير بأن تسخر كل الجهود ليأتي بثماره المنشودة لأنه يستحق. مؤكدة أن المتحف يلعب دورًا مهمًا في تنشيط السياحة في هذه المنطقة؛ وذلك بخلق منتج سياحي جديد يضاف لمدينة السلام، وهي السياحة التاريخية والأثرية.
مقتنيات تجذب السائحين
وأعربت مجموعة من السياح عن انبهارهم بمقتنيات المتحف خاصة المحنطات، والمجوهرات الملكية الخاصة بأسرة محمد على، كما حرصوا على التقاط مجموعة من الصور التذكارية.
وقالت«فكتوريا» سائحة المانية الجنسية لـ«البوابة»: إنها لأول مرة تشاهد الآثار المصرية، ولم يحالفها الحظ في زيارة القاهرة أو الأقصر، مشيرة إلى أنها كانت مهتمة جدا بمشاهدة الآثار المصرية والتعرف على العصر الفرعوني والتحنيط والبعث والحياة الأخرى، معربة عن بالغ سعادتها بالزيارة.
بينما قالت صديقتها أولينا، أوكرانية الجنسية: «زرت مصر والأقصر منذ 20 عاما تقريبا، وزرت الأهرامات، وأبو الهول المتحف المصري، كما زرت الأقصر، لكني اليوم استمتعت جدا بزيارة المتحف ورؤية محاكاة للمقبرة والحياة الأخرى ورؤية مومياء منحطة والتعرف على الأسرة العلوية والأميرات والملك فاروق والعصر الإغريقي والحياة البدوية»، موجهين التحية والتقدير لإدارة الفندق على هذه الزيارة.
وأشار جورج حنا، صاحب فندق ، إلى أن مثل هذه الزيارات تلقى إعجاب النزلاء وتكون بهدف تشجيع السياحة وإظهار المناطق السياحية بمدينة السلام شرم الشيخ حيث يحرص معظم المشاركين على التقاط الصور التذكارية ونشرها على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي وهي واحدة من وسائل التسويق السياحي.
وكانت المشاركات في مسابقة ملكات جمال القارات Miss Intercontinental 2022، في دورتها الـ50، والبالغ عددهن 66 متسابقة قد أعربن عن إعجابهن الشديد بالمقتنيات الأثرية وخاصة أدوات التجميل والزينة وتماثيل التناجرا، بمتحف مقتنيات شرم الشيخ، كما حرصن على التقاط الصور التذكارية خاصة مع مقتنيات المتحف في قسم الحياة اليومية في مصر القديمة.
تاريخ المتحف
ترجع فكرة إنشاء المتحف إلى عام 1999م، وهو يقع على مساحة 191 ألف متر مربع، وبدأ العمل في المشروع عام 2003م، ثم توقف عام 2011م، ليتم استئنافه مرة أخرى عام 2018م، بتكلفة بلغت 812 مليون جنيه، ويضم المتحف ثلاث قاعات للعرض المتحفي، بالإضافة إلى منطقة ترفيهية تضم عددًا من المطاعم والبازارات ومحال الحرف التراثية، ومسرح مكشوف وساحات لإقامة الاحتفالات والفعاليات.
ويعكس سيناريو العرض المتحفي الأوجه المختلفه للحضارة بوجه عام والحضارة المصرية القديمه بشكل خاص وذلك عن طريق عرض مجموعة منتقاة من القطع الأثرية التي تم اختيارها بعناية من المخازن المتحفية، ويستطيع الزائر والسائح الاستمتاع بالشواطئ الخلابة والأنشطة البحرية والبرية الممتعة بالمدينة وفي نفس الوقت التعرف على الحضارة المصرية العريقة.
تعبر القاعة الكبرى في العرض المتحفي عن الإنسان والحياة البرية في مصر القديمة واهتماماته بالعلم والرياضة والصناعات والحرف وحياته العائلية وحبه الحيوانات لدرجة التبجيل، كما يعرض بعض الحيوانات المحنطة.
ومن أهم القطع التي تضمها قاعة الحضارات هي التابوت الداخلي والخارجي لإيست إم حب زوجة بانجم الثاني الكاهن الأكبر لآمون وحاملة لقب: «كاهنة المعبودة إيزيس والمعبودين مين وحورس بأخميم»، وأيضا صناديق الأواني الكانوبية الخاصة بها وبردية إيست إم حب، ومجموعة من أواني العطور وأدوات التجميل، وأيضا رأس للملكة حتشبسوت ومجموعة من تماثيل التناجرا لسيدات بملابس وطرز مختلفة، بالإضافة لمعروضات من التراث السيناوى.