طوال العقود الماضية عمدت إسرائيل إلى إحاطة "السر النووي" بجدار من الغموض وأعمدة الدخان حول امتلاكها أسلحة الدمار الشامل، بغية تصدير القلق إلى القوى الإقليمية إلى جانب عدم الإفصاح عن حقيقة قدراتها النووية، حتى جاء تصريح وزير التراث الإسرائيلي عميحاى إلياهو فى مستهل نوفمبر ٢٠٢٣ الداعى إلى قصف قطاع غزة بقنبلة نووية.
وقال وزير التراث الإسرائيلى عميحاى إلياهو، خلال رد على سؤال بشأن ما إذا كان يتوقع إسقاط "قنبلة نووية على غزة، لأنه فى رأيه لا يوجد أشخاص أبرياء هناك"، إن "هذه إحدى الطرق، والطريقة الثانية هى التحقق مما يخيفهم ويشكل الرادع التالى لهم".
جاء تصريح إلياهو، تأكيدا لامتلاك إسرائيل لأسلحة الدمار الشامل، ووصفته نائبة فى الكنيسة بالتصريح الغبي، وسط مخاوف من تراجع الدعم العالمى للعدوان الإسرائيلى على غزة.
أكبر من قنبلتين نوويتين فوق غزة
وعلى الرغم من ردود الأفعال الغاضبة على تصريحات وزير التراث فى حكومة الاحتلال الإسرائيلية إلياهو بدعوته لضرب غزة بقنبلة نووية، إلا أن ما شهده قطاع غزة طوال الأسابيع الماضية، أشبه بضرب الولايات المتحدة لمدينتى هيروشيما ونجازاكى بالسلاح النووي، حيث ألقى جيش الاحتلال الإسرائيلي ٣٥ ألف طن من المتفجرات منذ السابع من أكتوبر وحتى بداية نوفمبر الجارى وهى أكبر من حجم قنبلتين نوويتين، بحسب تقرير صادر عن المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان، ويعنى ذلك أن القوة التدميرية للمتفجرات التى ألقيت على غزة تزيد على ما ألقى على هيروشيما، مع ملاحظة أن مساحة المدينة اليابانية ٩٠٠ كيلومتر مربع بينما مساحة غزة لا تزيد على ٣٦٠ كيلومترا.
بعد التصريح الذى أدلى به إلياهو، اتخذ نتنياهو إجراءًا شكليًا وقرر استبعاده من اجتماعات الحكومة وزعم أن تصريحه "غير واقعي"، ورأها البعض أنها تسيء إلى حكومة الاحتلال فى الداخل والخارج، وسط خشية من تأثير التصريح على الدعم الدولى لتل أبيب، ورغم ذلك إلا أنها تعكس هدف تل أبيب من عدوانها غزة.
ردود الأفعال.. إلياهو الغبي
وجاءت ردود الأفعال الإسرائيلية على تصريح إلياهو غاضبة ووصفته عضو الكنيست عن حزب أمل جديد، يفعات بيتون، بـ"الغبى الذى دمر جهود الدعاية الإسرائيلية".
وينحدر إلياهو من خليفة عنصرية حيث كان لوالده تصريح مشهور بتحريم بيع اليهود بيوتهم إلى العرب، ويتنبى الحزب المنتمى إليه "عظمة يهودية"سياسة "ترحيل الفلسطينيين من وطنهم".
وفى محاولة لتبرير هذا التصريح، طالب حزب إلياهو بـ"عدم تضخيم الموضوع زيادة على الحد"، زاعما أنه "ما يقصده أن ما يستخدم من قوة بطش حاليًا لا يكفى لتلقين حماس درسًا بأن "الإرهاب" لا يجدي، وأى عاقل يدرك أن الحديث عن قنبلة ذرية هو تعبير مجازي".
وجاءت ردود الأفعال العربية والدولية غاضبة من تصريح الوزير الإسرائيلي، فى ظل العدوان الغاشم الذى تشنه آلة الحرب الإسرائيليلة ضد الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر الماضى وتسبب فى استشهاد وإصابة أكثر من ٤٠ ألف فلسطيني، النسبة الأكبر منهم أطفال ونساء.
وفى هذا السياق طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتحييد تهديدات إسرائيل باستخدام السلاح النووى ضد قطاع غزة.
وجاء فى رسالة وزير الخارجية الفلسطينى رياض المالكي، إلى مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى فيينا، رافائيل ماريانو جروسي، أن تصريح إلياهو بأن "إلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة كان أحد الاحتمالات" متسق تماما مع الخطاب السائد فى إسرائيل، وأنه يشكل اعترافا رسميا بامتلاك إسرائيل أسلحة نووية، وأسلحة دمار شامل.
وطالب الوزير المالكى وكالة الطاقة الذرية وجميع الدول الأعضاء بإدانة التهديدات التى توجهها إسرائيل، ومسئوليها واتخاذ جميع التدابير المتاحة تحت تصرفهم لتحييد هذا التهديد الواضح لحق الشعب الفلسطينى والدول المحيطة به فى الحياة. وقد أصبحت فلسطين عضوا فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل حوالى أسبوعين من بدء العدوان الإسرائيلى على غزة، حيث اعتمدت الدول الأعضاء فى الوكالة مشروع القرار الذى تقدمت به مصر، فى ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٣ والذى طالب باعتماد تسمية "دولة فلسطين" بصورة رسمية فى الوكالة الدولية.
ووجه المجلس الوطنى الفلسطينى الشكر لمصر، على تقديمها المشروع نيابة عن فلسطين، واعتبر المجلس، أن هذا التصويت الساحق إدانه واضحة للسياسة الاحتلالية الإسرائيلية المتمثلة فى التوسع والضم غير المشروع المخالف للقوانين الدولية ويعبر عن مدى صدق الرواية الفلسطينية وعدالة القضية وكشف زيف مُحاولات وأكاذيب الرواية التى يروج لها الاحتلال الإسرائيلي، والتى كان آخرها استعراض رئيس وزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بالأمم المتحدة بإنكار اسم وخارطة فلسطين.
وصوتت ٩٢ دولة لصالح مشروع القرار الذى حمل عنوان "وضع فلسطين فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مقابل امتناع ٢١ دولة عن التصويت ومعارضة خمس دول فقط.
وفى أول رد فعل للقاهرة على التصريح الإسرائيلي، أكدت وزارة الخارجية المصرية، أن مطالبة وزير إسرائيلى بإلقاء قنبلة نووية على غزة، دليل على الانحراف والتطرف، الذى لحق ببعض صناع القرار بالحكومة الإسرائيلية، مضيفة أن العالم يتحدث عن نزع السلاح النووى ومخاطره، والبعض متعطش للمزيد من الدمار والقتل.
وفى نفس السياق، تساءلت روسيا " أين وكالة الطاقة الذرية من تصريحات إسرائيل بإلقاء قنبلة نووية على غزة ؟"، وقالت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن تصريحات الوزير الإسرائيلى تثير أسئلة حول وجودها فى ترسانة البلاد، مضيفة أن بيان إسرائيل بشأن استخدام الأسلحة النووية أثار عددا من الأسئلة بخصوص وجود تلك الأسلحة فى ترسانة البلاد، ويدفع نحو التساؤلات التالية: "أين المنظمات الدولية؟ أين الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟ أين الدول الأعضاء؟ المفتشون؟".
وعلى الرغم من الدعم الأمريكى الكبير لإسرائيل فى عدوانها على الفلسطينيين فإن نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل أكد أن هذا التصريح "غير مقبول".
كشف الغموض النووى الإسرائيلي
ومثل تصريح وزير التراث فى حكومة الاحتلال الإسرائيلية، اعترافا صريحا بامتلاك تل أبيب لأسلحة الدمار الشامل، وهو الأمر الذى كانت لا تنكره ولا تؤكده طوال العقود الماضية، التى رفضت خلالها توقيع أى اتفاقية خاصة بهذا الأمر، حيث بدأ توقيع دول العالم على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية فى مارس ١٩٧٠ ووقعت عليها أكثر من ١٩٠ دولة، بينما ترفض إسرائيل حتى الآن التوقع على المعاهدة وبالتالى لا تعطى الحق رللوكالة الدولة فى التفتيش على منشئاتها النووية.
وبموجب هذه المعاهدة التزمت الدول غير الحائزة لأسلحة نووية بعدم تصنيع أسلحة نووية أو القيام على نحو آخر باقتناء أسلحة نووية أو أجهزة تفجيرية نووية أخرى، فى حين التزمت الدول الأطراف الحائزة لأسلحة نووية بعدم مساعدة أو تشجيع أو حث أى دولة طرف فى المعاهدة غير حائزة لأسلحة نووية بأيِّ حال من الأحوال على تصنيع أسلحة نووية أو القيام على نحو آخر باقتناء أسلحة نووية أو أجهزة تفجيرية نووية أخرى.
تاريخ إسرائيل مع أسلحة الدمار الشامل
وعن تاريخ إسرائيل مع الأسلحة النووية، أشارت صحيفة "ذا أتلنتك" الأمريكية، فى تقرير لها أن المشروع النووى الإسرائيلى بدأ فى حقبة الخمسينيات من القرن الماضي، بحسب "مبادرة التهديد النووي Nuclear Threat Initiative" وهى منظمة غير ربحية فى واشنطن تتعقب تطورات الأسلحة النووية.
وأضافت "أتلانتك" فى تقريرها المنشور فى ٢٠١٤ أن إسرائيل بدأت بتجميع أول ثلاث أسلحة نووية لها خلال الأزمة التى أدت إلى حرب عام ١٩٦٧ وعلى مدار العقود الماضية، تبنت إسرائيل سياسة أطلقت عليها اسم "amimut"، التى تعنى الغموض أو عدم الوضوح للإشارة إلى برنامجها النووي.
وفيما يتعلق بامتلاك إسرائيل أسلحة الدمار الشامل، فإن القصة بدأت مع اكتمال إنشاء مفاعل ديمونة فى ١٩٦٣ حيث وكان الأمر محاطا بجدار فولاذى من السرية.
وأشارت الصحيفة إلى التقرير الأمريكى الذى فضح البرنامج النووى الإسرائيلي، حيث صدر على سبيل الصدفة تقرير من أربع صفحات صادر عن وكالة المخابرات المركزية عام ١٩٧٩ تحت عنوان "آفاق مواصلة انتشار الأسلحة النووية"، وجاء فى نص التقرير القول: "نعتقد أن إسرائيل أنتجت بالفعل أسلحة نووية، وذلك استنادا إلى مخزونها الهائل من اليورانيوم، بالإضافة إلى برنامجها لتخصيب اليورانيوم، واستثماراتها فى نظام صاروخى باهظ التكلفة قادر على حمل رؤوس حربية نووية".
وأثار التقرير حينذاك موجة من العناوين الرئيسية، وكان من بينها هذا العنوان الذى تصدر صحيفة "نيويورك تايمز": "صرّحت وكالة المخابرات المركزية عام ١٩٧٩ أن إسرائيل تملك بحوزتها قنابل نووية"، فيما تَصدَّر عنوان آخر مشابه صحيفة "واشنطن ستار": "تُعَدُّ إسرائيل عضوا فى النادى النووى منذ عام ١٩٧٤ وفقا للدراسة التى أجرتها وكالة المخابرات المركزية".
ويقول الدكتور غازى ربابعة فى كتابه "القضية الفلسطينية والصراع العربى الإسرائيلي" الصادر فى عام ١٩٨٧ "ظلت إسرائيل تترك العالم فى حيرة بصدد ما إذا كانت لديها أسلحة نووية أم لا، وقد أحيا رئيس إسرائيل السابق أفرايم كاتزير لعبة التخمين هذه عندما أبلغ مجموعة من الكتاب المتخصصين فى العلوم زارت إسرائيل فى كانون الأول ١٩٧٤ بأن لدى إسرائيل المعرفة لإنتاج هذه الأسلحة لكنها لن تكون البادئة بإدخالها إلى الشرق الأوسط".
ويضيف "ربابعة": "إلا أن إسحق رابين رئيس وزراء إسرائيل السابق صرح فى وقت لاحق بأن إسرائيل لن تكون أول من يدخل الأسلحة الذرية إلى الشرق الأوسط ولكنها لن تكون الثانية".
وفى صحيفة ها آرتس، نشر موشيه ديان مقالا فى مارس ١٩٧٦ قال فيه "آن لإسرائيل أن تمتلك الإرادة المسبقة قبل امتلاك العرب لهذه القنابل ولكن يجب أن لا نكون البادئين فى استعمالها، وأضاف "أعتقد أن لدينا القدرة لتصنيع القنابل الذرية الآن وأن الخيار النووى ضرورى لأن إسرائيل دولة صغيرة وأمريكا سوف لا تبقى البوليس الدولى إلى وقت طويل".
وتُظهر تقديرات متباينة أن لدى تل أبيب ترسانة نووية تتراوح من ٩٠ إلى ٤٠٠ رأس نووية.
وكان اليهودى من أصول مغربية موردخاى فعنونو، هو أبرز من كشف معلومات عن البرنامج النووى الإسرائيلي، وهو أحد الفنيين الذين عملوا فى موقع ديمونا- الذى يضم مركز أبحاث الطاقة النووية الإسرائيلية-، وقدم أول تقرير علنى مفصل عنه فى عام ١٩٨٦، ونشر صورا التقطها هناك لمكونات الأسلحة النووية.
وتسبب ذلك فى اختطاف فعنونو من إيطاليا، لتسجنه إسرائيل لمدة ١٨ عاما، معظمها فى الحبس الانفرادي، ثم مُنع بعد ذلك من السفر إلى الخارج أو التعامل مع الصحفيين الأجانب.
وفى عام ٢٠٠٦ صرح وزير الدفاع الأمريكى الأسبق روبرت غيتس، بأن "إيران محاطة بقوى تملك فى حيازتها أسلحة نووية، بما فى ذلك إسرائيل التى تقع غرب إيران.
وأكد الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر، خلال مناسبتين فى ٢٠٠٨ و٢٠١٤ أن عدد رؤوس الحرب النووية الإسرائيلية حتى ذلك الوقت كان يتراوح ما بين ١٥٠-٣٠٠ رأس حربي.
السلاح النووى فى حرب أكتوبر
وكانت حرب أكتوبر ١٩٧٣ هى أخطر لحظة واجهت إسرائيل منذ إعلانها فوق الأرض العربية فى فلسطين، ونظرا لخطورة الموقف الذى واجهته آنذاك فكر قادتها فى استحدام السلاح النووى ضد الجيش المصري، ومع حلول الذكرى الخمسين لانتصار أكتوبر نشرت مجلة Mosaic العبرية تقريرا فى مستهل أكتوبر ٢٠٢٣ كشفت فيه عن تفكير قادة الكيان فى استخدام للسلاح النووى خلال الحرب.
وقال التقرير "الهجوم دفع بعض القادة الإسرائيليين إلى حافة الانهيار العقلي، وأبرزهم وزير الدفاع موشيه ديان، وفى إحاطة لرئيسة الوزراء جولدا مائير، اقترح ديان تفجير سلاح نووى لردع مصر وسوريا، وفى الوقت نفسه، التراجع إلى وسط شبه جزيرة سيناء، والتنازل عن السيطرة الكاملة على قناة السويس للمصريين، وجاء رد فعل مائير رافضا لتوصيات ديان".
وأفرجت وزارة الخارجية الأمريكية عن بعض الوثائق التى تتحدث عن نفس الأمر، من بينها الوثيقة السرية التى تحمل رقم ٦٣، وتلخص محضر اجتماعات الخارجية الأمريكية فى ٢٣ أكتوبر ١٩٧٣ التى تكشف أنه "فى خضم الشعور باليأس من جانب إسرائيل لمّح سفيرها باحتمال اللجوء للتهديد باستعمال السلاح النووى بوصفه نوعًا من الابتزاز".
وتؤكد الوثيقة رفض جولدا مائير لهذا المقترح، لكنها أمرت بتسليح وتجهيز صواريخ أريحا "أو جيريكو كما ينطقها الغربيون وهى المنظومة الأساسية التى تعتمد عليها إسرائيل باعتبارها سلاحا نوويا" للاستخدام عند الضرورة... أو على الأقل للضغط على واشنطن".
ونشرت صحيفة عل همشمار العبرية تقريرا فى ديسمبر ١٩٧٦ نقلا عن مجلة التايم الأمريكية، أكدت فيه أن إسرائيل فى حرب أكتوبر ١٩٧٣ كان لديها ١٣ قنبلة ذرية جاهزة وهى تماثل التى أطلقت على هيروشيما وناجازاكي.
وكان للرئيس الراحل محمد أنور السادات، رد فعل قوى بشأن امتلاك إسرائيل للأسلحة النووية وتهديدها باستخدامها ضد مصر أو الدول العربية، وجاء فى كتاب "القضية الفلسطينية والصراع العربى الإسرائيلي" أن الرئيس السادات، أكد فى فى شهر يونيو عام ١٩٧٧ أن "لديه معلومات محددة بأن إسرائيل تمتلك بالفعل القنابل الذرية، وبحسب معلوماته فإن المحطة النووية التى بناها الفرنسيون فى إسرائيل تمكنت من صنع القنبلة الذرية.
ووجه السادات تحذيرا شديد اللهجة لإسرائيل قائلا "إذا أدخلت إسرائيل السلاح النووى إلى الشرق الأوسط فستتحمل النتائج لأننا سوف نرد، وإذا كانت القنبلة الذرية ستودى بحياة نصف مليون مصري، فإنه يمكننى تعويضهم، ولكن إذا قمت أنا بالرد على إسرائيل بالأسلحة التى أعددتها لن تستطيع إطلاقا تعويض خسارتها، أنا أستطيع أن أقتل مليون إسرائيلى وهذا سينهى وجود دولة إسرائيل".
العرب يواجهون النووى الإسرائيلى
ودأبت مصر الدول العربية على مدار السنوات الماضية، على السعى لإخضاع البرنامج النووى الإسرائيلى لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلا أن جميع محاولاتها باءت بالفشل، وكان أبرزها فى أعقاب العدوان على لبنان عام ٢٠٠٦ حيث فشلت فى إقناع الوكالة فى سبتمبر من نفس العام، على إدانة البرنامج النووى الإسرائيلي، والمطالبة بانضمام تل أبيب إلى معاهدة الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل، وهى الدولة الوحيدة فى الشرق الأوسط خارج هذه المعاهدة.
وشهد عام ٢٠١٠ سابقة هى الأولى من نوعها، حيث وضعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بند "قدرات إسرائيل النووية" ضمن جدول أعمال مجلس ادارة فى يونيو من نفس العام، لأول مرة منذ إنشاء "الطاقة الذرية"، إلا أن البند شطب بضغط من الولايات المتحدة.
وفى سبتمبر من نفس العام، رفضت الدول الاعضاء فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية بفارق صغير قرارا تبنته الدول العربية يدعو اسرائيل للانضمام لمعاهدة حظر الانتشار النووى فيما يمثل انتصارا دبلوماسيا للولايات المتحدة.
تهديد خطير
وشددت القمة العربية الإسلامية المشتركة الطارئة التى عقدت فى الرياض السبت الماضى، على ضرورة وقف العدوان وكسر الحصار على قطاع غزة، بجانب الرفض الكامل لأية محاولات للتهجير القسرى بحق الشعب الفلسطينى. وتضمن القرار الصادر عن القمة ٣١ بندًا ونص البند ٢٢ منهم على: (إدانة الأفعال وتصريحات الكراهية المتطرفة والعنصرية لوزراء فى حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بما فيها تهديد أحد هؤلاء الوزراء باستخدام السلاح النووى ضد الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، تهديدًا خطيرًا للأمن والسلم الدوليين، ما يوجب دعم مؤتمر إنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية وكافة أسلحة الدمار الشامل الأخرى فى الشرق الأوسط المنعقد فى إطار الأمم المتحدة وأهدافه للتصدى لهذا التهديد).
والمعروف أن مصر طالبت أكثر من مرة منذ ثمانينيات القرن الماضى، عبر مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، بضرورة جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، كما شهدت القاهرة فى منتصف الثمانينيات من القرن الماضى مؤتمرًا دوليًا عقده المجلس المصرى للسلام بدعم من الحكومة المصرية وبمشاركة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة وممثلى دول العالم، وتركزت كل جلساته حول المطلب نفسه والذى ما زال العرب يطالبون به وسط تعنت إسرائيل و"تغاضى" واشنطن عن السياسة الصهيونية بكل تداعياتها على المنطقة.