تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بذكري التجليس على كرسي مارمرقس الثانية و الخمسون للبابا الراحل الأنبا شنودة الثالث، حيث أقيم القداس الإلهي يوم 14 نوفمبر1971 لتجليس الأنبا شنودة بطريركا لكرسي الإسكندرية و كانت القرعة الهيكلية للبابا شنودة يوم 31 أكتوبر 1971.
بحضور الأنبا أنطونيوس والأساقفة حيث بدأ الأنبا أنطونيوس بقراءة جزء من الكتاب المقدس المخصص للقرعة الهيكلية "وصلوا قائلين: أيها الرب العارف قلوب الجميع، عين أنت من هذين الاثنين أيا أخترته ( أع 1 :24) و تمت القرعة الهيكلية باختيار البابا شنودة بطريرك الكرازة المرقسية وتعتبر القرعة الهيكلية أحد أهم طقوس التجليس للكرازة المرقسية وترتبط ارتباطًا وثيقًا بانتخابات بطريرك الأقباط الأرثوذكس، وهى أحد الطقوس الخاصة باختيار البطريرك، حيث تتم عن طريق كتابة أسماء المرشحين للكرسى المرقسى، الذين حصلوا على أعلى الأصوات فى انتخابات البطريرك فى ورقة بعد التصفية قبل النهائية لخمسة من المرشحين وتوضع الثلاث ورقات فى صندوق صغير على المذبح ووضع كل منها فى حلقة معدنية منفصلة وتختم بالشمع الأحمر ثم توضع فى إناء زجاجى كبير على منصة مرتفعة ويتم اختيار طفل معصوب العينين بعد الصلوات ليسحب ورقة من الثلاث وذلك يعلن صاحبها بطريركًا جديد خلفا للبطريرك الراحل.
واستخدمت القرعة الهيكلية بعد رحيل قداسة البابا كيرلس السادس في 9 مارس 1971 اجتمع المجمع المقدس برئاسة الأنبا أنطونيوس مطران سوهاج، وبدأت عملية الترشيح وكان المرشحين الأنبا أنطونيوس والأنبا باسيليوس، والأنبا شنودة، والأنبا صموئيل، والأنبا لوكاس، والأنبا بولس، والأنبا يوساب؛ ومن الآباء الرهبان القمص قزمان المحرقي، والقمص متى المسكين، والقمص شنوده السرياني، والقمص كيرلس المقارى.
ومنهم تم اختيار خمسة هم الأنبا شنودة، والأنبا أنطونيوس، والأنبا صموئيل، والأنبا باسيليوس، والأنبا لوكاس؛ ثم في تزكيات لاحقة: نيافة الأنبا جريجوريوس، ونيافة الأنبا دوماديوس، والقمص تيموثاوس المحرقي، وفي يوم 29 أكتوبر اُجرِيت الانتخابات لاختيار ثلاثة من المرشحين، حيث فاز كل من نيافة الأنبا صموئيل ونيافة الأنبا شنودة والقمص تيموثاوس المقاري، وفي قداس القرعة الهيكلية تم اختيار الطفل الذي يقوم بسحب الاسم لسيامة شنودة الثالث والتى تمت على يد طفل ويدعى "أيمن منير كامل" ولد أيمن منير كامل عام 1965م و كان يبلغ من العمر 6 سنوات حين قام بسحب القرعة الهيكلية التي سيم شنودة الثالث و كانت اسرته مرتبطة بالكنيسة وكانت اغلب افراد اسرته من كهنة كنيسة السيدة العذراء والقديس يوسف فهو حفيد القمص ميخائيل شحاتة الكاهن بالكنيسة ذاتها بمنطقة سموحة بالإسكندرية وأخ والده هو مؤسس الكلية الإكليريكية.
وتم اختيار 11 بطريرك فى التاريخ الكنسى الأرثوذكسى وهم: البابا كيردونيوس الرابع، البابا يؤانس الرابع، البابا ميخائيل الثانى، البابا اثناسيوس الثالث، البابا غبريال الثالث، البابا يؤانس السادس عشر، البابا بطرس السادس، البابا يؤانس السابع عشر الـ50 البابا مرقس الثامن، البابا كيرلس السادس، البابا شنودة الثالث، ولاتزال حتى الآن القرعة تقليدًا متبعًا فى كنائس الارثوذكسية حول العالم القبطي
وفي السطور التالية ننشر أبرز المعلومات عن البابا شنودة الثالث: من مواليد الثالث من أغسطس 1923 في قرية "سلام" بمحافظة أسيوط ، وكان اسمه نظير جيد روفائيل
ثم التحق بجامعة فؤاد الأول قسم التاريخ وبدأ بدراسة التاريخ وحصل على الليسانس بتقدير ممتاز عام 1947
بعد حصوله على الليسانس بثلاث سنوات تخرج من الكلية الإكليريكية ، ثم دخل الخدمة العسكرية ضابطاً برتبة ملازم بالجيش وعمل مدرساً للغة العربية ومدرسًا للغة الإنجليزية
حضر فصولًا مسائية في كلية اللاهوت القبطي وكان تلميذاً وأستاذاً في الكلية نفسها وفي الوقت ذاته ، بدأ خدمته كان خادمًا بجمعية النهضة الروحية التابعة لكنيسة العذراء مريم بمسرة في حي شبرا بالقاهرة وطالبًا بمدارس الأحد ثم خادمًا بكنيسة الأنبا أنطونيوس بشبرا في منتصف الأربعينات ثم
دخل دير السريان قاصدًا الرهبنة عام 1953حتى صار أسقفًا للتعليم.
رسم راهباً باسم (أنطونيوس السرياني) في يوم السبت 18 يوليو 1954،
- تمت سيامته قساً فى 31/8/1958 م.
- ومن عام 1956 إلى عام 1962 عاش حياة الوحدة في مغارة تبعد حوالى 7 أميال عن مبنى الدير.
- عمل سكرتيرًا خاصًا للبابا كيرلس السادس في عام 1959.
- رُسِمَ اسقفاً للمعاهد الدينية والتربية الكنسية، وأصبح أول أسقف للتعليم المسيحي وعميد الكلية الإكليريكية، وذلك في 30 سبتمبر 1962.
بعد وفاة البابا كيرلس السادس تم اختياره بالقرعة الهيكلية فى 31/10/1971 م، ونصب بابا وبطريرك للكرازة المرقسية فى 14/11/1971 م
ثم قام البابا بإنشاء العديد من الأديرة القبطية خارج مصر وأعاد تعمير عدد كبير من الأديرة المتهالكة.
- امتدت أنشطة البابا شنودة إلى الكتابة في الصحافة وكان يكتب في جريدة "الأهرام" .
- منحته نقابة الصحفيين عضوية النقابة عام 1966م، وكان رقم عضويته 156.
- كتب البابا القصائد الشعرية وكان لعدة سنوات محررًا ثم رئيسًا للتحرير في مجلة "مدارس الأحد".
- هو أول بابا يرسم أسقفًا عامًا للشباب وهو الأنبا موسى.
- أتاح المجال أمام المرأة للكتابة في مجلة الكنيسة وهي مجلة "الكرازة"، حيث سمح لنبيلة ميخائيل يوسف كتابة باب "روائع العلم" وهي نفسها أول امرأة عضوة في المجلس الملي العام منذ عام 1989.
- أول بابا يقيم حفلات إفطار رمضانية لكبار السياسيين وفعاليات المجتمع المصري السياسية منذ عام 1986
وأيضا للبابا شنودة مواقف وطنية وكان من اهمها موقفة الوطنية تجاه القضية الفلسطينية ومقولته الشهيرة «لن ندخل القدس إلا وأيدينا فى أيدى إخواننا المسلمين» ومنعه زيارة الأقباط للقدس رغم كل المعارضة من اتجاهات متعددة حتى لقبه العرب ليس فقط بابا الكنيسة الارثوذكسية بل لقبه بـ " بابا العرب " نظرا لمواقفه الوطنية و أيضا من مواقفه اتجاه الوطن فى حرب أكتوبر 1973، عقد قداسة البابا شنودة اجتماعا مع الكهنة والجمعيات القبطية لحثهم على الإسهام فى دعم المجهود الحربى، كما شكل لجنة لجمع التبرعات ولجنة للإعلام الخارجى ، كما قدمت الكنيسة 100 ألف بطانية لوزارة الشؤون الاجتماعية، و30 ألف جهاز نقل دم لوزارة الصحة.
- فى عام 1974 زار قداسته مدينة السويس الباسلة، وألقى كلمة تشجيع للجنود، ثم زار مقابر الشهداء ووضع إكليلا من الزهور على انصب التذكارى للشهداء .
- كما زار مدينة الإسماعيلية فى 11/9/ 1976، وألقى كلمة حيا فيها شهداء حرب أكتوبر، وزار الجيش الثانى الميدانى ، وزار النصب التذكارى للشهداء، ووضع إكليلا من الزهور على النصب.
- فى يوم 9/10/1976، زار قداسته مدينة بور سعيد وعقد مؤتمر وطنى كبير، حضره محافظ بور سعيد ومدير الأمن، وفى اليوم التالى توجه قداسته مع المحافظ لزيارة مقابر الشهداء ووضع أكليل من الزهور هناك.
- عقب أحداث 18 و19 يناير1977، وجه قداسته بيانا إلى الرئيس السادات ووزعه على جميع الصحف ووسائل الإعلام قال فيه ( يعز علينا فى هذه ألفترة الدقيقة أن تتعرض بلادنا للتخريب والإيذاء، ويؤلم قلوبنا أن يكون هذا التخريب بأيدى بعض من أبنائها، إن التخريب ليس هو الوسيلة المعبرة عن الرأى، ولا هو الوسيلة الموصلة إلى الإصلاح، إن الضمير لا يرضى بالتخريب، ولا الرب يباركه) .
- فى نفس العام وبالتحديد فى 11/10/1977 زار الرئيس الكاتدرائية المرقسية ، وفيها قال البابا شنودة قوله المأثور: (مصر ليست وطنا نعيش فيه، بل وطن يعيش فينا، يعيش فى داخلنا، مصر هذه نحبها الحب كله ونحرص على سمعتها كل الحرص فى الداخل وفى الخارج أيضا ).
- عقب الأحداث المؤسفة التى وقعت خلال حقبة السبعينات، وكان الشباب القبطى غاضبًا وثائرًا جدا، عقد قداسته اجتماعه الأسبوعى يوم الجمعة 25 أبريل 1980 وحاول تهدئتهم قائلا (كما إننى مستعد أن أبذل حياتى من أجل أى واحد منكم كذلك أنا مستعد أن أبذل حياتى من أجل أى مسلم فى هذا البلد، فإن الحب الذى فينا لا يعرف تعصبا ولا تفريقا فنحن أخوة فى هذا الوطن..
- عندما سافر الرئيس الأسبق حسنى مبارك، إلى الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة، أرسل قداسته خطابا إلى أقباط المهجر بتاريخ 24 يناير 1982، قال لهم فيها (لا شك أن الرئيس مبارك سيقابل منكم بكل حفاوة وترحيب يليقان برئيس دولتنا الذى أمرنا الكتاب المقدس أن نحبه ونخضع له، وأمرتنا الكنيسة أن نصلى من أجله فى كل قداس وفى كثير من طقوسنا).
- فى شهر مايو 1994، أراد مركز ابن خلدون أن يقيم مؤتمرا فى القاهرة لحماية الأقليات، ووضع الأقباط ضمن الأقليات، وعندما سمع قداسة البابا شنودة بهذا الأمر أصدر بيانا قال فيه (نحن مصريون، جزء من شعب مصر ولسنا أقلية فى مصر– ولا أحب أن نعتبر أنفسنا أقلية ولا أن يسمينا البعض أقلية، فكل من عبارة أغلبية وأقلية، إنما تدل فى أسلوبها على التفرقة والتمييز أو التمايز بالنسبة إلى البعض– وهذا لا يليق بالنسبة لأبناء الوطن الواحد وبخاصة فى مصر المحبوبة.. ).
- عندما قدم الكونجرس الأمريكى مشروع قانون للحماية الدينية للمسيحيين فى الشرق الأوسط وجاء مندوب الكونجرس الأمريكى "فرانك وولف "إلى مصر وعقد مؤتمرا صحفيا يوم 25 / 7 /1998 اتهم فيه الحكومة بتجاهل ما أسماه بقضية اضطهاد الأقباط، رفض قداسته هذا المشروع، وقال إن مشاكلنا تحل داخل مصر وليس خارجها، والأقباط يرفضون أن يمارس أحد وصاية عليهم ولا يقبلون أى حماية من دولة أجنبية .
- وفى عام 2002 عقد البابا شنودة مؤتمرا شعبيا كبيرا فى الكاتدرائية المرقسية بعد تحديد إقامة عرفات دفاعا ودعما منه للقضة الفلسطينية والقضايا العربية.
- فى نفس هذا الإطار وفى صيف عام "2004 " جاء وفد ممن أسموا أنفسهم بــ (لجنة الحريات الدينية) لبحث أوضاع الأقباط فى مصر وطلبوا مقابلة قداسة البابا رفض قداسته مقابلتهم بشدة وأعلن موقفه الثابت والمستقر أن مشاكل الأقباط لن تناقش إلا داخل فى إطار الوطن والحكومة المصرية فقط: "إننا نرفض أى تدخل أجنبى فى شؤوننا الداخلية تحت أى مسمى" و رحل الي موطنه السماوي يوم 17 مارس 2012م عن عمر يناهز 89 عاما، وشيعت جنازته يوم الثلاثاء 20 مارس 2012 ، من الكاتدرائية المرقسية بالعباسية حتى مقره الأخير بدير الأنبا بيشوى بوادى النطرون ، في جنازة مهيبة حضرها كافة طوائف الشعب المصرى.