بينما نسير قدماً فى طريق استكمال استحقاقات خارطة الطريق حتى نخرج من نفق طال فى حسابات البعض بعمق اربعة عقود وعند اخرين الى ستة عقود، تتجمع عوائق يحركها كل من اضير من ثورة الشعب فى 30 يونيو، والتى تتواصل مع ثورة 19 وإن اختلفت الأسباب والدوافع.
عائق التصورات المشوشة عن المواطنة والمشاركة بفعل ما تم ترسيخة من نخب لم تكلف نفسها ان تتواصل مع مفاهيم الدولة المدنية وراحت تعمق انحيازاتها الضيقة ايديولوجيا ودينياً وإن غلفت طرحها بقشرة مزيفة من كلمات ذات بريق يبدو مدنيا لكنها مفارقة لمضمونها، منها على سبيل المثال الصارخ أن يرفض القضاة تعيين امرأة قاضية منصة، وأن ترفض الأحزاب الدفع بالمرأة والأقباط الى مقدمة قياداتها ـ إلا قليلا ، وأن تقف الفتاوى المتجمدة أمام اعادة بناء وترميم الكنائس التى هدمت او أضيرت من أعمال الإرهاب الأسود من النظام الذى ازاحته ثورة الشعب التصحيحية فى 30 يونيو.
عائق السعى المحموم لإجهاض الحراك الوطنى بإرهاب تعلو وتيرته كلما اقتربنا من انفاذ خطوات خارطة المستقبل، وتقاعس يبدو محيرا عن توقيع وترجمة مطلب العدالة الإنتقالية وإجراءاتها المعلنة بدءاً من رصد وتوثقيق الإنتهاكات الجسيمة بحق حقوق الإنسان منذ 25 يناير وحتى اللحظة وتحديد مرتكبيها وتقديمهم لعدالة ناجزة تتجاوز الاجراءات التقليدية دون ان تخل بحق الدفاع، وجبر الضرر والاعتذار للشعب عما اقترفوه، ثم اجراء مصالحة حقيقية مع الوطن.
عائق التعاطى البطئ مع المشاكل الآنية للشارع والذى يأتى خصما من ايمان الناس بالثورة والحنين لعودة النظم السابقة جراء اليأس من الخروج من النفق، وهو ما يستثمره اعداء الثورة والوطن، وقد نفاجأ بهم يحصدون مقاعد البرلمان ليجهضوا كل ما بنيناه لاسترداد الوطن، فى ظل دستور حجم صلاحيات رئيس الجمهورية ووسع من صلاحيات البرلمان ، لنجد انفسنا أمام مأزق خطير يرتد بنا الى ما هو أسوأ.
عائق تفكك القوى المدنية وتعاملها مع المرحلة بنفس ادواتها السابقة، وتشتيت جهودها وعدم الاتفاق على رؤية متقاربة، وتصور كل واحدة فيها أنها المسيطرة على جماهير الناخبين فى غلو غير مبرر وغرور قاتل يقابله فى الجهة الأخرى توحد لقوى الإظلاميين التى تنظم صفوفها وتعمل بعيدا عن ضجيج الإعلام فى القرى والنجوع والاحياء الشعبية لحصد الاصوات والمقاعد، اكتفت القوى المدنية بالشعارات والصراعات، بينما نار القوى المعادية للثورة تسرى تحت الرماد.
عائق الإعلام الذى فقد بوصلته وتحولت فيه برامج التوك شو الى مكلمة صارخة تصنع ضجيجاً بلا مضمون أو رؤية، وتعيد انتاج اعلام الستينيات وتزايد على خيارات الجماهير دون توعية وبفجاجة مرشحة لإحداث رد فعل عكسى.
لعل ذلك يدعونا الى وقفة صارمة من القوى المدنية للتفكر والتدبر فالتحدى لا يستهان به، والوقت يداهمنا والمتربصون كثر، ومن يدعمونهم يملكون اجهزة تحليل وامكانات واصرار على تفخيخ خارطة المستقبل وافشالها، ليس فقط داخل حدود الوطن لكنهم متوزعين اقليميا ودوليا فى شبكة مصالح هزتها انتفاضة الشعب، وتسعى بدأب لاستراد ما كان لها.
هل ننتبه الى أن شعبية السيسى الجارفة والمستحقة لا تكفى وحدها لتحقيق حلم الجماهير والوطن للخروج من النفق الممتد والعميق، لذلك أدعو الاحزاب المدنية الرئيسية للمسارعة بنبذ الشخصنة والعمل على الاتفاق على قائمة قومية موحدة لا تشتت الأصوات ولا تفتتها ، والعمل على مخاطبة الشارع بلغته عبر برنامج عمل يطرح حلولا حقيقية لمشاكله المزمنة وتصور واضح لخطوات المستقبل، حتى لا يغرقنا طوفان القوى الظلامية .
خارطة المستقبل فى استحقاقيها الرئاسة والبرلمان فى مهب الريح فهل ننتبه؟.