في ظل تصاعد التوترات بين الحكومة الفرنسية والجماعات الإسلامية المتطرفة، تزداد الضغوط على السلطات لاتخاذ إجراءات حاسمة ضد تنظيم الإخوان، الذي يُعتبر من أبرز الفاعلين في نشر الأفكار المتشددة والتحريض على العنف.
وقد أطلقت شخصيات سياسية وبرلمانية وإعلامية ومنظمات غير حكومية فرنسية، دعوات وحملات تهدف إلى حظر نهائي لجماعة الإخوان الإرهابية في فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي، وتصنيفها كتنظيم إرهابي، بالإضافة إلى حل جميع الجمعيات المُرتبطة بالإخوان.
أبرز المطالبين
ومن بين أبرز المطالبين بحظر الإخوان، ستيفان رافييه، عضو مجلس الشيوخ الفرنسي، الذي كتب على منصاته في وسائل التواصل الاجتماعي: "هل ستحلون جماعة الإخوان؟ هل ستضعون هذا الطابور الخامس بعيدًا عن الأذى؟" .
وأضاف "رافييه": "الغرغرينا موجودة بالفعل في كل مكان بيننا، وهي إما أن نقضي عليها أو نموت"؛ مشيرًا إلى أن جماعة الإخوان تستغل سياسة الهجرة المفتوحة في فرنسا لزرع عناصرها والقيام بأنشطة تخريبية، مُطالبًا بالتعامل معهم بقسوة.
وقد لقيت منشورات رافييه تفاعلًا كبيرًا وتأييدًا واسعًا بين العديد من الفرنسيين، الذين أعادوا نشرها وطالبوا بطرد الإخوان واصفین الاتحاد الأوروبي بأنه متواطئ معهم. كما أطلقت عدة منظمات أوروبية، منها منظمة "كرستیانی- سولیداریتی Christian Solidarity، حملة شعبية ورسمية للتوقیع على عریضة تُطالب بحظر تنظیم الإخوان في كل دول الاتحاد الأوروبی، مُحذرة من استمراریة الدعم المالي الذي تقدمه مؤسسات بروكسل لجمعیات وشبكات تابعة للإخوان في أوروبا.
وتأتي هذه الدعوات والحملات في سیاق مواجهة الإرهاب الإسلامي، الذي شهدته فرنسا في السنوات الأخیرة، والذي أودى بحیاة المئات من المدنیین والآمنیین.
وكان أبرز هذه الهجمات مقتل مدرس التاريخ صاموئیل باتي Samuel Paty على ید شاب شیشاني بعد تحریض إخواني عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وقد أثارت هذه الجریمة غضبًا عارمًا في الشارع الفرنسي، ودفعت الحكومة إلى إغلاق عدة جمعیات ومساجد مرتبطة بالإسلام السیاسي.
ويبدو أن جماعة الإخوان تفقد نفوذها في فرنسا تدریجیًّا، وأن حظرها سیكون ضربة قاصمة لها، لاسیما أن فرنسا تعتبر من أهم الملاذات للإخوان في أوروبا، حیث یمارسون نشاطاتهم بحرية تحت مظلة الديمقراطية وحقوق الإنسان. ولكن یبدو أن هذه المظلة بدأت تتشقق بفعل التحدیات الأمنية والثقافیة التي تواجه المجتمع الفرنسي.
كيف يتصدى القانون الفرنسي للإخوان والأحزاب المتشددة؟
القانون الفرنسي لمكافحة الانفصالية والتطرف الديني هو قانون مثير للجدل يهدف إلى تعزيز مبادئ الجمهورية والعلمانية والحرية في مواجهة الأيديولوجيات المتشددة والعنيفة.
ووفقًا لبعض التقارير الأجنبية، يتضمن القانون ما يلي:
- تجريم خطاب الكراهية على شبكات التواصل الاجتماعي ومشاركة المعلومات الشخصية للأفراد بطريقة تهدد حياتهم.
- فرض قيود على التمويل الخارجي للمجموعات الدينية والجمعيات المرتبطة بها، وإلزامها بالشفافية المالية والضريبية.
- إغلاق أي مكان عبادة أو مدرسة أو جمعية تنشر خطابات أو أفكارًا أو نظريات أو نشاطات تروج للعنف والكراهية والتمييز ضد مجموعات معينة.
- محاسبة كل من يرهب أو يهدد المسؤولين الحكوميين أو الأشخاص الذين يؤدون خدمة عامة لأسباب دينية أو أيديولوجية.
- تقييد التعليم في المنزل والمدارس الخاصة غير المتعاقدة مع وزارة التعليم، خاصة المدارس الدينية.
- ضمان احترام مبادئ العلمانية والحياد في كل القطاعات العامة والخاصة التي تقدم خدمات حكومية.
القانون يستهدف بشكل خاص جماعة الإخوان، التي تُعتبر من أبرز الفاعلين في نشر الإسلام السياسي والتحريض على الإرهاب في فرنسا وأوروبا.
تداعيات حظر الإخوان بفرنسا
تداعيات حظر جماعة الإخوان في فرنسا، تتمثل في الآتي:
- حظر جماعة الإخوان في فرنسا قد يؤدي إلى تقويض نفوذها وأنشطتها في أوروبا، حيث تعتبر فرنسا من أهم الملاذات للإخوان في القارة العجوز.
- حظر جماعة الإخوان في فرنسا قد يؤدي إلى تشجيع التشدد والانغلاق والانتقام من قبل بعض عناصرها وأنصارها، خاصة في ضوء الهجمات الإرهابية التي شهدتها فرنسا في السنوات الأخيرة.
- حظرها في فرنسا قد يؤدي إلى تصعيد التوترات بين الحكومة الفرنسية والجالية المسلمة، التي تشكل نحو ١٠٪ من سكان فرنسا، والتي قد تشعر بالظلم والتمييز.
- حظر الجماعة في فرنسا قد يؤدي إلى تغيير موازين القوى في المشهد السياسي والديني في المنطقة، حيث قد يستفيد من ذلك بعض الأطراف المنافسة للإخوان، مثل السلفيين أو التيارات المحافظة أو المعتدلة.