76.8 مليار دولار حجم المساعدات التي قدمتها أمريكا لأوكرانيا منذ يناير ٢٠٢٢ حتى يوليو ٢٠٢٣
ألقت الحرب في قطاع غزة، بظلالها على الحرب الروسية ــ الأوكرانية، إذ تراجع حجم الدعم الغربي المقدم لكييف لا سيما الإمدادات الأمريكية، نظرًا لتحول نظرها إلى الصراع في الشرق الأوسط.
وجاء أكبر دليل على ذلك قرار وزارة الدفاع الأمريكية بإرسال مئات الآلاف من قذائف المدفعية من عيار ١٥٥ ملليمترًا، لإسرائيل كانت مخصصة في البداية إلى أوكرانيا من مخزونات الطوارئ الأمريكية، ما يضع القيادة السياسية في أوكرانيا أمام خيارات صعبة، قد تدفع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إلى رفع الراية البيضاء، إذ أعلن عن تخوفاته من صرف الأنظار عن الحرب الأوكرانية نتيجة أحداث غزة.
وبحسب مراقبين أصبح أمام كلٍ من الغرب وواشنطن في الوقت الراهن، طريق واحد فيما يخص الأزمة الأوكرانية في ظل أزمة غزة المتفاقمة، وهو إجبار كييف على التفاوض مع موسكو، وتنفيذ جميع الشروط الروسية والضمانات الأمنية التي طالبت بها موسكو مرارًا، ويظهر ذلك جليًّا في تعالي الأصوات في الداخل الأوكراني للمطالبة برحيل "زيلنيسكي"، باعتباره السبب الرئيسي في تدمير البلاد، والإجابة ببساطة أنه لن يتمكن من تحرير أراضيها فضلًا على الدمار الشامل الذي ضرب البلاد.
مخاوف من نقص الأسلحة
وكشفت ألمانيا عن مخاوفها من نقص في الأسلحة المقدمة إلى أوكرانيا حال دعم إسرائيل في حربها، كما أن الفترة الأخيرة شهدت تصاعدًا في الخلافات بين كييف وبعض دول شرق أوروبا بسبب تمديد حظر دخول الحبوب الأوكرانية إلى أسواق كل من بولندا وسلوفاكيا والمجر ما يخدم مصالح روسيا، وأدى إلى توتر العلاقات مع هذه الدول، فضلًا عن فوز حزب سمير-أس دي الشعبوي الذي يتزعمه رئيس وزراء سلوفاكيا السابق روبرت فيكو، وهو سياسي موالٍ لروسيا، في الانتخابات السلوفاكية بحصوله على ٢٣.٣٪ من إجمالي الأصوات (٤٢ مقعدًا من أصل ١٥٠).
ومن المتوقع أن يحدث فيكو تغييرات في السياسة الخارجية لبلاده للوفاء بتعهداته أمام ناخبيه، أو على الأقل يوظّف هذا التوجه ضد كييف كورقة ضغط على الاتحاد الأوروبي للحصول على المزيد من المزايا الاقتصادية التي تساعده على مواجهة التحديات الداخلية، على غرار ما فعلته جورجيا ميلوني في إيطاليا عندما تولت رئاسة الحكومة العام الماضي.
أسباب مهمة وراء التخلي عن أوكرانيا
ولعل من الأسباب المهمة وراء التخلي عن أوكرانيا هو عدم قدرتها على حسم الحرب مع روسيا، بالرغم من المساعدات العسكرية الكبيرة التي تم تقديمها لكييف سواء من الولايات المتحدة أو الغرب، فضلًا عن وجود شبهات فساد داخل الحكومة الأوكرانية، ولا سيما بعد إقالة عدد من المسئولين كان آخرهم وزير الدفاع، أوليكسي ريزنيكوف.
وقد دخل العالم نفقًا مظلمًا على الصعيد الاقتصادي فور بدء الحرب في غزة، إذ زادت أسعار النفط، ما قد يجعل الكثير من الدول الغربية، يرفع يده عن أوكرانيا ويتوقف عن مدها بالمال والسلاح، بسبب تزايد الأعباء الاقتصادية، فضلًا عن وجود مخاوف من استنزاف الموارد العسكرية الخاصة بها، خاصة مع طول أمد الحرب الجارية دون وجود أفق واضح لانتهائها، وأكبر دليل على ذلك التصريحات التي أطلقها رومين راديف الرئيس البلغاري، إذ أكد أن أوروبا لم تعد قادرة على تحمل استمرار النزاع في أوكرانيا، وأن إرسال المزيد من الأسلحة إلى أوكرانيا لن يؤدي إلى تسوية النزاع.
ووفق المعلومات المتاحة فمن المتوقع تراجع الدعم الغربي لأوكرانيا بنسبة كبيرة، الأمر الذي يهدد كييف بالسقوط أمام موسكو، ويجبر الرئيس الأوكراني على التسليم وإنهاء الحرب بصورة سلمية، لذا بدأت أوكرانيا محاولات تسليح نفسها عبر العمل على عقد صفقات من الشركات الدفاعية العالمية.
ومن المؤكد أن الحرب على غزة ستكون رقمًا مهمًا في حسم الصراع الروسي ــ الأوكراني ولا سيما إذا طال المدى الزمني للانتهاكات الإسرائيلية، ما ينذر باشتعال الشرق الأوسط كله، ويؤثر في الوقت نفسه بصورة سلبية على الدعم الغربي والأمريكي لكييف.