فى أعقاب توغل حماس فى عمق إسرائيل، لا يملك المرء إلا أن يتخيل الضغوط الهائلة التى يتعرض لها رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، حيث لم تشعر إسرائيل قط بالضعف إلى هذا الحد من قبل، وفقًا لتقرير موقع بوليتيكو الأمريكى.
وأضاف الموقع الأمريكى، ولكن من خلال عدسة عسكرية بحتة، فإن الرد الجبار لإسرائيل يبدو وكأنه عرض للقوة المطلقة دون النظر إلى المدى الطويل، إن الوقوف إلى جانب إسرائيل، كما نفعل فى أحلك ساعاتها، لا يعنى الوقوف متفرجين على هذا الاستخدام غير الحكيم للقوة، ويجب أن نتحلى بالشجاعة لقول ذلك.
إن الدعوة العلانية لوزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن إلى هدنة إنسانية، تشير إلى محادثات عبر القنوات الخلفية تحذر إسرائيل من المخاطر التى يشكلها نهجها الحالى، إن فرصة إسرائيل فى هزيمة أيديولوجية حماس معدومة، ولكنه تخاطر بإثارة المزيد من الغاضبين لدى الفلسطينيين العاديين، نظرًا لغياب أى حكومة أو خطة أمنية فى مرحلة ما بعد حماس يمكن إقناعهم بالانضمام إليها.
ومما يزيد الأمور تعقيدا أن حجم الأضرار الجانبية والأزمة الإنسانية المتنامية يؤدى إلى تأجيج الانتقادات الدولية، وبما أن سوء التقدير أو التصعيد قد يؤدى إلى عواقب جيوسياسية أوسع نطاقا فى مختلف أنحاء الشرق الأوسط وخارجه فى وقت يتعرض الغرب لاختبار مؤلم بالفعل، وبعد شهر من الصراع، يتعين علينا أيضًا أن نعترف ببعض الحقائق غير المريحة لجميع الأطراف.
وقال الموقع، إنه من المؤسف أن تعهد نتنياهو بالحصول على "المسئولية الأمنية الشاملة" لقطاع غزة بأكمله "لفترة غير محددة" يوضح كيف يواصل تجاهل تحذير الرئيس الأمريكى جو بايدن بعدم تكرار الأخطاء التكتيكية والاستراتيجية التى ارتكبتها أمريكا بعد أحداث ١١ سبتمبر، ولا يعد هذا مجرد استخدام متهور للقوة العسكرية الإسرائيلية المتفوقة، بل إنه لا يقدم أيضًا استراتيجية واضحة لما قد يبدو عليه "النجاح"، وفى غياب مثل هذه الاستراتيجية، فإن أيديولوجية العدو ستبقى قائمة، بغض النظر عن القوة التدميرية الموجودة تحت تصرف إسرائيل.
وأضاف "بوليتيكو"، أنه فى الواقع، سيكون من التقصير فى واجب القوى الغربية أن تقصر مشاركتنا فى السياسة الخارجية على العبارات العامة الداعمة لحق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها والدعوة إلى إدخال المزيد من المساعدات إلى غزة، إن الصديق الحقيقى لإسرائيل لابد أن يتحدث علنًا عندما تُرتكب الأخطاء ـ نظرًا لارتفاع المخاطر ـ ويقدم القيادة الفكرية، والقوة الناعمة، وإذا لزم الأمر، القوة الصارمة فى الدعوة إلى الحلول.
حيث تتطلب المنطقة تصميم استراتيجية كبرى أكثر شمولًا، ويجب أن تتضمن هذه الاستراتيجية تعاون ومشاركة المجتمع الدولى، لأن المستقبل بدون حماس لن يكون ممكنًا إلا إذا جاءت مسئوليات الحكم والأمن الجديدة بدعم عربى ومحلى، وإلا فإن التاريخ سيعيد نفسه، مرة أخرى.
وقال الموقع الأمريكى، إنه على الرغم من أن الدعوات إلى وقف كامل لإطلاق النار غير جدية، لأن هذا من شأنه أن يترك حماس فى السلطة، إلا أن التوقف الرسمى للقتال أصبح أمرًا مستحقًا، وإذا تم ذلك، فلا ينبغى أن يكون ذلك مجرد فرصة لتقديم المساعدات الإنسانية لغزة، بل يجب على إسرائيل أن تعيد التفكير والتعاون بشأن كيفية اتباع خطة أكثر قابلية للحياة وشمولية واستدامة لهزيمة حماس، مضيفًا، ولا تستطيع إسرائيل.