مما لا شك فيه أن العدوان الإسرائيلى على غزة، سيكون له تأثيرات غاية فى الخطورة على السلام والأمن العالمي، إذ تسهم هذه الانتهاكات فى زيادة نشاط الجماعات الإرهابية بعدة طرق، حيث تخلق بيئة من الإحباط والاستياء لدى الشعب الفلسطيني، بسبب الاستيطان والقتل والاعتقال التعسفي، ما قد يؤدى فى نهاية المطاف إلى تبنى العنف كطريقة لإظهار الغضب والتعبير عن المقاومة.
التطرف كرد فعل
فى حين توفر الدعم والغطاء الأخلاقى للجماعات الإرهابية، من خلال زيادة التعاطف معها، إذ أن هذه الانتهاكات تسهل من مهمة التنظيمات المتطرفة، فى تجنيد أعضاء جدد نظرًا لموقف الغرب الداعم والمساند لجرائم المحتل الإسرائيلى كل ذلك من شأنه أن يحول العالم إلى بؤرة مشتعلة من الصراع والعمليات الإرهابية. لذا من المتوقع أن يؤدى العدوان الإسرائيلى على غزة، فى زيادة نشاط الذئاب المنفردة، إذ يوفر لهم بيئة مواتية للتجنيد والتحريض. يمكن أن يؤدى الصراع إلى زيادة التطرف والعدوان بين الأفراد، مما يجعلهم أكثر عرضة للانضمام إلى الجماعات الإرهابية أو ارتكاب أعمال عنف من تلقاء أنفسهم.
طرق الإرهاب
يمكن أن يحدث هذا التأثير من خلال عدة طرق:
التحريض: يمكن أن تستخدم الجماعات الإرهابية الصراع فى غزة للتحريض على الكراهية والعنف ضد أهداف معينة.
التجنيد: يمكن أن تستغل الجماعات الإرهابية الصراع فى غزة لتجنيد أفراد جدد، يمكن أن يشعر الأفراد الذين يعانون من الغضب أو الإحباط بسبب الصراع بأنهم ليس لديهم خيار سوى الانضمام إلى الجماعات الإرهابية.
الإلهام: يمكن أن يلهم الصراع فى غزة الأفراد على ارتكاب أعمال عنف من تلقاء أنفسهم، ويمكن أن يشعر الأفراد الذين يرون العنف فى غزة بأنهم بحاجة إلى اتخاذ إجراء من تلقاء أنفسهم للدفاع عن القضية التى يؤمنون بها.
هناك أدلة على أن الصراع فى غزة كان له بالفعل تأثير على الذئاب المنفردة، على سبيل المثال، فى عام ٢٠٢٣، ارتكب رجل فرنسى طعنًا فى مدرس فرنسى لأسباب إسلامية. ادعى الرجل أنه كان مستوحى من الصراع فى غزة.
من المهم أن نتذكر أن الذئاب المنفردة هم أفراد متطرفون يمكن أن يأتوا من أى خلفية.
وبحسب المراقبين، استغلت الجماعات المتطرفة فى بعض تمركزاتها بدول العالم، أزمة غزة، عبر رفع رايات الجهات وأنه فريضة على كل مسلم، مما قد ينتج عنه ارتفاع معدلات التجنيد فى الجماعات الجهادية فى تلك الفترة بفعل شحن المشاعر، خاصة فى ظل تكرار عرض المشاهد الإنسانية المأسوية فى غزة، كما أنه من المحتمل أن تؤدى الاستجابة إلى دعوة الجهاد بالمال إلى تزايد حصيلة التبرعات التى ستكون تحت أيدى هذه التنظيمات، فضلًا عن التحريض ضد الحكومات والأنظمة العربية لتنفيذ أجندات خاصة.
كما أكد المراقبون أن هذه الانتهاكات تخلق حالة طائفية ملتهبة قد ينتج عنها وقوع حوادث فى مناطق مختلفة من العالم سواء ذات أغلبية أو أقلية مسلمة، وضعف الموقف الفلسطينى فى المطالبة بحقه فى محاسبة إسرائيل عن جرائم الإبادة الجماعية أمام المؤسسات الدولية، بالإضافة إلى ارتفاع وتيرة تداول الرواية الدينية لدى الجانب الإسرائيلى ومطالبته بتحقيقها مما يدخل الصراع فى دائرة مغلقة.
تجنيد الشباب
فى حين يرتفع معدل تجنيد الشباب فى الجماعات المتطرفة توظيفًا للأحداث وصناعة مظلومية دينية بتصوير المسألة بأنها حرب ضد الإسلام والمسلمين، وذلك يؤدى إلى ارتكاب سلوكيات أو جرائم مبررة بروايات دينية مثل التترس بالمدنيين الفلسطينيين واحتجاز المدنيين الإسرائيليين، وفى نفس الوقت تلك السلوكيات مجرمة دوليًّا مما سيؤدى إلى خسارة مزدوجة لصالح الفلسطينيين وقضيتهم العادلة أمام المجتمع الدولي.