قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، إن التحديات المختلفة والمضاعفة التي تواجهها المرأة في مناطق الحروب والنزاعات المسلحة، من عنف وفقر وخوف وتهميش وغياب للرعاية الصحية والتعليمية لأطفالها، يحتم علينا العمل الجاد في سبيل حماية ودعم هذه الفئات الأكثر تضررا وضعفا.
جاء ذلك في كلمته خلال أعمال "المؤتمر الدولي حول المرأة في الإسلام (المكانة والتمكين)" الذي انطلق أمس الاثنين ويستمر لمدة يومين وتنظمه الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حيث يناقش وزراء ومسؤولون وعلماء ومفكرون، مكانة المرأة وحقوقها في الإسلام، وآفاق تمكين المرأة المسلمة في التعليم والعمل، إضافة إلى مختلف القضايا المتعلقة بالمرأة في المجتمعات المعاصرة.
وأضاف وزير الخارجية السعودي "نجتمع اليوم في ظل ظروف عصيبة تعيشها المرأة الفلسطينية في قطاع غزة تحت الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة للقوانين الدولية والمبادئ الإنسانية، في ظل صمت وتَقاعس المجتمع الدولي عن الاضطلاع بواجباته ومسؤولياته لوقف التصعيد، وحقن الدماء، وضمان الوصول الفوري للمساعدات الإنسانية العاجلة والضرورية".
وأعرب عن إدانة المملكة بأشد العبارات لما تتعرَّض له المرأة الفلسطينية، وعموم الشعب الفلسطيني، من انتهاكات وممارسات غير قانونية وجرائم ضد الإنسانية على يد آلة الحرب الإسرائيلية، ونثمن ونشيد بدورها المحوري وتضحياتها الكبيرة في سبيل عدالة قضيتها.
وأشار إلى أن المرأة المسلمة تواجه العديد من التحديات والمُضايقات والتمييز في بعض الدول الأخرى في ظِل موجةٍ من التشريعات المُقيِّدة لحقوقها في ارتداء الحِجاب وغيرها جرّاء وطأة الإسلاموفوبيا، وهو ما يخالف ما نصَّت عليه اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1979.
وأكد أن المملكة خَطَتْ خطواتٍ كبيرة ومُتسارِعة لتحقيق تَمْكِين المرأة في ظل الرؤية الطموحة 2030، حتى أصبحت المرأة السعودية شريكًا أساسيًا لا غِنَى عنه في مسيرة التَّحول والتَّطور والنمو في مختلف المجالات.
وأعلن وزير الخارجية السعودي، في ختام كلمته، عن الوثيقة الرسمية للمؤتمر بعنوان "وثيقة جدة للمرأة في الإسلام" والتي ستُغطي حقوق المرأة في الإسلام كافة، وتكون وثيقة مرجعية قانونية وتشريعية وفكرية تسهم في تحقيق التَمْكين واقعا معاشا في مجتمعاتنا الإسلامية.
من جانبها، قالت رئيسة المجلس القومي للمرأة الدكتورة مايا مرسي إن المؤتمر يؤكد التزام الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي بالنهوض بأوضاع المرأة ورفع مكانتها وحمايتها وتمكينها في أوقات السلم وأوقات الحرب والنزاعات.
وأعلنت مرسي عن عزم مصر بصفتها الرئيس الحالي للدورة الثامنة للمؤتمر الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي حول المرأة، تنظيم مؤتمر دولي لاستثمار الخطاب الديني والإعلامي وأثره على حماية المرأة وتعزيز حقوقها بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة العام القادم.
وندَّدت رئيسة المجلس القومي للمرأة بما تتعرض له المرأة الفلسطينية بشكل خاص والشعب الفلسطيني عمومًا من انتهاكات لحقوقهم الإنسانية، مشددة على رفض التهجير القسري لسكان غزة ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية.
وحثت الأمم المتحدة على الدعوة إلى الوقف الفوري والمستدام لإطلاق النار في غزة بلا قيود أو شروط من أجل الإنسانية، واستمرار النفاذ السريع والآمن والمستدام إلى قطاع غزة، وتوفير حماية خاصة للنساء والأطفال والمدنيين.
بدورها، نوهت رئيسة وزراء جمهورية بنجلاديش شيخة حسينة واجد، في كلمتها، بالمبادرات الرائدة للمملكة العربية السعودية لتعزيز مشاركة النساء وذلك في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، مشددة على أن النساء في طليعة جهود التنمية الاجتماعية في بنجلاديش، مشيرة إلى أنه توجد حاليًا 73 امرأة في البرلمان.
وأدانت الجرائم والمجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد النساء والأطفال في غزة، ودعت كافة الأطراف إلى ضمان الحماية الإنسانية والمساعدات وأن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار في غزة، كما حثت على وقف هذه الحرب البشعة وهذا العقاب الجماعي والاحتلال غير القانوني بحق الفلسطينيين.
وقال وزير الخارجية الموريتاني محمد السالم ولد مرزوق إن المؤتمر يعكس رؤية المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي العهد لقضايا الأمة الإسلامية الكبرى وحرصهما المشهود على حماية الحقوق والحريات المشروعة المنسجمة مع قيمنا الإسلامية بما يساهم في توطيد الأمن للمجتمع وتقوية التآلف والتكامل بين جميع أفراده ويحقق الرفاه الشامل والتنمية المستدامة لشعوبنا، مشيرا إلى أن حضور المرأة في الحياة العامة يتعزز في عالمنا الإسلامي بفضل تزايد معدلات تعليم الفتيات، وفتح الأبواب أمامهن لاقتحام مجالات عديدة كانت إلى عهد قريب حكرًا على الرجل.
وعبَّر الوزير باسم جمهورية موريتانيا الإسلامية عن تضامنه مع النساء الفلسطينيات في ظل ما يتعرضن له هذه الأيام من عنف أعمى واعتداءات آثمة على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي في تحد سافر لكل معايير الأخلاق والمواثيق الدولية.
وقال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه، في كلمته، إن هذا المؤتمر يأتي في ظرف دموي يتعرض فيه الفلسطينيون لعدوان إسرائيلي غاشم، وأن المرأة، وبخاصة الغزيّة تمثل مع الأطفال وكبار السن وغيرهم من المدنيين الأبرياء، والعدد الأكبر من الضحايا تحت ركام الصمت والأسى الحلقة الأضعف أمام هذا القصف، موضحا أن ما يجري في غزة مأساة لم تتوقف وتضع الجميع أمام مسؤوليات كبيرة تفرض نفسها على مداولات المؤتمر، وتحث على تكثيف الجهود لتعرية هذه الهمجية والدفاع عن حقوق المرأة الفلسطينية والفلسطينيين والمسجد الأقصى المبارك.
كما أكد الأمين العام التزام المنظمة مواصلة الحوار البناء من أجل تمكين المرأة الأفغانية وضمان حقها في الوصول للتعليم بجميع مستوياته ومشاركتها في الحياة العامة.
وأكدت نائبة رئيس جمهورية بنين مريم شابي طلعتة، في كلمتها نيابة عن المجموعة الإفريقية في منظمة التعاون الإسلامي، أهمية المؤتمر، منوهة بجهود القيادة السعودية في استضافة المؤتمر، كما نوهت بتوجه المؤتمر لاعتماد وثيقة كاملة ومتوافق عليها بشأن حقوق المرأة في الإسلام، مشددة على أن هذا أمر بالغ الأهمية وسيفيد المرأة والعالم أجمع.
من جانبها، قالت وزيرة الخارجية الإندونيسية ريتنو مارسودي، في كلمتها نيابة عن المجموعة الآسيوية، "لقد حققنا تقدمًا في تعزيز حقوق المرأة في العالم الإسلامي، ولكن لابد أن نقر بأنَّ التحديات ما زالت قائمة فيما يتعلق باستبعاد المرأة".
واقترحت إشاعة الفهم الأفضل لأهمية حقوق المرأة في الاقتصاد، مشيرة إلى أن المشاركة الكاملة والفعالة للمرأة مهمة جدًا في تحقيق التنمية المستدامة، كما أن التمكين الاقتصادي للمرأة يزيد من القدرة على الإنتاج.
وأدانت وزيرة خارجية إندونيسيا بشدة الأعمال الإسرائيلية الوحشية ضد المرأة والطفل في غزة، مشددة على ضرورة إنهاء العنف، وفسح الطريق أمام المساعدات الإنسانية، وحماية النساء والأطفال.
وقال رئيس مجمع الفقه الإسلامي الدولي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد إنه قبل 14 قرنًا أرسى ديننا الحنيف مبادئ قويمة وقواعد متينة وأنظمة متماسكة لقيام مجتمع إنساني متميز يتعاون أفراده على البر
والتقوى ويتكامل أعضاؤه في بناء الأوطان والنهوض بالشعوب والارتقاء بالإنسان ويتنافس رجاله ونساؤه في العمل الصالح وذلك في إطار من الضبط المحكم للحقوق والواجبات والصياغة المتينة لمجالات التعاون والتكامل والتضامن.
وقالت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد، في كلمة نيابة عن الأمين العام للأمم المتحدة، إن الإسلام أقر منذ البداية حقوق المرأة في المشاركة في اتخاذ القرار السياسي وأن تكون لها ممتلكاتها وأعمالها الخاصة بها، لكن في كثير من البلدان تركت المرأة خلف الركب، وشددت على ضرورة توفير التعليم للجميع خاصة المرأة والفتيات في كل أنحاء العالم، وذلك عملًا بمبادئ الدين الإسلامي.
وأشارت إلى أن الإسلام يدعو لإنهاء جميع القوانين التمييزية والممارسات التي تعيق الوصول إلى التعليم، ولكن في شتى ربوع العالم هناك 130 مليون فتاة خارج المدارس، مشيرة في هذا الصدد إلى ما تواجهه الفتيات الأفغانيات من تحديات لمواصلة تعليمهن.
من جانبها، قالت المديرة التنفيذية لمنظمة تنمية المرأة الدكتورة أفنان الشعيبي إن هذا المؤتمر الدولي يشكل نقطة تحول للمرأة المسلمة في جميع أنحاء العالم، ونحن هنا اليوم لنسلط الضوء على نجاحاتها، وعلى نضالها المستمر، وثبات خطواتها على درب المكانة والتمكين، وأكدت أن التعاليم الإسلامية السمحة تقدر المرأة باعتبارها كيانًا ذا قيمة فائقة.