الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بوابة العرب

البربرية الإسرائيلية تطال الضفة الغربية.. تصاعد انتهاكات المستوطنين منذ «طوفان الأقصى».. والاحتلال يمزق الضفة ويقضي على «حل الدولتين»

الجدار العازل يمزق
الجدار العازل يمزق الضفة الغربية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

على الرغم من تركز أنظار العالم، على ما يجري في قطاع غزة، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل انتهاكاته ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، وتنوعت الممارسات ما بين القتل والتهجير والاعتقال.

الضفة بعد الطوفان

وتزامنا مع اشتعال الوضع في غزة، واصل الاحتلال ممارساته القمعية في الضفة الغربية، وخلال الفترة من السابع من أكتوبر وحتى الرابع من نوفمبر الجاري، استشهد في الضفة، ١٤٧ فلسطينيا بينما أصيب أكثر من ٢٢٠٠، أكثر من ثلثهم من الأطفال والنساء والمسنين، واعتقلت قوات الاحتلال ٢٠٤٠ فلسطينيا.

وفي السياق نفسه، أكد رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين، نفذوا خلال شهر أكتوبر الماضي ٢٠٧٤ اعتداء، تراوحت بين اعتداء مباشر على المواطنين الفلسطينيين، وتخريب أراضٍ وتجريفها، واقتحام قرى، واقتلاع أشجار، والاستيلاء على ممتلكات.

وأشار المسئول الفلسطيني، بحسب التقرير المنشور في مستهل نوفمبر الجاري، إلى أن عدد الاعتداءات التي نفذها المستوطنون في أكتوبر ٢٠٢٣ بلغت رقما قياسيا بتسجيلها ٣٩٠ اعتداء في شهر واحد، أدت إلى استشهاد ٩ فلسطينيين، وتهجير ٩ تجمعات فلسطينية بدوية، تتكون من ١٠٠ عائلة، تشمل ٨١٠ أفراد من أماكن سكنهم إلى أماكن أخرى.

المستوطنات الإسرائيلية

وكشف أن سلطات الاحتلال استولت في أكتوبر على ما مجموعه ٥.٣٨٢ دونما تحت مسميات مختلفة بينها أوامر وضع يد من أجل بناء أبراج عسكرية وشق طرق لجيش الاحتلال، والاستيلاء على الأراضي بذريعة أنها محمية طبيعية.

الضفة الغربية في ٢٠٢٢

شهد عام ٢٠٢٢ نشاطا كبيرا للمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، ووفقا لتقرير مدير شعبة العمليات الميدانية والتعاون الفني في المفوضية السامية لحقوق الإنسان كريستيان سالازار فولكمان، فإن عنف المستوطنين وصل إلى أعلى المستويات التي سجلتها الأمم المتحدة على الإطلاق، وخلال العقد الماضي، تحققت الأمم المتحدة من ٣٣٧٢ حادثة عنف ارتكبها المستوطنون، مما أدى إلى إصابة ١٢٢٢ فلسطينيا.

وأكد التقرير الذي عرضه "فولكمان" على مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في مارس ٢٠٢٣ على وجود علاقة بين توسيع البؤر الاستيطانية وهجمات المستوطنين ضد الفلسطينيين، كاشفا عن أن عدد المستوطنين ارتفع خلال السنوات العشرة بين "٢٠١٢-٢٠٢٢ من ٥٢٠ ألف إلى ٧٠٠ ألف مستوطن إسرائيلي يعيشون بشكل غير قانوني في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وفي السياق نفسه، قال الناشط الإسرائيلي في مجال حقوق الإنسان جاي هيرشفيلد، في حديثه لوكالة الأنباء الفرنسية "أ ف ب" خلال أكتوبر الماضي، إنه منذ اندلاع العدوان على غزة، كثف المستوطنين هجماتهم ضد القرى الفلسطينية، لطرد الفلسطينيين من أراضيهم"، مؤكدا إفراغ ما مساحته ١٥٠ كيلو مترا مربعا في الضفة الغربية من السكان بالفعل. وأوضح تقرير لـ" منتدى السياسة الإسرائيلي" أن الاستيطان في الضفة الغربية، يأتي من منطلق عقائدي مشيرا إلى أن هذا التوجه يتسق مع تطورت الأيديولوجية الصهيونية الدينية المسيحية كمحرك مهم لحركة الاستيطان، بناء على فكرة الضرورة الدينية لليهود لاستيطان أرض إسرائيل بأكملها، وغالبا ما تم إنشاء المستوطنات كجزء من هذه الحركة الدينية في مناطق بها عدد كبير من السكان الفلسطينيين من أجل تأمين الهيمنة اليهودية على المنطقة، ومنع قيام دولة فلسطينية، وتأمين الضفة الغربية بأكملها لإسرائيل. وأضاف التقرير أن ثلث المستوطنين في هذه البؤر هم من اليهود الحريديم، والثلث علمانيون، والثلث المتبقي من الصهاينة المتدينين، وتُحركهم أيديولوجية دينية للاستيطان هناك، في حين ينجذب الباقون إلى المنطقة بسبب إمكانية تحسين نوعية حياتهم.

المستوطنات الإسرائيلية

وأكدت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، في تقرير بشأن النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس المحتلة خلال عام ٢٠٢٢، أن الاستيطان فيه زاد بنسب غير مسبوقة منذ احتلال الضفة الغربية والقدس عام ١٩٦٧، حيث بلغ عدد المستوطنين في مستوطنات الضفة - بما فيها القدس- ٧٢٦ ألفا و٤٢٧ مستوطنا.

وأشار التقرير إلى إقامة ١٢ بؤرة استيطانية في محافظات الضفة الغربية عام ٢٠٢٢، وصادقت حكومة الاحتلال على ٨٣ مخططا لبناء ٨٢٨٨ وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية، و٢٦٣٥ وحدة بالقدس المحتلة، وصادرت سلطات الاحتلال قرابة ٢٦.٥ كيلومتر مربع تحت مسميات مختلفة مثل إعلان محميات طبيعية، وأوامر استملاك ووضع يد، واعتبارها "أراضي دولة".

الضفة في عهد نتنياهو

وتعاني الضفة الغربية من الاستيطان الإسرائيلي الذي تزايد في عهد حكومة نتنياهو الحالية، وفور نيله ثقة الكنيست الإسرائيلي في ديسمبر الماضي، أعلن أن حكومته ستعمل على تعزيز الاستيطان بالضفة الغربية، ومنذ ذلك الحين، تزايدت وتيرة اعتداءات المستوطنين في الأراضي الفلسطينية وباتت تتصدر المشهد.

وفي مارس ٢٠٢٣ أقر الكنيست قانون تطبيق خطة فك الارتباط، الذي يزيل التقييدات على دخول واستيطان المواطنين الإسرائيليين في المناطق التي تم إخلاؤها ضمن خطة فك الارتباط عام ٢٠٠٥، بما يسمح عمليا برجوع المستوطنين وإعادة بناء ٤ مستوطنات في المناطق التي تم إخلاؤها في شمال الضفة الغربية.

وبالفعل شهدت الشهور الستة الأولى رقما قياسيا في الأنشطة الإستيطانية، وقالت منظمة السلام الآن المعنية بأنشطة الاستيطان أن الوحدات الاستيطانية بالضفة الغربية المعتمدة من الحكومة الإسرائيلية سجلت رقمًا قياسيًا في الأشهر الستة الاولى من العام الجاري ٢٠٢٣، حيث روجت تل أبيب ١٢٫٨٥٥ وحدة استيطانية في الضفة الغربية في النصف الأول من العام الجاري"، لافتةً إلى أن "هذا رقم قياسي للوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية على نطاق سنوي".

وحذرت "السلام الآن" بحسب تقريرها المنشور في يوليو الماضي من أن "هذا الاستيطان لا يدفع عجلة الاقتصاد الإسرائيلي، بل يضر بأمن إسرائيل ودبلوماسيتها ومجتمعها".

وتبلغ عدد المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ١٧٦ مستوطنة و١٨٦ بؤرة استيطانية، يسكنها ٧٢٦ ألفا و٤٢٧ مستوطنا، منذ ١٩٦٧ وحتى ٢٠٢٣، على مساحة تقدر بـ٤٢٪ من مساحة الضفة الغربية.

وتعد المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية من وجهة نظر القانون الدولي غير شرعية، وانتهاكا لاتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر على القوة المحتلة نقل سكانها إلى المناطق الخاضعة للاحتلال.

بناء الجدار الفاصل

بدأ الاحتلال الإسرائيلي في بناء الجدار العازل في عام ٢٠٠٢ كأحد أبرز نتائج انتفاضة الأقصى التي اندلعت في أكتوبر عام ٢٠٠٠ وتذرعت إسرائيل بحماية المستوطنات في بناء الجدار الذي اقتطع ٤.١٪ من مساحة الضفة الغربية.

الجدار العازل

وقد تسبب الاستيطان المتواصل في تقليص مساحة فلسطين التاريخية، فلم يبق للفلسطينيين سوى نحو ١٥٪ فقط من مساحة فلسطين التاريخية المقدرة بنحو ٢٧ ألف كيلومتر مربع، حيث تستغل إسرائيل أكثر من ٨٥٪ من المساحة الفعلية.

بدأ بناء الجدار العازل في عهد حكومة إيريل شارون بتاريخ ٢٣ يونيو ٢٠٠٢ والذي يمتد على طول الخط الأخضر مع الضفة الغربية، بدعوى منع تسلل منفذي العمليات الفدائية إلى إسرائيل.

ويبلغ طول الجدار حوالي ٧٧٠ كم، حيث تم بناء ما يقارب ٤٠٦ كم منه أي ٥٢.٧٪ من المسار الكامل للجدار، في حين هناك ٣٢٢ كم مخطط لبنائها، وجار العمل على بناء ٤٢ كم، بحسب البيانات المنشورة على مركز المعلومات الوطني الفلسطيني.

وتسبب الجدار العازل في اقتطاع ٧٣٣ كم٢ من أراضي الضفة الغربية، ويمكن الجدار سلطات الاحتلال من الاستيلاء على منطقة الأغوار والتي تعتبر سلة فلسطين الغذائية والمصدر الرئيسي للغذاء للشعب الفلسطيني.

وبعد اكتمال بناء الجدار سيؤدي ذلك إلى مصادرة ١٠٪ من حجم أراضي الضفة الغربية بمساحة تصل إلى ١٦٠– ١٨٠ ألف دونم، كما سيتم عزل ٣٠ بئرا ارتوازيا خلفه في محافظتي قلقيلية وطولكرم حيث تقع المحافظتان على الحوض المائي الغربي الذي يحوي ما نسبته ٥٢٪ من حجم المياه في الضفة الغربية، وهذا يعني فقدان الشعب الفلسطيني ١٨٪ من حصته المائية في هذا الحوض والتي تبلغ ٢٢ مليون كوب/ سنويا من أصل ٣٦٢ مليون كوب حسب اتفاقيات أوسلو.

يتراوح عرض جدار الفصل العنصري، ما بين ٦٠ إلى ١٥٠ مترا، وارتفاعه ٨ أمتار، ويضاف إلى البناء الأسمنتي أسلاك شائكة، وخندق يصل عمقه أربعة أمتار وعرضه أيضا نفس الحجم "وهو يهدف لمنع مرور المركبات والمشاة، وطريق ترابي مغطى بالرمال لكشف الأثر، إلى جانب سياج كهربائي، وأبراج مراقبة مزودة بكاميرات وأجهزة استشعار.

صرح شاؤل موفاز وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي لصحيفة "الجارديان"البريطانية" في مارس ٢٠٠٣ عن نيات دولة الاحتلال بشأن الضفة الغربية بعدما شرعت في بناء الجدار العازل، حيث أكد أن رؤية حكومة الاحتلال لدولة فلسطينية تتمحور حول دولة مقسمة إلي سبعة كانتونات في المدن الفلسطينية الرئيسية كلها مغلقة من قبل الجيش الإسرائيلي ومعزولة عن باقي أراض الضفة الغربية التي ستصبح تابعة لإسرائيل.

يقول تقرير مركز المعلومات الوطني الفلسطيني، أن التغيرات الطارئة على خريطة الضفة بعد بناء الجدار ستخلق واقعًا جديدًا على الأراضي سيؤدي بشكل مباشر على قضايا الوضع النهائي المتمثلة في الحدود والقدس والمياه والمستوطنات.

منتجات المستوطنات مرفوضة

وترفض عدد من الدول قبول المنتجات المصنعة في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية على اعتبار أنها غير شرعية، أعلنت الحكومة النرويجية في منتصف العام الماضي ٢٠٢٢ وضع علامة المنشأ "إسرائيل" مناسبة فقط للمنتجات القادمة من الأراضي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية قبل ٤ يونيو ١٩٦٧.

بينما أكدت النرويج على ضرورة وسم المواد الغذائية القادمة من المناطق التي تحتلها إسرائيل بالمنطقة التي يأتي منها المنتج و(الإشارة) إلى أنها من مستوطنة إسرائيلية، مشيرة إلى أن هذا الإجراء سيطبق على الأراضي المحتلة في مرتفعات الجولان والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.

وتسبب القرار النرويجي في غضب كبير من جانب إسرائيل، واعتبرت أنه سيؤثر سلبا على العلاقات الثنائية بين الجانبين، وكذلك على أهمية النرويج في تعزيز العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين. وفي نفس السياق دعا النائب البلجيكي سيمون موتكين، في فبراير الماضي إلى منع منتجات المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة من دخول أسواق الاتحاد الأوروبي.

وكتب النائب موتكين عبر حسابه على "فيسبوك": "أنا مقتنع بأنه إذا كان "تعقيد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني" يمنع الكثير من المواطنين من اتخاذ موقف، فإن الدليل على رفض المنتجات من أرض يحتلها الجيش ومئات الآلاف من المستوطنين يجب أن يتوصل إلى إجماع  إن احتلال فلسطين غير قانوني، ولا يمكننا أن نكون متواطئين بالسماح لأطنان من المنتجات المصنوعة في المستوطنات بأن تدخل متاجرنا".