مئات الشهداء ترتقي أرواحهم يومياً في قطاع غزة ثلثهم فقط من الأطفال؛ لتصبح تلك الحرب الأكثر دموية في التاريخ المعاصر، ففي وقت كتاب هذا التقرير يلامس عدد ضحايا هذه المعركة الـ 9 ألاف شهيداً قتلوا بيد الاحتلال منذ أن بدأت هذه الحرب بين كتائب "القسام" التابعة لحماس وبين القوات الإسرائيليةوذلك عوضاً عن المصابين وأولئك الذين شردوا وهجروا من منازلهم ويعيشون في تلك اللحظات بدون مأوى في ظل تضييقيات على وصول السبل المعيشية الأساسية من الماء والغذاء والدواء والوقود.
وتسعى "البوابة نيوز" منذ لحظات الحرب الأولى في نقل هذه الصورة المأسوية، ونستمر اليوم بالحديث عن هذه الأزمة بمشاركة عدد من المسؤولين والمفكرين والشخصيات البارزة في المجتمع لنقل تصورهم حول تلك المأساة.
ومن جانبه يقول المفكر والنائب البرلماني السابق جمال أسعد: لا أحد على الإطلاق أياً كان توجهاته الدينية او السياسية او الأخلاقية يقبل بحالة الحرب، ورغم أن الحروب ضد الإنسانية إلا أنها مقترنة بقانون دولي وهذا القانون يستمد وجوده من القيم الإنسانية، فمثلاً في الحرب يُمنع الاعتداء على المدنيين بشكل نهائي، وللأسف هذا ما يحدث الآن في غزة، ولذلك من الإنسانية أن ندعم جميعاً المعتدي عليه، وإذا أعتبرنا أن حماس هى التي بدأت في الأعداء من البداية فيصبح هناك خلل في التحليل، لأن لهذا الاعتداء أسباب تسبقه في مقدمتها احتلال إسرائيل لبلادهم، بجانب ما يفعله هذا الكيان الفلسطينين من تهجير وتمثيل بهم وبناء مستوطنات على أراضيهم؛ فإذن ما حدث هو حالة دفاع عن وطن حالة تحرر، ولا يمكننا أن نصنفها بأنها حرب لأن هذا يعني أنه هناك دولة تحارب بشكل نظامي وهذا غير موجود فإنها مقاومة بدافع التحرر.
وتابع، وفي القانون الدولي فمن حقق للدول المحتلة أن تقاوم المحتل ومثال ذلك كان المقاومة المصرية ضد الاستعمار البريطاني، وإذا قولنا أن إسرائيل ما تفعله الآن هو دفاع عن النفس القانون يحدد حجم هذا الدفاع، ولكن ما يتم الآن ليس دفاعاً بل إبادة حقيقية للشعب الفلسطيني في غزة، وحتى الدول التي تقف مع إسرائيل الكثير منها رفضت ما يحدث الآضن في غزة.
وأكمل متحدثاً عن دور الدولة المصرية، أولاً دولتنا على قدرها التاريخي أنها دولة ذات موقع إستراتيجية، فكانت تحت نظر الدول الاستمارة على مر التاريخ، بينما نقول أن الجبهة الشرقية هى بمثابة صمام الأمن القومي المصري فكل الغزوات التي مرت علينا كانت تأتي من تلك الجبهة؛ ولذلك سعى جمال عبد الناصر أن يخلق اهتمام عربي كبير للقضية الفلسطينية، فوجود دولة استعمارية مثل إسرائيل فهى تشكل خطراً على مصر أكثراً من كونها خطراً على المنطقة العربية، ولذلك كانت دعوة جمال عبد الناصر هدفها في المقام الأول الحفاظ على مصر.
وأضاف : “ونشير إلى أن وجود تلك الدولة مبنى على معتقد ديني ينص على أن دولتهم من النيل للفراط، وهذا يعني أن هدف تلك الدولة أن تحقق ذلك في يوم من الأيام، بالرغم من كامب ديفيد فهي تعتبرنا العدو الأول، وبالرغم من أني معارض أقولها بكل وضوح أن موقف مصر أشرف موقف لدولة عربية، بكونها تحدث توازناً حقيقاً، أنني لا أنفصل عن القضية الفلسطينية وأداف عن حق الفلسطينيين في إقامة دولة عاصمتها القدس الشرقية، وفي ذات الوقت أدافع عن الأمن القومي المصري لأن هناك مؤامرة معلنة ليس الآن ولكن قبل ذلك وهى تهجير الفلسطينون من غزة إلى سيناء ومن الضفة إلى الأردن وبالتالي تموت القضية، وهذا ما ترفضه مصر”.
واختتم بالقول، وأولئك الذين يطالبون مصر بالدخول في تلك الحرب لا علاقة لهم بأمن مصر القومي، الحفاظ على الوطن يقوم على الاصطفاف وراء القيادة السياسية، وهل من المنطق أن تدخل مصر هذه الحرب في ظل قدراتي الأقتصادية والاجتماعي وحتى السياسية، مضيفاً فإذا كانت القضية هى قضية الأمة جميعاً فليس على مصر وحدها دخول الحرب فالكثيرون يكتفوا بشعارتهم ونتعجب بمطالبتهم بتحمل مصر المسؤولية.
بينما يقول النائب مجدي ملك عضو مجلس النواب في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز": "إن ما يحدث الآن من انتهاكات من قبل الكيان المحتل المدعوم من المجتمع الدولي الذي فقد مصداقيته؛ فهو مخالفاً لكل الاعراف والمواثيق الدولية فهو يمثل جريمة فى حق الإنسانية تصل إلى حد الابادة الجماعية لشعب يدافع عن أرضه وحقه ضد محتل مغتصب، بالتزامن مع تشويه الحقائق من خلال امتلاكهم لمنصات إعلامية تحاول تجميل وجههم القبيح والجرائم البشعة، الذين يقومون بها بادعاء محاربة جماعات إرهابية و ترتكب تحت هذا الستار الخادع للمجتمع الدولي تلك الجرائم البشعة ضد شعب اعزل صاحب قضيه حقيقية."
وتابع، ولعل الموقف المصري القوى الواضح المبنى على مكانة مصر العظيمة وقدراتها وموقعها من الأحداث، كان محلاً للارتياح لكل من يحمل ادنى معانى الإنسانية فى كل بقاع الأرض ويحمل رسائل قويه للقوى المحركة والمساندة للعدوان بأن القضية الفلسطينية لن تموت بتمسك الفلسطينيين بأرضهم وعدم الانصياع للمخطط الذى يُعد منذ سنوات عديدة؛ لتصفية القضية بتهجيرهم وإيجاد حلول بديله على حساب مصر، وهذا ما رفضه الفلسطينيين والمصريين بكل قوه ووضوح.
وأكمل، وهذه الحرب يحتاج إلى تدخل سريع ممن تبقى على الحياد من المجتمع الذى يقف متفرج على المذابح الانتهاكات التي ترتكب ولعل ما يصل من مساعدات انسانيه وما تبذله الدولة المصرية من جهود لإيصال المعونات او ما قامت به من نقل واستقبال للجرحى والمصابين يحتاج تضافر وتكاتف جميع دول العالم لكى تستطيع الدولة المصرية استكمال واستمرار تلك الإجراءات الإنسانية لعلاج الجرحى والمصابين ومضاعفه كميات المعونات التي يحتاجها الشعب الاعزل المقهور تحت نيران القصف والعدوان.
واختتم النائب مجدي ملك بالقول: "أننا نطالب الأمم المتحدة والقوى الدولية بالتدخل لإيقاف هذا العدوان الغاشم وإيجاد حل عادل للقضية وليعلم الكيان المحتل انه لا سلام بدون قبول حل الدولتين، وإن أرواح ودماء الشهداء ستظل وتستمر تستنزف وتحصد شعب الدولتين طالما استمرت هذه الغطرسة؛ فالدماء يقابلها مزيد من الدماء التي لن تتوقف الا بالصفح الذى لن يحدث الا باسترداد الحقوق لأصحابها."