السبت 21 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

عالم عديم المشاعر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في عام 2008 كتبت مقالة بعنوان “,”صورة هزت الضمير العالمي“,”، تلك التي التقطها المصور الفيتنامي “,”نك أوت“,”، وفازت بجائزة بولتزر في شهر يونيو من عام 1972، كانت الصورة للطفلة “,”كيم فوك“,” الفيتنامية، البالغة من العمر آنذاك 9 أعوام، وهي تركض هاربة من بلدتها (محترقة) بعد هجوم بقنابل النابالم شنه الجيش الأمريكي.
تلك الصورة المؤلمة المعبرة بكل عمق على كم الظلم والطغيان الذي أصاب الأطفال الصغار وهم يحرقونهم بقنابل النابالم.. هزت المجتمع الأمريكي.. مما أدى إلى انسحاب الجيش والعتاد إلى أراضيهم حاملين الخزي والعار وذكرى مؤلمة في نفوس الشعب الأمريكي بخاصة، والضمير العالمي بعامة.
مر الإنسان بمراحل عديدة من البدائية إلى أن وصل إلى المرحلة الحالية في أوائل القرن الواحد والعشرين، فمن الطبيعي أن تسمو المشاعر الإنسانية على الصعيد الفكري والاجتماعي والنفسي.. وأن ما كان يمارس في القديم من انتهاكات ضد بعضنا البعض يعد في الوقت الحالي بمثابة جنايات.. وعلى هذا المقياس تقاس كل الانتهاكات ضد البشر، فالشيفونية الشديدة من الممكن أن تصنف أنها نازية، خاصة إذا كانت مقترنة بأعمال تصفية عرقية وتسبب إيلامًا نفسيًّا أو اجتماعيًّا لفئة من البشر، وتخضع لجرائم الكراهية المنصوص عليها في مواثيق الأمم المتحدة.
فمع دخول الإنسان القرن الواحد والعشرين، فمن البديهي أن يسمو الإنسان بالمشاعر.. فصورة الفتاة “,”كيم فوك“,” صنفت في مثل هذا اليوم كجناية دولية.. فهذا النوع من الجنايات لا يسقط بالتقادم، ولكن للأسف الآن انحدر العالم أخلاقيًّا واجتماعيًّا وسياسيًّا، وأصبحت المصالح فقط هي الدافع الوحيد للتفاعل البشري والدولي.
ورغم فجاجة الانتهاكات الحالية في بقاع العالم المختلفة إلا أن العالم قد أصابته حالة من التبلد في المشاعر.. فأطلقت أسماء متعددة على الانتهاكات، ربما لتجميلها بصبغها بصغة شرعية أو لتحليلها. فنسمع بلا خجل عن جهاد النكاح (سفر 14 شابة من تونس لتشاركن في جهاد النكاح)؛ بدعوى تفرغ المجاهدين لإسقاط النظام السوري.. على هذا المقياس تتغير مسميات الأحداث، والتوصيف الحقيقي لهذا الحدث “,”حفلة جنس جماعي أو دعارة جماعية“,”، أطلقوا عليها نكاح الجهاد!!! ونتابع أعمال القتل وسفك الدماء للمخالفين في الدين يطلقون عليها جهاد!!!.. فخطف القاصرات القبطيات تحت بند نشر الدين..!! ولكن ستظل الصورة الأكثر قتامة في التاريخ صورة “,”مجاهد“,” سوري (أبو صقر) وهو يشق صدر أحد الجنود السوريين ليخرج قلبه ويقدم صورة للجميع أن هذا العمل الوحشي هو واجب ديني، ويحاول تفنيد هذا العمل الإرهابي فيسجل فيديو وهو على سجادة الصلاة يصلي.. وبعد انتهاء صلاته.. يدافع عن هذا العمل الهمجي اللاإنساني مؤكدًا أنه عمل واجب!!.
للأسف الفيديو المنتشر لم يحرك قلب العالم، ولم تؤخذ قرارات ضد الفئة التي تطلق عددًا من الدول والدويلات عليها أنهم الجيش السوري الحر، بل للأسف هناك العديد من الغوغاء يطالبون الدول العظمى بإمداد هؤلاء السفاحين وسافكي الدماء بالسلاح؛ ربما لنشهد مشاهد أكثر قبحًا وأعمق قتامة.
قديمًا صورة الفتاة الفيتنامية هزت العالم.. أما عالم اليوم فملايين الفيديوهات لا تؤثر فيه؛ لأنه أصبح عالمًا عديم أو متبلد الحس.
مرحبًا بالقرن الواحد والعشرين الذي أثبت أننا نعيش عصر البداوة والانحطاط. وكأننا أسقطنا عنا آدميتنا وتخلينا عن إنسانيتنا.. فأطلق على أعمال الدعارة اللاأخلاقية “,”نكاح الجهاد“,”، وعلى التآمر “,”وطنية“,”، والاغتيال “,”تطهير“,”، واغتصاب وطن “,”ديمقراطية“,”.
بينما الواقع يؤكد أن القتل على الهوية تصفية عرقية، والتنكيل بالآخر اضطهاد، وبيع الوطن خيانة وندالة، وكل أعمال التيارات المتاجرة بالدين والخسة “,”إخوان“,”!!.

[email protected]