يعد قصر السلطانة ملك من أقدم القصور في مدينة هليوبوليس وبدأت حكايته بعدما حضر الأمير حسين كامل المعرض الدولي للتصميمات المعمارية في باريس في عام ١٩٠٠ برفقة زوجته الأميرة ملك جشم، ووقعت عيناهما على ٣ تصميمات معمارية للمهندس الفرنسي أليكساندر مارسيل، أعجبا بها وكان الأمير حسين كامل آنذاك على علاقة جيدة بالمليونير البلجيكي إدوارد إمبان، وبعدما شرع إمبان في تأسيس مدينة هليوبوليس وبدأت لبناتها الأولى تظهر في عام ١٩٠٨، استعان كل من إمبان والأمير حسين كامل بالمصمم الفرنسي أليكساندر مارسيل لتصميم قصور لهما على المدينة الجديدة، فبني القصرين في فترة متزامنة.
عند افتتاح قصر البارون كان من أبرز الحضور السلطان حسين كامل الذي أعجب بالقصر وطلب أن يشتريه إلا أن البارون رفض مما أثار غضب السلطان وأمام خوف البارون من أن يعرقل السلطان حسين مشروعه وحلمه في إنشاء حي مصر الجديدة قام ببناء قصر أمام قصر البارون في وقت قياسي وأهداه للسلطانة ملك وتحول القصر فيما بعد إلى مدرسة مصر الجديدة.
وكان القصر سكنًا للسلطانة ملك الزوجة الثانية للأمير حسين كامل، وبناتها الأميرات الثلاث، منذ عام ١٩٠٩ حتى عام ١٩١٤، وبعد تنصيب حسين كامل واليًا على مصر في عام ١٩١٤ انتقلوا إلى سراي عابدين ليعودوا إليه مرة أخرى في العام ١٩١٧ عقب وفاة السلطان حسين، وظلت السلطانة ملك تسكنه برفقة ابنتها الأميرة سميحة حسين حتى توفيت السلطانة وصودر القصر.
وانتقلت الأميرة سمية لقصرها الجديد في الزمالك والذي تحول بوفاتها إلى مكتبة عامة، القصر كان مفروشًا فيما مضى بأفخر الأثاث ويتكون من بدروم وطابقين، ويحيط به سور حديدي، ضم البدروم المطبخ ومخازن الطعام، أما الطابق الأول فيتكون من عدد من الحجرات أهمها حجرة زخرفت حوائطها برسوم آدمية وبانوهات ملونة ويشغلها حاليًا مكتب مدير المدرسة، أما الطابق الثاني فيصعد إليه عن طريق سلم بدرابزين، وقد ضم أجنحة النوم التي احتوت على دفايات ومرايا.
والسلطانة ملك حسن طوران هى الزوجة الثانية للسلطان حسين كامل سلطان مصر وهى أول سلطانة لمصر في العصر الحديث منذ السلطانة شجر الدر في بداية الدولة المملوكية، واسمها بالكامل هو ملك جشم أفت، وقد رزق منها السلطان حسين كامل بثلاث أميرات هن: الأميرة قدرية وقد ولدت في العاشر من يناير عام ١٨٨٨، الأميرة سميحة التي ولدت في السابع عشر من يوليه عام ١٨٨٩ وهى التي تحول قصرها في الزمالك في شارع حسن صبرى إلى مكتبة القاهرة الكبرى الآن، والأميرة بديعة التي ولدت في الرابع من يوليه ١٨٩٢ وتوفيت في ١٨/١١/١٨٩٢.
وظلت السلطانة ملك محتفظة بشبابها ورونقها حتى بعد رحيل زوجها السلطان حسين، وظلت تحمل لقب السلطانة واستخدمته كثيرا في كل رحلاتها الداخلية والخارجية كجواز مرورها نحو التمتع بحياة خاصة في رحلاتها الخارجية، وابتداء من عام ١٩١٨ وحتى يوم رحيلها ظلت السلطانة ملك تعيش حياتها كسلطانة سابقة لمصر تحظى باحترام الجميع حتى الصحف والمجلات التي كانت تصدر آنذاك كانت تهتم بإبراز أخبار رحلاتها ونشر صورها مع ضيوفها في الداخل والخارج.