قبل يومين، زعم علماء في جامعة نيويورك أنهم اكتشفوا ما وصفوه بـ «قصة الأصل» الحقيقية وراء التمثال الأسطوري القديم المصنوع من الحجر الجيري، والقابع أمام أهرامات الجيزة، والمعروف بـ «أبو الهول».
ونشرت صحيفة «الديلي ميل» البريطانية تقريرا ذكرت فيه: أن علماء في الجامعة استندوا إلى نظرية عمرها 40 عاما، تقول بإن «الرياح تحركت حول الصخرة الضخمة وشكلت أحد أكثر التماثيل شهرة في العالم».
ونقلت الصحيفة البريطانية عن الباحث الرئيسي للدراسة، البروفيسور ليف ريستروف، قوله إن النتائج التي توصلوا إليها «تقدم القصة الأصلية المحتملة لكيفية ظهور التكوينات الشبيهة بأبو الهول».
وأضافت أن التجارب المخبرية التي أجروها «أظهرت أن الأشكال التي تشبه أبو الهول بشكل مدهش، يمكن أن تأتي -أو تتشكل في الواقع- من المواد التي تتآكل بسبب التدفقات السريعة».
استخدم الفريق الأمريكي نظرية اقترحها الجيولوجي المصري فاروق الباز عام 1981، والتي تقترح أن تكوين تمثال أبو الهول كان في البداية شكلً مسطحا، وتآكلا تدريجيا بفعل الرياح، وهو ما وصفه الباز عام 2011 بأنه «اليوم، توجد أهرامات الجيزة في وئام تام مع بيئتها العاصفة».
وعملت الدراسة الجديدة على تكرار تشكيلات صخرية غير عادية موجودة في الصحاري، ناتجة عن الغبار والرمال التي تحملها الرياح.
لتحقيق ذلك، استخدم الباحثون أكواما من الطين الناعم، مع مواد أكثر صلابة وأقل قابلية للتآكل ممزوجة ببعضها البعض.
وقال ريستروف: «توفر نتائجنا نظرية أصل بسيطة لكيفية ظهور التكوينات الشبيهة بأبي الهول من التآكل. قد يكون العمل مفيدا أيضاً للجيولوجيين، لأنه يكشف عن العوامل التي تؤثر على التكوينات الصخرية، أي أنها ليست متجانسة أو موحدة في التكوين».
كذلك أشار إلى أن «الأشكال غير المتوقعة تأتي من كيفية تحويل التدفقات حول الأجزاء الأكثر صلابة أو الأقل قابلية للتآكل».
وقالت الصحيفة البريطانية، «صورت التكوينات ما كانت عليه المناظر الطبيعية في شرق مصر»، ثم قاموا بغسل هذه التكوينات بتيار سريع من الماء، لتقليد الرياح التي نحتتها وأعادت تشكيلها، ووصلت في النهاية إلى مظهر يشبه أبو الهول.
وأصبحت المادة الأكثر صلابة أو مقاومة هي «رأس الأسد»، وظهرت العديد من السمات الأخرى، مثل «الرقبة المقطوعة»، و«الكفوف الموضوعة في الأمام على الأرض»، و«الظهر المقوس».
أبو الهول
يُعّد أضخم وأبرز تمثال أثري في العالم. يصل طوله حتى 73.5 متر، أما عرضه فيبلغ 19.3 متر، في حين يبلغ طول الأرجل الأمامية ما يقرب من 15 متراً. ويصل ارتفاع أبو الهول من سطح الأرض حتى قمة رأسه ما يقارب 20 متراً.
وترجح الدراسات الأثرية أن التمثال الشهير -الذي يعود بحسب الدلائل التاريخية إلى عهد الملك خفرع من ملوك الأسرة الرابعة في الدولة القديمة- كان مُغطى بطبقة من الجص الملون، واستدلوا لذلك بالألوان الأصلية التي لا تزال ظاهرة إلى جانب إحدى أذنيه.
ووفق كتاب «أبو الهول.. تاريخه في ضوء الكشوف الحديثة»، للأثري الكبير سليم حسن، كان حلم أثناء النوم بين قدمي تمثال أبو الهول «سبباً في تولي الملك تحتمس الرابع مقاليد الحكم، على الرغم من أنه لم يكن يملك الحق الشرعي في السلطة».
وتحتمس الرابع هو الملك الثامن في الأسرة الثامنة عشرة حكم من الفترة 1401 إلى 1391 قبل الميلاد، أي بعد نحو ألف عام من التاريخ المرجح لبناء تمثال أبو الهول.
حلم تحتمس الرابع
يشير الكتاب الى أن زيارة الملك تحتمس الرابع منطقة الأهرامات، لولعه الشديد بركوب الخيل، كانت كلمة السر وراء الكشف عن بقية تمثال أبو الهول «وأثناء الرحلة، توجه تحتمس الرابع إلى رأس تمثال أبو الهول لينال قسطاً من الراحة، وحينها كان رأس التمثال هو الجزء الوحيد الظاهر منه».
بعدها، أعلن أن أبو الهول جاءه في المنام يطلب منه إزالة الرمال عن بقية جسده، ووعده بأن يصبح ملكاً على مصر حال تنفيذ هذا الأمر، ليتولى بعدها مقاليد الحكم.
هذه القصة دوّنها تحتمس الرابع على لوحة كان نصها «خرجت للصيد في هضبة الأهرامات، وكان يوماً شديد الحرارة. وتوجهت إلى أبو الهول لأحتمي بظله من الشمس، وخاطبني أبو الهول شاكياً من الرمال التي تخنقه وطلب الاعتناء به».
وتم العثور على هذه اللوحة المثبتة بين قدمي التمثال عام 1817 في حالة سيئة، لتعرضها لتآكل بفعل الأمطار في منطقة الأهرامات.