قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إن ما تفعله إسرائيل في الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة المحاصر من قبل جيشها لا يعدو كونه خرابًا وتدميرًا لسكان مدنيين عُزل ومع ذلك تُسمي ما تقوم به "حربًا عادلة ومقدسة" للانتقام من المقاومة الفلسطينية وحركة حماس التي شنت في 7 أكتوبر الماضي هجومًا واسع النطاق داخل إسرائيل.
واستهلت الصحيفة تقريرًا لها في هذا الشأن، نشرته عبر موقعها الإلكتروني، اليوم الخميس، بالقول إن السياسيين الإسرائيليين، بما في ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يُصورون حملتهم المستمرة في قطاع غزة على أنها حرب عدالة وانتقام ضد حركة حماس، المسئولة عن الهجوم الأكثر دموية على إسرائيل منذ إعلانها؛ حيث تسلل مسلحو حماس في 7 أكتوبر عبر الحدود المحصنة وقتلوا حوالي 1400 إسرائيلي في العديد من البلدات والكيبوتسات، بينما اختطفوا أكثر من 230 رهينة.
واستشهدت الصحيفة في طرحها بقول المؤرخ الروماني القديم تاسيتوس "إنهم يصنعون صحراء، ويسمونها السلام"، وقالت إن إسرائيل تسببت بالفعل في إثارة أزمة إنسانية عميقة في الجيب المحاصر الذي يقطنه 2.3 مليون نسمة وقتلت أكثر من 8500 شخص، بما في ذلك أكثر من 3500 طفل ودمرت آلاف المباني في المنطقة المزدحمة وسط قصف جوي لا هوادة فيه حتى وصف بيان صادر عن اليونيسف، وكالة الأمم المتحدة للطفولة، غزة بأنها أصبحت "مقبرة لآلاف الأطفال" - وهذا هو المعدل المروع الذي تدمر به الغارات الجوية الإسرائيلية المنازل والعائلات في غزة، وقال البيان: "إنه جحيم حي للجميع"- في إشارة إلى الوضع داخل القطاع.
ولفتت الصحيفة إلى أن آخر ضربة وحشية وقعت يوم أمس الأول عندما أسقطت القوات الإسرائيلية قنابل على مخيم جباليا للاجئين المكتظ بالسكان في شمال غزة، ظاهريًا للقضاء على قائد عسكري كبير في حماس، لكن القنابل سوت حيًا بأكمله بالأرض ودمرت حوالي 20 مبنى، وفقًا للروايات المحلية، واسقطت أكثر من 400 شخص ما بين شهيد وجريح، وأفاد صحفيون أن إسرائيل نفذت أيضًا غارات لاحقة على المنطقة.
وأضافت الصحيفة، أن حجم وسرعة ما يحدث أدى إلى رعب العديد من المتابعين، ففي خلال عطلة نهاية الأسبوع، استقال كريج مخيبر، مدير مكتب نيويورك لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، من منصبه، بحجة أن الأمم المتحدة فشلت مرة أخرى في إحباط ما وصفه بـ "قضية الإبادة الجماعية".
وكتب مخيبر، في رسالة تم تداولها على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي وانتقدها بعض المدافعين عن إسرائيل باعتبارها تدعو بشكل فعال إلى حل الدولة اليهودية: "إن المذبحة الجماعية الحالية للشعب الفلسطيني، المتجذرة في أيديولوجية استعمارية عرقية قومية، استمرارًا لعقود من الاضطهاد والتطهير المنهجي، استنادًا بالكامل إلى وضعهم كعرب لا تترك مجالًا للشك بأن ما يحدث هو إبادة عرقية".
ووصف متحدث عسكري إسرائيلي الخسائر في أرواح المدنيين في جباليا بأنها "مأساة حرب" مؤسفة. ولكن هذا الشعور- حسبما قالت "واشنطن بوست"- يكذب آراء الكثيرين في إسرائيل الذين يسعون إلى نتيجة أكثر تحديدًا ـ ليس مجرد الهزيمة الكاملة لحماس، بل وتسوية غزة بالأرض والسياق الكامل الذي ظهرت فيه حماس، ويوم أمس الأربعاء، دعت جاليت ديستيل اتباريان، الوزيرة السابقة في حكومة نتنياهو، على وسائل التواصل الاجتماعي إلى "محو غزة بأكملها من على وجه الأرض" وحثت على الإخلاء الجماعي للفلسطينيين!.
حتى بالنسبة للإسرائيليين الأكثر رصانة، أبرزت الصحيفة الأمريكية أن هناك اعتقادًا راسخًا بأن الوضع القديم في غزة لا يمكن أن يعود، وقد فسر البعض في إسرائيل هجوم حماس على أنه إدانة لسياسات قديمة، بما في ذلك انسحاب المستوطنين والقوات من قطاع غزة عام 2005، والذي أنهى الاحتلال العسكري للقطاع - على الرغم من أن إسرائيل مارست مع ذلك سيطرة عميقة على الكثير مما يحدث داخل القطاع وسط حصار اقتصادي خانق ونظام أمني مشدد.
بوابة العرب
واشنطن بوست: إسرائيل تصنع "الخراب" وتُسميه سلامًا
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق