عرفت الميثولوجيا المصرية القديمة "سخمت" كسيدة برأس لبؤة جالسة -أو واقفة- على العرش الذي تزينه علامة توحيد شمال وجنوب مصر وتمسك بيدها مفتاح الحياة "عنخ"، بينما يعلو رأسها قرص الشمس.
يعني اسمها "القوية"، وهي أحد أعضاء ثالوث منف المقدس "بتاح - سخمت – نفرتم"، وشملت ألقابها: السيدة العظيمة محبوبة بتاح، عين رع، سيدة الحرب، سيدة الأرضيين (مصر العليا والسفلى)، سيدة الأرض الليبية، الجبارة وألقاب أخرى كثيرة
ووفق المعتقدات المصرية، لم تكن سخمت -ابنة رع- إلهة محاربة فحسب ، بل هي أيضًا إلهة الشفاء، وكان المصريون يوقرونها باعتبارها حاميتهم. لذلك، عرفوها أيضا بأنها "سيدة الرهبة" و"سيدة الذبح". حيث كانت هي المظهر الانتقامي لقوة رع، فروى البعض عن قدرة سخمت على استنشاق النار، بينما قارن آخرون رياح الصحراء الحارة بأنفاسها.
وكانت سخمت هي زوجة الإله بتاح -وكان حاميا للصناع والفنانين وهو إله منف الأكبر- أما ابنها فهو الإله نفر توم، وهو يشبه بهيئة زهرة اللوتس، حيث كانت آلهة البطش سخمت محاطة بآلهة الفكر والفن واللاهوت بتاح، وابنها كان رمزا للعطور والشمس المشرقة.
وكانت سخمت توضع على راية الحرب حين يخوض المصريون حروبهم، حيث تقول الأنشودة الشعرية لرمسيس الثاني في حرب قادش: إنه طلب من آمون أن ينجده فأعطى له آمون قوة سخمت في ذراعه.
أسطورة سخمت ورع
قيل إنه قرب نهاية حكم رع على الأرض، أرسل الإلهة حتحور ، على شكل سخمت ، لتدمير البشر الذين تجرأوا على التآمر ضده. حيث قادت سخمت معركة دامية. ومع ذلك -وفقًا للأسطورة- لم تكن شهوة الإلهة للدماء راضية في نهاية المعركة. حيث دمرت البشرية كلها تقريبًا. ما جعل آلهة أخرى تتوسل إلى رع لإيقاف سخمت قبل أن تدمر الجنس البشري بأكمله.
ولمنع هذا، استخدم رع "الجعة" التي كانت مصبوغة باللون الأحمر -أو الهيماتيت- لجذب انتباه سخمت؛ والتي اعتقدت بالخطأ أنها دماء، ولذلك شربت الوعاء بأكمله. وفي وقت لاحق، تسببت الجعة المصبوغة في إصابة سخمت بالنعاس ، وتوقفت عن الذبح. في رع بسلام.
وفي بعض الروايات، غضبت سخمت من هذه الخدعة بعدما أفاقت وغادرت مصر، وهذا قلل من قوة الشمس. حتى أقنعها الإله "توت" بالعودة.
تماثيل سخمت الشهيرة
كان أكثر من سبعمائة تمثال لسخمت يقف في السابق في معبد جنائزي واحد فقط، هو معبد أمنحتب الثالث على الضفة الغربية لنهر النيل. بينما يمكن للمرء أن يجد تمثالًا من الجرانيت لسخمت في المتحف الوطني في العاصمة الدانماركية كوبنهاجن يعود إلى 1402-1365 ق. م.
أيضا، فإن متحف أتليس في العاصمة الألمانية برلين لديه صورة من قلادة مينات الطقسية. حيث يصور طقوسًا تم أداؤها أمام تمثال سخمت التي تتربع على عرشها، وتحيط بها الإلهة وادجيت والإلهة نخبت.
وفي معبد كوم أمبو تظهر سخمت بقرص الشمس وتاج الكوبرا؛ كما يعرض المتحف المصري بالتحرير النعش المذهب من قبر توت عنخ آمون مع تماثيل سخمت.
ورغم أن أمنحتب الثالث لم يخض حروبا مثل أجداده الذين كونوا إمبراطورية مترامية الأطراف؛ لكنه كان -مثل المصريين جميعا- من الذين يعتقدون بسخمت وبقوتها. لذا، صنع لها آلاف التماثيل.
كما اكتشف الأثري جورج ليجران تماثيل لها فى معبد الكرنك بالقرب من قدس الأقداس، وهو التمثال الذي اكتشف أن القمر حين يكتمل يلقى ظلاله عليه.