«لم يعرف الأطفال في قطاع غزة الحياة مثل غيرهم من أبناء جيلهم والتي تتلخص أمانيهم في اللهو واللعب؛ فقدرهم أنهم خرجوا للحياة من رحم بُؤرة مُلتهبة لا يغيب عنها القصف والقنص الغاشم؛ فإما يبيتوا مُهجرين نازحين أو يُبصحوا مُشردين مقصوفين بأطنان من المتفجرات التي لم ترحم حتى الأجنة في أرحام أمهاتهم؛ ليكونوا شاهدين على المجازر التي يُواصل الاحتلال الاسرائيلي ارتكابها منذ 26 يومًا ضد الأطفال والنساء والمدنين العزل في قطاع غزة.
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة؛ قتل أكثر من 3400 طفل وأصيب أكثر من 6800 طفل جزاء القصف الإسرائيلي؛ حسبما أفاد سليم عويس مسؤول الإعلام الإقليمي في منظمة حماية الطفل العالمية اليونيسيف خلال حديثه مع «البوابة نيوز».
قال «عويس» إن وضع الأطفال في غزة صعب ومُؤلم ومُروع للغاية فالأرقام التي تصل اليونسيف مُخيفة جدًا ولا يجب أن تمر مرور الكرام وهي جزء من مُعاناة أطفال غزة؛ ولكن يوجد هناك أزمة كبرى بخصوص الأطفال الذين لم يتمكنوا من النجاة ولم يُقتلوا أو يُصابوا فهم يعيشون في ظروف صعبة للغاية.
وأضاف لـ «البوابة نيوز» أغلب الأطفال في غزة لا يستطيعون الوصول إلى مياه نظيفة للشرب، وقد سمع اليونسيف روايات من أرض الواقع؛ بأن أطفالٍ في غزة لا يجدوا ماءً يشربونه لعدة أيام خاصة أن المياه المُتوفرة «مالحة» ويرفض الأطفال شربها؛ وقد ظهرت عليهم أيضًا علامات الجفاف والإسهال.
وأكد أن المأساة التي يعيشها الأطفال في غزة جراء القصف الإسرائيلي المستمر لـ أكثر من 25 يومًا؛ يُحتم ضرورة وسرعة ووقف إطلاق النار الفوري وإدخال المساعدات وتأمينها للوصول إلى الأطفال في غزة أينما كانوا؛ في ظل الحصار الذي تشهده غزة منذ الـ 7 من أكتوبر.
وحول النظام الصحي في غزة، أكد المسؤول بالمنظمة الأممية لـ «البوابة نيوز» أن النظام الصحي في غزة مُتهالك جدًا، ويتزامن ذلك مع استقبال المستشفيات الآلاف من الجرحى والمصابين وتواصل الأطقم الطبية عملهم على ما تبقى من وقود لإنتاج الكهرباء في ظل قطع الامدادات عن غزة؛ مشيرًا إلى أن عدم وصول الوقود إلى المستشفيات يُخاطر بالآف من المرضى والجرحى والأطفال في أقسام الخداج والعناية وحديثي الولادة، ويهدد حياة الأمهات الحوامل والأطفال الذين يحتاجون للرعاية الصحية، يأتي ذلك إلى جانب معاناة المستشفيات من نقص المواد الأساسية الطبية التي يحتاجها الأطقم الطبية بشكل عاجل وضروري لإغاثة وعلاج الجرحى من الأطفال والكبار على حد سواء.
وأكد أن الأطفال في قطاع غزة يعيشون كابوسًا طويلًا جراء استمر القصف لأكثر من 24 يومًا الذي يؤثر على حالتهم الصحية والنفسية والعقلية؛ فهم يشهدون موت أهاليهم وأصدقائهم وإخوتهم أمام أعينهم؛ ومن المؤكد أن هذه الجراح والندوب النفسية ستلازمهم طوال حياتهم.
وأوضح أن حماية الأطفال من كل عنف وتأثيره عليهم أينما كانوا هي مسؤولية أطراف النزاع ويتحتم عليهم حماية الأطفال ووضع حمايتهم على سلم الأولويات.
وحول جهود اليونيسيف بشأن دعم الأطفال والنساء في غزة؛ يقول «عويس»: اليونيسف كانت في غزة من قبل التصعيد العسكري الحالي؛ استمرينا في وجودنا بعد الأزمة ولم نعلق عملنا؛ مُؤكدًا أن أطقم اليونيسف في غزة يُعانون من نفس التحديات الأمنية والتحديات الإنسانية التي تشهدها غزة بشأن قلة موارد المياه والطعام والقصف المستمر ورغم التحديات يواصلون تقديم ما يستطيعون من مساعدة للأطفال والعائلات الأكثر هشاشة في غزة.
وأوضح، في بداية الأزمة والتصعيد العسكري في غزة، قامت اليونيسيف بإيصال العديد من المواد الإغاثية، بما فيها الأدوية للمستشفيات والمواد الأساسية لمحطة تحلية المياه المدعومة من اليونيسيف في غزة؛ مشيرًا إلى أن هذه الإمدادات كانت مُخزنة قبل العدوان؛ ولكن مع مرور الوقت نفذت الإمدادات الأمر الذي يُحتم ضرورة إدخال المساعدات دون إعاقة وبشكل مستمر، وتوسيع الاستجابة عبر الحدود أمام الامدادات والعاملين في مجال الاغاثة حتى نتمكن من الوصول لكل الأطفال أينما كانوا؛ مؤكدًا في ختام حديث «إذا لم نستطع القيام بذلك فنحن نخاطر بحياة الآلاف من الأطفال».
غزة أصبحت مقبرة لآلاف الأطفال
وقال مسؤول في منظمة اليونيسف جيمس الدر: إن قطاع غزة أصبح «مقبرة لآلاف الأطفال، وتحول إلى جحيم حي للجميع». وحسب تقرير لـ منظمة إنقاذ الطفولة فإن أكثر من 3257 طفلا قتلوا في غزة و33 فى الضفة الغربية؛ موضحا أن الأطفال يشكلون أكثر من 40% من إجمالي الشهداء فى غزة منذ بدء العدوان؛ ومُتوقع وجود 1000 طفل آخرين مدفونين تحت أنقاض غزة.
استشهاد طفل فلسطيني كل 5 دقائق
وكان رياض منصور مندوب فلسطين بالأمم المتحدة قال خلال كلمته أمام مجلس الأمن، إن تعداد الأطفال الفلسطينيين الذين قتلوا جراء العدوان الإسرائيلي بلغ 3500 طفلا فلسطينيا بمعدل طفل فلسطيني كل 5 دقائق.
وفي آخر إحصائية للمكتب الإعلامي الحكومي مساء الثلاثاء؛ فإن ضحايا عدوان الاحتلال على غزة بلغ أكثر من 8525 شهيدًا منهم 3542 طفلًا و2187 امرأة وفتاة و2000 مفقود و21543 إصابة في 25 يومًا فقط؛ واستشهاد 130 كادرًا طبيًا و35 صحفيًا و18 رجل إنقاذ من الدفاع المدني جراء العدوان الإسرائيلي؛ وتضرر أكثر من 200 ألف وحدة سكنية منها قرابة 35 ألف وحدة سكنية هدمت كليًا وغير صالحة للسكن.
وحسب وزارة الصحة الفلسطينية؛ اليوم الأربعاء؛ فإن المستشفى الوحيد لعلاج السرطان في غزة توقف عن العمل بسبب الغارات الإسرائيلية ونفاذ الوقود بالكامل؛ مؤكدة أن 16 مستشفى من أصل 35 مستشفى في قطاع غزة توقفت عن العمل نتيجة القصف ونفاذ الوقود.