«وانقلب السحر على الساحر».. هذه العبارة تنطبق على الممارسات الإسرائيلية الغاشمة على قطاع غزة والمستمرة منذ أكثر من ٣ أسابيع متصلة؛ غير أنها خلفت خسائر اقتصادية فادحة للكيان الإسرائيلى ليفقد أكثر من ١٠ مليارات دولار مبدئيا وفقا لتقارير دولية، بالتوازى مع تعامل مؤسسات ووكالات التصنيف الائتمانى على استحياء، لإبقاء الاقتصاد العبرى فى المناطق السلبية والأضعف.
على مدار الأسابيع القليلة الماضية فقد الشيكل الإسرائيلى أكثر من ٧٪ من قيمته على الأقل أمام الدولار، وتهاوى البورصة العبرية لتفقد هى الأخرى ١٨ مليار دولار على أضعف تقدير منها ١٦.٥ مليارا مع الأسبوع الأول للعدوان على قطاع غزة.
وكالات التصنيف الائتمانى وبنوك الاستثمار العالمية والتى كان آخرها بنك جى بى مورجان، والذى توقع استمرار انكماش الاقتصاد الإسرائيلى بمعدل ١١٪ خلال الربع الأخير من العام الجارى مع استمرار الحرب على قطاع غزة، لتفقد الميزانية العمومية لدولة الاحتلال ٢٥٠ مليون دولار يوميا بما يعادل مليار شيكل.
ضبابية المشهد الاقتصادى فى إسرائيل دفعت وزير المالية الصهيوني بتسلئيل سموتريتش خلال الأسبوع الماضى، بالتصريح بأن ميزانية بلاده خلال السنة المالية الحالية لم تعد مناسبة بسبب حرب غزة وسيجرى تعديلها، موضحا أنه لم يتم تقييم التكلفة غير المباشرة بسبب الشلل الذى أصاب بلاده جراء تعبئة الأيدى العاملة كجنود احتياط المقدرين بنحو ٣٠٠ ألف مواطن ومواطنة، والدفع بهم لصد هجمات المقاومة الفلسطينية.
ويعانى قطاع الشركات التكنولوجية والناشئة من اضطراب عملها بسبب وجود فجوة فى الموظفين لديها لإرسالهم لمواقع وخدمات العمليات العسكرية على قطاع غزة، وهو ما يساعد فى زيادة معدلات الخسائر فى القطاعات الاقتصادية الإسرائيلية.
وكشف خبراء ومحللون لـ«البوابة نيوز»، عن ارتفاع حالة الغضب الشعبى داخل المجتمع الإسرائيلى على حكومة نتنياهو معتبرين إياها بأنها قد فقدت شرعيتها من يوليو الماضى على خلفية استحواذ الحكومة على سلطات القضاء لترتفع حالات الاحتقان والتأثير على الاقتصاد.
وتجدد نزول الإسرائيليين إلى الشوارع بسبب المطالبات بالإفراج عن الأسرى الذين تحتجزهم المقاومة الفلسطينية وارتفاع الأسعار فى السوق خصوصا المواد الغذائية وسوء الأوضاع الاقتصادية خصوصا مع ارتفاع معدلات التضخم ٣.٨٪ فى سبتمبر الماضي مقارنة بـ ٣.٣٪ فى يوليو ٢٠٢٣؛ على الرغم من إن الحكومة توقعت إنها تخفض التضخم لـ٢.٧٪ حاليا.
وتسببت سوء الأوضاع الاقتصادية وزيادة احتدام الصراع مع المقاومة الفلسطينية التى استهدفت مواقع فى تل أبيب والمستوطنات الإسرائيلية ومناطق فى الأراضى المحتلة، فى تخارج شركات عالمية من بينها "زارا وانفدتيكيس الإسبانية وشركة إتش آند إم بحوالى ٨٤ متجرا إسرائيليا وتعليق رحلات أكثر من ٤٢ شركة طيران عالمية؛ سفرها لإسرائيل بسبب مخاطر الهبوط فى مطار بن جوريون.
كما أن انقطاع الكهرباء عن مناطق كبيرة ومستوطنات إسرائيلية وتعطل الدراسة وتضرر الأهالى من حالات الترويع ودمار بعض المبانى والشوارع والممتلكات من الصواريخ اللى بتطلقها المقاومة باتجاه المدن الإسرائيلية وهو ما جعل المواطنين يشعرون بعدم الأمان.
توقعات بنك جى مورجان لم تكن الأولى من نوعها فقد حذرت من قبل مؤسستى موديز وفيتش المتخصصتين فى التصنيف الإئتمانى إذ قررتا تعليق تقييمها لاقتصاد إسرائيل لحين انتهاء العدوان الإسرائيلى على غزة واستمرار خفض التصنيف من درجة إيجابية لدرجة مستقرة عند A+ مع وضع الاقتصاد تحت المراقبة السلبية
وعلق صندوق النقد الدولى فى تقرير صادر عنه بأن الممارسات التى قامت بها الحكومة الإسرائيلية فى يوليو الماضى من بينها اصدار قانون القضاء، تسببت فى مخاطر على الاقتصاد وأدت لسوء الأوضاع المالية وأعاقت الاستثمار فى البلاد وهو ما رفع معدلات التضخم.
محاولات النفس الأخير
وتحاول الحكومة الإسرائيلية إنقاذ الموقف وتهدئة مواطنيها، فقد قررت ضخ ٤٥ مليار دولار لتوفر سيولة فى السوق منها ضخ سندات بـ٣٠ مليار دولار للسيطرة على انخفاض قيمة الشيكل الإسرائيلى أمام الدولار بمقدار ٣٪ جديدة باعتباره الأعلى من الحرب على غزة فى ٢٠١٦.
وتدخلت الحكومة الإسرائيلية خلال الأيام القلائل فى إجراء برنامج مساعدة بيقمة تتراوح ٥٠٠ مليون حتى ٢ مليار دولار لدعم أصحاب المطاعم والقطاعات التى تضررت من الحرب.
وكشفت بيانات بنك إسرائيل "البنك المركزى الإسرائيلى"، عن ارتفاع الدين العام بنسبة ٨٪ على أساس شهرى خصوصًا أنه سجل ٦٨٪ فى ديسمبر ٢٠٢٢، وارتفع عجز الموازنة الإسرائيلية بنسبة ٤.٤٪ فى نهاية العام الماضى وزيادة البطالة ٣.١٪ فى سبتمبر الماضى بإجمالى ١٥٠.٥ ألف عاطل فى أغسطس ٢٠٢٣ بعد أن كان ١٤١.٣٢ ألف عاطل فى يوليو ٢٠٢٣.
وارتفع عجز الميزان التجارى لـ ٤.٩ مليار دولار فى أغسطس السابق بعد ما كان ٤.٢ مليار دولار فى يوليو من نفس السنة حسب بيانات بنك إسرائيل.
وتعد إسرائيل من أكبر الدول فى منطقة الشرق الأوسط التى حصلت على مساعدات ومعونات من الولايات المتحدة الأمريكية منذ أكثر من ٧٢ سنة بعد ٣ سنين من إنشائها إلى الآن.
ومع أول أسبوع على عملية طوفان الأقصى خسرت بورصة تل أبيب مبدئيا ١٦.٥ مليار دولار، وهذا يعادل ٤ تريليونات شيكل إسرائيلى فى أول أسبوع من الحرب، وهذا أثر على مؤشرها الرئيسى بنسبة ٧٪.
ويعتبر هذا ثانى أكبر خسارة تعرضت لها البورصة الصهيونية من فبراير الماضي بقيمة ٩ مليارات دولار.