الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

أوليفييه دوزون يكتب: عن الشباب الأفريقى.. الكونغو الديمقراطية تدرك تمامًا قوة جاذبيتها وتريد الاستفادة منها!

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

مع تزايد الشباب المحتجين والمطالبة بمبدأ السيادة فى وقت تتعدد فيه الخيارات أمام أفريقيا ويتزايد فيه الشركاء: الصين والهند وروسيا وتركيا والولايات المتحدة والأوروبيون.. لا شك أن فرنسا لا تملك بديلًا إلا إعادة اختراع نفسها من أجل الحفاظ على وجودها فى هذه القارة ولعب دور حاسم هناك؛ أليس كذلك؟

وبحلول عام ٢٠٥٠، سيبلغ عدد سكان أفريقيا ٢.٥ مليار نسمة وأوروبا ٤٥٠ مليونا فقط.. السؤال الذى يطرح نفسه، هل اتخذ إيمانويل ماكرون الاستعداد لمواجهة هذه الموجة العارمة الحقيقية عندما يطالب الأفارقة بالتغيير الجذري؟

يقول دومينيك دو فيلبان، رئيس وزراء فرنسا الأسبق، إن المشاعر المُعادية للغرب تتزايد على نطاق واسع وإذا نظرنا إلى مجموعة البريكس، وإلى أفريقيا يمكننا أن نرى بوضوح كيف تنقلب أفريقيا ضدنا وكيف تسعى إلى ضمان خروج فرنسا من أفريقيا.. هناك شعور قوى للغاية وسنكون مخطئون إذا تحدثنا عن الحياد كما أن هذه القدرة على اللعب على قوة مؤثرة فى العالم هى عنصر يعمل بالتاكيد لصالح روسيا ودعونا لا ننسى ذلك.

وفى هذا السياق هناك نقطة مشتركة لافتة للنظر: إنها يأس الشباب وخاصة فى أفريقيا الناطقة بالفرنسية كما أن هؤلاء الشباب غاضبون من قادتهم ويريدون الفرار وهذه الفئة محافظة من وجهة نظر مجتمعية كما أنها تعارض بشدة أيديولوجية اليقظة وحركة المثليين والنظام البيئى الجديد.

وأضاف «دوفيلبان»، أن هناك سوء فهم عميق اليوم للحقائق الأفريقية الجديدة. تلك البلدان التى يحتل فيها الشباب أهمية كبيرة. إذ يحصل هؤلاء الشباب على معلوماتهم من خلال شبكات التواصل الاجتماعى ونحن لا نملك وسائل للوصول إليهم. نحن نعمل وفقا للنظم العتيقة.

وتابع: «هذه النظم لا تزال تحمل بصمة الاستعمار الجديد»، وبسؤاله عن مستقبل الوجود الفرنسى فى النيجر يرى رئيس الوزراء ووزير الخارجية السابق، أنه يجب الحفاظ على القنوات، لأنه ليس هناك ما هو أسوأ من طاولة فارغة.

حول هؤلاء الشباب بالتحديد فتحت فرنسا البوابة لاستراتيجيتها الجديدة، فى محاولة لاستعادة صورتها السياسية ودفع أذرعها فى المجال الاقتصادى الذى شهد تراجعها بشكل كبير. القمة الإفريقية الفرنسية التى جمعت فى أكتوبر ٢٠٢١ شبابًا من الشتات فى مونبلييه، وهى القمة التى لن تشهدها فرنسا. كما أن مستوى المناقشات كان بليغًا من حيث الكلمات المُلقاة، على سبيل المثال: «لو كانت العلاقة بين الدول الأفريقية وفرنسا وعرة لكانت قذرة».

وحاليًا يحاول إيمانويل ماكرون، اللحاق بالركب وإذا كانت فرنسا أبدت رغبتها فى استعادة القيادة الاقتصادية التى تولتها الصين وبدرجة أقل تركيا، مثل إدارة مطارات أبيدجان ونيامى وداكار، فى العديد من البلدان الناطقة بالفرنسية، فإن جولات إيمانويل ماكرون الأفريقية فى يوليو ٢٠٢٢ «الكاميرون وبنين وغينيا بيساو» ومارس ٢٠٢٣ «الجابون وأنجولا والكونغو وجمهورية الكونغو الديمقراطية» فإن هذه الجولات أبرزت التنافس القوى مع الكرملين.

وقد أجرى الصحفى ريستيل تشوناند، مقابلة مع صحيفة «لا تريبيون»، من أجل أفريقيا وخاصة مع لجنة من رجال الأعمال الأفارقة حول الموقف الذى يتعين على فرنسا أن تتبناه فى ضوء أفريقيا الجديدة، وكان من بين هذه الشخصيات فاليرى هوفويت بوانيي، وبول أوبامبي، وفرانسوا جان بيلوت.

وقالت فاليرى هوفويت، إن دور روسيا هامشى للغاية ومبالغ فيها؛ فالاستراتيجية الروسية تبنى قواعدها على ما يقوله الشارع الأفريقي، بل إننى أعتقد أن الدعاية الروسية فى أفريقيا ليست موجهة للأفارقة، بل تهدف إلى زعزعة استقرار القوى الغربية «الولايات المتحدة وفرنسا».

وقالت رئيسة نادى «AEGE» الأفريقي، إنها تعتقد أن موسكو تفضل بكين، مؤكدة: «التحالف الصينى الروسى واضح للغاية على هذا المستوى، وإذا وجدت فرنسا ــ وأوروبا على نطاق أوسع ــ نفسها فى خضم الحرب بين الولايات المتحدة والصين، فلن يكون لديها مجال للمناورة من جانبها. إنه فخ يجب تجنبه».

فى الوقت نفسه يعانى الرئيس الفرنسى من المشكلات فيما يخص نهجه الدبلوماسي، خاصةً فيما يتعلق بالقضايا النقدية المرتبطة بالفرنك الأفريقى وهى تصريحات غالبا ما تعتبر مسيئة، كما يُشير ريستل تشوناند.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

اضطراب باريس

فى الحقيقة، فرنسا تمتلك أصولًا لم يتم استغلالها كما ينبغي، لأنهم يقولون إن رفض فرنسا فى أفريقيا هو رفض سياسى ناهيك عن أنه مرتبط إلى حد كبير بالموقف المتعالى للرئيس إيمانويل ماكرون، ولكنه ليس رفضًا اقتصاديًا. أراه كما لو كان قائد أعمال يعمل فى أفريقيا؛ ففى البلدان التى من المفترض أننا لا نحب فيها فرنسا نحب العمل مع الشركات الفرنسية. لذلك قد لا يعجب الناس بتصريحات الرئيس الفرنسى لكنهم يواصلون العمل مع الشركات الفرنسية، كما يشهد فرانسوا جين بيلو، الأمين العام للمؤتمر الأفريقى لشركة «IE»، والمدير المؤسس لشركة «تروفر أن ميدياتيك».

ويمكن لباريس أن تعتمد على نفسها لإستعادة وضعها اقتصاديا، ليس كقوة بل كشريك. فى هذا الجانب، تتمتع فرنسا بميزة على الولايات المتحدة، لأن الشركات الأمريكية غير معروفة إلا قليلًا فى أفريقيا، على حد قول فاليرى هوفويت بوانيي.

بل هناك ما هو أكثر من ذلك لا يمكننا تجاهل الفرانكوفونية، والسؤال الذى يطرح نفسه هو: «لماذا لا تلعب فرنسا بورقة الفرانكوفونية الاقتصادية؟»، يتساءل فرانسوا جان بيلوت، مُشيرًا إلى أن «الكومنولث» يجب أن يكون مُلهما لـ«الفرانكوفونية»، ومن هذا المنطق يعتبر تحالف أصحاب العمل الناطقين بالفرنسية خطوة إبداعية أولى ينبغى العمل على تنميتها.

كما قال رئيس النادى الأفريقى لرجال الأعمال: «بالحديث عن التحالف فإننا نقترب من مقياس القيمة الأفريقى وبهذا التحالف من رجال الاعمال الناطقين بالفرنسية والذى يجمع كل أصحاب العمل فى أفريقيا الناطقين بالفرنسية وبهذا تصبح فرنسا مرة أخرى فاعلًا شرعيًا على غرار رجال الأعمال الإيفواريين والمغاربة والكونغوليين والكاميرونيين والبورونديين وغيرهم من رجال الأعمال».

تنويع الشركاء

وفى مواجهة تلك الرغبة الدولية فى السعى نحو أفريقيا دعا زعماؤها اليوم إلى تنويع الشركاء. ربما يكون هناك هوس فى الولايات المتحدة بشأن الأنشطة الصينية فى القارة، ولكن هذاالهوس لا ينطبق على الصين، وقال الرئيس الغانى نانا أكوفو أدو، إن جميع البلدان هى أصدقائنا، ولدينا علاقات بدرجات متفاوتة من القوة مع كل منها.

وفى هذا السياق، رفض رئيس الكاميرون بول بيا، فيما يتعلق بموضوع روسيا، - مثل أغلبية أقرانه- إدانة الغزو الروسى فى أوكرانيا.

«فى الحقيقة أفريقيا واضحة بما فيه الكفاية ولا تزال بلداننا تمتلك الموارد بما فى ذلك الموارد البيئية. وعلينا أن نستغلها بشكل جيد. ويجب على البلدان أن تختار الشركاء الذين يقدمون أفضل العروض أى أفضل جودة بأفضل الأسعار. إذا كانت هذه الشركات فرنسية أو أمريكية أو روسية أو صينية، فسيتم الاختيار فى إطار شراكة مربحة للجانبين»، على حد قول بول أوبامبي، الرئيس التنفيذى لشركة «SAPRO»، وهى مجموعة صناعية كبرى فى الكونغو برازافيل.

ويشير فاليرى هوفويت بوانيي، على مستوى الدول والشركات والأفراد، إلى أن المصالح الاقتصادية هى مركز الاهتمامات الأفريقية، ويضيف الخبير: «يتم دراسة ما يمكن أن يُساهم به كل شريك، مُسلطًا الضوء بشكل خاص على العدد المتزايد من الأفارقة الذين يتدربون فى مجال الذكاء الاقتصادي.

الكونغو وقوة جاذبيتها

تُعد جمهورية الكونغو الديمقراطية أكبر دولة ناطقة بالفرنسية، وطبقًا للأرقام، فى العالم حيث يبلغ عدد المتحدثين بها أكثر من ١٠٨ ملايين نسمة، وهى مهد للموارد الطبيعية: فهى المنتج الرائد للكوبالت على مستوى العالم بما يقرب من ٧٠٪ من إنتاجها وأكثر من ٥٠٪ من الاحتياطيات العالمية؛ منتج من العالم الثالث للنحاس مع رواسب كبيرة من المنجنيز والكروم والليثيوم ناهيك عن الكولتان وهو معدن نادر واستراتيجى يعتبر من المعادن الاستراتيجية يتم استخدامه بشكل أساسى فى تصنيع المكثفات للمعدات الإلكترونية ولكنه يستخدم أيضًا فى تركيب سبائك الكوبالت والنيكل فى مجال الطيران وخاصة فى تصنيع المفاعلات، والتى تعد جمهورية الكونغو الديمقراطية أحد المنتجين الرئيسيين لها على هذا الكوكب. إنها موارد قيمة لمواجهة المستقبل البيئى العالمى ناهيك عن احتياطيات الغابات الشاسعة. ثروة تدركها الكونغو. أعلن الرئيس فيليكس تشيسيكيدي، أن الانتقال العالمى إلى الطاقات الخضراء وإزالة الكربون الذى حفز الطلب على السيارات الكهربائية لا يمكن تحقيقه بدون ما يسمى بالمعادن الاستراتيجية لجمهورية الكونغو الديمقراطية، والتى تعتبر بالغة الأهمية لبقية العالم. إن موقعنا الحالى كمصدر للمعادن الخام يضعنا فى أسفل سلسلة القيمة العالمية للسوق الذى سيصل إلى ٨٠٠٠ مليار دولار بحلول عام ٢٠٢٥، والذى نحصل منه على ٣٪ فقط.

ولذلك فإن طموحنا واضح، وأوضح وسط تصفيق الجمهور أن الأمر يتعلق بالنسبة لنا بتعزيز التحول المحلى للموارد الطبيعية ووضع جمهورية الكونغو الديمقراطية فى قلب سلسلة القيمة الخضراء الإقليمية لإنتاج السيارات الكهربائية.

فرنسا وأفريقيا

يقول ميشيل لوسيمبي، المستشار المتخصص فى الاستشارات المالية، والرئيس السابق لاتحاد البنوك الكونغولية ونائب رئيس اتحاد الشركات الكونغولية «FEC» لولا الحرب فى شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية لكانت رحلة إيمانويل ماكرون، جيدة شأنها شأن كل الزيارات التى قام بها رؤساء فرنسا السابقين.

هذه الدولة الواقعة فى وسط إفريقيا ليس لها أى ماضى استعمارى مع فرنسا وكانت أجندة «ماكرون» سياسية فى الأساس، بين إستعادة وضع فرنسا بعد تراجعها فى غرب أفريقيا ومابين الرغبة فى إعادة الكرة إلى الدبلوماسية الروسية التى تتعزز فى القارة، وتمرير الرسالة إلى الشركات التى تواجه الاستراتيجية الاقتصادية الصينية.

وقد ألبس الرئيس الفرنسى كل ذلك ببرنامج اقتصادي، ومن هنا جاء منتدى كينشاسا وأعتقد أنه فى السياق الحالي، تمتلك جمهورية الكونغو الديمقراطية ورقة تكتيكية يمكنها اللعب بها للاستفادة من الناحية الاقتصادية. ومع ذلك، فإن السياسة الاقتصادية الجديدة لباريس تأخذ معنى أكبر فى منطقة مهمة كهذه.

الحديث عن الشراكة

من جانبه، قال بول أوبامبي، الرئيس التنفيذى لمجموعة سابرو ورئيس غرفة التجارة والصناعة؛ فى الزراعة والتجارة فى الكونغو: «لقد مر الوقت وتطورت بيئة الأعمال وسبقها تطور البيئة السياسية ولم نعد فى فرنسا - أفريقيا لقد حدث تُقدمًا كبيرًا.. اليوم يجب أن نكون قادرين على الحديث عن الشراكة».

أوليفييه دوزون: مستشار قانونى للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والبنك الدولى.. ومن أهم مؤلفاته: «القرصنة البحرية اليوم.. وماذا لو كانت أوراسيا تمثل الحدود الجديدة؟ والهند تواجه مصيرها»، يتناول فى مقاله حاضر ومستقبل الشباب الأفريقى فى ظل تطورات متشابكة فى مواقف الدول، وبالأخص فرنسا.