تباعًا نتناول الملفات طبقًا لأهمية التأثير فى الحالة المصرية، فملف التنمية المحلية هو المهم والذى كان يجب العمل عليه عقب ثورة 30 يونيو، لما يمثله من مجرى عميق للفساد المستشرى والمتجذر والذى تتغذى منه جميع مؤسسات الدولة، فجميع المكونات المتمثلة فى العنصر البشرى والقوانين المعمول بها يمثلون صورة بشعة للفساد الذى يتغلب على أى حلول تقليدية للتعامل معه.
والحل يكمن فى الاجتثاث الكلى والتغيير الشامل فى الهيكل الوظيفى واستراتيجية العمل لتلك الوزارة، فعندما نقول إن عامل الخبز وأنبوبة البوتاجاز الذى تم فرضه بالقوة أثناء مظاهرات 25 يناير وكان يعمل بالعقد، تم تثبيته وأصبح مسئولًا كبيرًا عن ملف البناء فهو من يقرر تطبيق القانون على ذلك الملف، فهل هناك تجسيد للفساد أقوى من ذلك؟. وقياسًا على ذلك معظم العناصر البشرية فى كل الملفات لتلك الوزارة لا تمتلك الخبرات العلمية أو العملية لأداء الدور المهنى المنوط بها.
فالمقترح الذى نقدمه لعلاج ذلك الملف هو عن طريق "شركة تحيا مصر" التى اقترحنا تواجدها فى أول مقال من هذه السلسلة، لإدارة التغيير فى جميع مؤسسات الجهاز الحكومى ونقله من جهاز خامل مريض بشيخوخة الأداء إلى جهاز يعمل داخل دائرة الرقمنة والحوكمة يقود الوطن بشكل سليم إلى التنمية الشاملة فى جميع المجالات، على تقوم بالتعاون مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بوضع استراتيجية عملية تهدف إلى التخلص السريع من مكونه، وهيكلة جهاز جديد بطريقة عصرية.
بحيث يتم عمل ملف كامل عن كل محافظة يشمل جميع المعلومات والبيانات عنها، ومن ثم يتم تحديد السلبيات والإيجابيات المتمثلة فى نوعية وعدد الأيدى العاملة ونوعية الموارد والثروات الطبيعية، ومن خلال ذلك الملف المعد يتم نشر طلب وظيفى لدولاب عمل كامل من أبناء المحافظة مكون من المحافظ والنواب ورؤساء الأحياء والمراكز والوحدات المحلية، طبقًا لشروط تعتمد على خبرات علمية وعملية ويتم الاختيار طبقًا للملف المقدم من المحافظ ودولاب عمله الذى يشمل استراتيجية عمل قائمة على التنمية الشاملة فى جميع المجالات داخل المحافظة، ويتم الاختيار للوظيفة من جانب اللجنة المعدة للاختيار داخل "شركة تحيا مصر والهيئة الهندسية للقوات المسلحة" على أن يكون مدة العقد بين اللجنة والمحافظ ودولاب عمله 6 سنوات قابلة للتجديد، ويتمحور دور اللجنة فى متابعة تطبيق ما جاء فى استراتيجية العمل داخل الملف العملى المقدم من المحافظ ودولابه، ولها الحق طبقًا لشروط التعاقد فى إنهاءه فى حال عدم الالتزام ببنوده القائمة على إنجاز ما جاء فى ذلك الملف.
والسؤال المطروح ماذا نفعل فى العاملين الحاليين فى ذلك الجهاز؟ يتم حصر العاملين والإبقاء على العناصر المتميزة فى جميع الوظائف مع الوظائف الإدارية الأخرى على أن يتم إعادة التأهيل والإعداد لهؤلاء لتأدية دورهم داخل منظومة عمل المحافظ الجديد ودولاب عمله، أما الأخرون فيتم توزيعهم على الوزارات الأخرى مع تسوية المعاش لمن تعدى عمر الـ55 عامًا، ولمن يرغب فى التسوية من الأعمار الأخرى مع تعويضهم ماليًا.
ذلك هو المقترح الذى تقدمت به منذ سنوات للجهات المسئولة وتقابلت مع بعض المسئولين ووعدونى بتطبيقه كمرحلة أولية داخل المحافظة التى أقطن بها، ومن ثم التعميم فى باقى المحافظات، ولكن ذهب ذلك الوعد ومعه الملف أدراج الرياح وأدراج مكتب المسئول ولم يتم فعل شيء.