الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بوابة العرب

حرب طوفان الأقصى والسيوف الحديدية ملامح الشرق الأوسط الجديد.. ودراسة: القاهرة مرشحة بقوة للعب دور دولي فعال لإدارة حوار ومناقشات حول الحلول المناسبة للأزمة الجارية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى إطار التصريح الناري الانفعالى الذى أطلقه رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو "سنغير الشرق الأوسط"، وذلك عقب الهجوم الذى شنته الفصائل الفلسطينية، فى ٧ أكتوبر الجاري، متسببة فى جُرح غائر هزّ العقيدة العسكرية لجيش الاحتلال، المتحصن وراء تشديدات وإجراءات أمنية، جرى الاستهانة بها أمام صواريخ وتجهيزات محلية الصنع للفصائل الفلسطينية، تدور دراسة بعنوان "حرب طوفان الأقصى والسيوف الحديدية: ملامح الشرق الأوسط الجديد"، للدكتور فتحى العفيفي، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، رئيس قسم العلوم الاجتماعية بكلية الدراسات الآسيوية العليا جامعة الزقازيق.

تهدف الدراسة، بحسب العفيفي، إلى "توفير الغطاء المعلوماتي والمعرفي الذي دفع باتجاه هذه المواجهة الكبرى، والاقتراب من الأزمة من ناحية تأثيرها على شكل العلاقات الدولية فى المنطقة ومدخل محاولة صنع القرار الرشيد" 

وهنا تجدر الإشارة إلى الموقف المصرى الرسمى الذى أوضح فى اتصالاته الدبلوماسية مع الدول الغربية على أن ما حدث يعد نتيجة "غياب الحل السياسي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي" وهو ما "أدى إلى تكرار أعمال العنف والمعاناة للشعبين الفلسطينى والإسرائيلي وشعوب المنطقة، وتأكيد أهمية قيام المجتمع الدولى لا سيما مجلس الأمن بتحمل مسئولياته من أجل السعي لتحقيق السلام فى الشرق الأوسط".

تشير الدراسة إلى أن تصاعد الأحداث بعد الهجوم الذي شنته الفصائل الفلسطينية وضع الاتفاقيات العربية مع إسرائيل محل نظر ومراجعة بل عودة للوراء كثيرا، كما أشارت إلى سقوط صفقة القرن التى روج لها الرئيس الأمريكى السابق "ترامب" وذهبت معها مخاوف الوطن البديل لأهل غزة فى سيناء".

ورغم وضوح الدراسة فى أن عملية طوفان الأقصى أسهمت فى ظهور وجلاء بطلان مشروع تهجير الفلسطينيين، فإنها لم تشرح باستفاضة طريقة هذا البطلان ووأد هذا المشروع الخبيث المرفوض، والفضل فى ذلك يعود أولا إلى يقظة الجانب المصرى لأمنه القومى وللمخططات والمؤامرات التى يريد العدو والخصوم إلى إقرارها وتنفيذها بحجة الأمر الواقع.

لكن القاهرة وفى عز تصاعد الأحداث، وفى عز نشوة المراقبين بما يجرى من ضربة موجعة للذات الإسرائيلية المتغطرسة، كانت القاهرة تصدر تحذيراتها المستمرة لأطراف ماكرة تغذى فكرة نزوح أهالى غزة إلى الحدود المصرية بهدف تهجير الفلسطينيين إلى سيناء المصرية، لتصفية القضية الفلسطينية.

ووفقا لكلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى "تكون هناك أرض فلسطينية، ولا يكون هناك شعب فلسطيني" إذ يتم تهجير أهالى غزة إلى مصر وتهجير مواطنى الضفة الغربية إلى الأردن، وهو المخطط الذى رفضته مصر والأردن بوضوح وإلحاح، وأشرك فيه الرئيس المصرى الشعب المصرى عندما خرج تلبية لنداء الرئيس ولرفض المخطط القاضى بتصفية القضية الفلسطينية.

ولم يكتف الجانب المصرى بخروج جميع الأطراف لتأكيد رفض مخطط التهجير والتصفية، حيث أعلنته إسرائيل من خلال سفارتها وتنصلت من الأمر رغم إلحاح بعض رموزها على تنفيذه، كما أعلنت فصائل المقاومة الفلسطينية رفضها القاطع لتصفية القضية والتهجير إلى مصر.

بدورها؛ أكدت ذلك السلطة الفلسطينية، إذ أكد الرئيس الفلسطينى أبو مازن فى مشاركته بقمة القاهرة للسلام "لن نرحل" مرددها كثيرا، وساندت الدول العربية موقف مصر والأردن الموحد، وأطلعت مصر كافة الأطراف الإقليمية والدولية على رفضها الصارم لضرب القضية وتصفيتها. وهكذا فإن صلابة وصرامة الموقف المصرى هو العامل الحاسم فى بطلان مخطط تصفية القضية الفلسطينية.

ويعتقد "العفيفي" أن ثمة تغيرات تساهم فى تغيير خريطة التحالفات والمحاور سبقت عملية طوفان الأقصى، مشيرا إلى "قمة العلا" السعودية، فى يناير ٢٠٢١، التى أنهت القطيعة بين دول مجلس التعاون الخليجى بالإضافة إلى مصر مع دولة قطر.

ولفت "العفيفي" إلى أن بعض مشاريع منطقة الشرق الأوسط التى كانت تستهدف مواجهة إسرائيل لكنها على أساس ديني، مثلا تحاول دولة عربية رفع أنها الدولة الدينية السنية المركزية، أو الدولة الدينية الراعية والتى تحاول تركيا أن تقدم نفسها فى هذا الإطار بوصفها آخر مقر لدولة الخلافة التى ألغيت عام ١٩٢٤ ولم يمت المشروع إذ يسعى الرئيس التركى إلى استدعائه وإطلاق مسمى "العثمانيون الجدد".

وتابع: أما الدولة الدينية المذهبية وتمثلها إيران المنافحة عن المشاريع الشيعية فى كل بقعة فى العالم، أما الدولة الدينية الاستيطانية وتمثلها دولة الاحتلال الإسرائيلي، أما الدولة الدينية المهيمنة متمثلة فى أمريكا وانطلاقاتها من فكرة عودة المسيح، وكلها مشاريع تستند إلى أفكار دينية وتغذيها تصورات دينية لكل فريق يسعى لفرض هيمنته وسطرته، كلها تتأثر بالموجة الجديدة والعالية من الصراع الفلسطينى الإسرائيلي، بحسب ما تشير إليه.

وفى ملاحظة غريبة، شرح "العفيفي" أن مجموعات من التكتلات السياسية والاقتصادية غير الرسمية تشجع دائما على حروب من نوع الحرب التى تحدث فى غزة وذلك بهدف "تدوير عجلة رأس المال وعمل المافيا والمخابرات والأبحاث التى تسوغ هذه الضرورات تطبيقا لمبدأ العولمة الصارخ وتغيير المقولات الثابتة "القوة للحق" إلى "الحق للقوة". أى أن هذه التكتلات والمجوعات التى تسعى لتغيير المقولات الثابتة تسعى لهيمنة القوة التى تنتزع شرعية أى شيء لصالح قوتها فقط.

وأشار إلى التطور الهائل فى عالم التقنية والذكاء الاصطناعى وعالم الإجراءات الأمنية والقبة الحديدية والجدار العازل والكاميرات والمراقبة، ومع ذلك لا يجد الإسرائيليون تفسيرا لكل ما حدث، خاصة وأن الإنجاز التقنى شهد مرحلة رقيه وانتهى به إلى شهود مرحلة موته أمام مغامرات العقل البشري.

أما التحشيد الإليكترونى خلف القضية الفلسطينية، فكان محل التفات من الدراسة، لأن التحشيد يوفر الدعم ويصنع رأى عام ضاغط باتجاه التنديد بالممارسات والمجازر الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى فى غزة، مشيرا إلى ما وصفها بـ"ريمونتادا تاريخية" من اللاعب المصرى محمد صلاح، إذ غير لغة الرياضة، وتحدث إلى العالم عن المأساة الإنسانية لأهل غزة، وبعد أن وصلت رسالته لما يزيد على ٦٥ مليون متابع رغم حظر فيسبوك.

ويعتقد "العفيفي" أن الأنفوميديا هى ثورة التقانة التكنولوجيا والوسائط المعلوماتية فإن الهيبرميديا هى التقانة الفائقة للوسائط المتعددة وكلاهما عماد الذكاء الاصطناعى الذى هو الجنرال الحقيقى للحروب الجديدة.

من الملاحظات المهمة التى تبزها الدراسة، هى أن حرب الطوفان والسيوف نجحت فى إعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة بعد أكثر من عقد من الزمان كانت نسيا منسيا بفعل الأحداث الكبرى التى دهمت المنطقة مثل أزمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، فقد خرجت الجماهير العربية فى الشوارع تهتف للأقصى وتؤازر الفلسطينيين فى صمودهم ضد الاحتلال.

يرى العفيفى أن إسرائيل قد ذاقت من ويلاتها عندما تداعت الفواعل المسلحة الأخرى لتخفيف الضغط عن قطاع غزة فاشتبك حزب الله فى الجنوب اللبنانى واشتعلت الجبهة السورية من جديد وانتفضت الضفة الغربية وتم فتح معبر رفح ومطار العريش وأصبحت مصر فى بؤرة التأثير من جديد كونها الفاعل الإقليمى الذى بإمكانه تقديم الدعم اللوجيستى والحل السياسى بعيدا عن استمرار آلة الحرب.

تدين الدراسة الجريمة النكراء وأكبر مجزرة ارتكبتها إسرائيل فى تاريخ القطاع عندما تعمدت قصف المدنيين الذين لجأوا إلى باحة المستشفى الأهلى المعمدانى فى غزة للاحتماء به لأن ضرب المستشفيات فعل مُجرم بموجب القانون الدولى وبالتالى تم إلغاء القمة الرباعية بين الرئيس الأمريكى بايدن ورؤساء مصر وفلسطين وملك الأردن، ووفقا لما تذهب إليه الدراسة فإن إسرائيل بحكم المجازر التاريخية هى دولة الإرهاب المركزية فى العالم.

فى النهاية، فإن الدراسة تميل إلى ثلاثة سيناريوهات مستقبلية، أولها توسيع نطاق الحرب وإطالة أمدها، والثانى قبول التهدئة والتفاوض وتبادل الأسرى وتحميل الفصائل الفلسطينية مسئولية جنائية دولية عن الضحايا، فى حين سيطالب الفلسطينيون بمحاكمة جنائية لقادة إسرائيل لقتلهم المدنيين. والثالث أن يكون للحرب تداعيات إقليمية عربية واسعة النطاق فى ظل الضغوط الأمريكية، كما أن مصر مرشحة بقوة للعب دور مركزي دولي لبحث حالة الحوار والنقاش حول الحلول المناسبة بهدف الخروج من هذا النفق المظلم.