فى منتصف أكتوبر الجاري، أذاعت وسائل الإعلام الحكومية الإثيوبية لقاء يظهر خلاله رئيس الوزراء آبى أحمد قائلا "إن النيل والبحر الأحمر يحددان مستقبل إثيوبيا، وسوف يساهمون إما فى تطويرها أو فى زوالها"، وأضاف قائلا "عندما أتحدث مع مبعوثى الدول العظمى، لا يقبلون حججى بأن المشاريع الإثيوبية على النيل الأزرق هى شئوننا الداخلية، ويؤكدون أن النيل ليس شأنا خاصا بنا، بل يخص المصريين والسودانيين الذين تعتمد حياتهم عليه".
وواصل خطابه معلقا "الجميع يقول هذا؛ ليس من المحرمات لكن فى إثيوبيا، ما أجده محزنًا ومؤلمًا هو أننا نعتبر مناقشة قضية البحر الأحمر من المحرمات، حتى بين أعضاء البرلمان" وزعم آبى أحمد أنه "فى حين يناقش الغرباء بحرية مسائل مثل سد النهضة، وهى مشاريع ممولة داخليا، لماذا تجد أنه من المحرمات مناقشة قضية حاسمة مثل البحر الأحمر؟ يمكننا أن نقرر عدم الاستيلاء على البحر الأحمر، لكن لماذا لا نناقش ذلك؟ لماذا نخجل من مناقشة إيجابيات وسلبيات الحصول على منفذ إلى البحر الأحمر؟".
وتتجه أنظار رئيس الوزراء الإثيوبى إلى ثلاث دول مشاطئة للبحر الأحمر، من أجل تحقيق غايته فى الحصول على ميناء وهى الصومال وإريتريا وجيبوتي، وقد حددت الدول الثلاثة مواقفها من الطرح الإثيوبي، بالرفض القاطع.
موقف أديس أبابا كان مثارا للجدل دعا وكالة بلومبرج الأمريكية، إلى التساؤل "لماذا يهدد آبى جيران إثيوبيا ؟"، قائلة إنه "بعد أن خرج من حرب أهلية استمرت عامين وقُتل فيها مئات الآلاف من الأشخاص وتحول الاقتصاد من أحد أفضل الاقتصادات أداءً فى أفريقيا إلى حافة التخلف عن السداد، اختار آبى تهديد جيرانه".
وأضاف تقرير "بلومبرج" المنشور فى العشرين من أكتوبر الجاري، أنه فى محاضرة عامة، حذر الحائز على جائزة نوبل للسلام من أن هناك خطر نشوب صراع إذا لم تتمكن دولته غير الساحلية من تأمين الوصول المباشر إلى البحر الأحمر.
وأشار آبى أحمد فى خطاب متلفز إلى أن عدم الوصول إلى الموانئ "يمنع إثيوبيا من الاحتفاظ بالمكانة التى ينبغى أن تكون لها، وإذا لم يحدث هذا، فلن يكون هناك إنصاف وعدالة، وإذا لم يكن هناك إنصاف وعدالة، فهى مسألة وقت، وسوف نقاتل".
وبعد أيام من نشر فيديو آبى أحمد، أصدرت وزارة السلام الإثيوبية مسودة وثيقة حول المصالح الاستراتيجية والاقتصادية لإثيوبيا فى البحر الأحمر، وتشير الوثيقة التى تحمل عنوان "المصلحة الوطنية لإثيوبيا: المبادئ والمضمون"، إلى أنه يتعين على إثيوبيا تأمين حقوقها فى استخدام نهر النيل والبحر، حيث إن هذه المسطحات المائية مرتبطة بوجود الأمة.
وبعيدا عن التهديد بشن حرب للحصول على منفذ بحري، فإن آبى أحمد، عرض تقديم امتيازات فى محاولة لإغراء الدول بعقد صفقة مع إثيوبيا، وكان سد النهضة هو أولى الإغراءات التى قدمها آبى أحمد، بحيث تحصل الدول على أسهم فى المشروع الذى لم تجن منه إثيوبيا حتى الآن أى أرباح، ونفس الأمر بالنسبة لشركتى الخطوط الجوية الإثيوبية وإثيوتليكوم، عارضا حصول أى دولة على نسبة تصل إلى ٣٠٪ من أسهم أى منهم.
وقالت بلومبرج تعليقا على تصريحات آبى أحمد، بأن لديه ما يكفى من المشاكل فى المنزل دون أن يضيف إلى صفوف أعدائه، فى إشارة إلى استمرار المتاعب فى تيجراى على الرغم من مرور ما يقرب من عام على اتفاق السلام الموقع فى بريتوريا بين جبهة تيجراى والحكومة الإثيوبية، إلى جانب الأزمة مع مصر والسودان بسبب سد النهضة.
وأكدت بلومبرج أن "الصراع تيجراى شوه سمعة آبى كرجل سلام، ولكن إدخال إثيوبيا فى معركة من أجل الوصول إلى الميناء من شأنه أن يدفنها".
وفى منتصف أكتوبر خرج ألكسيس محمد، أحد كبار مستشارى الرئيس الجيبوتى إسماعيل عمر جيله، منتقدًا دعوة إثيوبيا للوصول إلى البحر الأحمر "لقد حافظ بلدينا دائمًا على علاقات ودية قوية لكن يجب أن تعلموا أن جيبوتى دولة ذات سيادة، وبالتالى فإن سلامة أراضينا ليست محل شك، لا اليوم ولا غدا". وانضمت الصومال أيضًا إلى النزاع، قائلة إنها ليست مفتوحة للمناقشة حول المسائل المتعلقة بالأرض.
فى السياق نفسه؛ نشرت صحيفة "إيسترن أفريكا" تقريرا أبرزت فيه رد وزارة الإعلام الإريترية على خطاب آبى أحمد بأن "الخطابات - الفعلية والمفترضة - حول المياه والوصول إلى البحر والمواضيع ذات الصلة التى تم طرحها فى الآونة الأخيرة عديدة ومفرطة بالفعل، وقد أثارت هذه القضية حيرة جميع المراقبين المعنيين"، مضيفة أن "حكومة إريتريا تؤكد أنها لن تنجذب، كما كانت دائمًا، إلى مثل هذه الأزقة والمنصات، كما تحث كافة الأطراف المعنية على عدم الاستفزاز بهذه الأحداث".
بوابة العرب
طموح آبى أحمد فى منفذ بحرى لإثيوبيا يثير القلق فى القرن الأفريقى
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق