الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

صلاح ويوسف والتواصل مع الرأى العام العالمى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

مع استمرار حرب الإبادة التى تمارسها إسرائيل ضد المدنيين فى قطاع غزة منذ السابع من اكتوبر الجاري، ومع استمرار الدعم العسكرى والمعنوى الغير مسبوق، الذى تتلقاه إسرائيل من غالبية الدول الغربية، خاصة أمريكا وإنجلترا، يأتى السؤال: لماذا نجحت إسرائيل فى كسب تعاطف كل هذه الحكومات، رغم أنها الدولة المحتلة والتى تمارس كل أنواع الجرائم فى حق المواطنين العُزّل؟ ولماذ خسر العرب التعاطف الدولى رغم أن كل قضاياهم عادلة ومشروعة حسب قواعد القانون الدولي؟
الإجابة ببساطة لأن الصهيونية العالمية نجحت فى تسويق قضيتها بكل الطرق. نجح الصهاينة فى توضيح معاناة اليهود للمواطن العادي، خاصة ماحدث لليهود أثناء الحرب العالمية الثانية على يد النازية. استغلوا فى ذلك سطوتهم على وسائل الإعلام، وعلى صانع القرار السياسى من خلال جماعات الضغط (اللوبى الصهيوني)، خاصة فى الدول الفاعلة مثل أمريكا وإنجلترا وفرنسا، والتى تمتلك حق الفيتو فى مجلس الأمن الدولي.. استغلال الصحف المؤثرة، ووسائل التواصل الاجتماعي، والأفلام الوثائقية، والمتاحف وأفلام السينما فى هوليوود، أدى الى التعاطف مع اليهود. ومن ناحية اخري، استغلوا الميديا فى إظهار تفوق العلماء اليهود الذين يخدمون البشرية، وفازوا بجوائز نوبل، وهذا صحيح إلى حد كبير.
فى الوقت الذى نجحت فيه الصهيونية العالمية فى صُنع صورة نمطية عن اليهود، مفادها أنهم يمثلون الجنس السامى المتحضر الذى يخدم البشرية، ويتعرض للظلم والعدوان من جيرانهم "الأشرار" فى إسرائيل، فقد فشل العرب تمامًا فى التأثير فى الرأى العام الدولي. بالعكس فقد ساعدت جماعات محسوبة على المسلمين مثل داعش والقاعدة وغيرهما، فى خلق صورة نمطية للعرب والمسلمين، على أنهم همج وبرابرة وقاطعو رؤوس. ومن هنا أخفق العرب والمسلمون فى التواصل مع الرأى العام الدولي، الذى كسبته إسرائيل، ولذا تجد الموقف الأمريكى والأوروبى منحاز تمامًا لإسرائيل.
الجديد فى هذه الحرب، والذى لم تكن إسرائيل ومؤيدوها يريدونه، هو ظهور بعض الشخصيات العربية التى تستطيع التحدث إلى المواطن الغربى باللغة التى يفهمها. وتشرح المعاناة التى يتعرض لها الأطفال والنساء فى غزة.. حديث محمد صلاح، لاعب فريق ليفربول الانجليزى،  الذى بثه على حسابه الشخصى على وسائل التواصل الاجتماعي، وشاهده الملايين عبر العالم، وعبر فيه بلغة بسيطة وتلقائية عن إحساسه بالألم والحسرة لما يحدث فى الأبرياء فى غزة على يد الجيش الإسرائيلى. ثم جاء لقاء باسم يوسف، مع المذيع الإنجليزى الشهير "بيرس مورجان" ليعبر بأسلوبه الساخر، ولغته التى تشتمل على كثير من "الألفاظ الجارحه"، والإيحاءات التى يحبها ويتفهمها المواطن الأوربى والأمريكي، عن معاناة شعب غزة والضفة الغربية تحت الاحتلال. كانت ردود باسم يوسف ذكية  جدًا، خاصة عندما قارن بين عدد الضحايا من الجانبين. وكان مؤثرًا عندما قال "انسوا حماس وماتفعله وخليكوا فى الضفة الغربية، والتى تتعرض يوميًا للاعتداء من قبل المستوطنين والجنود الإسرائيليين". أعتقد أن تأثير كل من محمد صلاح وباسم يوسف قد فاق كل التوقعات.
بالإضافة إلى مافعله صلاح ويوسف، هناك الكثير من وجهات النظر التى يمكن للعرب أن يستخدموها، لو استطاعوا الوصول إلى الميديا العالمية. على سبيل المثال، هناك صورة متداولة لثلاثة أطفال خرجوا من تحت أنقاض ببتهم الذى ضربته قوات الاحتلال فى غزة، وعلى وجوههم وملابسهم غبار أسود، وفى أيدى كلٍ منهم علم فلسطين. عيون الأطفال تحمل نظرات التحدى، وعلى وجوههم، ابتسامة الناجين من الموت. هذه الصورة وغيرها، لو تم نشرها فى الميديا الدولية، لكان لها تأثير فاعل مثل التأثير الذى أحدثته صورة الطفلة "فان كيم فوك" طفلة النابالم سنة ١٩٧٢، وهى تجرى عارية بعد إصابتها بحروق بالغة فى جسدها، والتى كانت السبب الأساسى فى إنهاء الحرب الفيتنامية.
د.السعيد عبد الهادى: رئيس جامعة حورس