عقارب الساعة كانت تُشير إلى التاسعة والنصف بتوقيت غزة؛ وإذا بهاتف الفتاة غيداء يستقبل رسالة من صديقتها دعاء؛ مٌفادها: "غيداء احنا تحت الأنقاض بس معي جوالي.. فش حد إجا يطلعنا.. وقاعدة بصوت ومعرفش إزا عايشين الباقيين.. أنا مش حاسه باشيء بس بحضني ليال وفقي حجر وبس". تلك الاستغاثة المُؤلمة والصرخة التي خرجت من تحت أطلال ركام القصف الإسرائيلي في غزة لقيت تعاطفًا جياشًا من الملايين ودعوتهم بسلامة الأُم وطفلها المُحاصرين تحت الأنقاض.
"البوابة نيوز" تتبعت الرسالة المُؤلمة والصرخة الإنسانية التي انتفضت من تحت الأنقاض ليقرأها الملايين حول العالم؛ لأم وطفلتها تحولت حياتهم بين لحظة وأخرى لحجيم تحت رُكام الأنقاض ولا يُبعدها عن الموت سوى لحظات عصيبة؛ جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي لـ حي الأمل بخانيونس جنوبي قطاع غزة.
من هي صاحبة رسالة “غيداء احنا تحت الأنقاض.. فش حد إجا يطلعنا؟”
وكشف وائل الصادق الدكتور الجامعي بكلية التربية بفلسطين وأحد أفراد أسرة الدكتورة دعاء صاحبة رسالة الاستغاثة من تحت الأنقاض لـ "البوابة نيوز" تفاصيل وكواليس الرسالة المؤلمة قائلًا: "إن صاحبة الرسالة طبيبة فلسطينية تحمل الجنسية المصرية وتُدعى دعاء أحمد أبو شقرة وتخرجت في كلية الطب جامعة عين شمس".
وأضاف "الصادق" لـ "البوابة نيوز" أن الطبيبة دعاء أبو شقرة كانت تُقيم في حي الأمل بمحافظة خانيونس جنوبي قطاع غزة؛ وهي متزوجة من ابن عمه وهو طبيب مصري ويُدعى علاء صادق ويعمل بأحد المستشفيات في مُحافظة الإسماعيلية.
استشهاد والد الطبيبة دعاء أبو شقرة وشقيقتها و5 من أبنائها
وأوضح لـ "البوابة نيوز" أن الطبيبة دعاء أبو شقرة كانت تُقيم بحي الأمل في خانيونس برفقة والدها الدكتور أحمد أبو شقرة وكان قعيدًا ومريضًا بالسرطان؛ وأختها إسراء و5 من أبنائها وهم (حمزة – رؤى- تسنيم – ماريا – بلال)؛ جميعهم استشهدوا جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي الغاشم على حي الأمل في خانيونس؛ مُشيرًا إلى أن الطبيبة دعاء وطفليها عمر ومحمد تم انتشالهم من تحت الأنقاض سالمين.
وأشار إلى أن شقيق الطبيبة دعاء ويدعى محُمد وزوج شقيقتها إسراء (والد الـ 5 أطفال الذي استشهدوا في القصف) نجوا بأعجوبة من قصف الاحتلال؛ إذ خرج الشاب محمد برفة زوج شقيقته إسراء قبل القصف بساعات بحثًا عن المياه وبعض وتأمين بعض مُتطلبات الحياة لأسرتهم؛ وعند عودتهم كان طيران الاحتلال دك مساكن الأمل بالصواريخ المُتفجرة؛ واستشهد الدكتور أحمد أبو شقرة وابنته إسراء و5 من أبناؤها؛ فيما بقيت الدكتورة دعاء وطفليها عمر ومحمد تحت أنقاض المنزل وتم إنقاذهم بعد ساعات من البحث عنهم تحت الأنقاض.
وحصلت "البوابة نيوز" على صورة الطبيبة دعاء أحمد أبو شقرة صاحبة رسالة الاستغاثة من تحت الأنقاض في غزة برفقة أبناؤها، كما حصلت البوابة نيوز على صورة والدها الدكتور أحمد أبو شقرة والذي كان يُعاني من مرض السرطان ويتلقى علاج الكيماوي والذي استشهد برفقة ابنته إسراء و5 من أحفاده جراء قصف الاحتلال على حي الأمل بخانيونس.
ولم يتسنى لـ البوابة نيوز التواصل مع الدكتورة دعاء أبو شقرة بشكل مباشر حتى الآن؛ لسرد تفاصيل الأوقات العصيبة التي عاشتها تحت الركام، وذلك بسبب الانقطاع شبه التام للكهرباء وشبكات الاتصال في غزة جراء استهداف الاحتلال لـ أبراج الاتصالات الخلوية.
20 يومًا وغزة تحت القصف
وأصدرت وزارة الصحة في غزة؛ منذ قليل بيانًا بآخر التحديثات بشأن التداعيات الصحية الخطيرة للعدوان الإسرائيلي المُستمر لليوم الـ 20 على التوالي. وقالت الصحة إن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب عمدا 731 مجزرة بحق عائلات، أودى بحياة 5224 شهيدا منذ 7 أكتوبر، وتلقت الصحة 1650 بلاغا عن مفقودين بينهم 940 طفلا لا يزالون تحت الأنقاض.
7,028 شهيداً و18,484 مصابًا في غزة
وأضاف البيان أن حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بلغت 7,028 شهيداً بينهم 2,913 طفلاً و 1,709 نساء و 397 مسناً بالإضافة إلى 18,484 مواطناً أصيبوا بجروح مختلفة منذ 7 أكتوبر. بالإضافة إلى استشهاد 101 من الكوادر الصحية وتدمير 25 سيارة إسعاف للخروج عن الخدمة. واستهداف 57 مؤسسة صحية ووضع 12 مستشفى و32 مركز رعاية أولية خارج الخدمة نتيجة الاستهداف أو عدم جلب الوقود.
تضرر 183 ألف وحدة سكنية في غزة جراء العوان
وحسب آخر بيان لـ المكتب الإعلامي الحكومي في غزة؛ فإن أكثر من 183 ألف وحدة سكنية تضررت بفعل العدوان بنسبة 50% من الوحدات السكنية منها أكثر من 28500 وحدة سكنية هدمها الاحتلال بشكل كامل وباتت غير صالحة للسكن؛ بالإضافة إلى 77 مقراً حكومياً وعشرات المرافق العامة والخدماتية دمرها الاحتلال وتضرر 188 مدرسة منها 35 مدرسة خرجت عن الخدمة.
