عقد المركز المصري للدراسات الاقتصادية، مساء الأربعاء، ندوة بعنوان "هل تستفيد مصر من المنهجيات الحديثة في تقييم أثر برامجها الاجتماعية؟ دراسة حالة برنامج "تكافل وكرامة"، وذلك بحضور نخبة كبيرة من الخبراء والمتخصصين.
واستعرض المتحدث الرئيسي الدكتور سكوت كاننجهام، أستاذ الاقتصاد بجامعة بايلور ومؤلف كتاب "الاستدلال السببي: مجموعة متنوعة" الصادر عن دار نشر جامعة يييل عام 2021، وهو أستاذ متخصص فى تقييم البرامج الاجتماعية، تقييم الجهد البحثى الذى قامت بها مؤسسات لتقييم برنامج تكافل وكرامة، وتحدث عن التحسينات التى يمكن أن تتم على البرنامج من خلال استخدام طرق التقييم الحديثة.
وعرضت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذى ومدير البحوث بالمركز، بعض المؤشرات الخاصة ببرنامج تكافل وكرامة، وهو البرنامج الذى انطلق عام 2015 وينقسم إلى برنامجين: الأول مشروط "تكافل" ويشترط أن يكون كل الأطفال فى الأسرة من سن 6 – 18 عاما مسجلين فى المدارس بنسبة حضور لا تقل عن 80%، وحضور الأم حد أدنى لجلسات توعية صحية، والجزء الثانى غير مشروط "كرامة" موجه لكبار السن والمصابين بإعاقات وأمراض تمنعهم من العمل، والأيتام، وتصل قيمة الدعم ما بين 620 – 740 جنيها شهريا للأسرة، ويقدر عدد المستهدفين من البرنامج خلال السنة المالية الحالية نحو 5 مليون شخص بقيمة إنفاق متوقعة 31 مليار جنيه، مشيرة إلى عدم وجود معيار واضح لتوزيع نسب المستفيدين من البرنامج فى المحافظات.
وطرحت عبد اللطيف عددا من التساؤلات حول مدى استفادة مصر من الطرق الجديدة فى التقييم والتى تقيس تأثير البرامج الاجتماعية؟ وهل تم دراسة الآثار المتوقعة فى حالة تم تغيير شكل البرنامج؟ وهل تم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى الجديدة فى تقييم تأثيره ومدى الاستفادة منه؟
من جانبها أكدت الدكتورة هانيا شلقامي أستاذ مشارك بمركز البحوث الاجتماعية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، أهمية تقييم الأثر للبرامج الاجتماعية، ولكن من المهم عند تقييم هذه البرامج ألا يجعلنا الغوص فى التفاصيل الإحصائية ننسى هدف هذه البرامح وهو تحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين حياة الناس، مشيرة إلى أن متابعة تنفيذ البرامج محدودة وهو أمر مرتبط بالبيانات التى يقتصر حق تجميعها على الجهات الحكومية فقط، موضحة أن كثير ممن دخلوا برنامج تكافل وكرامة خرجوا من برامج أخرى بالفعل.
وتحدث ماركوس هولملوند مدير بحوث الجندر، الفرصة الاقتصادية والهشاشة الاقتصادية بإدارة التأثير التنموي بالبنك الدولي (DIME)، عن مشكلة البيانات فى تقييم البرامج الاجتماعية وهى المشكلة التى تواجه البنك الدولى فى عملية تقييم البرامج الاجتماعية فى التجارب الدولية المختلفة، وهو ما يتطلب تكثيف الجهود فى عملية توفير البيانات حتى يمكن تقييم الأثر وجعل البرامج أكثر فعالية.
وأشارت لينا نبراوي متخصصة في السياسات الاجتماعية ومديرة السياسات الاجتماعية بالإنابة بمكتب اليونيسيف بمصر، أن هناك فجوة فى المعلومات مما يؤثر على صنع السياسات واتخاذ القرار، داعية إلى مراجعة ظروف الاستفادة من البرنامج فى ظل التغيرات الاقتصادية المتسارعة وارتفاع معدلات التضخم بنسبة كبيرة، وأهمية التقييم والاستمرارية فى متابعة حالة الأسر المستفيدة من البرنامج.
من جانبها تحدثت الدكتورة هبة وفا مدير فريق عمل الدمج الاجتماعي والتنمية المحلية ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عن برنامج "وعى" التابع لبرنامج الأمم المتحدة الانمائى وهو برنامج للتنمية الاجتماعية مخصص لمخاطبة مستفيدي تكافل وكرامة يتحدث عن 12 موضوعا منها التعليم والصحى وصحة الأم ومكافحة الزواج المبكر ومكافحة الهجرة غير الشرعية وغيرها من الموضوعات، حيث يستهدف البرنامج توصيل رسائل واضحة لتغيير الأفكار وتحقيق التغير الاجتماعي المنشود فى هذه القضايا، مشيرة إلى أنه جارى إنشاء مرصد تابع لوزارة التضامن الاجتماعي لقياس أثر هذه الأنشطة.
واستعرض الدكتور أحمد السيد المدير التنفيذي لمركز J-PAL الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، جهود مؤسسته فى دراسة تقييم أثر البرامج الاجتماعية فى عدد كبير من الدول من خلال طرق علمية مجربة ثبتت نجاحا فى العديد من الدول، وهو ما طرح عددا كبيرا من التساؤلات من خلال هذه التقييمات تتطلب الإجابة عليها لتحقيق أقصى استفادة من البرامج الاجتماعية، منها على سبيل المثال هل الأفضل منح الناس دعم نقدى أم سلع؟ وفى حالة الدعم النقدى ما هى القيمة؟ وفى ظل محدودية الميزانية هل يتم التركيز على عدد كبير من المستفيدين ومنحهم مبالغ ضئيلة أم خفض العدد وزيادة القيمة المالية؟ وهى الأسئلة التى يمكن الإجابة عليها من خلال عمليات التقييم لتحقيق الفعالية المطلوبة من البرامج.
واتفق المشاركون على أهمية برنامج تكافل وكرامة ووصوله إلى الفقراء وتحقيق نتائج إيجابية، ولكنه يحتاج إلى تحسين وتطوير وهو ما يتطلب تقييما أكثر تفصيلا للأثر من تطبيقه.