السبت 02 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

مصريات

سيناء.. أرض القلاع العسكرية ومعبر الغزو والنصر

على أرضها يقع طريق “حورس”.. وهي بوابة الفتوحات وأرض الأطهار والحصون الحربية

قلاع سيناء تحمي مصر
قلاع سيناء تحمي مصر عبر العصور
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

على مدار عصر الإمبراطورية المصرية القديمة، كانت سيناء المعبر الأهم، والطريق ذو البعد الاستراتيجي، و ظل "طريق حورس الحربي" من أهم الطرق العسكرية التي نشأت في مصر القديمة عبر تاريخها، والذي ذُكر في بعض الوثائق، أهمها ما ورد على صالة الأعمدة الكبرى في معبد الكرنك، والذي يسجل أخبار الحملة الأولي للملك "سيتي الأول" على أرض فلسطين، والتي حدثت في العام الأول من حكمه. 

وعُرف "طريق حورس الحربي" بهذا الاسم لأن صفات "الإله حورس" كانت تُطلق على الملك المصري عند توليه العرش، وكان يتمتع بدعمه.

طريق حورس

عرفه المصريون واستخدمه منذ عهد الدولة الحديثة، حيث كان يمر من الجانب الشمالي لشبه جزيرة سيناء، مرورًا بين مصر وأرض فلسطين التاريخية؛ وكان معروفا منذ أوائل الأسرة الثامنة عشرة والعشرين. ومنه ظلت الجيوش المصرية في عهد الأسرات الثامنة عشرة والتاسعة عشرة تخرج إلى أراضي كنعان وسوريا لتسيطر عليها، وقد وصلت بحدودها إلى ما وراء بلاد النهرين.

ودخل الهكسوس لاحتلال مصر عبر هذا الطريق، وأيضًا ذهب الملك "أحمس الأول" يطاردهم حتى خرجوا من مصر عبر الطريق نفسه. 

استطاع الأشوريون، والفرس، والإغريق، والرومان، والصليبيون، والعرب، غزوها عن طريقه. وعرفه الجميع بأنه طريق القلاع والحصون والآبار، والتي امتدت من القنطرة شرق حتى الشيخ زويد.

 بُنيت الحصون المصرية على هذا الطريق لتكون مراكز للجنود المُكلفين بحراسة المعابر، بالإضافة إلى أن تكون مخازن لما تحتاجه الجيوش. وقد أصبح هذا الطريق في تلك الفترة أكثر المعابر الحربية والتجارية بين مصر وآسيا، وتم تأمين هذا الطريق بمجموعة من القلاع ومحطات من الجمارك. 

ويرجح أن الحصون والحاميات والمنشآت الواقعة على هذا الطريق - والتي بدأ تشييدها في عهد الأسرة الثامنة عشر - أضاف إليها الملك "سيتي الأول"، أو أمر بعمليات الصيانة اللازمة، وكذلك من بعده الملك "رمسيس الثاني".

كانت أولي نقاط هذا الطريق - حسب ما أشار نقش الكرنك الشهير - هو حصن "ثارو" والذي يوجد بمدينة القنطرة شرق الحالية، ويمر على مقربه من "تل الحير"، ثم "بئر رمانه" إلى "قاطيه" ومنها إلى العريش والشيخ زويد لينتهي عند رفح. ثم يليه حصن آخر يذكره نقش الكرنك تحت اسم "بوتو/ واجيت". وحددت نقوش طريق حورس الحربي المحطات الإحدى عشرة قلعة والتسعة آبار أو خزانات المياه والتي نُقشت بين حوافر وعجلة "سيتي الأول" الحربية.

قلعة "ثارو"

شكّلت أكبر منظومة دفاعية مركزية في مصر القديمة، وهي تقع في منطقة آثار "حبوه" شرق قناة السويس. ومن خلالها، تم الكشف عن قلاع طريق حورس الحربي القديم بين مصر وفلسطين، والذي امتد من القنطرة شرق وحتى رفح المصرية. وطابق اكتشاف القلعة ما جاء في النقوش الموجودة على جدران معبد الكرنك بالأقصر في النقش الشهير للملك سيتي الأول، والذي يوضح معالم طريق حورس.

بدأت أعمال التنقيب بعد حرب 1973 بعد أن اكتشف أحد جنود الجيش المصري الموقع الأثري. واكتشف إخصائيو الآثار في بادئ الأمر سور يبلغ طوله 800 متر وعرضه 400 متر، وتم التوصل إلى صوامع الغلال والمراكز الإدارية ومنطقة الأفران بالموقع؛ كما تم الكشف عن مدخل قصر ومنطقة معابد على مساحة 150 في 100 متر. 

بعدها، تم العثور على قلعة صغيرة للملك سيتي، ولوحتين عليهما نقش للملك نحيسي، وخبيئة تضم عظام حصان ومجموعة من التماثيل التي تعود لعصر الهكسوس؛ كما تم العثور على فخار مستورد من فلسطين وسويا وقبرص ومناطق أخرى خارج مصر وتماثيل تعود للأسرة الثامنة عشر.

وتعد أهم الاكتشافات في الموقع هى العثور على قلعتين ومخازن منقوش عليها اسم الملك سيتي والملك رمسيس الثاني. الأمر الذي ساعد على تأريخ تلك الحقبة وإثبات ما جاء في البرديات، والذي يقول إن الملك سيتي بدأ حملة عسكرية كبيرة لتأمين مداخل مصر الشرقية.

حصن الكدوة 

وفقا لخرائط الاكتشافات، يعتبر تل الكدوة من التلال الرئيسية في منطقة شمال سيناء، ومساحته حوالي 125 فدانا مغطاة بطبقة أملاح غير سميكة على رمال كومتها الرياح. وقد وجد الأثريون أن مركز التل عبارة عن مبنى محصن كبير غير عادى يمثل قلعة من العصر الصاوي، والتي بنيت لتكون إحدى المحطات الرئيسية على الطريق التجاري والحربي القديم. 

كان الحصن مبنى من الطوب اللبن، ذا أسوار ضخمة بسمك 15م إلى 20م، في بعض الجوانب؛ وفي جسم الأسوار فراغات مملوءة بالرمال - لضخامة المباني الخاصة بالحصن - وكذلك الأبراج المستطيلة التي تحيط بالأسوار. وهي القلعة الأقدم تاريخيا والتي كشفت البعثة الأثرية المصرية عن جدارها الشرقي عام 2008، وقد بنيت على أنقاض هذه القلعة قلعة أخرى أحدث.

وأشار الأثريون إلى أن النموذج المعماري لحصن الكدوة هو النموذج الوحيد من ذلك العصر الذي تم الكشف عنه في شمال سيناء بهذه الضخامة؛ وأعطى الدارسين فكرة جيدة عن التحصينات في منطقة المدخل الشرقي. وكانت القلعة، وفق ترجيحات المكتشفين، قد تعرضت لهجوم شديد دمرت على أثره وهدمت جدرانها.

قلعة العريش

قلعة مستطيلة الشكل طول ضلعيها الشرقي والغربي  75 مترا تقريبًا، وطول الضلعين الشمالي والجنوبي 85 متراً، وطول ارتفاع السور ثمانية أمتار وفي أعلى السور ستة مزاغل لضرب النار وفي كل ركن من الأركان الأربعة برج للمدافع، في أسفله قبو لتخزين الذخيرة والقنابل، وبناء القلعة بالحجر الرملى الصلب وكان يحيط بها خندق متسع وكانت تقع على تل مرتفع وكان لها باب كبير بقنطرة مصفح بالحديد الصلب ارتفاعه 5 أمتار وعرضه 3.5 متر . 

تقع "قلعة العريش" على قمة هضبة مرتفعة جنوب غرب العريش، وقد اختير موقعها بشكل يتواءم وحماية طريق الحرب والتجارة الشمالى، كما إنها كانت تؤدى وظيفة إدارة شئون العريش القديمة الملاصقة لها، والقلعة فرعونية الأصل وكانت توجد بها نقوش مصرية قديمة، وأعيد تجديدها وترميمها خلال العصور التاريخية المختلفة وكان أهم هذه التجديدات ما قام به السلطان التركى سليمان القانوني، ومن أهم الأحداث التي شهدتها القلعة اتفاقية العريش عام “1801 م” التي وقعت بين الأتراك والفرنسيين وقضت بجلاء الفرنسيين عن مصر.

قلعة نخل

شيدت القلعة في عهد قنصوه الغوري في بلدة نخل بدرب الحج المصري وعرفت بالخان وتخطيط القلعة مربع الشكل وفي واجهتها ثلاثة أحجار تاريخية في صف واحد عليها كتابة بالعربية بحروف بارزة. 

وتعد القلعة أحد  أهم القلاع المُطلّة على طريق الحُجّاج القديم حيث لم يعد للمخافر والمراكز التي كانت تقوم بتأمين الحجاج المسلمين بقايا سوى هذه القلعة التي يرجع تاريخ إنشائها إلي السلطان المملوكى قنصوه الغورى “1516 م” وتُعد من أجمل القلاع التي شيدت في عهده، لذا اختارها محافظ سيناء الإنجليزي مقراً لإدارة سيناء، وخلال الحرب العالمية الأولى قامت الحامية المصرية التركية بالقلعة بتدميرها أثناء انسحابها من سيناء “1914 م” حتى لا تترك للانجليز فرصة الاستفادة من موقعها الاستراتيجى الحاكم، لذلك لم يتبق منها سوى أطلال تبرز منها بقايا سورها الشمالي الشرقي وصهريج المياه القابع بالجهة الشمالية الشرقية من القلعة.

قلعة المغارة

قلعة المغارة تقع في منطقة "خربة الرطيل" جنوب مدينة رفح، شمال سيناء بمسافة تبلغ حوالى 30 كم، ويذهب بعض الباحثين إلي القول بأنها من بين القلاع التي شيدت خلال العصر الروماني، وترجع إلى العصر الروماني أيضًا، قلعة لحفن، والتي تبعد عن مدينة العريش “جنوباً” بمسافة 13 كم تقريباً.

قلعة استراسين “الفكرسيات”

تقع قلعة استراسين جنوب منطقة الزرانيق الحالية، بناها الإمبراطور الرومانى جستنيان، عام 545 م واختير موقعها على تل مرتفع يشرف على التقاء الطرف الشرقي لبحيرة سريونيس “بحيرة البردويل” والطريق الحربي الشمالي “طريق حورس”، وشيدت بالموقع عدة كنائس، كما وجد بها آثار لمسجد إسلامي تحمل مئذنته تاريخ “1171 م – 567 هـ”

قلعة الطينة

قلعة الطينة اسمها مشتق من موقعها الطينى الموحل، حيث تقع على لسان فرع النيل البليوزي القديم غرب المحمديات، شمال مدينة الفرما القديمة، يرجع تاريخها إلي العصر المملوكى وتتخذ شكلا دائرياً يشغل مساحة لا تتعدى سوى 300 متر وهى مبنية بالطوب اللبن الذي كان متوافراً في المنطقة نتيجة لرواسب فرع نهر النيل البليوزى القديم.

قلعة قطية

يشرف موقعها على الدرب السلطانى شمال شرق مدينة الفرما، وزادت أهميتها بعد تهديد الصليبيين لطريق الساحل، وكانت القلعة بمثابة نقطة للتصريح بالسفر الى مصر وكانت الجيوش المملوكية تحضر في القلعة لمحاربة المنشقين عن الحكم، وكانت هذه القلعة مركزًا برياً مهماً بين مصر والشام خاصة أثناء فترة ولاية بيبرس الجشنكير “708 هـ” والسلطان الظاهر برقوق “784”.

قلعة صدر

رأي القائد العربي الكبير صلاح الدين الأيوبي أن يشيد حصناً في قلب سيناء لكي يأمن ناحيتها وليقضي على مؤامرات الصليبيين والبدو فأنشأ قلعة صدر حوالى عام 1183م، وكان الانتهاء من البناء عام 1187م، وهو ما يتفق مع التاريخ الهجرى المنقوش على القلعة، بالإضافة لقلعة طريق فرعون التي يحيط بها سور منيع له باب يتجه نحو سيناء ويرجح أن يكون بناء القلعة قد تم بأمر من صلاح الدين الأيوبي أيضًا، إذ إنها تشبه في تخطيطها قلعة صدر.

قلعة العقبة

تقع جنوب بلدة العقبة على بعد خمسين متراً من شاطئ خليج العقبة وقد أمر بإنشائها أبو النصر قنصوه الغورى عام 1516م كما يتضح من النقوش الموجودة على جدران الديوان الأيمن وهى مربعة الشكل وشيدت بالحجر المنحوت وكان على كل ركن من أركانها الأربعة برج ولكنه تهدم ، كما تقع  جنوب بلدة الطور، قلعة الطور، وتشرف على خليج السويس وشيدت في عصر السلطان سليم العثمانى واستخدم أهل البلدة حجارتها لبناء منازلهم، واتخذ بعض موظفى الحكومة ما بقى من أحجار أساسا لبناء دور الحكومة.

قلعة نويبع

شيدت قلعة نويبع وزارة الحربية المصرية عام 1893 م بعد تسليم قلعة العقبة إلى الدولة العثمانية حيث جعلتها مركزاً للشرطة، وتقع القلعة على بعد ميلين من مصب وادى العين شمالاً وخمسين ميلاً من العقبة جنوباً وتسمى الجهة القائمة فيها القلعة “نويبع القرابين”، وهذه القلاع تؤكد على أهمية سيناء بالنسبة لمصر، من الناحية الجغرافية والاستراتيجية، وبأنها مفتاح رئيسى من مفاتيح المنطقة العربية لمحاذاتها للبحر الأبيض المتوسط وآسيا الصغرى ودول المشرق العربي.

وفي مايو 2019 أعلنت وزارة السياحة والآثار عن اكتشاف بقايا أبراج قلعة عسكرية من عصر الملك "بسماتيك الأول" بشمال سيناء. حيث اكتشفت البعثة الأثرية المصرية العاملة في تل الكدوة، بقايا الأبراج الشمالية الشرقية والجنوبية الشرقية للقلعة المبنية من الطوب اللبن، والتي يرجع تاريخها إلى الأسرة الـ 26.

وضم الاكتشاف برج الركن الشمالي الشرقي وبقايا برج الركن الجنوبي الشرقي، بالإضافة إلى امتداد السور الجنوبي للقلعة جهة الشرق لمسافة 85 مترا.

كما أن أعمال الحفائر في الجزء الشمالي الشرقي من بقايا سور القلعة المكتشفة، أسفرت عن اكتشاف مدخل القلعة والذي يمثل بوابة جانبية تقع في الجزء الشمالي الشرقي من جسم السور، حيث كان يتم الخروج من البوابة إلى طريق منحدر.

وعلى يمين المدخل، تم اكتشاف بقايا أساسات غرفة يعتقد أنها غرفة حراسة للجنود المصريين لحماية البوابة وتنظيم عملية الدخول والخروج من وإلى القلعة. وكذلك بقايا منازل شيدت في الجانب الغربي داخل القلعة حيث عثر بداخل إحدى هذه الغرف على جزء من تميمة من "الفاينس" تحمل اسم الملك بسماتيك الأول.