لكل أيك بلابله ولكل بلابل شدوها.. حين سألت شيخي ذات مرة أين يذهب الأطفال الذين يموتون؟
قال لي: ولدان مخلدون.
أطفال فلسطين.. خلتهم بلابل على أيك الجنة يغردون وتمنيت أن أسمع شدوهم وأفهمه حتى رأيته.. حينها أدركت أن لكل أيك بلابله.. هناك من صدحه أتراح وهناك من صدحه أفراح.. وهناك من صدحه ترانيم من عند الله.. هو وحده الذي علمهم.
رأيت عصفورا صغير في موضع البكاء وهو ينزف ويغني:
يا قدس يا مدينتي
يا قدس يا حبيبتي
غدا.. سيزهر الليمون
وتفرح السنابل الخضراء والغصون
على غضن مكسور وقف عصفور يردد الشهادة يقول لنا يا أيها السادة نحن نكره الموت لكن لا نخافه.
في حقيبة المدرسة لم يضع كراساته وأقلامه، ورقة بيضاء عنونها بعبارة "فداك يا فلسطين"، حينما فتح المسعف الحقيبة وجد فيها أشلاء شقيقه الصغير.
ليش لابس شنطة المدرسة في الإسعاف؟
.. بها أشلاء اخويا الصغير.
عصفور آخر غاب عن الوعي وفقد النطق عدا الله أكبر.. فداك يا أقصى.. هل ما زال حيا؟ يسأل الأب الطبيب؟
لا ليس هناك نبض.. يجيب الطبيب.
فيقول الأب لكنه يتكلم ٱلا تسمعه إنه يقول الله أكبر!
الطبيب: إذا الأجهزة كاذبة.. والرصاص كاذب.. وهو حي بما يقول.
على أيك في غزة وقف المذيع يسأل عصافير الأقصى: ويش تحبون تصيروا في الغد؟
قالوا: نحن يا عم ما بنكبر..
"إحنا في فلسطين ما بنكبر، إحنا في أي لحظة ممكن نموت وإحنا ماشين، هيك إحنا والحياة في فلسطين*.
لعبنا نحن كل اللعبات إلا لعبة "الشهيد"..
لم أكن أتخيل أن هذا الوحش الذي يدعى الموت يروضه هؤلاء الأطفال.. يصفدوته ويلعبون به في الحارات.. أحيانا أشك أن هؤلاء الأطفال رفع عنهم الحجاب فرأوا ما بعد الموت وأن هناك لقاء فكان هذا الثبات المعجز في الوداع.
أنا طفل فلسطيني
أنا وعد.. أنا قدر
أنا المستقبل الآتي