شهدت فلسطين هجرات متتالية وعلى فترات زمنية لليهود منذ سنوات طويلة دون أي دولة أخرى في العالم، فهاجر اليها جميع يهود العالم تركوا دولهم في اوروبا وافريقيا وآسيا لانشاء دولتهم في فلسطين، فالسؤال الذي يخطر في بال الجميع لماذا اختار اليهود فلسطين بالتحديد لاقامة دولتهم، ففلسطين في العبرية يعتبروها هي "أرض الميعاد" أو "أرض اسرائيل" وهي الأرض المختارة، والأرض المقدسة التي تفوق في قدسيتها أي أرض أخرى لارتباطها بالشعب المختار، ويعتقد اليهود أنها الأرض التي وعد الله بها نبيه يعقوب (إسرائيل) وفي شروط الأراض أن تكون من نهر النيل إلى نهر الفرات.
أما مدينة القدس هي مدينة مقدسة عند اليهود والتي تحوي الهيكل الذي بناه سليمان بن داود، الذي يسميه اليهود "هيكل سليمان"، بالإضافة إلى هيكل أو معبد حيرود الذي شيد في وقت لاحق بعد أن هدم الهيكل الأول، وما زال اليهود اليوم يتعبدون عند حائط البراق أوحائط المبكى، الذي يؤمنون بأنه كل ما تبقى من المعبد القديم، ويشكل هذا الحائط ثاني أقدس الأماكن في اليهودية بعد "قدس الأقداس"، وتنص التوراة الشفهية والشريعة اليهودية أن الصلاة يجب أن تتلى في اتجاه القدس وهيكل حيرود، والكثير من الأسر اليهودية تضع لويحة "مزراح" على إحدى جدران منزلها لتحديد قبلة الصلاة.
لذلك يحرص الصهاينة على فلسطين لاعتقادهم أنها أرض الميعاد التي سيعود إليها اليهود، ويجتمعون فيها، وذلك حسب ما جاء في كتبهم المحرفة، كذلك حرصوا على فلسطين لموقعها الجغرافي الاستراتيجي، الذي يهدفون من ورائه إلى احتلال العالم، وتمت مؤامرة إنجليزية كانت الدعامة الأولى لإسرائيل، وهي التي منحت اليهود وعد بلفور عام 1917 م، وتسببت في هجرة ثلاثمائة ألف يهودي ما بين عام 1922-1939م، وفي أغسطس عام 1923م، تم تهجير اليهود الألمان لأرض فلسطين، واليهود الألمان هم أخطر وأهم يهود الأرض، وهم الذين حركوا الصناعة اليهودية، وانبعثت على أيديهم الصناعة، ولذا فهم في المناصب العسكرية، والبحوث العلمية.
ويزعم اليهود بلا دليل، أن القدس عاصمتهم التاريخية منذ 3000 عام، لأسباب دينية وسياسية، وبحسب روايات تراث يهودية "مزعومة" فإن القدس كان بها الهيكل الذى هدم مرتين، وكانت عاصمة المملكة التاريخية التى حكمها الملك داود فى القرن العاشر قبل المسيح، وبعده المملكة الحشمونيين اليهودية، وأنه الموقع الذي كان سيضحي فيه النبي إبراهيم بابنه، ويعتقد الكثير من اليهود أن قبة الصخرة هي موقع قدس الأقداس.
ولا يوجد فى التوراة (النص العبري) قط ولا بأى صورة من الصور أي إشارة أو تلميح أو جملة عامة أو وصف مقتضب يقول إن القدس كانت عاصمة "إسرائيل" القديمة، ويعتبر عدد من الباحثين أن هذا تلفيق استشراقي/لاهوتي لا أساس له قام به علماء آثار ومنقبون ورحالة وضباط استعماريون طوال أكثر من مئتي عام بدعم من "صندوق آثار فلسطين" البريطاني، وعلى الرغم من ذلك يعتبر الإسرائيليون القدس عاصمتهم الأبدية وتضع الحكومات الإسرائيلية كل السياسات التي انتهجتها تجاه المدينة المقدسة أكان في المحافل السياسية الدولية أو تجاه سكان القدس الشرقية من خلال سياسة التهويد المستمرة، حيث يتم هدم البيوت والاستيلاء على المنازل العربية بموجب قانون أملاك الغائبين أو بفعل صفقات مشبوهة عبر وسطاء وعدم إعطاء تراخيص البناء وفرض الضرائب على السكان العرب وسحب هوياتهم.
ويرجع الباحثون ان بريطانيا أرادت إقامة دولة لليهود على أرض فلسطين بوعد بلفور عام 1904 لسببين أولها أن بريطانيا أرادت الحصول على دعم الجالية اليهودية في الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الأولى، لما تتمتع به من نفوذ واسع هناك، والتفسير الآخر سبب ديني فبريطانيا كانت تعتقد بأن العهد القديم "التوراة" تضمن حق إسرائيل في فلسطين، وبالتالي فعليها مساندتها في الحصول على هذا الحق، وكان الصهاينة البريطانيين لهم علاقات وطيدة مع السلطات البريطانية، وقاموا بمحاولات عديدة لإثبات أنهم "حاملين لواء الثقافة الغربية وسيوسعون الإمبراطورية البريطانية".