الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

لماذا أمريكا دائما الداعم الأول للكيان الصهيوني؟

امريكا واسرائيل
امريكا واسرائيل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

منذ نشأة دولة الاحتلال الاسرائيلي ويحظى هذا الكيان بالدعم الأمريكي الكامل، حيث تعتبر أمريكا أكبر دولة داعمة لإسرائيل في العالم، ولم يقف أي رئيس منتخب لأمريكا ضد مصالح إسرائيل او ضد احتلالها لفلسطين، ولا يعرف الكثير من الناس الاسباب وراء ذلك، فالولايات المتحدة كانت أول دولة تعترف بإسرائيل كدولة مستقلة في 14 مايو 1948م عندما أصدر الرئيس هاري ترومان بيان اعتراف عقب إعلان إسرائيل الاستقلال في نفس التاريخ، وتم تأسيس العلاقات الدبلوماسية عندما قدم السفير الأمريكي جيمس غروفر ماكدونالد أوراق اعتماده في 28 مارس 1949.

ومنذ ذلك الحين أصبحت اسرائيل أهم شريك لأمريكا في الشرق الأوسط، وترتبط الدولتان ارتباطًا وثيقًا بالعلاقات التاريخية والثقافية بالإضافة إلى المصالح المشتركة، فالعلاقات الثنائية بين الدولتين قوية، وترتكز على أكثر من 3 مليارات دولار من التمويل العسكري الأجنبي سنويًا، بالإضافة إلى الدعم المالي، تشارك الولايات المتحدة اسرائيل في عمليات متبادلة رفيعة المستوى، تشمل التدريبات العسكرية المشتركة، والبحوث العسكرية، وتطوير الأسلحة، كما تعد الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري لاسرائيل . 
وتعد أهم خمس صادرات أمريكية إلى اسرائيل هي "الماس، والآلات، والمنتجات الزراعية، والطائرات، والأجهزة البصرية والطبية" وأكبر خمس واردات أمريكية من اسرائيل هي "الماس، والمنتجات الصيدلانية، والآلات، والأدوات البصرية والطبية، والمنتجات الزراعية"، وكانت قد أبرمت الولايات المتحدة واسرائيل اتفاقية تجارة حرة في عام 1985، وهي بمثابة الأساس لتوسيع التجارة والاستثمار بين البلدين من خلال الحد من الحواجز وتعزيز الشفافية التنظيمية ومن أجل تسهيل التعاون الاقتصادي، وتنسق الولايات المتحدة واسرائيل  التبادلات العلمية والثقافية من خلال مؤسسة العلوم الثنائية، والمؤسسة الثنائية للتنمية والبحوث الزراعية، ومؤسسة التعليم الأمريكية الاسرائيلية.

هناك التزام دائم للولايات المتحدة بأمن إسرائيل على مساعدات أمنية قوية لإسرائيل، بما في ذلك مذكرة التفاهم بقيمة 38 مليار دولار لعشر سنوات والتي تم إبرامها في العام 2016، وتوفر الولايات المتحدة بموجب مذكرة التفاهم هذه 3,3 مليار دولار سنويا من التمويل العسكري الأجنبي، بالإضافة إلى 500 مليون دولار إضافي من التمويل الدفاعي الصاروخي الذي يدعم برامج الدفاع الصاروخية التعاونية، بما في ذلك مقلاع ديفيد والقبة الحديدية، بالإضافة إلى أنظمة آرو وآرو 2 وآرو 3 التي بينت قدرات إنقاذ أرواح حاسمة لأمن إسرائيل، وقد قدمت الولايات المتحدة مليار دولار من التمويل الإضافي في العام 2022 لتجديد مخزون إسرائيل من الصواريخ الاعتراضية، للقبة الحديدية.

ويعتبر صناع القرار السياسي في أمريكا أن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل وسيلة لوضع يد في امريكا داخل الشرق الاوسط والدور الذي عينته أمريكا لنفسها بداية دعمها لاسرائيل كمدير للشرق الأوسط منحها وظيفة وسيط السلام الفلسطيني الإسرائيلي، والدعم الأمريكي لإسرائيل لا يقتصر فقط على الحسابات الاستراتيجية ومصالح السياسة الخارجية، فمنذ الثمانينيات، كان الأمر يتعلق أيضًا بالسياسة الداخلية والطريقة التي يقرأ بها السياسيون الأمريكيون الناخبين الأمريكيين، وتصويتات الكونجرس على القضايا المتعلقة بإسرائيل غير متوازنة، حيث تمت الموافقة بالإجماع على عدة قرارات لمجلس الشيوخ الذي يدعم الهجمات الإسرائيلية بشكل شبه مستمر على غزة خلال السنوات الماضية، كما فعلت العديد من مشاريع القوانين والقرارات المؤيدة لدولة الاحتلال.

فدعم إسرائيل يحظى بشعبية كبيرة بين الناخبين، ويبدو أن العامل الوحيد الذي يدفع العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل هو الدعم الواسع والعميق لإسرائيل بين الجمهور الأمريكي، لذا فمن المنطقي أن يتخذ أعضاء الكونجرس مواقف متشددة مؤيدة لإسرائيل فهي تحظى بشعبية ولكن ما هي اسباب شعبية إسرائيل الكبيرة بين الأميركيين وما الذي تستفاد منه الولايات المتحدة من حماية إسرائيل، فبحسب الخبراء فإن مصالح واشنطن الاستراتيجية في تل أبيب تتعدد بدءا من تبادل المعلومات الاستخبارية والتعاون في مكافحة الإرهاب، إلى الجهود المشتركة في الدفاع الصاروخي والمركبات الجوية غير المأهولة.

ووفق تقرير لمؤسسة "معهد واشنطن"، أصبح الجيش الأمريكي يعتمد بشكل متزايد على الصناعات الدفاعية الإسرائيلية، بما فيها أنظمة الحرب السيبرانية وتكنولوجيات التجسس فالدعم الأمريكي للصهاينة منذ أن بدأ يعتبر غير مشروط حتى في أحلك الفترات وفي ظل ما سمي "الحرب الباردة" وبالرغم أن الدعم الأمريكي لـ"إسرائيل" سياسيا ودبلوماسيا وعسكريا واقتصاديا، وتحيزها الدائم لها بات يشكل عبئا وإحراجا لمصداقية أمريكا في العالمين الإسلامي والعربي، وبعض دول أمريكا اللاتينية.

ووفقا لباحثون والدارسون عن العلاقة الامريكية الاسرائيلة ولماذا كل هذا الدعم الامريكي للكيان الاسرائيلي خرجت الدراسة بعدة تفسيرات وهي أربعة أسباب رئيسية:

-سيكولوجية نفسية: 
الهولكوست عقدة ذنب مزمنة لا شك أن الغرب عموما وخاصة أوروبا تشاطر أمريكا دعمها لـ"إسرائيل" لأسباب متعددة وتزيد عليها بإحساسها المفرط بعقدة الذنب وتأنيب الضمير الناتجة عما تعرض له اليهود على أراضيها خلال الحرب العالمية الثانية من محارق، تم تضخيمها إعلاميا بشكل كبير لابتزاز أوروبا واستدرار تعاطفها، وهي الخارجة لتوها من الحرب ممزقة الضمير، مثقلة بالندم، وقد عملت وسائل الإعلام على ترسيخ هذا الشعور في الوعي الجمعي للأوروبيين، فدائما استعمل الاسرائيلين الهولكوست ومعاداة السامية في كل المحافل كفزاعة تاريخية وقانونية لقمع كل من تسول له نفسه التشكيك في المحرقة حجما ورقما، ووسيلة للابتزاز الأخلاقي والعاطفي.

-عقائدية أيديولوجية: 
مملكة صهيون حلم مشترك وعلى الرغم من أن الدستور الأمريكي يعتبر نظام الحكم في الولايات المتحدة نظاما "علمانيا" لا يتبنى ديناً معيناً في الدولة أو الحكومة بحكم التنوع العرقي والديني وحتى الطائفي والمذهبي، إلا أنه من المعلوم أن الشعب الأمريكي في معظمه شعب بروتستاني متدين يشترك في خلفيته الدينية إلى حد بعيد مع العقيدة اليهودية التلمودية، ويلعب الدين دورا أساسيا في الحياة السياسية وقد تفاقم هذا الدور مع وصول المحافظين الجدد إلى السلطة وهو عامل أساس ومحدد في العلاقة مع الصهاينة وهذا ما نستشفه من تصريحات الرؤساء الأمريكيين.

-سياسية إعلامية: 
اللوبي اليهودي طابور خامس لم يعد خافيا على أحد الدور الذي بقوم به اللوبي اليهودي في صناعة القرار الأمريكي وما يمارسه من ضغوطات على الكونغرس بشكل علني عبر منظماته الأخطبوطية المتعددة العاملة خاصة منذ مطلع ستينيات القرن الماضي، حيث استطاع التأثير على الإدارات الأمريكية المتعاقبة، بل استطاع لاحقاًً مع إدارة الرئيس جورج دبليو بوش، أن ينتقل من مرحلة مجرد التأثير على السياسة الأمريكية إلى مرحلة السيطرة على زمام الأمور وعلى عملية صنع واتخاذ القرار الأمريكي.

-اقتصادية استراتيجية: 
إسرائيل حارس أمين إلى عهد قريب كانت المنطقة العربية بسبب موقعها الجغرافي، وبسبب ما يوجد في باطن أراضيها من مخزونات بترولية استراتجية، تعتبر منطقة صراع على النفوذ بين الغرب بزعامة أمريكا والمعسكر الشرقي بقيادة الإتحاد السوفيتي في إطار ما أطلق عليه الحرب الباردة وكان من الضروري على الغرب أن يوجد حليفا استراتيجيا يكون بمثابة قاعدة متقدمة تشكل اختراقا في منطقة النفوذ الشيوعي للحد من امتداده خاصة بعد أن استطاع أن يكسب حلفاء كثرا في المنطقة العربية على رأسهم سوريا ومصر وقد تزايدت هذه الضرورة بعد حرب ٧٣ التي جعلت من أولى أولويات أمريكا السيطرة على مصادر النفط بشكل مباشر وهو ما تم فعلا بعد عاصفة الصحراء لضمان تدفقه عوض مراقبته عن طريق دركيها في المنطقة "إسرائيل" والتي اكتسبت هذا الدور وهذه الأهمية.

وأضافت الدراسة أن من المصالح الأمريكية في إسرائيل امتلاكها موقعا جغرافيا، يخدم الوجود الأمريكي في المنطقة، وأيضا بنية تحتية وقدرات لوجستية تميزها عن بقية حلفاء الولايات المتحدة، إضافة إلى القدرة الدفاعية القادرة على حماية المصالح الأمريكية في المنطقة والتي تمكنها من إمكانية التدخل العسكري المباشر أو بالوكالة وحرب لبنان الأخيرة خير مثال على ذلك.