الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

«المحدال» أو التقصير.. بطولة السويس واعتراف الإسرائيليين

 صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كشف كتاب "المحدال" الإسرائيلى الذى يعنى بالعبرى (التقصير)  اعترافات جنود إسرائيل ببطولة شعب السويس  فى 24 أكتوبر 1973 صدر الكتاب عن سلسله الدراسات رقم 38 عن مؤسسه الدراسات الفلسطينية  - بيروت- فى مايو1974 أى بعد شهور من معركة السويس حيث تم تدمير الدبابات الإسرائيلية فى شوارع السويس بفضل المقاومة الشعبية ضد محاولة احتلال مدينة السويس واستغلال اسمها العالمى من اجل طمس انتصارات أكتوبر للجيش المصرى فى 6 اكتوبر. وقد قدم شهد الجنود الإسرائيلين "يشعيا هوين ونورات ويهونتان غنفن واورى دان وايتان هيغر وحيزى كرمل وايلى تايور. شهاداتهم عن ما حدث فى حرب اكتوبر وما حدث لهم فى السويس.


فى الساعه ١٩.٠٠ سرى مفعول وقف القتال الا ان المصريين تمكنوا قبل ذلك من انزال قصف مدفعى ثقيل جدا على راس الجسر الاسرائيلى الذى احدث التحول وقلب حظهم، كانما ارادوا "وداعه"
روى عاموسي  قائد قوة حماية الجسر (كان القصف المدفعى المصرى الاخير مخيفا ومأكدت ادخل الى مجنزرتي، حتى سمعنا الصفير وسقطت قذيفة بالقرب منها،واحتكت بالفولاذ،وانفجرت على مسافه متر متر واحد منا.كان الانفجار هائلا، ودخلت الشظايا الى المحرك واشتعلت سيارة الوقود وانفجرت الذخيرة.استمر سقوط البرد ربع ساعه.
وأضاف: كنت واثقا انها نهايتنا، وسمعت تاوهات الجرحى حولنا، واصوتا تستغيث من كل صوب: (مضمد،مضمد) وفجاه ساد الهدوء وشعرت اننا نجونا.ومن نجا كتبت له الحياة وقد كلفنا قصف الوداع غاليا.


ترتب على هذه الضربة النارية المخفيه ١١ قنيلا و٢٧ جريحا. شعرت ان هذه هى "نهاية الحرب " لقد تبدد الشعور الشخصى لقائد الجسر. ففى اليوم الثانى تجددت المعارك فقد توقف الهجوم فى المحور الشمالى عند مشارف السويس، داخل بساتين المانجوالمجاورة للكثبان المحيطة بمنزل المدنية، وانزوت قوة المظليين هناك تعلق جراحها بسبب نتائج القصف الذى تلقته قبل سريان مفعول وقف القتال.
وفى القطاع الجنوبى وصلت فرقتا بيرن وكالمان ماجنين المدرعتان مقاتله القوات المصرية على مشارف مدينة السويس حيث كانت المعركة  الاكثر دامية وضراوة فى القتال.
وقال قائد فصيله مظليين لجنوده الذين احتشدوا معه داخل مصفحه:- (واخيرا تستطيع ان نرى تحصيننا على رصيف الميناء من الجانب المصرى. كنت مرة قائد ذلك التحصين، وكنت اطل كل صباح على مدينة السويس والان  اشاهد الرصيف من داخل المدينة).
تحفز المظليون الذين ارسلوا الى داخل المدينة على المركبات:الباصات والسيارات المصفحة المصرية التى غنمت، سيارات الجبب والدبابات وقد ساروا على الطريق الجنوبى المؤدى الى مدينة السويس. كان ذلك فى صباح يوم الاربعاء ٢٤ تشرين الاول "اكتوبر" وبدت مدينة السويس من خلال الضباب مدينة هادئه ترفل بالخضرة وكان يقطن المدينة ٢٧٤.٠٠٠ نسمه حتى نشوب معارك حرب الاستنزاف.


وكانت رابع اكبر المدن مصر وظهرت فى اطراف المدنية، على ضفة خليج السويس الازرق، معامل التكرير ومصانع الاسمدة الكبيرة وخلال حرب الاستنزاف هجر معظم السكان منازلهم ولم يبق منهم سوى بضعة الاف من العاملين فى معامل التكرير ومصانع الاسمدة.
كان المظليون يعتقدون ان سكان المدينة هربوه منها قبل فوات الاوان، هرب معهم ايضا الاف الجنود المصريين متهجين الى قمم جبال جنيفه وعتاقه المطله على المدينة.
وتقدمت القوة متجهة الى المدنية وقال احد المظليين: (ساد هدوء ممتع فعلا. وفجاة مر صاروخ "ساجر" فوق رؤوسنا وانزاق فوق رتل المجنزرات على ارتفاع منحفض وقد قطعت زعانق الصاروخ اصبعين من اصابع احد الضباط وراحت المجنزرات تبحث عن مخبا من الصواريخ.
وعندما اطلق صاروخ اخر رايناه من فوق مجنزرة قائد الكتبية ويقترب منا،كان هذا مشهدا مخيفا. فقد انفجر على بعد بضه امتار امامنا  تراجعنا الى الوراء واستغلينا فترة الانتظار القصيرة لاعداد الفطور ) وفى الوقت ذاته، توجهت الدبابات فى خط مستقيم،نحوقواعد الصواريخ المنتشرة غربى المدينة.
صدر امر للمظليين بالتحرك مرة اخرى وبحسب ما بدا للعيان كان الطريق الى المدنية خاليا والمدنية نفسها مهجورة وكانت المصفحات والباصات ملاى بالمظليين المتمرسين فى القتال ومن بينهم من حرر القدس القديمة.خلال حرب الايام السته.
ومن نال النياشين وحظى بشهرة فائقة بسبب دورهم فى معارك حزيران (يونيو)١٩٦٧ وكان من بين هذه القوة جنودا خدموا فترة طويلة فى الدوريات داخل قطاع غزة، والقى بالكثير منهم هناك واشتركوا فى اخر معركة من الحرب، كا "مسافرين متطفلين" ولم يتوقع احدان تنشب معركة هناك،داخل المدينة.
التحق نيفى بلايخ بالقوة الفرعية التى انضمت الى وحده المظليين وعندما اندلعت الحرب كان معاوننا فى مدرسة الضباط فى ضبط آليات ونظرا الى انه كان سائقا فى وحده نقل قبل التحاقه بالدورة ارسل  الى احد مراكز النقل فى سيناء وخلال الاختراق الى غربى القناة، كان سائقا فى وحدة نقلت التموين والذخيرة عبر الجسور على القناة.
وتحدث نيف عن اليوم الذى سبق معركة السويس فقال:(بلغنا فى ذلك الصباح ان قوة مظليين وصلت بطوافات. ونظرا الى عدم وجود ما يكفى من السيارات لديهم كانوا بحاجه الى بعض الشاحنات تحت تصرفنا فالتحقنا بها وقد حملت احدى الشاحنات بالمعدات وصعد الجنود على الباقى ثم اجهنا حنوبا تحركت القوة فى طوابير ثلاثة.
وسرنا نحن بالشاحنات فى الوسط كان هناك جيب لقوات العدو فانسحبت دباتنا الى الوراء وتركت علامات  لقائد قوتنا للجلاء عن المنطقة ولكنه امرنى بمواصلة السير، وحاولت مناقشته ولكن لا حياة لم تنادي.


واخيرا سدت دبابه  واحدة الطريق، قتراجعت نحو٥٠٠متر وانتشرت الشاحنات وراء التل كتشكيل الدبابات كان هناك موقع محصن فتلقينا تعليمات بالاستيلاء عليه وبهذه المناسبة كان قائد الكتبية خبيرا استراتيجيا فذا وتنبأ حقا بما سيحدث فى المعركة.
(طهرنا الهدف وجلسنا نراقب عمليات طائرات سلاح الجو.وفى تلك الاثناء وصلت الينا المصفحات وانتقل القائد الى واحدة منها.وبقيت انا مع الجنود على الشاحنات.
وفى الوقت ذاته بلغنى ان مدفعيتنا صوبت على مرتين خطأ لقد جعلت العناوين الحمراء لشركة المشروبات "كرستال" على ظهر شاحنتى تبدووكانها سيارة عربية فقد اصبحت شاحنة المشروبات الخفيفة، التى كنت اقودها، المحملة بالجنود المقاتلين علامة بارزة فى الميدان فسارعت الى تمويهها بالوحل ولكن ينقصنى سوى قذيفة اسرائيلية لتدمرني.
(تلقينا امرا خلال الليل، بالالتحاق بقوة الدبابات التى اقتربت من مدينة السويس. وكان علينا مع قوة مشاة محمولة بالمصفحات الدفاع على الدبابات  فى حال قيام سلاح المشاة المصرى بمحاولة الانفضاض عليها وشرحوا لنا انه علينا الاستيلاء على مشارف المدينة لمحاصرة الجيش الثالث سرا طوال الليل.
وكانت الشاحنات تغطس فى الخفر كل لحظة فتدفعنا الدبابات الى الامام تم وصلنا الى بعد اربعة كيلومترات من مدينة السويس وفى الصباح الباكر تحركنا نحوالمدينة فمررنا بقاعدة صواريخ وطهرنا ثم صعدنا الى الشاحنات وتابعنا التحرك نحوالمدينة، وكانت تقف على مشارف المدينة قوة من الدبابات ومصفحات سلاح المشاة والتفت قوة اخرى حول المدينة ووصلت حتى الادبية ولكن المدينة نفسها  لم تكن مطهرة.
دخلت قوة المظليين الى المدينة وتقدمت الدبابات بعد تمهيد بالقصف المدفعى وروى احد المقاتلين.
"بدت المدينة كمدينة اشباح فمن الجهة اليمنى مبانى شاهقة متعددة الطبقات ومن الجهة اليسرى ارض مكشوفة ولم يفصل بين الشارع والمنطقة الصحراوية سوى خط السكة  الحديد على الحاجز الترابى كان الشارع الرئيس الذى دخلنا فيه واسعا وتوازيه حاره على امتداده "وروى شاومر عراد المصور الصحفى الذى رافق قوة الظليين. ترجدت من سيارة الجيب لاجمع بعض الرسائل وتذاكر القطار المبعثرة هناك ولم يظهر أى كائن حي.
"روى المعاون نيف"
(اتضح فى الساعة العاشرة صباحا ان الدبابات دخلت المدينة واستدعيت قوتنا للدخول)وراءها. وسارت فى المقدمة مصفحة، ثم شاحنات مكشوفة وعليها جنود، وفى المؤخرة مصفحة أخري.
وسار وراءنا باصان محملان بالجنود. مررنا فى الأحياء السكنية فى مدخل المدينة ودخلنا الجزء القديم منها وكله مهدم ومصاب سرنا فى الحارة الرئيسية على الجانب الأيمن بحسب جميع قوانين السير وبعد أن توغلنا كيلومترا ونصف بدأ الاحتفال: "أطلقوا علينا النار من جميع المنازل، ومن جميع الشبابيك والمنفذ، بالأسلحة الخفيفة وقنابل البازوكا والقنابل اليدوية".
وعندما دخلنا المدينة خرجت منها بسرعة مجنزرتان ودبابة كلها مصابة ولدى بدء إطلاق النار قذفنا من الشاحنات والتصقنا بالمنازل على الجانب الأيمن فرحت لخروجى من حجرة القيادة فى الشاحنة فالسائق هو هدف القناصين الأول دائمًا ولم تكن معى حتى خوذة كان معى رشاش "عوزي" أخذنا نطهر بيتا تلوالأخر وجرح منها البعض على الفور وأمكن أنتشال أول جريحين بسيارة جيب وانتشل آخرون بالمجنزرات والدبابات التى كانت تقذف أتونًا من النيران نحوالمنازل التى تطلق منها النار.
وقد توقف هذا أيضًا واضطرت الآليات المدرعة إلى الانصراف بقينا محجوزين داخل المدينة جنود كثيرون وصلنا حتى المفرق الأوسط فى الشارع الرئيسى وقطعناه ولكن تصدت لنا منازل من الجهة اليسرى حيث صلونا من هناك بصورة جيدة.
قسم القائد القوة إلى جزئن: واحد إلى يمين الطريق والآخر إلى يساره أما هوفقد جرح عندما خرج جنود مصريون من المنازل رافعى الأيدى متظاهرين بالاستسلام ولكنهم القوا قنابل يدوية عندما اقتربنا منهم ورفض القائد أخلاءه ولم نعرف فى هذه المرحلة خلاصنا من هناك مستحيل ولم نعرف من أين يطلقون النار  ففى الحقيقة كانوا يطلقون النار فى كل مكان ولم نستطع التحرك إلى أى اتجاه ولا حتى إلى الوراء.
دخلنا أحد المنازل فاتضح أنها أسوأ مصيدة القيت علينا القنابل اليدوية من الطابق الثانى والثالث ومن المنازل المجاورة على الجانب الآخر من الشارع أطلق القناصون نيرانهم صوب الأبواب فكان خروجنا منها مستحيلًا وبقينا محجوزين فى بعض المنازل حول المفرق ولم يكن بيننا أى اتصال سوى بأجهزة اللاسلكى كان مجمل ما تقدمناه من المكان الذى توقفت فيه الشاحنات نحو٤٠٠ متر وسمعت القوة التى بقيت خارج المدينة بوضعنا فأخذت تقدم لنا مساندة مدفعية. 
اتضح أن الانطباعات بأن مدينة السويس خالية من الناس كانت خاطئة فبالإضافة إلى السكان الذين بقوا فيها فرت إلى المدينة فلول الجيش الثالث غربى القناة (١) والتحقت بها ثلاث كتائب كوماندوز مصرية كانت ترابط فى المدينة واختبأت بين المنازل ولم نتوقف عن قنص الجنود الاسرائيلين المحاصرين حتى سماعات الليل.
وتمدد الجرحى على الأرصفة لم يكن بالإمكان التقاطها ومد جرح بعضهم مرات عديدة حتى كان يصيبهم فى كل مرة المزيد من العيارات النارية وبعد مضى بضع ساعات دخلت المدينة بعض المجنزرات والدبابات التى حضرت لالتقاط الجرحى ولديها أوامر بإخلاء المصابين بالجروح الطفيفة والقتلى وترك المصابين بجروح بالغة فى الأماكن المخفية مع الجنود الأصحاء خوفًا من ألا يحتملوا الاهتزازات فى الطريق.
روى نيف: "لم يكن معنا مضمد فى المنزل الذى اختبأنا فيه..... وكان القائد فى منزل مجاور فأمر بعض من الجنود بخروج لاختيار اماكن للنجاه وفى تلك الأثناء وصلت مجنزراتنا إلى المفرق فساعدنا على التقاط الجرحى وتحميلهم عليها ولكننا لم نستطع العودة إلى المنزل الذى خرجنا منه فحاولنا العودة إلى حيث بقيت شاحناتنا لنتخلص من المصيدة فى المدينة وكان من الواضح لنا فى هذه المرحلة أنه لابد من الانسحاب".
"كنا سبعة رفاق اقتربنا من الشاحنات التى حرقت منها اثنتان فقط فأطلقوا علينا النار، فأختبأنا فى صالون الحلاقة فى الطابق الأسفل من منزل مجاور وبقينا محجوزين هناك ساعتين تقريبًا وخرج من المنطقة التى اعتقدنا أنه تم تطهيرها جنود مصريين برشاشات "كلاشينكوف" ولكنهم استطاعوا الفرار عندما أطلقت عليهم النار خطأ.
وفجأة اقترب منى ثلاثة جنود مصريين وكانوا على مرمى الرصاص منى فوجدت نفسى فجأة غير قادر على إطلاق النار عليهم وأخيرا وبعد جهد جهيد أطلقت النار فقتلت واحدا منهم وأصيب آخر وهرب الثالث حاولت الخروج فأطلقوا على النار مرة أخرى وانفجرت شاحنة محملة بالذخيرة كانت واقفة بالقرب منا ففرقتنا شدة الانفجار إلى صالون الحلاقة.
سمعنا شخصًا على سقف المنزل اكتشفناه بعد أن أطلق أحد الجنود الرصاص عن عصبية كما يبدوخرجت زحفًا ثم شاهدت جنديًا مصريًا يحاول إلقاء قنبلة يدوية علينا فأطلقت عليه النار واتنسفت والقنبلة التى فى يده وفجأة نسف صالون الحلاقة بأسره ولم أعرف سبب الانفجار ربما كان ذلك بسبب شاحنة الذخيرة أوبسبب صاروخ أوقذيفة مدفع أطلقنا النار صوب الباب لاعتقادنا أنه ألقيت قنبلة فغمرنا الغبار جميعًا ولكننا لم نصب وصرخت على الجميع بالخروج.
وأصبح نيف بصورة طبيعية قائد مجموعة الجنود الصغيرة التى حاولت الخلاص مسن الآتون دون أن يعينه أحد كان جميع جنود هذه المجموعة أكثر أقدميه وخبرة منه وأصبحوا فى وقت لاحق مدينين بالجميل للمعاون الشاب الذى أخرجنا من هناك.
وتذكر نيف: "بدأنا الانسحاب فى الساعة السابعة أوالثامنة مساء وركضنا فى المقدمة وفقدت كل اتصال مع جنود سائر القوات الذين بقوا كما يبدوفى المدينة حتى منتصف الليل وأطلقنا النار داخل الأزقة  الصغيرة وألقينا قنابل يدوية على كل ما وقعت عليه عيوننا وصلنا حتى آخر مصفحة لنا وكانوا يطلقون علينا النار طوال الوقت بصورة مخيفة.
ولكنا قفزنا إلى داخل المصفحة الواحد تلوالآخر ووقفنا وفيها وأطلقنا النار فى جميع الاتجاهات واستطعنا تشغيل محرك المصفحة وخرجنا من المدينة بسرعة كانت دباباتنا على مدخل المدينة وتطلق النار إلى داخلها فأخذنا نشعل الأضواء ونطفئها لكى لا يطلقوا النار علينا وصلنا إلى محطة تجميع الجرحى فاتضح هناك أننا الوحيدون الذين استطاعوا الخروج وظل الباقون محجوزين بقينا نحن السبعة سويًا ولم نرد مفارقة بعضنا بعضا.
وبعد  انتهاء الحرب حصل نيف على أجازة وسافر إلى بلدته وقبل سفره حمله قائده رسالة أشاد فيها بعمله " لكى يكون لديه ما يريه لوالديه " على حد قول نيف وأضاف: " كان الجميع هناك مسرورين  مني.


وقالوا أن هذا جميل من شاب تل أبيبى لم يساعد الحظ مقاتلين آخرين ظلوا محجوزين فى مدينة السويس بالمقدار نفسه ونجح أحد سائقى الباصات فى القفز إلى الرصيف وتشغيل الباص والعودة به فى اتجاه خلفى دون وقوع أية إصابة بينما بقى سائر الجنود محجوزين وسارع بعضهم إلى الاختباء وراء حاجز السكة الحديد القريب.
تذكر شلوموعراد المصور الصحافي: " أطلقوا علينا النار من كل نافذة ولم يكن هناك منزل لم يطلقوا منه النار وكان الجرحى ممددين على الطريق يستغيثون فانطلق المظليون نحوهم فى محاولة لإنقاذهم من النيران فأصيب بعضهم أيضًا وسمعت أيضًا صرخات استغاثة من داخل الباصات المصابة.
وألقى الجنود المصريون الذين تحصنوا داخل المنازل قنابل يدوية علينا دون أى جهد وببساطة القوها من النوافذ وتمدد الجرحى فى وسط الطريق وأخذوا ستلقون الرصاصة تلوالأخرى وكانت أجهزة اللاسلكى تولول دون  انقطاع " تطلب مساعدة لم نعد نحتمل أكثر من ذلك..... وتلقت مصفحة موسى قائد القوة إصابة بازوكا مباشرة وخرج القائد وجرح الرجال الذين كانوا معه أيضًا أوقتلوا.
وروى أحد جنود القوة: "فى تلك اللحظة بينما كان إطلاق النار غى ذروته توقفنا بالقرب من مبنى بدا وكأنه محصن وقررنا القفز إلى داخل ساحة هذا المبنى لكى نحاول تحديد مصدر النار وازداد إطلاق النار وشاهدنا عددًا من الجنود المصريين خارجين من المبنى فأطلقنا النار عليهم وأصبناهم وتمكن بعضهم من الفرار"، ودخل ثلاثة جنود وهم رونى حاخم وأباليبل الذى قدم من كندا ليشترك فى الحرب ودافيد زوهر إلى المنزل لتطهيره من الجنود المصريين الذين تحصنوا فيه.
وقال دافيد زوهر: (بدانا الانقضاض واذ بالذخيرة تنفذ وبقى المصريون فى الطابق الثانى واستولينا نحنوا على الطابق الاول ثم دخلت مفرزة اخرى لمواصلة المهمة.اكتشفت المظليون دشمة فى الساحة والقوا الى داخلها قنبلة فوسفورية فخنقهم دخانها وتم تطهير الدشمة وعلى الفور واصل المظليون الاندفاع الى داخل غرف المنزل.
واضاف: (خرج من احد الغرف ثمانية من رجال الشرطة المصريين رافعين ايديهم،واخرجناهم من المبنى انهت المفرزة مهمتنا فى تطهير الطابق الثانى خلال عشر دقائق بعد ان اصطدمت بجندييان مصريين واصابتهما، والان بعد ان اصبح المظليون داخل المبنى لاحظ المصريون ما يجرى وبدلوا يطلقون النار من البازوكا على "الغالب" صوب المبنى الذى اتضح للمظليين بانه مركز شرطة وروى دافيد (تطايرت علينا اجزاء من الجدران).
ولكن المصريين لم ييأسوا فحاولوا تنظيم هجوم مضاد لاحتلال مبنى الشرطة من جديد وخلال الهجوم استطاع جندى مصرى التسلل الى داخل المبنى والقاء قنبله فراه دانى عوزى واطلق النار عليه من مدى قريب فاصابه.
وتمركز المظليون فى المبنى وكان الهاتف يدق دون ان يرد احد فدخل شرطى مصرى لم يكن يعرف بان المبنى قد احتل لكى يحذر رفاقه  من اقتراب الاسرائيلين فلاحظه رفيق له  شرطى مصرى جريح ممد على المدخل وهويدخل فلم يعذره من الخطر بل شجعه فدخل ووقع فى الاسر.
كان الجرحى ممددين فى الشارع ويستغيثون وحاول الجنود الإسرائيليون ضرب المصريين المختبئين وراء اكياس الرمل المثبته فى النوافذ وانفذ اطلاق النار بعربد بكل شده  انتشل شلوموعامرد جريحا وأراد ادخاله الى احد المنازل لمعالجته فوقف بالقرب من الباب وانقض مظلى اخر لتطهير المنزل وما ان اقترب من الباب حتى اصيب فوذته.
وسقطت عن راسه ثم راى تحتها قبعه والقوا قنبله يدوية الى داخل المبنى ثم دخلوا وبعد مرور دقيقه اودقيقتين حيث كان الجرحى عند المصعد دحرج جندى مصرى قنبلة يدويه على السلالم الداخلية وتم داخل المبنى نفسه تصفيه سبعه جنود مصريين خلال وقت  قصير طلب الجنود "الاسرائيليون" المحجوزين المساعده، وطالبوا باخلائهم.
وتصاعدت من الطريق صرخات الجرحى (اماه اريد ان اعيش ) وقد ضاعت تلك الصرخات وسط ازير الرصاص وصوت الانفجارات وبحث المظليون عن منفذ فى مبنى الشرطه للتخلص من الحصار وحاولت دبابتان الحضور لمساعدتهم ولكن نظرا الى عدم وجود  اجهزة لاسلكى معهم مر رجال  المدرعات بهم بسرعة ووصلوا الى احد المفارق ثم عادوا كما جاءوا تحت النيران الشديدة وحاول المصريون احتلال المبنى مره اخرى ولكنهم صدوا ثم بدأت معركة قنص حيث اخذ المظليون يصلون بين اشياء اخرى مقهى اختبأ فيه ثمانية جنود مصريين.
كان الوضع حرجا فقد تكبدت القوة الاسرائيلية عشرات الجرحى ولم يستطع احد انقاذهم  ولم يكن بالامكان تأمين مساعدة لهم من قيادة المنطقة الجنوبية:خيم الليل وفى الظلام شوهد اللهب يتصاعد من المصفحات الاسرائيلية وفجاة سمع انفجار شديد لخزانات الوقود.
وانطلقت صرخه قوية من جندى داخل المصفحه التى تلتهما النيران واستطاع هذا الجندى القفز فى اللحظة الاخيرة من المصفحة المشتعله وانطلق نحوه مضمدان وادخلاء الى المبنى واخذت الذخيرة تنفد وكان المصريون يطلقون النار من فوق سطوح المنازل المجاورة ولم يكن للمظليين مايردون به عليهم فجمعوا ذخيرة من الرفاق الجرحى وردوا باطلاق النار صوب اهداف محددة ولما كان المصريون قريبين منهم القوا عليهم قنابل يدوية.
وفى مرحلة معينة خفت النيران المصرية وشاهد المظليون فى منزل مقابل مركز الشرطة جنودا مصريين يتجولون بحرية ونادوا عليهم بالعربية للاقتراب اقترب احدهم حقا حتى دخل مبنى الشرطة وكان رافى غنيش ينتظره هناك فأمره برفع يديه فهرب المصرى بينما يطاق رافى النار وراءه دون ان يصيبه.
اما المظليون الذين نمركزوا داخل المنازل فاتصرفوا طوال الوقت تقريبا الى انقاذ الجرحى ومعالجتهم واطلاق النار صوب الجنود المصريين واطلقوا النار ايضا صوب قوات كبيرة كانت تسير بعيدا داخل المدينة.
وفى اسفل اشتعلت المصفحات وانفجرت الذخيرة التى كانت داخلها وبذلت محاولات لحصر مصادر اطلاق النار. وركضه ايلى سفارتس قائد الفصيله على الطريق وهوجريح محاولا اكتشاف مكان وجود المصريين بدقه وكان يتمركز داخل احد المنازل عشرة جنود إسرائيليين من بينهم اربعة جرحى ولم يعرفوا مكان القوات الاخري.
وصدرت اليهم تعليمات مفصله باللاسلكى تحدد المكان الذى عليهم الوصول اليه فحملوا الجرحى على ظهورهم والتحقوا بقوة اخرى كانت على مقربة منهم وفى النهاية التحقت القوة باسرها بالجنود المحاصرين فى مبنى الشرطة.
بدا الخلاص يلوح فى الافق واستعدت القوة للنوم والحراسة وفى الليل وتحت جنح الظلام تسلل بعض الجنود الإسرائيليين الى المجنزرات لكى يحضروا منها ما تبقى من ذخيرة ومؤن ووجدوا داخل احد المجنزرات يغنال وهومضمد ميدانى حظى بوسام خلال حرب الايام السته مصبا فى راسه فانتشلوه من داخل المجنزرة.
ونقلوه الى مبنى الشرطة التقطوا فى غرفة عمليات القيادة الجنوبية فى سيناء الرسائل اللاسلكية التى بعثت بها القوة الاسرائيلية المحاصرة وكان من الواضح انه اذا لم يتم انقاذ القوة من داخل  المدينة خلال ساعات الليل فسيتقرر مصيرها فى الصباح وحاول دوديك قائد السرية وهواحد الذين احتلوا تلة الذخيرة خلال حرب الايام الستة ان يحدد للقيادة مكان وجوده وامره الجنرال غونين بالصعود الى السطح وان يصف له باللاسلكى ما تشاهده عيناه وفى غرفه العمليات تناول الجنرال صورة جوية لمدينة السويس.
وتابع اوصاف دوديك وفى نهاية جهد استمر وقتا طويلا استطاع الجنرال تحديد موقع المنزل حيث كانت الوحدة الإسرائيلية محجوزة  فيه داجل المدينة ومنذ تلك اللحظة الذى اخذ يوجه دوديك وجنوده العشرة بكيفيه الخروج من المصيده وهوبرشدهم باللاسلكى بموجب الصورة الجوية.
وفى الساعة الثانية ليلا، انطلقوا فى الطريق ورورى دويك: (صدر الامر بالسير على الطريق  الرئيس حتى الخروج من المدنية مسافة اربعة كيلومترات ولكن كان من المستحيل السير على الطريق الرئيس فقد كان مليئا بالقوات  المصرية بدانا السير ومررنا بالقرب منها سرنا بهدوء وبينما كنا نسير على الطريق وطانا على صفائح وقطع من الحديد وحدتث ضجة هائلة واخذنا نرتجف من الخوف).
عبرت القوة الازقة وسمعت اصوات الجنود المصريين امامها ووراءها وفى حالة واحدة على الاقل مرت على بعد مترين فقط من الجنود المصريين وروى رفائيل غنيش: (اعتقد المصريون اننا منهم ولم يسألوا اسئلة).
واصطدمت ايضا بعض المفارز بجنود مصريين واشتبكوا معهم واصابوا بعضهم تم واصلوا  السير  وسار بعض الجرحى مشيا على الاقدام وفجاة اضى مصباح فتوقفت القوة الاسرائيلية لحظة واعتقدوا انه هولاء هم مصريون فاقتربوا  بحذر واكتشفوا حاملة جنود اسرائيلية.
وكان رجال المدرعات الذين كانوا فى الموقف الذى وصل اليه المظليون متوترين فقد كانوا يتابعون طوال الليل جهود الانقاذ اليقظة وامام قائد السرية المدرعه فلم يسيطر على افعاله: (بارفاق خذوا سجاير خذوا سجاير ) وقال اخر (قلقنا عليكم )توهج من بعيد مصباح اخر وقال احد رجال المدرعات ( عندما تصلون  الى هذا المصباح تستطيعون ان تغنوا وترقصوا ) وواصلت القوة السير حتى وصلت الى مكان امين.
كانت عقارب الساعه تشير انذاك الى الساعه ٤.٣٠ فجرا.كبدت المعركة التى دارت فى مدينة السويس قوة المظليين الاسرائيلية خسائر جسيمه ولكن رغم الخسائر وقفت القوة على مشارف المدينة.
ويبنما كانت المعركة فى مدينة السويس مستمرة مرت القوة المدرعه التابعة لفرقة ماجين على المحور الذى يلتف حول مدينة السويس وانطلقت فيه حتى ميناء الادبية ولكن لم يتم احراز هدف الهجوم  الاسرائيلى غربى القناة بأكمله – لم يستطع الجيش الاسرائيلى محاصرة الجيش الثانى فى القطاع الشمالى شرقى القناه.